مصر: «الحوار الوطني» لمناقشة مقترحات ملف «الدعم النقدي»

في جلسات علنية بمشاركة الحكومة وقوى سياسية

جلسة سابقة من «الحوار الوطني» في مصر (الحوار الوطني)
جلسة سابقة من «الحوار الوطني» في مصر (الحوار الوطني)
TT

مصر: «الحوار الوطني» لمناقشة مقترحات ملف «الدعم النقدي»

جلسة سابقة من «الحوار الوطني» في مصر (الحوار الوطني)
جلسة سابقة من «الحوار الوطني» في مصر (الحوار الوطني)

بدأت الأمانة الفنية لـ«الحوار الوطني» في مصر، حصر المقترحات والملاحظات التي تلقتها على مدار أسبوعين، بشأن ملف التحول من «الدعم العيني» المُطبق في البلاد إلى «النقدي».

وانتهت الخميس، المهلة التي حُددت لاستقبال طلبات ومقترحات الأحزاب والقوى السياسية بشأن ملف الدعم، التي ستُناقش في جلسات علنية ومغلقة بمشاركة ممثلين عن الحكومة وقوى سياسية، بحسب بيانات سابقة صادرة عن مجلس أمناء الحوار الوطني.

وأرسلت الحكومة إلى «الحوار الوطني» بيانات حول منظومة الدعم الحكومي وصوره وأشكاله والمستفيدين منه من مختلف الجهات، متضمنة قاعدة بيانات محدثة وكاملة حول مستحقي الدعم.

وقال عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، جمال الكشكي، لـ«الشرق الأوسط»، إن الأمانة الفنية سترسل المقترحات كافة بعد دمجها وترتيبها إلى مجلس الأمناء، مشيراً إلى أنهم توافقوا على تخصيص أسبوع للجلسات العامة، على أن يكون هناك أسبوع آخر للمناقشة في جلسات متخصصة، بمشاركة متخصصين وخبراء للتطرق إلى التفاصيل الفنية الخاصة بالمقترحات.

وأكد الكشكي حرصهم على مناقشة المقترحات كافة التي قُدمت دون انحياز مسبق، مع بحث جميع جوانبها التفصيلية، لافتاً إلى أن جميع المقترحات التي ستُناقش ستُجرى صياغتها في شكل نهائي، تمهيداً لرفعها للرئيس المصري.

الحكومة تواصل عملية الرقابة على الأسواق المصرية (مجلس الوزراء المصري)

وبحسب تصريحات رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الشهر الماضي، فإن الحكومة تأمل في البدء بالتحول من دعم السلع الأولية الأساسية إلى تقديم مساعدات نقدية مباشرة للفئات الأولى بالرعاية مع العام المالي المقبل، الذي يبدأ مطلع يوليو (تموز) 2025، حال التوصل إلى توافق في الآراء بشأن قضية الدعم النقدي في «الحوار الوطني».

وبلغ إجمالي قيمة دعم السلع التموينية في موازنة العام الماضي، نحو 130 مليار جنيه (الدولار يساوي 48.55 جنيه في البنوك المصرية) مقابل 35.5 مليار جنيه في موازنة 2013 - 2014، بإجمالي عدد مستفيدين يُقدر بـ63.3 مليون مستفيد، بحسب بيانات رسمية، بينما تُقدر مخصصات الدعم والمزايا الاجتماعية كافة في موازنة العام الحالي بنحو 635 مليار جنيه، وفق بيانات وزارة المالية.

يرهن خبراء نجاح تجربة التحول لـ«الدعم النقدي» بآليات التطبيق (مجلس الوزراء المصري)

بينما أشارت دراسة لـ«المركز المصري للفكر والدراسات» الشهر الماضي، إلى أن تجارب كثير من الدول في التحول إلى الدعم النقدي بدلاً من العيني تركت أثراً إيجابياً نحو تحسين منظومة الدعم ووصوله إلى الفئات الأكثر احتياجاً، مؤكدة أن تطبيق التجربة في مصر سيؤدي إلى تحديد الفئات المستحقة للدعم والتوسع في برامج الحماية الاجتماعية، مع العمل على إعادة تعريف مستحقي الدعم والوصول به إلى مستحقيه فقط.

