نشاط دبلوماسي تركي في القاهرة لتعزيز مسار المصالحة

سفير أنقرة يجوب مصر لإبراز حضور بلاده اقتصادياً وتعليمياً

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في أنقرة الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في أنقرة الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

نشاط دبلوماسي تركي في القاهرة لتعزيز مسار المصالحة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في أنقرة الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في أنقرة الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)

تشهد مصر، في الآونة الأخيرة، نشاطاً دبلوماسياً تركياً مكثفاً، حيث يجوب سفير أنقرة لدى القاهرة، صالح موطلو شن، مختلف المحافظات المصرية، مبرزاً حضور بلاده اقتصادياً وتعليمياً وثقافياً، ما عدَّه مراقبون «محاولة لتعزيز مسار المصالحة بين البلدين».

وتسارعت خطوات التقارب المصري التركي أخيراً، مُنهية عقداً من التوترات، ولا سيما مع أول زيارة رسمية للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لأنقرة، في سبتمبر (أيلول) الماضي، والتي أعقبت زيارة مماثلة لنظيره التركي رجب طيب إردوغان للقاهرة، في فبراير (شباط) الماضي، ليدشن البلدان «حقبة جديدة» من التعاون.

وفي إطار هذه الحقبة الجديدة، تسعى تركيا لإبراز استثماراتها وحضورها الثقافي والتعليمي بمصر، وهو ما بدا واضحاً من خلال جولات ولقاءات سفير أنقرة لدى القاهرة، التي كان آخِرها مشاركته، الخميس، في حفل تسليم الشهادات للأكاديميين الذين أكملوا «برنامج تطوير القدرات لأقسام اللغة التركية في الجامعات المصرية» بمعهد «يونس أمرة» بالقاهرة.

سفير تركيا لدى القاهرة خلال حفل تسليم شهادات لدارسي اللغة التركية (سفارة تركيا بالقاهرة)

وقال شن، في كلمته خلال الحفل، إن «إعطاء مصر هذا القدر من الاهتمام لتعليم اللغة التركية أمر قيم جداً وله أسباب تاريخية وثقافية»، معرباً عن أمله في «زيادة تعليم اللغة التركية في مصر»، موضحاً أنه يتمنى أن يصبح تعليم التركية أقوى، ويستمر بمساهمة تركيا. وأشار إلى «رغبة بلاده في زيادة عدد المِنح الدراسية للمصريين إلى 500 منحة سنوياً، فضلاً عن إرسال أساتذة أتراك إلى مصر».

ويُعدّ التعاون الاقتصادي أحد أبرز وجوه التقارب بين البلدين، حيث تسعى مصر وتركيا إلى زيادة حجم التبادل التجاري بينهما إلى 15 مليار دولار سنوياً، مقارنة بحجم تجارة يبلغ 9.5 مليار دولار حالياً. وفي هذا الإطار عقد شن لقاء، الأربعاء الماضي، مع رئيس مجلس إدارة شركة بولاريس للمناطق الصناعية تونتش أوزكان، والمدير العام للشركة عثمان أريكان؛ لـ«بحث خطوات إنشاء منطقتين صناعيتين جديدتين في العاصمة الإدارية الجديدة ومدينة 6 أكتوبر»، وفق إفادة رسمية لسفارة تركيا بالقاهرة.

ومن المتوقع أن تضم المنطقة الصناعية المزمع إنشاؤها بالعاصمة الإدارية الجديدة ما يقرب من 500 مصنع، وستوفر فرص عمل نحو 25 ألف شخص. وقال شن، لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك طلباً كبيراً على المناطق الصناعية، ولا سيما تلك المزوَّدة ببنية تحتية».

ويعوّل شن على الاقتصاد بوصفه أحد عناصر قوة العلاقات المصرية التركية، وعدَّه «قاطرة لدفع العلاقات قُدماً»، مشيراً إلى «استثمارات بلاده في عدة مجالات بمصر؛ أبرزها صناعة الملابس النسيج».

ومن المتوقع الانتهاء من استثمارات البنية التحتية والبنية الفوقية في المنطقتين الصناعيتين في العاصمة الإدارية الجديدة ومدينة 6 أكتوبر، في غضون ثلاث سنوات، في حين سيجري إنشاء المصانع خلال مدة تتراوح من 5 إلى 10 سنوات، وفقاً لشن.

