هل تنجح مصر في إقناع «النقد الدولي» بتخفيف حدة «برنامجه الإصلاحي»؟

وسط ترقب لزيارة غورغييفا إلى القاهرة

اجتماع لمجلس الوزراء المصري برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)
اجتماع لمجلس الوزراء المصري برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)
TT

هل تنجح مصر في إقناع «النقد الدولي» بتخفيف حدة «برنامجه الإصلاحي»؟

اجتماع لمجلس الوزراء المصري برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)
اجتماع لمجلس الوزراء المصري برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

وسط مساعٍ من الحكومة المصرية لإقناع صندوق النقد الدولي بإجراء تعديلات على «برنامجه الإصلاحي» خلال الزيارة المرتقبة لمديرة الصندوق، كريستالينا غورغييفا، إلى القاهرة، الفترة المقبلة، أثيرت تساؤلات بشأن مدى نجاح السلطات المصرية في تلك المساعي.

وكان يُفترض أن يصل وفد صندوق النقد الدولي إلى مصر، نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، لإتمام المراجعة الرابعة، لكن زيارة وفد «الصندوق» أُرجئت لمطلع الشهر المقبل، في وقت طبّقت الحكومة المصرية أخيراً زيادات جديدة على أسعار الوقود، وصلت إلى 17 في المائة على السولار الأكثر استخداماً للسيارات في البلاد.

وكان رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، قد أعلن اعتزام الحكومة «مراجعة مستهدفات البرنامج المتفق عليه مع (الصندوق) على خلفية المتغيرات المتسارعة حالياً»، خصوصاً مع الأحداث المتصاعدة في المنطقة، واستمرار الحرب في غزة، الأمر الذي أدى إلى «تراجع دخل قناة السويس المصرية، ما أثر بشكل مباشر على الدولة المصرية».

«تطبق مصر برنامجاً للإصلاح الاقتصادي أعدته الحكومة»، بحسب عضو «لجنة الخطة والموازنة» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائبة ميرفت الكسان، التي قالت لـ«الشرق الأوسط» إن المتغيرات الإقليمية باتت تفرض إعادة النظر في البرنامج، وهو ما طلبه الرئيس عبد الفتاح السيسي بشكل مباشر من الحكومة، التي قامت بدورها بـ«مناقشة الأمر مع (الصندوق) على هامش الاجتماعات السنوية المنعقدة في واشنطن بمشاركة محافظ البنك المركزي ووزراء المجموعة الاقتصادية كافة».

وخلال جلسة حوارية بالمؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية بالعاصمة الإدارية الجديدة (شرق القاهرة)، الأحد الماضي، قال الرئيس المصري: «أقول لنفسي وللحكومة... إنه لا بد من مراجعة الموقف مع صندوق النقد، إذا كان الاتفاق الحالي سيجعلنا نضغط على الرأي العام بشكل لا يتحمله الناس».

جانب من اجتماعات صندوق النقد مع مسؤولين بالحكومة المصرية في واشنطن أخيراً (مجلس الوزراء المصري)

ووفق مستشار «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر، الدكتور عمرو الشوبكي، «لا يرتبط الأمر في المناقشات مع (الصندوق) برفع الدعم عن المحروقات فحسب»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك أموراً أخرى مرتبطة بتخارج الدولة الاقتصادي، وتحقيق المنافسة العادلة بين الشركات العامة والخاصة»، مشيراً إلى أن «موضوع التخارج رغم وجود توافق كامل بشأنه بين الاقتصاديين المصريين؛ فإن معدلات تنفيذه لم تتم بحسب المتفق عليه مع (الصندوق)».

الشوبكي أوضح أن أسعار المحروقات زادت بشكل كبير في الفترة الماضية، والدعم الموجه إليها تقلص بالفعل، وبالتالي المتبقي في هذا المسار «ليس طويلاً، ويمكن إعادة الحديث حول الجدول الزمني الخاص به»، معتبراً أن «المفاوضات مع (الصندوق) لن تكون سهلة، في ظل وجود قواعد ملزمة لإدارته عند اتخاذ القرار».

