مصر تنفي اتهامات حميدتي بشن غارات على قواته

أرشيفية لحميدتي (رويترز)
أرشيفية لحميدتي (رويترز)
TT

مصر تنفي اتهامات حميدتي بشن غارات على قواته

أرشيفية لحميدتي (رويترز)
أرشيفية لحميدتي (رويترز)

نفت القاهرة اتهامات قائد «قوات الدعم السريع» في السودان محمد حمدان دقلو (حميدتي) لها بشن ضربات جوية على قوات مجموعته المسلحة التي تقاتل الجيش السوداني.

وقالت وزارة الخارجية المصرية في بيان، مساء الأربعاء، بعد ساعات من اتهامات حميدتي، إن هذه «المزاعم» تأتي في وقت «تبذل فيه مصر جهوداً مكثفة لوقف الحرب في السودان، وحماية المدنيين، وتعزيز الاستجابة الدولية لخطط الإغاثة الإنسانية الهادفة لدعم المتضررين من النزاع».

ودعت المجتمع الدولي إلى «الوقوف على الأدلة التي تثبت حقيقة ما ذكره قائد ميليشيا الدعم السريع»، نافية «مزاعمه». وشددت على «حرص مصر الدائم على أمن واستقرار ووحدة السودان، حكومة وشعباً»، مؤكدة أن «مصر ستواصل تقديم كل أشكال الدعم الممكنة للأشقاء في السودان لمواجهة التحديات الناتجة عن هذه الحرب الغاشمة».

واتهم حميدتي القاهرة بـ«تدريب الجيش السوداني وإمداده بطائرات مسيرة» في الحرب المستمرة منذ 18 شهر تقريباً في السودان بين الجيش والمجموعة التي يقودها، على خلفية تحقيق الجيش تقدماً في الآونة الأخيرة.

وفي حين يُنظر إلى مصر على أنها قريبة من الجيش السوداني ورئيسه عبد الفتاح البرهان، فقد انضمت البلاد إلى جهود الولايات المتحدة والسعودية للتوسط في الصراع. واستضافت القاهرة محادثات بين الفصائل السياسية المتنازعة في وقت سابق من العام الحالي.

وزعم حميدتي في كلمته أن مصر «استخدمت قنابل أميركية في ضرباتها». وقال: «الأميركان لو ما موافقين ما كانت القنابل وصلت السودان». وتحدث عن «وجود مرتزقة من التيغراي (عرقية إثيوبية) واريتريا وأذربيجان، إضافة إلى أوكرانيين». وكرر الاتهامات بأن إيرانيين شاركوا في الحرب إلى جانب الجيش.

وأحرز الجيش في الآونة الأخيرة تقدماً في الخرطوم وولاية سنار الجنوبية الشرقية. وقال حميدتي إن الغارات التي يزعم أن مصر شنتها ضد قواته دفعتها إلى التراجع عن منطقة جبل موية الاستراتيجية.

وفي ما بدا أنه تغيير في اللهجة عن تعليقات سابقة داعمة لجهود السلام، فتح قائد «الدعم السريع» الباب أمام احتمال امتداد الحرب حتى أربع سنوات.

وأجبرت الحرب التي اندلعت في أبريل (نيسان) 2023 ما يقرب من 10 ملايين شخص على ترك منازلهم، وأدت إلى تفشي الجوع وانتشار المجاعة على نطاق واسع، كما حدثت فيها موجات من العنف العرقي التي أُلقي باللوم فيها إلى حد كبير على «الدعم السريع».


مقالات ذات صلة

بعد خطاب «حميدتي»... هل بدأت الموجة الثانية من الحرب السودانية؟

تحليل إخباري محمد حمدان دقلو (حميدتي) في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»

بعد خطاب «حميدتي»... هل بدأت الموجة الثانية من الحرب السودانية؟

العنوان الأبرز لخطاب قائد «قوات الدعم السريع»، هو «الانتقال للحرب الشاملة، على عكس ما ذهب البعض لتفسيره بأنه إقرار بالهزيمة».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا مقر الأمم المتحدة في جنيف (متداولة)

«مجلس حقوق الإنسان» يمدد مهمة بعثة تقصي الحقائق في السودان

صوّت «مجلس حقوق الإنسان»، التابع للأمم المتحدة، الأربعاء الماضي، لصالح تمديد مهمة بعثة تقصي الحقائق بشأن الوضع في السودان، في ظل الحرب المتواصلة فيه.

