​مصر: حادث «قطاري المنيا» يعيد الجدل بشأن «عوامل الأمان»

خلّف قتيلاً و20 جريحاً

جانب من حادث التصادم (محافظة المنيا)
جانب من حادث التصادم (محافظة المنيا)
TT

​مصر: حادث «قطاري المنيا» يعيد الجدل بشأن «عوامل الأمان»

جانب من حادث التصادم (محافظة المنيا)
جانب من حادث التصادم (محافظة المنيا)

أعاد حادث «قطاري المنيا» الجدل بشأن «عوامل الأمان والسلامة» المطبقة في السكك الحديدية والقطارات بمصر، خصوصاً أن الحادث جاء بعد ساعات من إعلان وزارة النقل المصرية انتهاء تطوير نطاق مسار القطارات في المنطقة التي شهدت الحادث؛ لتكون حركة القطارات فيها عبر نظام إلكتروني، بما يهدف إلى «زيادة معدلات السلامة والأمان، وعدم الاعتماد على العنصر البشري».

وكانت محافظة المنيا (بصعيد البلاد) قد شهدت حادث اصطدام جرار بمؤخرة قطار النوم، الأحد، في المسافة بين مدينتي أبو قرقاص والمنيا (245 كيلومتراً جنوب العاصمة المصرية)، مما أدى إلى سقوط عربتين من القطار، إحداهما عربة توليد الطاقة في ترعة الإبراهيمية.

وأسفر الحادث عن حالة وفاة، وإصابة 20 شخصاً خرج منهم 19 من المستشفيات بعد ساعات قليلة، فيما بقي مصاب داخل المستشفى لتلقي العلاج؛ حسب البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الصحة المصرية.

وشهدت الأشهر الماضية تشديداً في إجراءات السلامة داخل القطارات، تضمنت تفعيل منع المواد القابلة للاشتعال من النقل برفقة الركاب، بالإضافة إلى إجراءات تعزيز التفتيش على المحطات.

ووفق أستاذ النقل بكلية الهندسة في جامعة بني سويف، الدكتور عبد الله أبو خضرة، فإن «هيئة السكك الحديدية بمصر تطبق كثيراً من عوامل الأمان»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن التحديث المستمر لمنظومة السكك الحديدية بالتحول نحو النظم الإلكترونية، نجح بالفعل في الحد من الحوادث خلال الفترة الماضية. وأضاف أن أعمال التطوير التي تحد من تدخلات العنصر البشري «لا يمكنها القضاء على الحوادث بشكل نهائي»، لافتاً إلى أن شبكات السكك الحديدية حول العالم تتعرض لحوادث، وبالتالي مصر لن تكون استثناء منها، لكن الأهم دائماً هو السعي نحو تحقيق الهدف الخاص بالحد منها بشكل كبير.

حادث تصادم القطارين بالمنيا (محافظة المنيا)

فيما انتقدت عضوة «لجنة النقل والمواصلات» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائبة فريدة الشوباشي، غياب الرقابة على أداء بعض العاملين في السكك الحديدية، مضيفة لـ«الشرق الأوسط» أن تطبيق عوامل الأمان وإجراءات الأمن والسلامة من الناحية النظرية، يختلف عن التطبيق على أرض الواقع. وقالت الشوباشي إن «هناك ضرورة ملحة من أجل تطبيق سياسة (الردع) في معاقبة المخطئين والمقصرين في عملهم»، لافتة إلى أن «عمليات التطوير في منظومة السكك الحديدية وحدها، من دون رقابة وعقاب للمخالفين، لن تؤتي ثمارها».

ويستخدم السكك الحديدية في مصر يومياً نحو مليون راكب، ومن المخطط مضاعفة عدد الركاب في 2030 بالوصول لمليوني راكب يومياً، بجانب استخدامها في نقل 8 ملايين طن بضائع سنوياً في العام الحالي، وهو الرقم المخطط أن يصل إلى 13 مليون طن بحلول 2030؛ حسب بيانات رسمية لوزارة النقل.

