احتفاء الأزهر بـ«شهداء المقاومة» يثير جدلاً في مصر

بين مؤيد عدّه دعماً للقضية الفلسطينية... ومعارض انتقد عدم ذكر أسماء قادة «حماس»

مصلون داخل الجامع الأزهر في القاهرة (مشيخة الأزهر)
مصلون داخل الجامع الأزهر في القاهرة (مشيخة الأزهر)
TT

احتفاء الأزهر بـ«شهداء المقاومة» يثير جدلاً في مصر

مصلون داخل الجامع الأزهر في القاهرة (مشيخة الأزهر)
مصلون داخل الجامع الأزهر في القاهرة (مشيخة الأزهر)

أثار احتفاء الأزهر في مصر بـ«شهداء المقاومة» جدلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، بين مؤيد عَدّه دعماً للقضية الفلسطينية، ومعارض انتقد عدم ذكر أسماء قادة حركة «حماس»، أو رفض الإشادة بالحركة التي يرى أنها «أضرّت بغزة».

وكان الأزهر قد نعى، الجمعة، «شهداء المقاومة الفلسطينية»، واصفاً إياهم بـ«الأبطال الذين طالتهم يد صهيونية مجرمة، عاثت في أرضنا العربية فساداً وإفساداً».

وقال الأزهر، في بيان نشره عبر صفحاته الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي: «إن المجتمع الدولي يغطّ في صمت كصمت الموتى في القبور، والقانون الدولي لا تساوي قيمته ثمن المداد الذي كُتِب به».

مصلون بالجامع الأزهر يلوحون بالعلم الفلسطيني خلال احتجاجات ضد العدوان الإسرائيلي في نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي (أ.ف.ب)

وأكد الأزهر أن «شهداء المقاومة الفلسطينية كانوا مقاومين بحق؛ أرهبوا عدوّهم، وأدخلوا الخوف والرعب في قلوبهم، ولم يكونوا إرهابيين، كما يحاول العدو تصويرهم كذباً وخداعاً، بل كانوا مرابطين مقاومين، متشبثين بتراب وطنهم، حتى رزقهم الله الشهادة وهم يردّون كيد العدو وعدوانه».

وشدد الأزهر على «أهمية فضح كذب الآلة الإعلامية الصهيونية وتدليسها، ومحاولتها تشويه رموز المقاومة الفلسطينية في عقول شبابنا وأبنائنا، وتعميم وصفهم بالإرهابيين»، مؤكداً أن «المقاومة والدفاع عن الوطن والأرض والقضية والموت في سبيلها شرف لا يضاهيه شرف».

وأثار البيان تفاعلاً وجدلاً بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث أشاد حساب باسم إيمان السعيد، بموقف الأزهر، قائلاً: «شكراً مؤسستنا الحيادية النزيهة».

في حين انتقد حساب باسم هبة عدم ذكر الأزهر أسماء في بيانه، متسائلاً: «مَن هم هؤلاء الشهداء؟».

ومثلها طالب حساب آخر، يحمل اسم مي فاروق، الأزهر بذكر أسماء، وقال: «أبسط شيء أن تذكر الحق بأهله وأصحابه».

كما انتقد حساب آخر باسم ميمي، دفاع الأزهر عن حركة «حماس»، مشيراً إلى أن «7 أكتوبر (تشرين الأول) كان بداية النهاية».

كما عَدّ حساب آخر باسم «HHH» الإشادة بحركة «حماس»، ووصْف قادتها بـ«الشهداء»، أمراً «غير لائق»، مشيراً إلى أنهم «إرهابيون».

احتفاء الأزهر بـ«شهداء المقاومة» لم يقتصر على البيان؛ حيث نشر الأزهر، السبت، منشوراً على «إكس»، قال فيه «رَبِحَ البيع أبا يحيى... وربح بيع كل شهيد دافع عن وطنه وأرضه، ومات في سبيل ذلك»، وهو ما عَدّه رواد مواقع التواصل الاجتماعي تعليقاً على مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، يحيى السنوار، وإن لم يشر إليه بالاسم.