سفير تركيا لدى القاهرة خلال جولة بأحد مصانع الملابس الجاهزة بالقاهرة (سفارة تركيا بالقاهرة)

وتمتلك شركة «بولاريس للمناطق الصناعية» ثلاث مناطق صناعية بالفعل؛ اثنتان في مدينة 6 أكتوبر، وواحدة في مدينة السادات. وخلال زيارة الرئيس المصري الأخيرة لتركيا، جرى توقيع الاتفاقية المتعلقة بإنشاء منطقتين صناعيتين جديدتين بمصر، من بين 17 اتفاقية في عدد من المجالات.

ولأن صناعة الملابس تحتل «مكاناً مهماً» في التعاون الاقتصادي بين القاهرة وأنقرة، تفقَّد شن، خلال الآونة الأخيرة، عدداً من مصانع الملابس الجاهزة التركية في القاهرة وبورسعيد والإسماعيلية. وقال: «مصر سوق كبيرة وغنية جداً في العمالة المدرَّبة، وصناعة الملابس الجاهزة أحد أوجه التعاون الواعدة بين البلدين»، متوقعاً زيادة حجم التجارة بين البلدين في هذا المجال.

على الصعيد الثقافي، حضر السفير التركي، بداية الشهر الحالي، فعاليات مهرجان الإسكندرية السينمائي، وأعلن عزم بلاده المشاركة في الدورة المقبلة من المهرجان. وقال: «هناك أكثر من ألف عام من التاريخ المشترك والثقافة السينمائية المشتركة بين تركيا ومصر... هذا كنز ثقافي».

الاجتماع الأول لمجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين مصر وتركيا بقيادة رئيسي البلدين الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)

وقال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، إن «الفترة الحالية تشهد انطلاقة في العلاقات المصرية التركية»، مشيراً إلى أن «التعاون الاقتصادي ترافق مع تحسن في العلاقات السياسية والأمنية».

وأوضح حسن، لـ«الشرق الأوسط»، أن «التعاون الاقتصادي بين البلدين لم يتوقف، حتى طوال فترة توتر العلاقات، لكن مع تعزيز مسار المصالحة اكتسب زخماً أكبر يسمح بإنشاء مشروعات جديدة وتطوير الحالية»، مشيراً إلى أن «تركيا لديها مصانع واستثمارات ضخمة في مصر، معظمها تُصدّر منتجاتها للخارج».

ونوّه مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق بـ«مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين مصر وتركيا»، مشيراً إلى أن هذا «المجلس يتيح تجاوز أي معوقات للتعاون في مختلف المجالات الاقتصادية والتعليمية والثقافية والتكنولوجية والدفاعية». وقال: «أنقرة لديها رغبة كبيرة في زيادة التعاون الاقتصادي والتجاري، وتعزيز مسار المصالحة، وهي تتحرك بقوة في هذا الاتجاه».


مقالات ذات صلة

تفاعل مصري مع بكاء السيسي خلال لقائه قادة القوات المسلحة

شمال افريقيا السيسي أكد أن المنطقة تمر بظروف صعبة ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة (الرئاسة المصرية)

تفاعل مصري مع بكاء السيسي خلال لقائه قادة القوات المسلحة

تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع لحظات بكاء وتأثر للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه، الخميس، مع قادة القوات المسلحة المصرية.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)

مصر للحد من «فوضى» الاعتداء على الطواقم الطبية

تسعى الحكومة المصرية للحد من «فوضى» الاعتداءات على الطواقم الطبية بالمستشفيات، عبر إقرار قانون «تنظيم المسؤولية الطبية وحماية المريض».

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا مشاركون في ندوة جامعة أسيوط عن «الهجرة غير المشروعة» تحدثوا عن «البدائل الآمنة» (المحافظة)

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

تشير الحكومة المصرية بشكل متكرر إلى «استمرار جهود مواجهة الهجرة غير المشروعة، وذلك بهدف توفير حياة آمنة للمواطنين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
خاص عدد كبير من المصريين يفضل المأكولات السورية (الشرق الأوسط)

خاص كيف أرضى السوريون ذائقة المصريين... وأثاروا قلقهم

تسبب الوجود السوري المتنامي بمصر في إطلاق حملات على مواقع التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر تنتقد مشروعاتهم الاستثمارية.

فتحية الدخاخني (القاهرة )

دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
TT

دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)

وجدت دعوات تحجيب النساء «جبراً»، التي تنتصر لها السلطة في العاصمة الليبية، عدداً من المؤيدين، لكنها خلقت أيضاً تياراً واسعاً من الرافضين لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات.

