إشارات إيرانية متواصلة لتعزيز مسار «العلاقات الاستكشافية» مع مصر

عراقجي تجوّل وسط القاهرة وتناول «الكشري»

وزير الخارجية الإيراني يتناول «الكشري» في وسط القاهرة (متداولة على مواقع محلية مصرية)
وزير الخارجية الإيراني يتناول «الكشري» في وسط القاهرة (متداولة على مواقع محلية مصرية)
TT

إشارات إيرانية متواصلة لتعزيز مسار «العلاقات الاستكشافية» مع مصر

وزير الخارجية الإيراني يتناول «الكشري» في وسط القاهرة (متداولة على مواقع محلية مصرية)
وزير الخارجية الإيراني يتناول «الكشري» في وسط القاهرة (متداولة على مواقع محلية مصرية)

ضمن إشارات متواصلة من طهران بشأن تعزيز مسار «العلاقات الاستكشافية» مع القاهرة، تجوّل وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، وسط العاصمة القاهرة، وتناول «الكشري»، أحد أشهر الأطباق المصرية الشعبية، ما عدّه خبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، «رسالة تقارب».

وكان عراقجي قد زار القاهرة، الخميس الماضي، في أول زيارة لمسؤول إيراني كبير منذ عام 2014، وتوافق -خلال لقائه والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي- على «أهمية استمرار المسار الحالي لاستكشاف آفاق التطوير المشترك للعلاقات بين الدولتين»، وفق بيان «الرئاسة المصرية».

وحرص عراقجي في ختام زيارته، على التجوّل في مناطق عدة بوسط القاهرة؛ حيث تناول وجبة «الكشري» في أحد المطاعم الشعبية الشهيرة، وفق صحيفة مصرية محلية. وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لوزير الخارجية الإيراني، وهو يتناول «الكشري»، وسط احتفاء من البعض، وانتقادات من الآخر، لا سيما أنها تأتي في ظل أوضاع إقليمية مضطربة.

وأكد مصدر مطلع، رافق وزير الخارجية الإيراني خلال الجولة لـ«الشرق الأوسط»، أن «عراقجي كان حريصاً على التجوّل بوسط القاهرة، في إطار توطيد العلاقات مع مصر، وأنه أبدى سعادته بترحيب المصريين به».

وزير الخارجية الإيراني داخل أحد مطاعم وسط القاهرة (متداولة على مواقع محلية مصرية)

زيارة عراقجي لمصر كانت ضمن جولة إقليمية، شملت الأردن، ولبنان، وسوريا، والعراق، والمملكة العربية السعودية، وقطر، وسلطنة عمان، وستقوده بعد مصر إلى تركيا، للتباحث بشأن وضع حد للتصعيد في المنطقة.

وكانت آخر زيارة لمسؤول إيراني كبير إلى مصر في عام 2014، مع مشاركة وزير الخارجية الإيراني، الراحل حسين عبداللهيان، في مراسم اليمين الدستورية للرئيس السيسي، وكان وقتها يتولّى إدارة «الشؤون العربية والأفريقية بوزارة الخارجية الإيرانية»، وقبله وزير الخارجية الأسبق، علي أكبر صالحي في 2013، وفق «وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا)».

وفي سياق تعزيز مسار العلاقات، ذكرت وكالة «مهر» الإيرانية أن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان سوف يلتقي نظيره المصري على هامش اجتماع مجموعة «بريكس» في روسيا الشهر الحالي.

وعَدّ مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حسين هريدي، جولة عراقجي وسط القاهرة «أمراً معتاداً بالنسبة للمسؤولين الإيرانيين الذين يزورون مصر». وقال: «هي جولة تحاول من خلالها طهران تأكيد رغبتها في تطوير العلاقات مع مصر».

وأضاف هريدي: «أن العلاقات بين البلدين مُعقدة، وما حدث عقب الثورة الإيرانية عام 1979 لا تزال رواسبه موجودة»، مشيراً إلى أن «إيران هي التي بادرت بقطع العلاقات مع مصر وقتها».