عامل وعاملة يقومان بإمداد السيارات بالوقود في إحدى المحطات بالقاهرة (رويترز)

إلا أن عضو «الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي»، محمد أنيس، يتوقع التوافق بين الحكومة و«الصندوق» على مقترحات مرتبطة بـ«تعديل الجدول الزمني للبرنامج، خصوصاً ما يتعلق بمواعيد الانتهاء من رفع دعم المحروقات ليكون على الأقل بحلول نهاية 2026، وهو الموعد المحدد لانتهاء البرنامج مع الصندوق».

وأضاف أنيس لـ«الشرق الأوسط» أن هذا العام سيمنح الحكومة مزيداً من الوقت لتنفيذ عدة إجراءات أخرى، من بينها «الإسراع في التوجه إلى تنفيذ الدعم النقدي بدلاً من الدعم العيني المطبق راهناً»، مشيراً إلى أن «إطالة أمد رفع الدعم عن المحروقات سيمكن الحكومة من تحقيق مستهدفات عدة وتجنب الدخول في أعباء مالية إضافية ستؤدي إلى تعقيد الوضع الاقتصادي».

أيضاً توقعت عضو مجلس النواب أن تنجح الحكومة في إقناع «الصندوق» بالتعديلات التي سيتم إدخالها، والتي تتضمن «إطالة أمد إجراءات الإصلاح الاقتصادي، نظراً للظروف الاقتصادية - الإقليمية التي تجعل من الاستمرار في البرنامج بمستهدفاته الحالية زمنياً واقتصادياً، أمراً صعباً للغاية لا يستطيع المواطن المصري تحمله».

أحد المعارض الحكومية لبيع السلع المخفضة الأسعار (وزارة التموين)

وستحصل مصر عند الانتهاء من المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي على شريحة بقيمة 1.3 مليار دولار من القرض، وهي الشريحة الأعلى من بين الشرائح المختلفة، بحسب البيانات المتاحة على موقع «الصندوق»، فيما تُعد مصر ثاني أكبر دولة مدينة لـ«الصندوق» بعد الأرجنتين بنحو 13.2 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 48.78 في البنوك المصرية).

وبحسب عضو «الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي»، فإن إعلان مديرة «الصندوق» زيارة مصر قريباً «يعكس الرغبة في الوصول إلى اتفاق حول التعديلات بما يتناسب مع المتغيرات الاقتصادية العالمية»، مشيراً إلى أن الحكومة المصرية و«الصندوق»، «لديهما رغبة في الوصول إلى اتفاق مشترك، ولا سيما أن الحكومة لم تتراجع عن خطتها؛ لكن ستعدل فقط التوقيتات الزمنية الخاصة بها».


مقالات ذات صلة

تفاعل مصري بعد تشبيه السيسي الوضع الراهن بـ«نكسة 67»

شمال افريقيا السيسي خلال كلمته في حفل «اتحاد القبائل والعائلات المصرية» (الرئاسة المصرية)

تفاعل مصري بعد تشبيه السيسي الوضع الراهن بـ«نكسة 67»

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن «حرب أكتوبر» ستظل «حكاية ملهمة لن تنتهي»، والنصر الذي تحقق كانت وراءه إرادة شعب كامل، رفض الهزيمة وتحدّى نفسه والظروف.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يشهد احتفالية «اتحاد القبائل والعائلات المصرية» بمناسبة ذكرى انتصار أكتوبر (الرئاسة المصرية)

مصر: «اتحاد القبائل» يوسّع كيانه... وينال «شرعية» بحضور رئاسي

مرحّباً بانضمام العائلات والتكتلات الوطنية كافةً وسع «اتحاد القبائل والعائلات المصرية» كيانه، ونال «شرعية» بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي حفلاً نظمه مساء السبت.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصطفى مدبولي خلال متابعة مستجدات تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع رأس الحكمة (مجلس الوزراء المصري)

مصر تتابع تنفيذ المرحلة الأولى من «رأس الحكمة» و«تعويضات» الأهالي

دشّن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، مطلع الشهر الحالي، مشروع «رأس الحكمة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا بنايات على نيل القاهرة (الشرق الأوسط)

