تونس لزيادة الضرائب على الموظفين لتجاوز أزمة مالية خانقة

وسط استمرار عجزها عن الحصول على القروض الكافية لتمويل الميزانية

يشكو جُلّ التونسيين من ارتفاع أسعار المواد الأساسية أو عدم وجودها في الأسواق (إ.ب.أ)
يشكو جُلّ التونسيين من ارتفاع أسعار المواد الأساسية أو عدم وجودها في الأسواق (إ.ب.أ)
TT

تونس لزيادة الضرائب على الموظفين لتجاوز أزمة مالية خانقة

يشكو جُلّ التونسيين من ارتفاع أسعار المواد الأساسية أو عدم وجودها في الأسواق (إ.ب.أ)
يشكو جُلّ التونسيين من ارتفاع أسعار المواد الأساسية أو عدم وجودها في الأسواق (إ.ب.أ)

أظهر مشروع قانون الموازنة في تونس أن الحكومة سترفع الضرائب على الموظفين أصحاب الدخل المتوسط والعالي، وعلى الشركات، بينما ستضاعف تقريباً الدَّين المحلي في 2025، وسط استمرار عجزها عن الحصول على القروض الخارجية الكافية لتمويل الميزانية، في ظل أزمة مالية خانقة تعيشها البلاد، كما ستخفّض الحكومة الضرائب على أصحاب الدخل الضعيف، حسبما أوردته وكالة «رويترز» للأنباء، الأربعاء.

قرّرت الحكومة رفع الضرائب على الموظفين الذين يعانون منذ شهور لتأمين حاجياتهم اليومية من الغذاء (أ.ف.ب)

وتشير وثيقة مشروع قانون موازنة 2025، الذي اطلعت عليه «رويترز»، إلى أن حجم القروض الداخلية سيتضاعف، ليصل إلى 7.08 مليار دولار من 3.57 مليار دولار العام الماضي، بينما سيتراجع حجم القروض الخارجية إلى 1.98 مليار دولار في سنة 2025، مقارنةً مع 5.32 مليار دولار في عام 2024، كما سيبلغ حجم ميزانية تونس 20.45 مليار دولار في 2025، متراجعاً من 25.20 مليار دولار هذا العام، بينما يُتوقَّع أن يصل العجز المالي إلى 3.18 مليار دولار العام المقبل.

وبينما تعتزم الحكومة تخفيض الضريبة على أصحاب الدخل المحدود، فإنها سترفعها تدريجياً لمن يتجاوز راتبه الشهري 30 ألف دينار سنوياً (9733.94 دولار)، أما الضريبة على من يبلغ دخله السنوي 50 ألف دينار أو أكثر فسترتفع من 35 في المائة حالياً، إلى 40 في المائة عام 2025.

طوابير طويلة أمام محطات البنزين بسبب أزمة قلة الوقود التي عاشتها العاصمة (أ.ف.ب)

كما تعتزم الحكومة زيادة الضريبة على الشركات التي يبلغ حجم ​​أعمالها 20 مليون دينار، من 15 في المائة حالياً إلى 25 في المائة العام المقبل، وستكون البنوك وشركات التأمينات مطالَبة بدفع ضريبة على الأرباح تبلغ 40 في المائة بشكل دائم.

وقال هشام العجبوني، من حزب التيار الديمقراطي المعارض: «من الواضح أن النموذج الاقتصادي يقوم على فكرة مفادها كيف نتقاسم الفقر؟ وليس كيف نخلق الثروة ونُخرج التونسيين من الفقر؟»، وكثيراً ما ينتقد الرئيس التونسي قيس سعيد البنوك الخاصة، ويقول إنها تحقّق أرباحاً ضخمة، بينما يجب أن تحاول مساعدة الاقتصاد في هذه الأوقات الدقيقة من تاريخ البلاد، علماً أن البنوك الخاصة أصبحت الآن المُقرض الرئيسي للحكومة، وسط عجزها عن تأمين القروض الخارجية. لكن خبراء محليين قالوا إن الاقتراض المُجحِف من البنوك المحلية يهدّد بنقص السيولة، وإغراق القطاع المصرفي في أزمة.

وقال مصدر مصرفي لوكالة «رويترز»، إن من بين الفرضيات المطروحة اللجوء إلى الاقتراض المباشر من البنك المركزي مجدّداً، وهي الخطوة التي قد تثير مخاوف من تضخم لا يمكن السيطرة عليه. وحصلت الحكومة في فبراير (شباط) الماضي على تمويل مباشر استثنائي من البنك المركزي، بقيمة 2.25 مليار دولار (الدولار = 3.0820 دينار)؛ لسد العجز في ميزانية هذا العام، وأظهر مشروع قانون موازنة 2025، أن من بين الفرضيات أيضاً إصدار سندات إسلامية لأول مرة لتعبئة موارد الميزانية، دون الإشارة إلى مبلغ محدّد.