فبعد إعلان السلطة، ممثلة في عماد الطرابلسي، وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» المؤقتة، عن إجراءات واسعة ضد النساء، من بينها «فرض الحجاب الإلزامي»، بدت الأوضاع في ليبيا متجهة إلى التصعيد ضد «المتبرجات»، في ظل صراع مجتمعي محتدم.

بين الرفض والقبول

تفاعل الشارع الليبي بشكل متباين مع تصريحات الطرابلسي، بين من رفضها جملة وتفصيلاً، ومن قال إنه «ينفذ شرع الله ويسعى لنشر الفضيلة»، في وقت شرعت فيه أجهزة أمنية في إغلاق صالات رياضية ونوادٍ نسائية، بينما لم تعلّق سلطات البلاد، ممثلة في المجلس الرئاسي أو «الوحدة»، على هذا الأمر، وهو ما عده مقربون منهما «رضاً وقبولاً» بما تعهد به الطرابلسي.

الدبيبة والمنفي لم يعلّقا على تصريحات الطرابلسي (المجلس الرئاسي الليبي)

وبين هذا التيار وذاك، ظهرت شكاوى من التضييق والتحريض ضد «متبرجات»، أعقبتها دعوات للنائب العام بضرورة التدخل لحمايتهن وتفعيل القانون. وأمام تصاعد هذا الاتجاه الذي حذرت منه منظمات دولية، عدّت زهراء لنقي، عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي، أن الهدف منه «إشغال الناس عن القضايا الجوهرية، مثل الفساد المالي والإداري وتهريب الأموال».

وقالت الزهراء لـ«الشرق الأوسط» إن هذا التوجه «يأتي ضمن سلسلة من الإجراءات التي تفعلها حكومة (الوحدة) بين الحين والآخر، في إطار توجّه منهجي لعودة المنظومة الأمنية القمعية، وكبت الحريات العامة، وملاحقة المجتمع المدني عبر توظيف خطاب متشدد».

منظمة «العفو الدولية» قالت إن تصريحات الطرابلسي من شأنها «ترسيخ التمييز ضد النساء» (وزارة الداخلية)

وسبق لمنظمة «العفو الدولية» القول إن تصريحات الطرابلسي من شأنها «ترسيخ التمييز ضد النساء والفتيات، والانتقاص من حقوقهن في حرية التعبير والدين، والمعتقد والخصوصية الجسدية، بما في ذلك خطط لإنشاء شرطة الأخلاق لفرض الحجاب الإلزامي».

من جهته، عدّ جمال الفلاح، رئيس «المنظمة الليبية للتنمية السياسية»، أن هذه الإجراءات «قسّمت المجتمع بين جماعة مؤيدة، وأخرى تعد هذا التوّعد إهانة للمرأة الليبية، التي ترفض فرض الحجاب عليها بالقوة».

وقال الفلاح الذي يرى أن المرأة الليبية «قيادية ورائدة في مجالات عدة»، لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كنا نتحدث عن الأخلاق والفضيلة، فليبيا اليوم تعج بالربا وفساد السلطة والمسؤولين، بالإضافة إلى الرشى في أوساط من هم في السلطة؛ ولذلك كان من الأولى التركيز على قضايا الرشوة والابتزاز والقتل خارج القانون».

جمال الفلاح رئيس المنظمة الليبية للتنمية السياسية (الشرق الأوسط)

وكان الطرابلسي قد قال في مؤتمر صحافي في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، باللهجة الليبية: «نلقى واحد مقعمز (جالس) هو وبنت برقدهم في الحبس، والبنت بترقد هي وأهلها في الحبس. والنساء اللي تسوق من غير ستر شعرها بنستلم منها السيارة... لا نعرف زميل لا صديق لا شريك لا موظف».

وسيلة للإلهاء

أمينة الحاسية، رئيس مجلس إدارة ملتقى التغيير لتنمية وتمكين المرأة، ربطت بين توجه سلطات طرابلس لتفعيل الحجاب «جبراً»، والأزمة السياسية في البلاد، وهو ما ذهبت إليه أيضاً لنقي.