وطالب عدد من روّاد مواقع التواصل الأزهر بأن يقول «أبا إبراهيم (السنوار) بدلاً من أبا يحيى (الصحابي صهيب بن سنان بن حمزة النمري)». وقال حساب باسم محمود ربيع في هذا الخصوص: «الأمر لا يحتمل مجازاً أو تلميحاً».

من جانبه، لا يرى رئيس تحرير صحيفة «صوت الأزهر» (الصادرة عن مشيخة الأزهر)، أحمد الصاوي، ضرورة لذكر أسماء معينة في البيان، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن الهدف كان التعبير عن الموقف والفكرة، وعدم اختزالها في شخص بعينه، والتأكيد على مواقف (الأزهر الشريف) الداعمة للمقاومة وللحقوق الفلسطينية، والرافضة لوصم حركات المقاومة بـ(الإرهاب)».

فلسطينيون يتسوّقون في سوق مؤقتة أُقيمت بجوار المباني المدمّرة بغارة جوية إسرائيلية بخان يونس (رويترز)

وأضاف الصاوي: «أن موقف الأزهر يُعبر عن حالة الشعوب العربية التي تدين استمرار الإبادة الجماعية، وهروب المسؤولين عنها من العقاب والوصم»، مشيراً إلى أن «القوانين والمواثيق الدولية تؤكد مشروعية مقاومة الاحتلال»، مضيفاً أن الإرهاب الحقيقي «يكمن في ممارسات الاحتلال، وليس في المقاومة».

التباين في المواقف بين روّاد مواقع التواصل الاجتماعي بشأن حركة «حماس»، والموقف من قادتها هو انعكاس لتباين مماثل في الإعلام المصري، بين إعلاميين يحتفون بـ«المقاومة وشهدائها»، وآخرون ينتقدون حركة «حماس» وقادتها؛ حيث كتب الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، مصطفى بكري، عبر حسابه على «إكس»: «إن المقاومة لن تنتهي باستشهاد السنوار أو هنية أو حسن نصر الله».

في سياق ذلك، قال الإعلامي المصري عمرو أديب، في برنامجه، مساء الجمعة، على «إم بي سي»: «إن الجيش الإسرائيلي رسم صورة لمشهد نهاية السنوار، لم يكن هو نفسه يحلم بها». مضيفاً أن السنوار «لم يستسلم، وظل بطلاً حتى النهاية، مات برمية من غير رامٍ، والإسرائيليون صدّروه في صورة البطل».

في حين كتب الإعلامي المصري، أحمد موسى، عبر حسابه على «إكس»، أن مقتل السنوار «لم يكن صدفة، ولم تكن هناك مقاومة من الأساس، بل حدثت خيانة من العملاء والجواسيس باعوا السنوار، كما باعوا هنية ونصر الله».

وكان موسى قد انتقد حركة «حماس» مراراً، سواء في برنامجه أو عبر منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، واتهمها بـ«تسليم قطاع غزة لإسرائيل».


مقالات ذات صلة

الأهلي المصري بطلاً لأندية أفريقيا لكرة اليد... والزمالك ثالثاً

رياضة عربية من مراسم تتويج الأهلي المصري ببطولة أفريقيا للأندية لكرة اليد (الشرق الأوسط)

الأهلي المصري بطلاً لأندية أفريقيا لكرة اليد... والزمالك ثالثاً

توج الأهلي المصري بلقب بطولة أفريقيا للأندية لكرة القدم بعد فوزه 43-22 على فريق فلاورز بطل بنين في المباراة النهائية السبت.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق الفنان المصري خالد الصاوي يُطلق تصريحات جدلية (صفحته في فيسبوك)