وكان الرئيس سعيّد قد استعرض خلال لقائه، الثلاثاء، في قصر قرطاج، مع رئيس الحكومة، كمال المدوري، جملة من الخيارات التي وردت في مشروع قانون المالية، الذي تم توجيهه إلى كل من مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم، عملاً بالآجال التي حدّدها الدستور.

رئيس الجمهورية شدّد على أن المالية العمومية يجب أن تقوم في المقام الأول على القدرات الذاتية (د.ب.أ)

وشدّد رئيس الجمهورية على أن المالية العمومية يجب أن تقوم في المقام الأول على القدرات الذاتية، وعلى الاختيارات الوطنية، وأن ترتكز على العدل والإنصاف، وتحقّق الاندماج بوصفه الهدف الأساسي الذي تسعى إليه كل دولة، وفق ما جاء في بلاغ صادر عن رئاسة الجمهورية.

كما شدّد رئيس الجمهورية على ضرورة ضمان السير العادي لكل المرافق العمومية، وتأمين الخدمات للمواطنين في أحسن الظروف، وعدم التردد في اتخاذ الإجراءات القانونية ضد أي مسؤول يُخلّ بالواجبات المحمولة عليه، مهما كانت درجة مسؤوليته، مؤكداً أن تونس اليوم «تُسابق الزمن للاستجابة للحاجيات الأساسية للمواطنين، وعلى كل مسؤول أن يكون في موعد مع التاريخ».

كما شدّد على ضرورة تعبيد الطريق أمام الشعب التونسي، وخصوصاً الشباب، بتشريعات جديدة «تقوم على تصورات تقطع نهائياً مع تشريعات بالية صارت تُمثّل عقبة أمام تطلُّعات الشعب التونسي»، مُبرِزاً أن «الوزر ثقيل، والإرث بدوره ثقيل»، نتيجة للسياسات التي تم اتباعها وآلت بتونس إلى هذه الأوضاع، وهو ما يستدعي من كل مسؤول التحلي بالعزم والثبات، والإرادة على تجاوز كل هذه الصعوبات، ومشدّداً على ضرورة استعادة الدور الاجتماعي للدولة، والاستعاضة عن المفاهيم البالية بمفاهيم أخرى تقوم على أفكار جديدة.



«أسبوع المياه»... مصر توسع شراكاتها مع الصومال وكينيا ونيجيريا

وزير الري المصري ونظيره النيجيري (الري المصرية)
وزير الري المصري ونظيره النيجيري (الري المصرية)
TT

«أسبوع المياه»... مصر توسع شراكاتها مع الصومال وكينيا ونيجيريا

وزير الري المصري ونظيره النيجيري (الري المصرية)
وزير الري المصري ونظيره النيجيري (الري المصرية)

عززت الحكومة المصرية من شراكاتها مع دول أفريقية في مجال المياه وإدارة الموارد المائية، باتفاقيات تعاون مع الصومال وكينيا ونيجيريا، على هامش فعاليات مؤتمر «أسبوع القاهرة للمياه»، الذي اختتمت فعالياته الأربعاء بمصر.

وخلال فعاليات مؤتمري «أسبوع القاهرة للمياه» السابع، و«أسبوع المياه الأفريقي» التاسع، بالقاهرة، وقعت وزارة الري المصرية عدداً من الاتفاقيات وبرامج التعاون مع منظمات دولية وإقليمية مختصة بمجال المياه، وعَدّ دبلوماسيون سابقون وخبراء تلك الاتفاقيات «تستهدف تعزيز التعاون المصري الأفريقي في مواجهة تحديات الندرة المائية والتغيرات المناخية».

وانطلقت في العاصمة المصرية (القاهرة)، الأحد، ولمدة خمسة أيام، فعاليات النسخة السابعة لـ«أسبوع القاهرة للمياه» (مؤتمر سنوي تنظمه وزارة الري المصرية، بحضور نخبة من المتخصصين الدوليين في مجال المياه)، بالتزامن مع استضافة النسخة التاسعة لـ«أسبوع المياه الأفريقي»، في ظل رئاسة مصر لمجلس وزراء المياه الأفارقة (أمكاو).

مباحثات وزير الري المصري ونظيره الكيني (الري المصرية)

وشاركت في مؤتمر «أسبوع القاهرة للمياه» نحو 30 منظمة إقليمية ودولية معنية بالمياه، ودار النقاش حول تحديات إدارة الموارد المائية، خلال خمس جلسات عامة، ونحو 155 جلسة فرعية، إلى جانب معرض شاركت فيه نحو 25 مؤسسة محلية ودولية، حسب بيانات وزارة الري المصرية.

وأتاحت فعاليات مؤتمري «أسبوع القاهرة للمياه»، و«أسبوع المياه الأفريقي»، الفرصة للحكومة المصرية لتوسيع شراكاتها مع الدول الأفريقية في مجال المياه، حيث وقع وزير الري المصري هاني سويلم، ونظيره النيجيري جوزيف أوتسيف، مذكرة تفاهم، الثلاثاء، تضمنت «التعاون في مجال إدارة الموارد المائية، وتقنيات الري الحديث، والتنبؤ بالفيضان والجفاف، والتكيف مع تغيرات المناخ في قطاع المياه»، حسب «الري المصرية».