من جانبه، أكد نائب رئيس مجلس الوزراء المصري للتنمية الصناعية، وزير الصناعة والنقل، كامل الوزير، الأحد، إحالة المتسببين في الحادث، سواء كانوا من السائقين أو ملاحظي الأبراج أو مهندسي التشغيل أو رئيس المنطقة، إلى النيابة العامة للتحقيق معهم ومحاسبتهم، لافتاً إلى أن الإحالة تأتي «بهدف توقيع العقوبات المشددة عليهم، والتي تتناسب مع عظم الجُرم الذي ارتكبوه»، وفق بيان رسمي لوزارة النقل. وأضاف الوزير أنه «لن يفلت أي مخطئ من العقاب تحقيقاً للردع العام، ليصبحوا عبرة لكل من يهمل أو يخطئ أو يتقاعس عن أداء واجبه الوظيفي».

وكانت السكك الحديدية قد شهدت الشهر الماضي حادث تصادم لقطارين في الزقازيق (دلتا مصر)، مما أسفر عن وفاة 4 أشخاص وإصابة العشرات، فيما أشارت التحقيقات الأولية التي جرت بالحادث إلى «خطأ بشري نتيجة عدم تحويل مسار القطار، ووجود قطارين على المسار نفسه، الأمر الذي تسبب في اصطدامهما».

عدد من المسؤولين في مكان حادث التصادم (محافظة المنيا)

في سياق ذلك، قرّر النائب العام المصري، المستشار محمد شوقي، معاينة موقع الحادث وسؤال المصابين، مع ندب لجنة خماسية من المهندسين المختصين بالهيئة الهندسية للقوات المسلحة، والمكتب الاستشاري بالكلية الفنية العسكرية، وأحد أعضاء هيئة الرقابة الإدارية المختصين قانوناً، للانتقال وفحص القطارين محل الحادث لبيان مدى صلاحيتهما، وصلاحية أجهزة التشغيل والسلامة الخاصة بهما.

كما طالب، وفق بيان رسمي، الأحد، معرفة مدى اتباع المسؤولين عن القطارين للتعليمات واللوائح المنظمة للتشغيل من عدمه، وتحديد أوجه المخالفات المنسوبة إليهم. وأمر النائب العام بالتحفظ على سائق الجرار المتسبب في الحادث لاستجوابه، وعمل تحليل له للوقوف على مدى تعاطيه المواد المخدرة، مع انتقال أعضاء النيابة لإجراء معاينة مسجلة ومصورة للأجهزة كافة التي رصدت تسيير القطارات بمنطقة الحادث.


مقالات ذات صلة

تحذيرات مصرية من المشروعات «غير المدروسة» على الأنهار

شمال افريقيا رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال كلمته في «أسبوع القاهرة للمياه» (مجلس الوزراء المصري)

تحذيرات مصرية من المشروعات «غير المدروسة» على الأنهار

حذرت مصر من المشروعات المائية «غير المدروسة» التي تقام على الأنهار الدولية. وأكدت ضرورة حفاظ واستدامة الموارد المائية الدولية وفقاً لمبادئ القانون الدولي.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من الحرب الدائرة بين الجيش و«قوات الدعم السريع» (رويترز)

مصر لتجاهل تصعيد «الدعم السريع»

قلل خبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» من تأثير قرارات الحظر التجاري على مصر، وأكدوا أن «القاهرة تنأى بنفسها عن الدخول في مهاترات وتراشق مع (قوات الدعم السريع)».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي خلال افتتاح محطة قطارات بشتيل في الجيزة (الرئاسة المصرية)

الرئيس المصري يدافع عن إنفاق تريليوني جنيه على مشروعات الطرق

دافع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، عن إنفاق تريليوني جنيه على مشروعات الطرق والنقل خلال السنوات الماضية.