و«يقضي الدعم النقدي على أشكال كثيرة من الفساد»، بحسب الخبير الاقتصادي المصري، الدكتور مصطفى بدرة، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن التحول نحو الدعم النقدي «سيضمن وصوله إلى مستحقيه، لكن بشرط التطبيق بشكل سليم بما لا يسمح بوجود أي تلاعب».

وأضاف أن هناك فرصة حقيقية لنجاح التجربة بالبدء في تطبيق الدعم النقدي على السلع التموينية، واختيار محافظة واحدة للبدء في تطبيق التجربة بها، وتلافي السلبيات عند التعميم على مستوى المحافظات المصرية، مؤكداً أن جزءاً من نجاح التجربة «سيكون مرهوناً بتوافر السلع بأسعار محددة والرقابة على الأسواق، بجانب وجود آليات لتوزيع الدعم النقدي عبر التأكد من توافر الوسائل التي ستتم من خلالها إتاحة الأموال لمستحقي الدعم وصرفها شهرياً، مع إعادة النظر في المبالغ المنصرفة كل فترة وزيادتها بما يتناسب مع معدلات التضخم».

تسعى الحكومة المصرية لتحويل الدعم «العيني» إلى «نقدي» (مجلس الوزراء المصري)

في المقابل، لا يلقى التحول من «الدعم العيني» إلى «النقدي» توافقاً من البعض في البلاد، مع وجود اعتراضات من اقتصاديين على هذه الخطوة، ومن بينهم أستاذة الاقتصاد بجامعة القاهرة، عالية المهدي، التي أكدت في تصريحات سابقة «وجود مخاوف من عدم إنفاق المخصصات المالية للدعم بعد الحصول عليها في الأوجه المخصصة لها»، مشيرة إلى أن دراسة أجريت قبل عام 2011 برز فيها «رفض 85 في المائة من الأسر التحول للدعم النقدي».

وعودة إلى عضو مجلس أمناء الحوار الوطني الذي أشار إلى اهتمامهم بالاستماع لمختلف الآراء وعرضها وإبراز الجوانب الإيجابية في كل رأي، وأيضاً الجوانب السلبية دون انحياز لرأي على الآخر، مؤكداً أن «الحوار الوطني بمثابة صوت للمواطنين، بينما يكون الرأي الحاسم من صُناع القرار».


مقالات ذات صلة

إيران ترسل إشارات جديدة لتعزيز مسار «استكشاف» العلاقات مع مصر

شمال افريقيا وزير الخارجية الإيراني يزور مساجد «آل البيت» في القاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على «إكس»)

إيران ترسل إشارات جديدة لتعزيز مسار «استكشاف» العلاقات مع مصر

أرسلت إيران إشارات جديدة تستهدف تعزيز مسار «العلاقات الاستكشافية» مع مصر، بعدما أجرى وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، جولة داخل مساجد «آل البيت» في القاهرة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
يوميات الشرق الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)

اعترافات الفنانات خلال مقابلات إعلامية... جدل متجدد يُثير تفاعلاً

بعض التصريحات التي تدلي بها الفنانات المصريات لا تتوقف عن تجديد الجدل حولهن، وإثارة التفاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيما يتعلق بتفاصيل حياتهن الشخصية.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق تمثال موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب في معهد الموسيقى العربية بالقاهرة (الشرق الأوسط)

حفل لإحياء تراث «موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب بالأوبرا المصرية

في إطار استعادة تراث كبار الموسيقيين، وضمن سلسلة «وهّابيات» التي أطلقتها دار الأوبرا المصرية، يقام حفل لاستعادة تراث «موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب.

