التحديات المائية وتوترات البحر الأحمر تتصدر محادثات مصرية - أوكرانية

عبد العاطي وسيبيغا ناقشا في القاهرة سبل تعزيز التعاون الثنائي

مقر وزارة الخارجية المصرية وسط القاهرة على ضفاف نهر النيل (أ.ف.ب)
مقر وزارة الخارجية المصرية وسط القاهرة على ضفاف نهر النيل (أ.ف.ب)
TT

التحديات المائية وتوترات البحر الأحمر تتصدر محادثات مصرية - أوكرانية

مقر وزارة الخارجية المصرية وسط القاهرة على ضفاف نهر النيل (أ.ف.ب)
مقر وزارة الخارجية المصرية وسط القاهرة على ضفاف نهر النيل (أ.ف.ب)

التحديات المائية للقاهرة، وتداعيات التوتر في البحر الأحمر، والحرب في غزة ولبنان؛ ملفات تصدرت محادثات مصرية - أوكرانية في القاهرة، السبت. حيث بحث البلدان سبل تعزيز التعاون الثنائي.

وأجرى وزير الخارجية والهجرة المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، محادثات مع وزير خارجية أوكرانيا، أندريه سيبيغا، تناولت العلاقات الاقتصادية والمستجدات الإقليمية والدولية.

وأكد عبد العاطي عمق العلاقات المصرية - الأوكرانية، مشيراً إلى التوقيع على مذكرة التفاهم للتعاون بين «المعهد الدبلوماسي المصري» و«المعهد الدبلوماسي الأوكراني». وأضاف أنه تم التطرق خلال المحادثات إلى مسألة التعاون في أفريقيا وأهمية هذا التعاون من أجل مزيد من تقديم الدعم للقارة الأفريقية في مختلف المجالات، وعلى رأسها التعاون الفني والتدريب المهني وبناء القدرات للأشقاء في القارة الأفريقية، وكذا تم تناول سبل تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في كثير من المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والتعليمية وغيرها من المجالات، بهدف مزيد من دفع وتطوير هذه العلاقات إلى آفاق أرحب.

وحسب عبد العاطي فإنه من المتوقع أن يصل حجم التبادل التجاري بين البلدين بنهاية هذا العام إلى ملياري دولار، مؤكداً أن بلاده هي الشريك التجاري الأول لأوكرانيا في القارة الأفريقية والشرق الأوسط، مشدداً على أهمية استمرار الصادرات الأوكرانية إلى مصر، خصوصاً من الأقماح والحبوب والزيوت، معرباً عن تطلعه لاستعادة وتيرة السياحة الأوكرانية إلى مصر التي كانت وتُعد أحد أهم المقاصد السياحية للمواطنين الأوكران، حيث تجاوزت في بعض السنوات رقم المليون سائح من أوكرانيا، وتحديداً إلى مدينتي شرم الشيخ والغردقة.

فلسطينيون يتفقدون موقع غارة إسرائيلية في خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

وتناول لقاء عبد العاطي وسيبيغا الأوضاع في الشرق الأوسط، وأكد وزير الخارجية والهجرة المصري على مخاطر التصعيد الخطيرة في المنطقة، وإدانة بلاده الكاملة لأي أشكال للتصعيد، قد تقود المنطقة إلى «حرب شاملة»، مشدداً على أن وقف العدوان على قطاع غزة وأيضاً على لبنان كفيل بطبيعة الحال بمنع التصعيد في المنطقة.

ولم تُسفر مفاوضات استمرت شهوراً بوساطة من قطر ومصر والولايات المتحدة عن توصل إلى وقف القتال بين حركة «حماس» وإسرائيل، باستثناء هدنة لمدة أسبوع في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وأضاف عبد العاطي: «تم التباحث بشأن الأوضاع في منطقة البحر الأحمر وخطورة التصعيد هناك وانعكاساته شديدة السلبية على حركة التجارة وعلى الاقتصاد المصري»، مشيراً إلى الجهود الحثيثة والجادة التي تبذلها مصر بالتعاون مع قطر والولايات المتحدة من أجل الدفع في اتجاه التوصل إلى صفقة تضمن الوقف الفوري لإطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن والأسرى المحتجزين والنفاذ الكامل للمساعدات الإنسانية والطبية دون أي عقبات إلى قطاع غزة.

وقال الوزير عبد العاطي، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الأوكراني، إن مصر كدولة إقليمية رئيسية ليس فقط في إقليمها، لكن في محيطها العالمي، معنيّة بتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، والتصعيد مسألة شديدة الخطورة، يمكن أن تنزلق الأمور إلى «حرب شاملة» في المنطقة ولا يكون أي فائز من هذه المخاطر، لافتاً إلى أن بلاده تسعى جاهدة إلى العمل على ضبط الأمور، وخفض حدة التصعيد لن يتأتى إلا بعدة سياسات محددة؛ أهمها التوقف عن كل السياسات الأحادية والاستفزازية والتوقف عن العدوان وأعمال القتل اليومية في قطاع غزة.