حديث خالد الصاوي عن فارق السنّ مع زوجته ينتشر في مصر

أثارت تصريحات الفنان المصري خالد الصاوي الاهتمام بحديثه عن فارق السنّ مع زوجته، متطرّقاً إلى تفاصيل خاصة بحياته، وما تعرَّض له من أزمات صحّية.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق معبد رمسيس الثاني في أبو سمبل (الشرق الأوسط)

مصر تُراهن على تنوُّع مقاصدها لاجتذاب الصينيين

تُراهن مصر على تنوُّع منتجاتها السياحية ومعالمها الأثرية لاجتذاب السائحين الصينيين خلال الفترة المقبلة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد عامل وعاملة يقومان بإمداد السيارات بالوقود في إحدى المحطات بالعاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

رفع أسعار الوقود يفاقم مخاوف المصريين

فاقمتْ أسعار الوقود الجديدة في مصر المخاوف بشأن موجة غلاء مرتقبة في البلاد. وأعلنت وزارة البترول، أمس (الجمعة)، رفع أسعار الوقود ليشمل البنزين والسولار، بنسب.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)

وزير الخارجية المصري: القاهرة لديها الحق الكامل في الدفاع عن حقوقها المائية

قال وزير الخارجية والهجرة المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، إن بلاده ترفض أي مساس بحصتها السنوية من مياه النيل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

«التيار الناصري» المصري يُقيم عزاءً للسنوار وسط تفاعل «سوشيالي»

قيادات ناصرية في وقفة تضامنية سابقة مع أهالي غزة (الحزب الناصري)
قيادات ناصرية في وقفة تضامنية سابقة مع أهالي غزة (الحزب الناصري)
TT

«التيار الناصري» المصري يُقيم عزاءً للسنوار وسط تفاعل «سوشيالي»

قيادات ناصرية في وقفة تضامنية سابقة مع أهالي غزة (الحزب الناصري)
قيادات ناصرية في وقفة تضامنية سابقة مع أهالي غزة (الحزب الناصري)

أعلن «الحزب الناصري» المصري إقامة عزاء لرئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، يحيى السنوار، على غرار ما حدث مع إسماعيل هنية، وحسن نصر الله، وسط تفاعل «سوشيالي» لمستخدمي منصات التواصل الاجتماعي.

وجاءت دعوة الحزب الناصري، الذي يتبنى أفكار الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، تنديداً بـاستمرار «حرب غزة»، ووصف الحزب السنوار في إفادة، أمس الجمعة، بـ«قائد نصر السابع من أكتوبر (تشرين أول) في ملحمة طوفان الأقصى».

وقُتل رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، يحيى السنوار، غرب مدينة رفح الفلسطينية، جنوب قطاع غزة، عن طريق الصدفة يوم الأربعاء برصاص القوات الإسرائيلية، حسب ما أعلنت تل أبيب.

ونعى الحزب الناصري المصري السنوار، ووصفه في بيانه بـ«القائد المجاهد، الذي كان نموذجاً للتخطيط والتنظيم، والقدرة على المواجهة والفداء، وتجاوز كل الآيديولوجيات والمذهبية»، مؤكداً دعمه لمن سماهم «المجاهدين في فلسطين ولبنان».

الحزب الناصري المصري وصف السنوار بـ«القائد المجاهد» الذي كان نموذجاً للتخطيط والتنظيم (إ.ب.أ)

وسبق أن أدّت قيادات الحزب الناصري «صلاة الغائب» على أمين عام «حزب الله» اللبناني، الراحل حسن نصر الله، في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، وسط انقسام سياسي وقتها. وقبل ذلك أقام التيار الناصري بمصر عزاء بمقر حزب الكرامة (الناصري) في القاهرة لرئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» السابق، إسماعيل هنية، بعد اغتياله في إيران، بداية شهر أغسطس (آب) الماضي، مما أثار جدلاً وقتها. فيما عبّر ناصريون مصريون، ومستخدمون لمنصات التواصل الاجتماعي، عن تضامنهم مع ما سموه «مشروع المقاومة».