تقول الحاسية لـ«الشرق الأوسط»: «عادة ما يضع المسؤولون في ليبيا المرأة في مكان بين السياسة والدين؛ ولو تريد الدولة حقاً المحاسبة فعليها أن تبدأ أولاً بمواجهة الفساد، وتدع المرأة وشأنها»، مضيفة: «هم الآن في وضع سياسي سيئ».

زهراء لنقي عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي (الشرق الأوسط)

وعدت لنقي التركيز على المرأة وزيها وشعرها «زوبعة يستهدفون الإلهاء من ورائها»، معتقدة أن حكومة طرابلس «تسعى لأن تكون سلطة دينية وهي ليست كذلك... و 90 في المائة؜ من الليبيات تقريباً يرتدين الزي نفسه داخل ليبيا. هذه في رأيي زوبعة للإلهاء عن القضايا الجوهرية لا أقل ولا أكثر».

حماية الآداب العامة

غير أن صمت السلطة حيال ما ذهب إليه الطرابلسي توقف بعد قرار أصدره الدبيبة، وتم تداوله على نطاق واسع، وهو القرار الذي قضى باستحداث إدارة بالهيكل التنظيمي لوزارة الداخلية، تسمى «الإدارة العامة لحماية الآداب العامة».

وحدد القرار، الذي لم تنفه حكومة الدبيبة، مهام إدارة «حماية الآداب العامة»، من بينها ضبط الجرائم التي ترتكب في الأماكن العامة، والمقاهي والمطاعم ودور العرض والفنادق، وغيرها من الأماكن العامة أو المخصصة للارتياد العام بالمخالفة للتشريعات الخاصة بحماية الآداب العامة، ومكافحة الأفعال التي تتنافى مع توجهات المجتمع، وتسيء إلى قيمه وأخلاقه ومبادئه، وتطبيق التشريعات النافذة، بالإضافة إلى القيام بأعمال البحث والتحري، وجمع الاستدلال في الجرائم المتعلقة بالآداب العامة.

وتوجه مقربون من الإعلامية الليبية، زينب تربح، ببلاغ إلى النائب العام، بعد شكايتها في مقطع فيديو من مضايقات وهي تقود سيارتها من طرف مجهولين لكونها حاسرة الرأس، وقالت إيناس أحمدي، إحدى المقربات من الإعلامية، إن تربح «تتعرض لحملة شرسة من العنف والتعدي»، مشيرة إلى أن الحملة «ما زالت في بدايتها، وما زالت تأخذ أشكالاً أكثر تعنيفاً دون أي رادع».

وانتشر على تطبيق «تيك توك» تأييد واسع لرغبة سلطة طرابلس في تفعيل الحجاب، كما أسبغ بعض المعجبين على الطرابلسي أوصافاً عديدة، تعود لشخصيات تاريخية، وعدّوه «حامياً للإسلام والأخلاق». وهنا تلفت الحاسية إلى «تغول التيار الديني في غرب ليبيا، وتأثيره على من هم في السلطة، لما يملكه من مال وسلاح وميليشيات»، وقالت بهذا الخصوص: «أصبحت هناك حالات تعد على صالات الرياضة والنوادي النسائية بالقوة، وقد حاولوا أن يغلقوها بحجج كثيرة، من بينها الدين والحجاب. وربما نقول إن الطرابلسي له علاقة بهذه التشكيلات المسلحة وهذا التوجه الديني».

أمينة الحاسية في لقاء سابق مع سيتفاني ويليامز (الشرق الأوسط)

ووسط تباين مجتمعي، يراه كثيرون أنه سيتفاعل في قادم الأيام كلما تعددت حالات التضييق على «المتبرجات»، قالت المحامية الليبية ثريا الطويبي، إن ما ذهب إليه الطرابلسي، «جاء مخالفاً للإعلان الدستوري، الذي نص على حماية الحقوق وصيانة الحريات». مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يعد لباس المرأة من الحقوق والحريات الشخصية، ما لم يكن فاضحاً أو خادشاً للحياء العام، وليس من اختصاص وزير الداخلية وضع القيود على لباس المرأة، أو تنقلها وسفرها للخارج».

المحامية الليبية ثريا الطويبي (الشرق الأوسط)

واتساقاً مع ذلك، تعتقد الحاسية أن ليبيا تعيش راهناً في فوضى، ومواجهة من تيار ديني يريد الهيمنة على زمام الأمور والقوانين ودسترة هذه المشكلات، لكنها قالت جازمة: «الليبيون والليبيات سيرفضون هذا الإلزام، إلا لو فرض عليهم بقوة السلاح».