الرئيس المصري خلال استقباله وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قبل أيام في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وكان البلدان قد قطعا العلاقات الدبلوماسية بينهما عام 1979، قبل أن تُستأنف بعد ذلك بـ11عاماً، لكن على مستوى القائم بالأعمال.

وشهد العام الماضي لقاءات بين وزراء مصريين وإيرانيين في مناسبات عدة، لبحث إمكانية تطوير العلاقات بين البلدين، وتطوّر في مايو (أيار) من العام نفسه، بتوجيه رئاسي إيراني لوزارة الخارجية في طهران باتخاذ الإجراءات اللازمة لتعزيز العلاقات مع مصر. وكذا لقاءات على مستوى وزراء الخارجية، بخلاف لقاء السيسي والرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، في الرياض، نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وفي حين عَدّ الخبير في الشؤون الإيرانية، الدكتور محمد عباس ناجي، زيارة عراقجي وجولته في القاهرة محاولة لتعزيز مسار العلاقات الثنائية، قال: «إن مصر توجّه رسائل عدة، مفادها أن عودة العلاقات بين البلدين لطبيعتها تحتاج إلى وقت لإنضاج الفكرة، ووضع النقاط فوق الحروف».

وأضاف: «أنه في ظل سيولة الأوضاع الحالية في المنطقة، والمخاوف من التصعيد ومن حرب شاملة، فإن مصر تمنح الأولوية لخفض التصعيد، وتحقيق قدر من الاستقرار النسبي، بعدها يُمكن الانتقال إلى مرحلة تالية لمسار (الاستكشاف) الحالي».

جانب من المحادثات «المصرية - الإيرانية» في القاهرة قبل أيام بحضور عبد العاطي وعراقجي (الخارجية المصرية)

من جانبه، قال هريدي: «إن سياسة إيران تجاه إسرائيل، ودعمها لجماعات ذات صبغة دينية يعد تهديداً للأمن القومي المصري»، مضيفاً: «أن تغيير إيران لسياستها في المنطقة قد يزيل جزءاً من الصعوبات التي تعترض تطوير العلاقات مع القاهرة».

وكان وزير الخارجية والهجرة المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، قد قال في حوار مع قناة «القاهرة الإخبارية»، أذيع مساء الجمعة: «إن إيران دولة إقليمية مهمة، ومصر لديها علاقات مع الجميع»، مشيراً إلى أن زيارة عراقجي جاءت بناءً على طلب طهران.

وأضاف: «كان هناك طلب من الجانب الإيراني، أن يقوم وزير خارجيتها بزيارة مصر ومقابلة الرئيس السيسي، وهو ما يعكس حرص مصر على العمل على خفض التصعيد، وعدم ولوج المنطقة إلى حرب إقليمية شاملة، ومن هنا كان حرص القاهرة على ترتيب اللقاء».

ولم يتطرّق عبد العاطي إلى العلاقات الثنائية بين البلدين. وقال: «أجريت مشاورات ولقاءات مطوّلة مع وزير الخارجية الإيراني، بهدف منع جرّ المنطقة إلى صراع مفتوح لا يربح فيه أحد، بل ستكون له آثار مدمرة، كما تحدثنا في قضايا كثيرة، والأهمية البالغة لوقف إطلاق النار في غزة، ووقف العدوان على لبنان، والتوتر الشديد في منطقة البحر الأحمر».

وأكد وزير الخارجية المصري: «أن بلاده لديها انفتاح على الجميع، ما دام ذلك يخدم هدفها بمنع التصعيد ودعم الأمن والاستقرار في المنطقة». وقال: «إن الجميع يخطب ودّ مصر لتعزيز العلاقات معها».


مقالات ذات صلة

تفاعل مصري مع بكاء السيسي خلال لقائه قادة القوات المسلحة

شمال افريقيا السيسي أكد أن المنطقة تمر بظروف صعبة ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة (الرئاسة المصرية)

تفاعل مصري مع بكاء السيسي خلال لقائه قادة القوات المسلحة

تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع لحظات بكاء وتأثر للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه، الخميس، مع قادة القوات المسلحة المصرية.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)

مصر للحد من «فوضى» الاعتداء على الطواقم الطبية

تسعى الحكومة المصرية للحد من «فوضى» الاعتداءات على الطواقم الطبية بالمستشفيات، عبر إقرار قانون «تنظيم المسؤولية الطبية وحماية المريض».