كما اتفق وزير الري المصري، مع نظيره الكيني، إيريك موريسي موجا، على «مذكرة تفاهم تتضمن خطة للتعاون بين البلدين في موضوعات المياه»، كما تتضمن «تبادل الخبرات بين الجانبين، ودعم الجانب الكيني في مجال التدريب وبناء القدرات بقطاع المياه»، لتضاف إلى جهود أخرى تنفذها القاهرة في مجال المياه الجوفية وحصاد مياه الأمطار.

وناقش سويلم، مع وزير الطاقة والموارد المائية الصومالي، «إجراءات إعداد مذكرة تفاهم في مجال إدارة الموارد المائية، والتدريب، وبناء القدرات»، وتتضمن «تقديم الدعم الفني لتحسين إدارة المياه، والإنذار المبكر للجفاف والفيضان، وتدريب الكوادر الصومالية في قطاع المياه»، حسب إفادة من «الري المصرية»، الأربعاء.

وتشكو مصر من عجز مائي يبلغ 55 في المائة، وتعتمد على نهر النيل بصفته مصدراً رئيسياً للمياه بنسبة 98 في المائة، بحصة سنوية مقدارها 55.5 مليار متر مكعب، وفقاً لبيانات «الري المصرية».

وينظر الأمين العام المساعد لمنظمة الوحدة الأفريقية الأسبق، السفير أحمد حجاج، لاتفاقيات التعاون المائي المصرية مع الدول الأفريقية، باعتبارها «جزءاً من منظومة وبرامج العلاقات المصرية مع أفريقيا، التي تشمل مجالات مختلفة مثل الدبلوماسية والعسكرية والصحة والتعليم والتدريب»، مشيراً إلى أن «الدول الأفريقية تستهدف الاستفادة من الخبرات المصرية في مجال المياه».

مباحثات وزير الري المصري ونظيره الصومالي بالقاهرة (الري المصرية)

وقال حجاج لـ«الشرق الأوسط» إن «القاهرة تمتلك أفضل خبرات أفريقية في مجال المياه»، مشيراً إلى «نجاح مصر في تنفيذ برامج الري الحديث، وإقامة مشروعات ضخمة لتحلية المياه ومعالجة مياه الصرف، في مواجهة تحدي الندرة المائية».

وتعمل الحكومة المصرية على التوسع في مشروعات إعادة استخدام المياه، لمواجهة تحدي ندرة المياه، بتنفيذ استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

وقبل أشهر، افتتح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، محطة معالجة مياه مصرف بحر البقر، والمسجلة في موسوعة «غينيس» باعتبارها المحطة الكبرى لمعالجة المياه على مستوى العالم، وفق «الري المصرية».

ووصف حجاج، مؤتمر «أسبوع القاهرة للمياه»، بأنه «بات منصة دولية في ملف المياه، بحكم المشاركات الدولية الكبيرة من المختصين في قطاع الموارد المائية»، واعتبره يمثل «مخرجات مهمة للدول الأفريقية، وجزءاً من رسالة مصر لتعزيز تعاونها مع محيطها الأفريقي».

ويرى أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، أن «الدول الأفريقية، تسعى للاستفادة من الخبرات المصرية في مجال المياه، باعتبار أن مدرسة الري المصرية عريقة، وتمتلك قدرات بحثية وتقنيات حديثة في مجال حوكمة المياه، وإدارتها»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «القاهرة تمتلك معاهد بحثية في مجال التنبؤات، وتحلية ومعالجة المياه، والدول الأفريقية تحتاج لهذه الخدمات في إدارة مواردها المائية».

وأوضح شراقي أن «مصر تستهدف توسيع تعاونها المائي مع دول أفريقيا»، وقال إن «المساهمات لا تقتصر على دول حوض النيل، وتمتد لدول أخرى مثل نيجيريا»، واعتبر أن «التعاون والتكامل، هما السبيل لمواجهة تحديات الندرة المائية، بشراكات بين الدول التي تحظى بوفرة مائية، والتي تعاني من الشح المائي»، إلى جانب «التعاون مع المنظمات الدولية المعنية بإدارة الموارد المائية».

وخلال فعاليات «أسبوع القاهرة للمياه»، ناقش وزير الري المصري، مع عدد من المنظمات الدولية والإقليمية، التعاون في مجالات إدارة منظومة الموارد المائية، وناقش مع مدير المعهد الدولي لإدارة المياه، مذكرة تفاهم مشتركة في مجالات البحث وتبادل المعرفة، كما شهد التوقيع على مذكرة تفاهم مع المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (إيكاردا)، تتضمن التعاون في البحث والابتكارات الموفرة للمياه، وناقش مع ممثلي منظمة «فلاندز» البلجيكية، التعاون في مجال تحلية المياه والطاقة المتجددة.