«داخلية مصر» تتهم «الإخوان» بنشر إشاعات حول ضباط الشرطة والسجون

اتهمت وزارة الداخلية المصرية جماعة «الإخوان»، التي تصنفها السلطات المصرية «إرهابية» بـ«نشر إشاعات حول ضباط الشرطة والسجون»، عبر 3 إفادات رسمية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا محافظ الأقصر والأطباء مع الطالبات في المستشفى (محافظة الأقصر)

مصر: تحقيق في ملابسات «تسمم» طالبات جامعة الأزهر بالأقصر

تباشر النيابة المصرية، وكذا جامعة الأزهر، التحقيق في ملابسات «تعرض عدد من طالبات المدينة الجامعية لجامعة الأزهر في مدينة الأقصر المصرية (جنوب البلاد) للتسمم».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

برنامج الأغذية العالمي يحذر من «مجاعة محدقة» في السودان

طفلان يحملان مساعدات بمدرسة تؤوي نازحين فروا من العنف في السودان 10 مارس 2024 (أ.ف.ب)
طفلان يحملان مساعدات بمدرسة تؤوي نازحين فروا من العنف في السودان 10 مارس 2024 (أ.ف.ب)
TT

برنامج الأغذية العالمي يحذر من «مجاعة محدقة» في السودان

طفلان يحملان مساعدات بمدرسة تؤوي نازحين فروا من العنف في السودان 10 مارس 2024 (أ.ف.ب)
طفلان يحملان مساعدات بمدرسة تؤوي نازحين فروا من العنف في السودان 10 مارس 2024 (أ.ف.ب)

طالبت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، الأحد، بوصول كامل إلى السودان من مختلف المعابر لمواجهة «مجاعة محدقة» في البلد الذي تعصف به حرب قاتلة منذ أكثر من عام ونصف العام.

وتدور حرب منذ أبريل (نيسان) 2023 بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات «الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو، نائبه سابقاً. واتُّهم الطرفان بارتكاب جرائم حرب، بما في ذلك استهداف مدنيين، ومنع وصول المساعدات الإنسانية، واستخدام أساليب التجويع في حق ملايين المدنيين.

وقالت المديرة التنفيذية للبرنامج سيندي ماكين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نريد الوصول الكامل، بالإضافة إلى القدرة على الدخول من خلال أكبر عدد ممكن من نقاط الدخول المختلفة إلى السودان، والتأكد من أنه يمكننا البدء على نطاق واسع».

وتابعت: «المجاعة محدقة الآن. هناك مجاعة في مخيم زمزم وبالتالي ستنتشر. لذا فالأمر مُلّح حقاً أن نتمكن من الدخول والقيام بذلك على نطاق واسع».

وقد نزح نحو 11.3 مليون شخص جراء الحرب، بينهم 3 ملايين تقريباً إلى خارج السودان، وفق مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين التي وصفت الوضع بأنه «كارثة» إنسانية.

ويواجه نحو 26 مليون شخص انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، وقد أُعلِنت المجاعة في مخيم «زمزم» في دارفور.

وأوضحت: «يتعلق الأمر بإدخال الطعام والشاحنات إلى هناك، لذا من المهم أن تظل المعابر مفتوحة. كذلك المعابر الأخرى في جميع أنحاء السودان من حدود جنوب السودان إلى الشمال. نحن بحاجة إلى فتح أكبر عدد ممكن منها».

وفي الأسبوع الماضي، دعت عشر دول بينها المملكة المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا، الطرفين المتحاربين في السودان إلى ضمان وصول الإعانات الإنسانية إلى ملايين الأشخاص الذين يحتاجون إلى «مساعدة عاجلة».

وقالت هذه الدول، في بيان مشترك، إن «العرقلة الممنهجة من كلا المعسكرين» للجهود الإنسانية المحلية والدولية هي «أساس هذه المجاعة».

وأكدت ماكين التي قالت إنها التقت البرهان قائد الجيش: «نحاول التأكد من أننا سنتمكن من إطعام الناس على نطاق واسع في السودان».