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا مشاركون في ندوة جامعة أسيوط عن «الهجرة غير المشروعة» تحدثوا عن «البدائل الآمنة» (المحافظة)

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

تشير الحكومة المصرية بشكل متكرر إلى «استمرار جهود مواجهة الهجرة غير المشروعة، وذلك بهدف توفير حياة آمنة للمواطنين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
خاص عدد كبير من المصريين يفضل المأكولات السورية (الشرق الأوسط)

خاص كيف أرضى السوريون ذائقة المصريين... وأثاروا قلقهم

تسبب الوجود السوري المتنامي بمصر في إطلاق حملات على مواقع التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر تنتقد مشروعاتهم الاستثمارية.

فتحية الدخاخني (القاهرة )

تفاعل مصري مع بكاء السيسي خلال لقائه قادة القوات المسلحة

السيسي أكد أن المنطقة تمر بظروف صعبة ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة (الرئاسة المصرية)
السيسي أكد أن المنطقة تمر بظروف صعبة ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة (الرئاسة المصرية)
TT

تفاعل مصري مع بكاء السيسي خلال لقائه قادة القوات المسلحة

السيسي أكد أن المنطقة تمر بظروف صعبة ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة (الرئاسة المصرية)
السيسي أكد أن المنطقة تمر بظروف صعبة ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة (الرئاسة المصرية)

تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع لحظات بكاء وتأثر للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال لقائه، الخميس، قادة القوات المسلحة المصرية في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة (شرق القاهرة).

وتصدر وسم «#السيسي_القايد» الترند في مصر، مع مشاركة مقاطع فيديو من لقاء السيسي، والاحتفاء بكلماته.

اللقاء الذي حضره القائد العام للقوات المسلحة المصرية، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، الفريق أول عبد المجيد صقر، ورئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، الفريق أحمد خليفة، وقادة الأفرع الرئيسية، تناول، حسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، تطوّرات الأوضاع على الساحتَين الإقليمية والدولية وانعكاساتها على الأمن والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط».

وخلال اللقاء طلب السيسي من المتحدث العسكري، العقيد غريب عبد الحافظ، أن يسدي له نصيحة، قائلاً: «تنصحني بإيه؟»، ليرد الأخير: «هون على نفسك يا فندم».

وتعليقاً على رد المتحدث العسكري، قال السيسي، الذي بدا عليه التأثر حابساً دموعه: «هما يومان في الدنيا، وبعد ذلك سنموت... يا رب يقبلني».

وأضاف الرئيس المصري مخاطباً المتحدث العسكري أنه «عندما تفهم الحكاية التي نتواجد بسببها في الأرض... لن تهون عليك أبداً»، وتابع: «عندما جاءت السيدة فاطمة أثناء وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، قالت له: (واكرباه). فرد عليها الرسول وهو ينتقل إلى الرفيق الأعلى: (لا كرب بعد اليوم على أبيكِ)».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قال إن سياسة بلاده الخارجية تتمتع بالاعتدال (الرئاسة المصرية)

وحرص رواد مواقع «التواصل» على مشاركة مقطع الفيديو، الذي يظهر فيه تأثر الرئيس المصري وهو يرد على المتحدث العسكري، من بينهم الإعلامي المصري أحمد موسى.

بينما دعا مغردون أن يعين الله الرئيس المصري ويؤيده بنصره.

وكتب آخرون، متمنين أن يحمي الله السيسي من «كيد الحاقدين».

كما عد حساب آخر بكاء الرئيس «دليلاً على ثقل الحمل الذي يتحمله».

في المقابل، ظهرت تعليقات و«هاشتاغات» ناقدة ومشككة في المشهد الذي تم بثه عبر القنوات التلفزيونية الرسمية.

وهو ما عده الخبير العسكري المصري، اللواء سمير فرج، «محاولة للتقليل من مكانة البلاد عبر الادعاء بأن حديث السيسي وتأثره هدفهما استعطاف المصريين»، مشيراً إلى أن «وراء هذه الادعاءات جماعات تسعى باستمرار للتشكيك في كل شيء، وفي كل تصريح، بهدف إثارة البلبلة وتحريض الرأي العام».