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا صورة من حادث تصادم لقطارين في مصر (أرشيفية)

مصر تحقق في حادث تصادم قطارين بالمنيا

تحقق مصر في حادث تصادم قطارين بمحافظة المنيا (صعيد البلاد) بعد اصطدام جرار بمؤخرة قطار النوم، الأحد، في المسافة بين أبو قرقاص والمنيا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من حريق شهدته منطقة الموسكي بوسط القاهرة في يوليو الماضي (رويترز)

تحقيق بشأن حريق «كبير» في مول تجاري بشرق القاهرة

بدأت السلطات المصرية، الأحد، تحقيقاً بشأن حريق «كبير» في مول تجاري بضاحية التجمع الخامس (شرق القاهرة).

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

​«المصالحة الليبية»… مسار يعترضه الانقسام و«الحسابات الجهوية»

وفد الاتحاد الأفريقي بقيادة الرئيس الموريتاني في اجتماع مع «الرئاسي» بطرابلس (المجلس الرئاسي)
وفد الاتحاد الأفريقي بقيادة الرئيس الموريتاني في اجتماع مع «الرئاسي» بطرابلس (المجلس الرئاسي)
TT

​«المصالحة الليبية»… مسار يعترضه الانقسام و«الحسابات الجهوية»

وفد الاتحاد الأفريقي بقيادة الرئيس الموريتاني في اجتماع مع «الرئاسي» بطرابلس (المجلس الرئاسي)
وفد الاتحاد الأفريقي بقيادة الرئيس الموريتاني في اجتماع مع «الرئاسي» بطرابلس (المجلس الرئاسي)

يأمل الاتحاد الأفريقي، الذي وصل وفد منه إلى العاصمة طرابلس، وفي جعبته «أمنيات وطموحات» أن يُحدث اختراقاً في مسار «المصالحة الوطنية» المتعثر، يقرّب بين الأطراف المتصارعة، ويوفر على ليبيا إهدار مزيد من الوقت في فترات انتقالية.

اجتماع المجلس الرئاسي الليبي ووفد الاتحاد الأفريقي في طرابلس (المجلس الرئاسي)

وسبق أن لعب الاتحاد دوراً ملحوظاً مع «المجلس الرئاسي» الليبي لجهة تحريك هذا المسار من خلال المساعي التي بُذلت، بداية من اجتماعات شهدتها المدن الليبية، وصولاً إلى عقد لقاءات بالكونغو برازافيل، قبل أن تتجمد هذه الجهود لأسباب كثيرة.

وترأس وفد الاتحاد، الذي زار طرابلس الجمعة الماضي، الرئيس الحالي للاتحاد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، وضم رئيس مفوضية الاتحاد موسى فكي، وممثل رئيس الكونغو برازافيل، رئيس لجنة الاتحاد رفيعة المستوى المعنية بليبيا، وزير الخارجية جان كلود جاكوسو.

ومنذ رحيل الرئيس معمر القذافي عام 2011 شهدت ليبيا اشتباكات وخلافات مناطقية، بعضها يرتبط بتصفية حسابات مع النظام السابق، والبعض الآخر كرّسه الانقسام السياسي الذي عرفته ليبيا بداية من عام 2014، وهي الرؤية التي بات يميل إليها كثير من المتابعين لملف «المصالحة».

ويرى رئيس حزب «صوت الشعب» الليبي، فتحي عمر الشبلي، أن ملف «المصالحة الوطنية» بات يستخدم لـ«المزايدة السياسية، وتحقيق نقاط» من قبل «المجلس الرئاسي» ومجلس النواب؛ وفق قوله.

وقال الشبلي في حديث إلى «الشرق الأوسط» إن «أزمة ليبيا تتمثل في ساستها؛ نحن في حاجة إلى مصالحة بين السياسيين وليس المواطنين»، لافتاً إلى «أن طبيعة الليبيين لا تسمح بتدخل الغريب فيما بينهم».

الرئيس الموريتاني في طرابلس (المجلس الرئاسي)

وخلال العامين الماضيين، احتضنت أكثر من مدينة ليبية اجتماعات اللجنة التحضيرية لمؤتمر المصالحة، التي رعاها «المجلس الرئاسي»، وظلت المساعي تُبذل على أمل عقد «مؤتمر وطني جامع للمصالحة»، بمدينة سرت في 28 أبريل (نيسان) الماضي، لكنها تعثرت بعد تصاعد الأزمات.

