الحكومة المصرية تُقنن أوضاع بنايات عشوائية عبر تيسيرات جديدة

مد فترة تلقي طلبات «التصالح» في مخالفات البناء

جانب من مشروعات سكنية في مصر (وزارة الإسكان المصرية)
جانب من مشروعات سكنية في مصر (وزارة الإسكان المصرية)
TT

الحكومة المصرية تُقنن أوضاع بنايات عشوائية عبر تيسيرات جديدة

جانب من مشروعات سكنية في مصر (وزارة الإسكان المصرية)
جانب من مشروعات سكنية في مصر (وزارة الإسكان المصرية)

في خطوة جديدة نحو تقنين أوضاع بنايات عشوائية بالبلاد، قررت الحكومة المصرية مد فترة «تلقي طلبات (التصالح) في مخالفات البناء لمدة 6 أشهر جديدة»، وسط «تيسيرات للمواطنين المخالفين لتقنين وتوفيق أوضاعهم».

ويرى برلمانيون أن «مد فترة تلقي طلبات (التصالح) مع التسهيلات الجديدة، يشير إلى حرص الحكومة المصرية على غلق ملف البناء العشوائي». لكنهم أشاروا إلى «ضعف التجاوب من المواطنين مع إجراءات (التصالح) رغم التسهيلات الجديدة».

وسعت الحكومة المصرية على مدار الأعوام الماضية إلى إنهاء أزمة مخالفات البناء، وشرَّعت عام 2019 قانوناً أجاز «التصالح» في بعض المخالفات وتقنين أوضاعها، مقابل دفع غرامات مالية. ومع العقبات التي واجهت عملية التنفيذ، أقر مجلس النواب المصري (البرلمان) تعديلات على القانون في عام 2020، أعقبتها تعديلات أخرى صدرت في عام 2023 لتقديم «تسهيلات جديدة للمخالفين من أجل (التصالح)».

وتنظر الحكومة المصرية إلى ملف تقنين أوضاع البنايات المخالفة على أنه «أحد الملفات المهمة لمنع البناء المخالف والعشوائي»، وفق مراقبين.

وسعياً لاستكمال تقنين البنايات العشوائية، أصدر رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، قراراً، مساء الخميس، «بمد فترة التصالح في مخالفات البناء وتقنين الأوضاع لمدة 6 أشهر إضافية، بعد انتهاء المدة المقررة في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل».

مسؤولون مصريون يتابعون مشروعات الإسكان الجديدة في مصر (وزارة الإسكان المصرية)

وقال متحدث وزارة التنمية المحلية المصرية، خالد قاسم، إن «المهلة الجديدة بتلقي طلبات التصالح لمدة 6 أشهر تنتهي في أول مايو (أيار) 2025»، مضيفاً في تصريحات صحافية، الجمعة، أن «القرار يتيح للمواطنين استكمال إجراءات التصالح»، مشيراً إلى «تسهيل خطوات التصالح لدعم وتشجيع المواطنين على تقنين أوضاعهم، وبهدف إنهاء ملف المخالفات نهائياً والقضاء على العشوائيات بالأحياء والمدن».

«مد فترة تقنين البنايات المخالفة لفترة جديدة هو تطبيق طبيعي لنصوص قانون التصالح في مخالفات البناء»، حسب رئيس «لجنة الإسكان» في مجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب محمد عطية الفيومي، مشيراً إلى أن «تعديلات القانون الجديدة منحت رئيس الوزراء الحق في مد فترات التصالح بمخالفات البناء كل 6 أشهر، بحد أقصى 3 سنوات». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «المهلة الجديدة هي الثانية منذ البدء في تطبيق التعديلات الجديدة على القانون في مايو الماضي».

الحكومة المصرية تسعى إلى إنهاء ملف المخالفات والقضاء على العشوائيات بالأحياء والمدن (الشرق الأوسط)

وأعلنت الحكومة المصرية، في مايو الماضي، تلقي طلبات التصالح وتقنين البنايات المخالفة عبر 341 مركزاً تكنولوجياً بالمدن والقرى والأحياء في ربوع البلاد.

وأوضح الفيومي أن «إجراءات التصالح تستهدف إنهاء ملف البناء العشوائي بمصر»، وقال إن «الحكومة أقرت تسهيلات وتيسيرات في عملية تطبيق القانون، لإزالة المعوقات أمام المخالفين، أملاً في غلق ملف التصالح خلال فترة تطبيق القانون (المقررة 3 سنوات)»، مشيراً إلى أن من بين التسهيلات «خفض مدة الفحص للوحدات السكنية، وتطبيق نظام (الشباك الواحد) في الإجراءات، وتوسيع نطاق تنفيذ القانون ليشمل المدن العمرانية الجديدة».