وأكد فرج لـ«الشرق الأوسط» أن «كلمات الرئيس خلال لقائه قادة القوات المسلحة حظيت بتفاعل واسع في الداخل والخارج»، مشيراً إلى أن «تأثر السيسي خلال اللقاء يعكس حجم التحديات التي تواجهها البلاد». وقال إن «السيسي سبق وقال له إنه كمن يمسك جمراً في يده، نظراً لحجم المخاطر التي تحيط بالبلاد، لا سيما خلال الفترة الأخيرة منذ اندلاع حرب غزة».

وأضاف فرج: «نعيش فترة عصيبة تحتاج حنكة وحكمة في اتخاذ القرارات». وأوضح أن «السيسي تحدث خلال اللقاء عن التهديد الذي يواجه مصر عبر جبهاتها الاستراتيجية الثلاث؛ سيناء شرقاً، وليبيا غرباً، والسودان واليمن جنوباً»، وأكد الرئيس المصري «ضرورة التأني في اتخاذ القرارات حتى لا تفقد البلاد ما بنته من تسليح وتدريب خلال السنوات الماضية».

الرئيس المصري خلال لقاء قادة القوات المسلحة المصرية (الرئاسة المصرية)

ولم يقتصر التفاعل على لحظات التأثر، بل امتد لتصريحات السيسي خلال اللقاء. وقال الإعلامي وعضو ومجلس النواب المصري (البرلمان)، مصطفى بكري، عبر حسابه على «إكس»، إن «حديث الرئيس السيسي مع قادة القوات المسلحة يعكس حرصه على التشاور معهم بشأن التحديات التي تواجه مصر في الوقت الراهن على كافة الاتجاهات الاستراتيجية».

ولفت بكري إلى أن الرئيس المصري أرسل خلال اللقاء رسائل عدة؛ من أبرزها «التأكيد على أن إدارة مصر المتزنة ساهمت في الاستقرار، وأن مصر ليست في معزل عما يدور حولها من أزمات وتحديات، مع التشديد على ضرورة الحفاظ على التدريب والجاهزية للقوات المسلحة للحفاظ على أمن مصر القومي».

من جانبه، أشار الخبير العسكري المصري إلى أن «لقاء السيسي مع الجيش هذه المرة مختلف، حيث حضره قادة الفرق واللواءات، على غير المعتاد في مثل هذه الاجتماعات التي يحضرها (المجلس الأعلى للقوات المسلحة) وقادة الجيوش، ما يعني أن الرئيس أراد أن تصل رسالته لكل جندي».

وحمل لقاء السيسي مع قادة القوات المسلحة «رسائل عدة للداخل والخارج، ملخصها أن الجيش جاهز ومتيقظ»، حسب سمير فرج.

تناول اللقاء، «جهود القوات المسلحة في تأمين جميع الاتجاهات الاستراتيجية للدولة ومدى جاهزيتها لتنفيذ المهام التي تُوكل إليها»، حيث أكد الرئيس المصري أن «القوات المسلحة هي أهم ركيزة للاستقرار في مصر والمنطقة في ظل الأزمات والصراعات التي تحيط بالبلاد على كافة حدودها»، معرباً عن «اطمئنانه تجاه الدور الحيوي الذي يلعبه الجيش في الحفاظ على استقرار البلاد».

وقال السيسي إن «المنطقة تمر بظروف صعبة، ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة والتطورات الجارية في الاتجاهات الاستراتيجية المختلفة، في كافة حدود الدولة الغربية والجنوبية والشرقية والشمال الشرقي».

وأضاف أن «سياسة مصر الخارجية تتمتع بالاعتدال»، مشيراً إلى أن «مهمة القوات المسلحة لا تقتصر على التدريب العسكري فحسب، بل تتفاعل أيضاً مع الوضع السياسي والأمني في الداخل والخارج»، وشدد على «أهمية اتخاذ القرارات السليمة مهما كانت جاهزية القوات للحفاظ على كل المكتسبات التي تحققت خلال 10 سنوات مضت».