محمد الكفراوي (القاهرة )
شمال افريقيا صورة جماعية لقادة قمة «الدول الثماني النامية» داخل القصر بـ«العاصمة الإدارية» (الرئاسة المصرية)

مصر: «العاصمة الإدارية» تنفي بناء قصر الرئاسة الجديد على نفقة الدولة

أكد رئيس مجلس إدارة شركة «العاصمة الإدارية الجديدة» أن «خزانة الدولة لم تتحمل أي أعباء مالية عند بناء القصر الجديد».

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا الرئيس السيسي في لقاء سابق مع الرئيس الأميركي جو بايدن وأنتوني بلينكن (أ.ف.ب)

صفقة سلاح أميركية جديدة لمصر تعزز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين

أعلنت الحكومة الأميركية أنها وافقت على بيع معدات عسكرية لمصر تفوق قيمتها خمسة مليارات دولار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

إيران ترسل إشارات جديدة لتعزيز مسار «استكشاف» العلاقات مع مصر

وزير الخارجية الإيراني يزور مساجد «آل البيت» في القاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على «إكس»)
وزير الخارجية الإيراني يزور مساجد «آل البيت» في القاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على «إكس»)
TT

إيران ترسل إشارات جديدة لتعزيز مسار «استكشاف» العلاقات مع مصر

وزير الخارجية الإيراني يزور مساجد «آل البيت» في القاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على «إكس»)
وزير الخارجية الإيراني يزور مساجد «آل البيت» في القاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على «إكس»)

أرسلت إيران إشارات جديدة تستهدف تعزيز مسار «العلاقات الاستكشافية» مع مصر، بعدما أجرى وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، جولة داخل مساجد «آل البيت»، وبعض المناطق التاريخية والأثرية في القاهرة، عادّاً أن «ما يجمع طهران والقاهرة هوية وثقافة مشتركة».

جاءت إشارات عراقجي الجديدة على هامش زيارته الثانية للقاهرة، ومشاركته مع الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، في القمة الحادية عشرة لمجموعة «الثماني النامية» للتعاون الاقتصادي، التي استضافتها مصر، الخميس.

وقطع البلدان علاقاتهما الدبلوماسية عام 1979، قبل أن تُستأنف من جديد بعد ذلك بـ11 عاماً، لكن على مستوى القائم بالأعمال ومكاتب المصالح، وشهدت الأشهر الماضية لقاءات بين وزراء مصريين وإيرانيين في مناسبات عدة، لبحث إمكانية تطوير العلاقات بين البلدين، وذلك عقب توجيه رئاسي إيراني لوزارة الخارجية في طهران، في مايو (أيار) من العام الماضي، باتخاذ الإجراءات اللازمة لـ«تعزيز العلاقات مع مصر».

والتقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نظيره الإيراني، الخميس، على هامش قمة «الثماني النامية»، وبحث الجانبان «الجهود المشتركة لاستكشاف آفاق تطوير العلاقات الثنائية، بما يحقق مصلحة الشعبين، ويسهم في دعم استقرار المنطقة»، حسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية».

ووصل بزشكيان، مساء الأربعاء الماضي، إلى القاهرة في أول زيارة لرئيس إيراني منذ 11 عاماً، وسبق أن التقى الرئيس السيسي على هامش قمة تجمع «بريكس»، التي استضافتها مدينة قازان الروسية، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

عراقجي خلال زيارته لمسجد "السيدة نفسية" بالقاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على "إكس")

وزار عراقجي بعض مساجد «آل البيت» في القاهرة، منها «الحسين»، و«السيدة زينب»، و«السيدة نفيسة»، إلى جانب بعض المناطق التاريخية، منها جامع محمد علي باشا، وأشار عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس»، مساء الجمعة، إلى أن «ما يجمع بلاده ومصر، حكومة وشعباً، هوية وثقافة مشتركة تضرب بجذورها في أعماق التاريخ».

وهذه ثاني زيارة لوزير الخارجية الإيراني للقاهرة، بعد زيارته الأولى التي كانت ضمن جولة إقليمية.