وحسب التعديلات الجديدة لتشريع «التصالح»، تضمنت التسهيلات المقدمة للمخالفين «مهلة 6 أشهر لاستكمال مستندات تقنين الأوضاع، وتدشين تطبيق (أبلكيشن) لتقديم (التصالح) عن طريق الهاتف الجوال»، حسب وزارة التنمية المحلية المصرية.

وعلى الرغم من التيسيرات التي يقدمها القانون، فإن رئيس «لجنة الإسكان» بالبرلمان المصري عدّ التجاوب من قبل المواطنين مع إجراءات «التصالح» ضعيفاً وليس بالقدر الكافي. وأرجع ذلك إلى «بطء التعامل الحكومي مع ملفات التصالح منذ البدء في تقنين البناء العشوائي عام 2019»، مرجحاً أن تكون «مرحلة التقنين الحالية هي الفرصة الأخيرة أمام المخالفين لتوفيق أوضاعهم».

وبلغ عدد طلبات «التصالح» في مخالفات البناء، مع بدء تطبيق القانون عام 2019، نحو 2.8 مليون طلب، منهم 1.6 مليون في القرى، و1.2 مليون بالمدن، كما بلغت عوائد المتحصلات المالية لأعمال التقنين والتصالح 20 مليار جنيه، حسب وزارة التنمية المحلية المصرية في مارس (آذار) الماضي. (الدولار الأميركي يساوي 48.78 في البنوك المصرية).


مقالات ذات صلة

مصر للحد من «فوضى» الاعتداء على الطواقم الطبية

شمال افريقيا تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)

مصر للحد من «فوضى» الاعتداء على الطواقم الطبية

تسعى الحكومة المصرية للحد من «فوضى» الاعتداءات على الطواقم الطبية بالمستشفيات، عبر إقرار قانون «تنظيم المسؤولية الطبية وحماية المريض».

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا مشاركون في ندوة جامعة أسيوط عن «الهجرة غير المشروعة» تحدثوا عن «البدائل الآمنة» (المحافظة)

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

تشير الحكومة المصرية بشكل متكرر إلى «استمرار جهود مواجهة الهجرة غير المشروعة، وذلك بهدف توفير حياة آمنة للمواطنين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
خاص عدد كبير من المصريين يفضل المأكولات السورية (الشرق الأوسط)

خاص كيف أرضى السوريون ذائقة المصريين... وأثاروا قلقهم

تسبب الوجود السوري المتنامي بمصر في إطلاق حملات على مواقع التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر تنتقد مشروعاتهم الاستثمارية.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (الرئاسة المصرية)

السيسي: الأوضاع المضطربة في المنطقة تفرض بناء قدرات شاملة لحماية مصر

أشاد الرئيس عبد الفتاح السيسي بالجهود التي تبذلها القوات المسلحة لـ«حماية الحدود المصرية من أي تهديدات محتملة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«الجنائية الدولية»: 11 ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)
علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)
TT

«الجنائية الدولية»: 11 ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)
علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

مع اقتراب دفع المحكمة الجنائية الدولية بـ«المرافعات» الختامية في قضية السوداني علي عبد الرحمن، الشهير بـ«علي كوشيب»، المتهم بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم بدارفور، وصف الدفاع المتهم كوشيب بأنه «كبش فداء» قدّمته الحكومة السودانية للتغطية على المتهمين الرئيسيين، وهم: الرئيس المخلوع عمر البشير، ووزيرا «الدفاع» وقتها عبد الرحيم محمد حسين، و«الداخلية» أحمد هارون.

وقالت المحكمة الجنائية، في «ورشة عمل» عقدتها للصحافيين السودانيين في العاصمة الكينية كمبالا، الجمعة، إن المحكمة قررت تقديم المرافعات الختامية في قضية المدعي العام ضد علي محمد علي عبد الرحمن، الشهير بـ«علي كوشيب»، في الفترة من 11 إلى 13 ديسمبر (كانون الأول) 2024، بمقر المحكمة في مدينة لاهاي الهولندية.

ويواجه عبد الرحمن 31 تهمة تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يُزعم أنها ارتُكبت في إقليم بدارفور السودان، خلال الفترة بين أغسطس (آب) 2003، وأبريل (نيسان) 2004، بمناطق مكجر وبندسي ودليج وكدوم بوسط دارفور.

مطالب بتسليم البشير وهارون

وقال المستشار بمكتب المدعي العام داهيرو سان آنا، عبر تقنية مؤتمر فيديو من لاهاي، إن مكتبه يحقق في أحداث دارفور الناجمة عن الحرب الحالية، وإنه كلف فريقاً يقوم بجمع المعلومات في دارفور يتعلق بالقضايا الجديدة، في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، يتحدث الناس أنها تحدث في الإقليم المضطرب، وبنهاية التحقيقات سيجري تقديم طلبات لقضاة المحكمة لتوجيه اتهامات.