شمال افريقيا جنود سودانيون من وحدة «قوات الدعم السريع» (أ.ب)

الجيش السوداني يعلن «تطهير ولاية النيل الأزرق من التمرد»

أعلنت القوات المسلحة السودانية استعادة السيطرة على منطقة جريوة بولاية النيل الأزرق، التي كانت خاضعة لـ«قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا 
مشهد من المعارك التي تجددت قبل أيام في أحد أحياء الخرطوم (رويترز)

500 قتيل خلال 4 أيام في السودان

أدانت أحزابٌ وقوى سياسية سودانية، أبرزها «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم)، القصف الجوي والمدفعي الذي سُجّل خلال الأيام الأربعة الماضية، وأدى إلى مقتل.

أحمد يونس (كمبالا)
العالم العربي آثار الدمار في العاصمة السودانية جراء الصراع المسلّح (د.ب.أ)

الأمم المتحدة: حرب السودان قد تزهق أرواحاً لا تحصى دون تحرك فوري لوقفها

قالت حنان بلخي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية بإقليم شرق المتوسط، اليوم (الثلاثاء)، إن حرب السودان قد تزهق أرواحاً لا حصر لها دون اتخاذ إجراءات فورية.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

الحديث الحكومي عن «اقتصاد الحرب» يُثير مخاوف مصريين

مصطفى مدبولي خلال المؤتمر الصحافي (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي خلال المؤتمر الصحافي (مجلس الوزراء المصري)
TT

الحديث الحكومي عن «اقتصاد الحرب» يُثير مخاوف مصريين

مصطفى مدبولي خلال المؤتمر الصحافي (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي خلال المؤتمر الصحافي (مجلس الوزراء المصري)

أثار حديث حكومي عن إمكانية اللجوء إلى سياسة «اقتصاد الحرب» مخاوف مصريين من موجة غلاء جديدة في البلاد خلال الأسابيع المقبلة، بالتزامن مع «عودة معدلات التضخم للارتفاع على أساس شهري».

وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، خلال مؤتمر صحافي، مساء الأربعاء، إنه «إذا تعرضت المنطقة لحرب إقليمية، فستكون هناك تداعيات شديدة، وستضطر الدولة المصرية بالتالي إلى التعامل مع ما يمكن وصفه بـ(اقتصاد حرب)»، مؤكداً «اهتمام الدولة بكيفية الحرص على استمرار واستقرار واستدامة توفير السلع والخدمات والبنية الأساسية للمواطن المصري في ظل الظروف الراهنة».

وأشار مدبولي إلى أنه حتى في الفترات التاريخية، التي كانت فيها الدولة طرفاً في حروب مباشرة، كان هناك توجه واضح للأحداث، وإمكانية للتخطيط بناءً على معطيات قائمة بالفعل على الأرض. لكن في ظل المرحلة الحالية، فإن «الوضع يتغير يومياً، حيث تعيش المنطقة حالة شديدة من عدم اليقين، الأمر الذي جعل الحكومة تعمل على سيناريوهات يتم تغييرها باستمرار وفق المستجدات الراهنة».

جاءت تصريحات مدبولي بعد وقت قصير، من ارتفاع معدلات التضخم السنوي على مستوى المدن إلى 26.4 في المائة خلال شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، بزيادة على المسجل في أغسطس (آب) الماضي، الذي بلغ 26.2 في المائة.