وبعث عراقجي برسائل جديدة لتعزيز مسار العلاقات الإيرانية-المصرية، وقال إن «ما فرقته المسافات، جمعه حب آل البيت»، الذي «وحّد البلدين اللذين ترسخ بداخلهما حب آل البيت»، مؤكداً أن «الكلام مع الشعب المصري حفر ذكرى أعترف بها بصدق».

وسبق أن تجول وزير الخارجية الإيراني خلال زيارته الأولى للقاهرة، وسط العاصمة المصرية، وحرص على تناول «الكشري»، أحد أشهر الأطباق المصرية الشعبية.

ووفق تقدير أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور طارق فهمي، فإن «هناك سعياً إيرانياً للانفتاح في العلاقات مع مصر»، مشيراً إلى أن «المساعي الإيرانية ترجمتها زيارات كبار المسؤولين في طهران إلى القاهرة أخيراً، وخصوصاً زيارة الرئيس الإيراني نهاية الأسبوع الماضي لمصر»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «مضمون الخطاب السياسي والإعلامي الإيراني يصب في مصلحة تطوير العلاقات مع مصر».

ويرى فهمي أن مسار تطور العلاقات المصرية-الإيرانية «مرتبط بتحفظات مصرية تتعلق بتباين الموقف تجاه القضايا العربية»، مشيراً إلى أن «القاهرة تتجاوب مع التحركات الإيرانية لتعزيز العلاقات»، لكنه عدَّ هذا التجاوب «مرتبطاً برؤية مصر تجاه عدد من القضايا العربية، وخصوصاً التطورات في سوريا ولبنان واليمن والعراق».

وتبادل السيسي وبزشكيان، خلال لقائهما، الخميس، وجهات النظر حول التطورات الإقليمية، وسبل استعادة السلام بالمنطقة، وأيضاً الأوضاع في الأراضي الفلسطينية ولبنان وسوريا.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء نظيره الإيراني في القاهرة الخميس الماضي (الرئاسة المصرية)

ولا يرجح طارق فهمي «تطور العلاقات بين القاهرة وطهران إلى مستوى إعادة فتح السفارات، وتبادل السفراء، في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «مرحلة العلاقات الاستكشافية سوف تتواصل بما يخدم مصالح المنطقة».

في سياق ذلك، يرى الخبير في الشؤون الإيرانية، الدكتور محمد عباس ناجي، أن «هناك تطلعاً إيرانياً لرفع مستوى العلاقات مع مصر إلى مستوى السفراء، بدلاً من مكتب رعاية المصالح»، مشيراً إلى أن «رسائل الإعلام الإيراني أخيراً تدعم هذا الاتجاه».

وقال عباس لـ«الشرق الأوسط» إن زيارة عراقجي لمساجد «آل البيت» والمناطق التاريخية بالقاهرة، «رسالة من طهران بوجود قواسم مشتركة بين البلدين، يمكن البناء عليها لتحسين مستوى العلاقات»، إلى جانب التأكيد على أنه «لا توجد إشكالية في البعد المذهبي على مسار العلاقات».

ويعتقد عباس أن «طهران مهتمة بتعزيز علاقاتها مع القاهرة، وقد زادت تلك الأهمية في الفترة الأخيرة، في ضوء الضغوط التي تتعرض لها إيران على خلفية تطورات الأوضاع في المنطقة، خصوصاً في غزة ولبنان وسوريا».

ويرتبط تطور العلاقات المصرية-الإيرانية بمجموعة من الأبعاد السياسية والأمنية والاستراتيجية، وفق خبير الشؤون الإيرانية، الذي أشار إلى أن القاهرة «ما زالت تقف عند مرحلة استكشاف العلاقات لوضع النقاط فوق الحروف تجاه بعض القضايا»، موضحاً أن «هناك ملفات محل نقاش بين الجانبين، ومصر ما زالت معنية باستيضاح مواقف إيران في بعض الملفات، مثل ما يحدث في البحر الأحمر، والوضع في اليمن».