الرئيس السوداني السابق عمر البشير مغادراً مكتب المدعي العام لمكافحة الفساد في الخرطوم 16 يونيو (أرشيفية - رويترز)

وأوضح أن المتهمين الرئيسيين؛ الرئيس السابق عمر البشير، ووزير دفاعه وقتها عبد الرحيم محمد حسين، ووزير داخليته أحمد محمد هارون، لا يزالون دخل السودان. وأضاف: «وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي، يجب تسليمهم للمحكمة، وهو التزام لا يزال قائماً». وتابع أن انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 الذي قاده الجيش صعب الأوضاع المتعلقة بتسليم المتهمين.

وقال داهيرو إن تسليم المتهمين يقع على حكومة السودان التي تَعلم مكان المتهمين. وتابع: «سألناهم، العام الماضي، ولم يعطونا معلومات، وقالوا إنهم يحققون في مكان وجود أحمد هارون». واستطرد: «التحقيقات مع كوشيب أشارت إلى ضلوع هارون في كل الجرائم المرتكبة بواسطة كوشيب، وطالبنا بتسليمه ليحاكَم الرجلان معاً، لكن هذا لم يحدث».

وعادت قضية تسليم أحمد محمد هارون إلى الواجهة مجدداً، بعد تصاعد الصراعات داخل حزب البشير «المؤتمر الوطني»، وانتخاب الرجل رئيساً للحزب، رغم التهم الموجهة له من قِبل المحكمة الجنائية الدولية، والاتهامات التي يواجهها في القضاء المحلي.

مئات الأشخاص يفرون يومياً من دارفور إلى مخيم أدري الحدودي في تشاد هرباً من الحرب (رويترز)

وبإطاحة حكم الرئيس عمر البشير، يواجه الرجال الثلاثة المحاكمة باتهامات تتعلق بتدبير انقلاب 1989، تصل عقوبتها للإعدام. وعقب اندلاع الحرب، في 15 أبريل، خرج هارون ومتهمون آخرون من السجن، ولا يعلم مكان وجودهم، بينما لا تزال السلطات تقول إن البشير وحسين لا يزالان قيد الحبس، دون أن تكشف عن مكان حبسهما.

اتهامات لحكومة السودان

بدوره، قال المتحدث باسم المحكمة، فادي العبد الله، إن المحكمة لا تستطيع توسيع نطاق اختصاصها إزاء الجرائم التي يزعم أن قوات «الدعم السريع» ترتكبها في مناطق جديدة من السودان؛ لأن السودان ليس عضواً في ميثاق روما المكون للمحكمة الجنائية الدولية، وأن اختصاصها يقتصر على قرار مجلس الأمن 1593 الصادر في 2005، الذي أحال الوضع في دافور للمحكمة.

واتهم محامي المتهم سيريل لاوشي، في إفادته، للصحافيين، «حكومة السودان» بأنها قدمت كوشيب «كبش فداء» للتستر على المتهمين الرئيسيين. وقال: «جاء ممثل السودان، وقال: خذوه وحاكموه، فهذا هو الشخص الذي يجب أن تجري محاكمته، على الرغم من وجود المتهمين الرئيسيين؛ عمر البشير ومساعديْه وزيري الدفاع والداخلية».

وأرجع محامي كوشيب تأخير إجراءات المحاكمة إلى عدم مثول المتهمين الآخرين، وأضاف: «كان يمكن أن تسير الإجراءات بشكل يحقق العدالة، بحضور المتهمين». وأقر المحامي لاوشي بوقوع الجرائم موضوع المحاكمة، وطالب بجبر ضرر الضحايا، بقوله: «للمجني عليهم الحق في جبر الضرر، بغض النظر عن إدانة كوشيب أو تبرئته، وحق الضحايا لن يتأثر بكونه مجرماً أو غير مجرم».

صورة من الدمار الذي خلّفه القتال في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أرشيفية - أ.ف.ب)

ووفقاً للمتحدثين باسم محكمة لاهاي، فإن مكتب المدعي العام والممثلين القانونيين للضحايا، وهيئة الدفاع سيدلون بمرافعاتهم الختامية، في الوقت المحدد، أمام الدائرة الابتدائية الأولى المكونة من القاضية جوانا كورنر «قاضية رئيسة»، والقاضيتين راين ألابيني غانسو وألتيا فيوليت أليكسيس.

وبدأت محاكمة كوشيب أمام الدائرة الابتدائية الأولى، في 5 أبريل 2022، على أثر تسليمه نفسه للمحكمة في يونيو (حزيران) 2020، واستجوبت المحكمة، خلال التقاضي، 56 شاهداً، وقفلت قضية الادعاء في 5 يونيو 2023، وينتظر أن تستمع المحكمة إلى مرافعتَي الاتهام والدفاع الختاميتين، قبل اتخاذ قرار بشأن الرجل المحبوس لدى المحكمة في لاهاي.