وقال السياسي الناصري بمصر، حمدين صباحي، عبر حسابه على منصة «إكس»: «نحن من المقاومة، والمقاومة منا».

ونعى صباحي، بعدّه الأمين العام لـ«المؤتمر القومي العربي»، في بيان عبر حسابه على «إكس»، اليوم السبت، يحيى السنوار، ودعا إلى «تحويل يوم استشهاده إلى يوم للاعتزاز به، وبكل الشهداء في الحرب الدائرة حالياً في فلسطين ولبنان»، مجدداً التأكيد على «دعم حركة (حماس) في أعمال المقاومة التي تقوم بها».

من جهته، عدّ المخرج المصري، خالد يوسف، مقتل السنوار «رحيلاً لآخر جيل كبار المقاومين»، وقال عبر حسابه بمنصة «إكس» إنه «رحل وهو معتصم بسيفه في ساحة المعركة، وفي الخطوط الأمامية، كما فعل الشهيد عبد المنعم رياض».

بينما كتب عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، مصطفى بكري، عبر حسابه الشخصي على «إكس»: «في الأزمات يحدث الفرز، تتكشف الوجوه، المتصهينون ليسوا منا، هم خونة هذا العصر، هم لسان المحتل، مهمتهم بث اليأس والإحباط، والترويج للعدو وتبرير جرائمه، هؤلاء سيلاحقهم العار أبد الدهر».

من جانبه، عدّ أستاذ العلم الاجتماع السياسي، أمين الشؤون السياسية للحزب الناصري السابق، محمد سيد أحمد، أن تفاعل التيار الناصري مع حركات المقاومة في فلسطين ولبنان «جزء أساسي من ثوابته السياسية، التي تؤمن بفكرة القومية العربية»، عادّاً ذلك «تفاعلاً مشروعاً دفاعاً عن القضية الفلسطينية، التي ترتبط بشكل مباشر بالأمن القومي المصري».

وأوضح سيد أحمد لـ«الشرق الأوسط» أن الناصريين «يدعمون كل من يرفع سلاح المقاومة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، حتى لو كان هناك اختلاف سياسي معهم»، وعدّ هذه المواقف «مهمة لتوعية الرأي العام المصري والعربي بأن المقاومة حركات تحرر وطني، وليست حركات إرهابية»، ومشيراً إلى أن «مشهد الحرب في غزة ولبنان يعيد فرز الداعمين لحركات المقاومة»، عادّاً أن المخالفين لها «يدعمون بشكل غير مباشر الطرف الآخر، وهو الاحتلال الإسرائيلي».

أدّت قيادات الحزب الناصري «صلاة الغائب» على أمين عام «حزب الله» اللبناني الراحل حسن نصر الله (أ.ف.ب)

بدوره، يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، حسن سلامة، أن «الدعم السياسي والمعنوي لحركات المقاومة في غزة ولبنان، في هذا التوقيت، ضروري لها»، وأرجع ذلك في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى «حالة الارتباك التي تواجهها تلك الحركات، والتحدي العنيف لاستمراريتها، مع استهداف الجانب الإسرائيلي لرأس تلك الحركات مؤخراً، كما حدث مع قيادات حماس، إسماعيل هنية ويحيى السنوار، وأمين عام حزب الله اللبناني، حسن نصر الله».

لافتاً إلى أن «التصعيد الحالي بالمنطقة، من الجانب الإسرائيلي، يفرض استمرار الدعم السياسي لحركات المقاومة»، وقال بهذا الخصوص إن «إسرائيل تستهدف حالياً تنفيذ مخطط استيطاني توسعي بالمنطقة، يتجاوز بكثير تلك الحركات»، عادّاً ذلك «يفرض الحفاظ على قوة الردع من حركات المقاومة بفلسطين ولبنان».