وسبق أن انسحب ممثلو القيادة العامة لـ«الجيش الوطني» الليبي من المشاركة في ملف المصالحة؛ رداً على سحب رئيس «المجلس الرئاسي» قرار ضم «قتلى وجرحى» قوات الجيش إلى «هيئة الشهداء».

وكان وفد الاتحاد الأفريقي، أكد خلال اجتماعه مع «المجلس الرئاسي»: «استمرار التزامه بمسار المصالحة الوطنية، وبوحدة ليبيا وسيادتها واستقرارها في مواجهة التدخلات الخارجية». وقال إن زيارته إلى طرابلس العاصمة «تأتي تجسيداً لقرار الاتحاد في دورته المنعقدة في فبراير (شباط) 2024، ولنداء برازافيل الصادر عن قمة لجنة الاتحاد رفيعة المستوى المعنية بليبيا».

ويعتقد أحد المعنيين بملف «المصالحة الوطنية»، بأن «الحسابات الشخصية، لغالبية ساسة البلاد، تحول دون نجاح عمليات المصالحة»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الوطن يحتاج إلى رجال يُؤثرونه على أنفسهم؛ وليس لشخصيات تتصارع على المكاسب الخاصة والجهوية».

وكانت أطياف ليبية كثيرة شاركت في الاجتماعات التحضيرية لـ«المصالحة الوطنية»، من بينها الفريق الممثل لسيف الإسلام معمر القذافي، قبل أن تنسحب تباعاً لأسباب، من بينها عدم الإفراج عن بعض رموز النظام السابق من السجن، والدفاع عن «نسبة مشاركتهم» في اجتماعات اللجنة التحضيرية لـ«المؤتمر العام».

ويضرب رئيس حزب «صوت الشعب» مثلاً على اتفاق الليبيين بمواقفهم خلال الإعصار الذي ضرب مدينة درنة قبل عام من الآن، وقال: «عندما وقعت كارثة درنة تداعى جميع الليبيين من الأنحاء كافة، وهذا يوضح أنه ليست هناك أي مشاكل اجتماعية بين المواطنين، ولكنها بين قادتهم».

وسبق للمبعوث الأممي السابق عبد الله باتيلي، القول خلال اجتماع اللجنة الأفريقية في برازافيل، إن المصالحة الوطنية «مهمة طويلة الأمد، تتطلب الصبر والتصميم، والاستناد إلى منهجية عمل أثبتت نجاحها».

وأبرز باتيلي أن «إطلاق سراح المعتقلين من شأنه أن يشجع المشاركة الفعالة للعائلات السياسية، التي كانت حتى الآن مترددة في المشاركة في العملية»، وهو الرهان الذي يستند إليه أنصار النظام السابق للمشاركة مرة ثانية في عملية المصالحة.

وكانت بعثة الاتحاد الأفريقي أعلنت بعد مباحثاتها مع السلطة التنفيذية في طرابلس، أنها بصدد إجراء مشاورات مماثلة مع السلطة بمدينة بنغازي في أقرب وقت، دون تحديد موعد.

عبد الله السنوسي مدير الاستخبارات العسكرية في عهد القذافي (أرشيفية من رويترز)

وتعلل فريق سيف القذافي، بالإبقاء على رموز من النظام السابق معتقلين، وقال: «لا يُعقل أن يستمر إنسان في السجن دون محاكمة، وتؤجل الجلسات 15 مرة دون سبب قانوني وجيه»، في إشارة إلى عبد الله السنوسي (73 عاماً)، صهر القذافي، رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية السابق.

وأمام تعثر ملف المصالحة في البلد المنقسم بين حكومتين، بدأ مجلس النواب في دراسة قانون للمصالحة. ودعا رئيسه عقيلة صالح، في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، إلى ضرورة تحقيق المصالحة الوطنية، ودعمها بكل الإمكانيات لتشمل «جميع المؤسسات والجماعات»، بما يضمن «إنهاء الخلافات والاستفادة من حركة التاريخ»؛ وفق قوله.