وبحسب أمين «سر لجنة الخطة والموازنة» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب عبد المنعم إمام، فإن تصريحات رئيس الوزراء «غير المدروسة، وتثير المخاوف لدى المصريين»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أنها «لم تحمل معلومة جديدة للمواطنين، بل ربما يمتد تأثيرها بشكل عكسي مرتبط باحتمالية وجود أزمات في السلع».

الرأي السابق يدعمه مستشار «مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية»، الدكتور عمرو الشوبكي، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن مدبولي وقع في مشكلتين، الأولى مرتبطة بالمستوى السياسي، لكون مفهوم «اقتصاد الحرب» مرتبطاً بالبلاد التي تخوض معارك عسكرية بالفعل، ويستخدم لقبول تضحيات في ظروف استثنائية، وهو أمر «لا ينسجم مع المرحلة الحالية في مصر».

ووفق الشوبكي، فإن المشكلة الأخرى مرتبطة بالوضع الاقتصادي بشكل أساسي، و«تناقُض تصريحات مدبولي مع المواقف السابقة التي تحدث فيها عن العمل لزيادة الاستثمارات، وحل المشكلات التي تواجه القطاع الخاص، بما يسمح بمنافسة عادلة بينه وبين الشركات المملوكة للدولة».

حملات لـ«جهاز حماية المستهلك» في مصر على الأسواق (مجلس الوزراء المصري)

في سياق ذلك، جدد حديث مدبولي مخاوف على «السوشيال ميديا» من ارتفاعات جديدة في أسعار السلع بالبلاد، وعبر مغردون عن قلقهم خلال تدوينات على «إكس»، الخميس. وبينما قال بعض المغردين إن «كلام رئيس مجلس الوزراء، هو تلميح لزيادة مرتقبة في الأسعار خلال الفترة المقبلة»، رأى آخرون أنه «لابد من ضبط الأسواق في البلاد».

عضو «الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع»، محمد أنيس، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «اقتصاد الحرب» مرتبط بتوجيه وتسخير كل القدرات المالية لتلبية احتياجات القوات المسلحة، بما يعني عجزاً محتملاً في أوجه الإنفاق على قطاع الخدمات المرتبط بالصحة والتعليم، مع توقف الاستثمارات العامة في البنية التحتية؛ لكونها ليست في الأولويات، مشيراً إلى أن «مدبولي ربما لم يكن يقصد ذلك».

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن تصريحات رئيس الحكومة تشير إلى «الرغبة في تعزيز الاحتياجات الأساسية للدولة من السلع، في ظل المخاطر التي تحيط بسلاسل الإمداد العالمية، وزيادة احتمالية رفع أسعار عدد من السلع، بالإضافة إلى احتمالية تدخل الدولة لضبط الأسعار عبر إجراءات عدة تضمن توفر السلع بأسعار محددة تناسب المواطنين».

وتستهدف الحكومة استثمارات أجنبية مباشرة خلال العام المالي الحالي، الذي ينتهي في 30 يونيو (حزيران) المقبل، بنحو 15 مليار دولار في قطاعات عدة، في وقت أقرت فيه «حزمة تسهيلات ضريبية جديدة وتقديم حوافز إضافية للمستثمرين الأسبوع الحالي». (الدولار الأميركي يساوي 48.57 جنيه في البنوك المصرية).

وهنا أشار عضو «الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع» إلى أن الاستثمارات الأجنبية «وقت الحروب» تكون بالسالب، لكون الاستثمارات الأجنبية تتخارج من الأسواق، فور بدء حالات عدم الاستقرار السياسي، لافتاً إلى أن «الأمن والاستقرار السياسي والاقتصادي مقومات أساسية لا غنى عنها لجذب الاستثمارات الأجنبية».

فيما يرى الشوبكي أن الحكومة في حاجة إلى تقديم «بدائل اقتصادية» للعمل مع الأزمة الحالية، دون اللجوء إلى استخدام شعار «اقتصاد الحرب»، الذي ليس له علاقة بالحالة الاقتصادية الحالية، ويسبب «الخوف» للمواطنين بتقديم التصورات الحكومية بعدّها «غير قابلة للنقاش».