ومنذ نهاية نوفمبر الماضي، غيّرت شركات شحن عالمية مسارها، متجنبةً المرور في البحر الأحمر؛ إثر استهداف جماعة «الحوثي» اليمنية السفنَ المارّة بالممر الملاحي، «رداً على استمرار الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة».

وتحدث رئيس هيئة قناة السويس المصرية، الفريق أسامة ربيع، قبل أيام، عن حجم الانخفاض في إيرادات القناة، وأشار إلى «تراجُع أعداد السفن من 25887 سفينة خلال العام المالي الماضي، إلى 20148 سفينة خلال العام الحالي»، إلى جانب «تراجع الإيرادات من 9.4 مليار دولار خلال العام الماضي إلى 7.2 مليار دولار خلال العام الحالي». (الدولار يساوي 48.75 جنيه في البنوك المصرية).

سفينة تحمل حاويات تمرّ عبر قناة السويس المصرية (هيئة قناة السويس)

في غضون ذلك، أعرب وزير خارجية أوكرانيا عن تقدير بلاده للجهود التي تقوم بها مصر من أجل التوصل إلى اتفاق حول وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وقال سيبيغا خلال المؤتمر الصحافي مع عبد العاطي في القاهرة، السبت، إن أوكرانيا منفتحة على تعزيز التعاون مع مصر، وتنشيط مجلس الأعمال بين البلدين، مؤكداً استعداد بلاده للعمل على استعادة ديناميكية العلاقات مع مصر.

وفيما يخص الأمن المائي المصري، شدّد سيبيغا على أن «مسألة نهر النيل تُعد مسألة وجودية بالنسبة لمصر»، معرباً عن دعم بلاده للحوار الشامل بين جميع الأطراف المعنية.

وأقامت إثيوبيا «سد النهضة» على رافد نهر النيل الرئيسي لإنتاج الكهرباء، وسط اعتراضات من دولتي المصب (مصر والسودان)، وفشلت آخر جولة مفاوضات بين الأطراف الثلاثة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وبينما تطالب القاهرة والخرطوم بـ«اتفاق قانوني ملزم» ينظم قواعد ملء وتشغيل «السد»، أنهت أديس أبابا الملء الخامس نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي.

وقال وزير الخارجية والهجرة المصري، في حوار بثته قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، أخيراً، إن بلاده ترفض أي مساس بحصتها السنوية من مياه النيل، مضيفاً أن «مصر لديها الحق الكامل في الدفاع عن حقوقها المائية، ولن نقبل بأي ضرر لديها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً يبلغ 55 في المائة، وتعتمد على مورد مائي واحد هو نهر النيل بنسبة 98 في المائة، بواقع 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، وتقع حالياً تحت خط الفقر المائي العالمي، بواقع 500 متر مكعب للفرد سنوياً، حسب بيانات وزارة الري المصرية.

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)

وبشأن تطورات الأوضاع بمنطقة الشرق الأوسط، قال وزير خارجية أوكرانيا: «ندين أعمال العنف، ونؤكد أهمية حماية المدنيين، وضرورة التوصل إلى حل يستند إلى قرارات الشرعية الدولية، وعلى مبدأ (حل الدولتين)». وأوضح أنه تطرق خلال المحادثات مع نظيره المصري إلى «صيغة السلام» التي طرحتها أوكرانيا، وتعدّها الطريق الوحيد لوضع نهاية للأزمة في البلاد، لافتاً إلى أنه وجّه الدعوة لمصر للمشاركة في «قمة السلام الثانية» حول أوكرانيا.

ورداً على سؤال حول «صيغة السلام» التي طرحتها أوكرانيا ودعوتها لانعقاد مؤتمر السلام، أكد أندريه سيبيغا أن بلاده تريد وقف الحرب و«وثيقة السلام» تقدم إجابات لتحقيق السلام الشامل والعادل، مشيراً إلى أن الرئيس الأوكراني قام بإطلاع الأصدقاء الأوروبيين على صيغة السلام المقترحة بعنوان «خطة النصر».


مقالات ذات صلة

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

شمال افريقيا حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

تكثف مصر دعمها للسودان في إعادة الإعمار... وناقش ملتقى اقتصادي في القاهرة الاستثمارات المشتركة بين البلدين، والتعاون الاقتصادي، لتقليل تأثيرات وخسائر الحرب.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا من جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (الحكومة المصرية)

«النواب» المصري على خط أزمة أسعار خدمات الاتصالات

دخل مجلس النواب المصري (البرلمان) على خط أزمة أسعار خدمات الاتصالات في البلاد.

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)

مصر تدعو إلى «حلول سلمية» للنزاعات في القارة السمراء

دعت مصر إلى ضرورة التوصل لحلول سلمية ومستدامة بشأن الأزمات والنزاعات القائمة في قارة أفريقيا. وأكدت تعاونها مع الاتحاد الأفريقي بشأن إعادة الإعمار والتنمية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الحكومة المصرية لإعداد مساكن بديلة لأهالي «رأس الحكمة»

الحكومة المصرية لإعداد مساكن بديلة لأهالي «رأس الحكمة»

تشرع الحكومة المصرية في إعداد مساكن بديلة لأهالي مدينة «رأس الحكمة» الواقعة في محافظة مرسى مطروح (شمال البلاد).

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج بجنوب مصر.

محمد الكفراوي (القاهرة )

تخفيف سجن معارضة تونسية بعد تردي صحتها

عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)
عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)
TT

تخفيف سجن معارضة تونسية بعد تردي صحتها

عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)
عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)

قضت محكمة تونسية، مساء أمس (الجمعة)، بتخفيف حكم قضائي استئنافي في حق المعارضة عبير موسي، رئيسة «الحزب الدستوري الحر»، من السجن سنتين إلى سنة و4 أشهر في قضية تتعلق بانتقادها لهيئة الانتخابات، بحسب ما أكد محاميها نافع العريبي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ومطلع أغسطس (آب) الماضي، أصدرت محكمة ابتدائية حكماً بالسجن لمدّة عامين بحقّ موسي لانتقادها أداء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مطلع عام 2023.

وأصدرت المحكمة حُكمها بموجب «المرسوم 54»، الذي أصدره الرئيس قيس سعيّد عام 2022 لمكافحة «الأخبار الكاذبة»، والذي يواجه انتقادات شديدة من المعارضة ونقابة الصحافيين. وأوقفت موسي، النائبة السابقة البالغة 49 عاماً، في 3 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 أمام القصر الرئاسي في قرطاج. وأعلنت بعد ذلك ترشحها للانتخابات الرئاسية، لكن هيئة الانتخابات رفضت ملفها لعدم استكمال الوثائق وجمع تواقيع التزكيات اللازمة. وتواجه موسي تهماً خطيرة في قضايا أخرى، من بينها «الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة».

وجاء هذا القرار، بعد أن قال علي البجاوي، المحامي ورئيس هيئة الدفاع عن رئيسة «الحزب الدستوري الحر»، لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، إن وضعها الصحي في السجن «متدهور ولا يبشر بخير»، وذلك بعد أن قام بزيارتها في السجن الخميس، مشيراً إلى أنها «تعاني من ضعف وحالة إنهاك شديد».

مظاهرة نظمها مؤيدون لعبير موسي ضد المرسوم 54 الذي أصدره الرئيس سعيد (أ.ف.ب)

وتابع البجاوي موضحاً: «وزنها يتراجع بسبب النقص في التغذية، كما تعاني من أوجاع في الكتف والرقبة»، مبرزاً أن رئيسة «الحزب الدستوري الحر» أجرت تحاليل وخضعت لكشوفات طبية لم يتم الاطلاع على نتائجها بعد. وتواجه موسي، وهي من بين المعارضين الرئيسيين للرئيس الحالي قيس سعيد، تهمة «الاعتداء القصد منه تبديل هيئة الدولة»، التي تصل عقوبتها إلى الإعدام.

وتعود هذه التهمة إلى قضية «مكتب الضبط» للقصر الرئاسي، حين توجهت موسى إليه لإيداع تظلم ضد مراسيم أصدرها الرئيس قيس سعيد، وأصرت على إيداعه لدى المكتب، قبل أن يتم إيقافها من قبل الأمن وإيداعها لاحقاً السجن.

وعلى أثر ذلك، تقدمت هيئة الدفاع بطعن ضد قرار قضاة التحقيق. وقال المحامي البجاوي إنه «لا توجد جريمة، ورئيسة الحزب قدمت تظلمها وفق الإجراءات القانونية». وعلاوة على ذلك، تلاحق موسي أيضاً في قضايا أخرى، من بينها قضية قامت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتحريكها ضدها بتهمة نشر «معلومات مضللة» عن الانتخابات التشريعية لعام 2022، بعد إطاحة الرئيس سعيد بالنظام السياسي السابق في 2021، وصدر حكم ضدها بالسجن لسنتين في هذه القضية، لكن هيئة الدفاع تقدمت بطعن ضده.

راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة (إ.ب.أ)

وخلف القضبان تقبع شخصيات معارضة أخرى، مثل زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، وعصام الشابي وغازي الشواشي، المتهمين بالتآمر على أمن الدولة، واللذين سبقا أن أعلنا نيتهما الترشح للرئاسة قبل أن يتراجعا عن ذلك. وتنتقد المعارضة ومدافعون عن حقوق الإنسان ومنظمات دولية وتونسية الرئيس التونسي، الذي فاز بالانتخابات الرئاسية في أكتوبر الماضي بأكثر من 90 في المائة من الأصوات، وتتهمه بـ«التضييق على الحريات».