شباب محبط من السياسة في تونس يرى الحلّ في الهجرة

شبان تونسيون يتظاهرون في تونس العاصمة يوم 4 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)
شبان تونسيون يتظاهرون في تونس العاصمة يوم 4 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

شباب محبط من السياسة في تونس يرى الحلّ في الهجرة

شبان تونسيون يتظاهرون في تونس العاصمة يوم 4 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)
شبان تونسيون يتظاهرون في تونس العاصمة يوم 4 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

في مقهى شعبي بحيّ صاخب في تونس، يعبّئ شبان قسائم مراهنات رياضية ويتحدّثون عن منافسات الأندية الأوروبية، غير مبالين بالانتخابات الرئاسية التي تقام الأحد في بلد يرغب الكثيرون في مغادرته نتيجة إحباط من السياسة.

ويقول محمد (22 عاما) الذي رفض كشف اسمه كاملا، إنه لن يذهب للتصويت الأحد. «لا فائدة من ذلك... السياسة لا تعنينا، نحن فقط نحاول أن نحصّل رزق يومنا».

ودُعي حوالى ثلث التونسيين من الذين لا تتجاوز أعمارهم 35 عاما (مجموع المسجّلين للانتخابات 10 ملايين ناخب) للإدلاء بأصواتهم الأحد في الانتخابات الرئاسية. لكن كثيرين، لا سيما بين الشباب، غير مهتمين بالتصويت.

وبحسب دراسة أجراها «الباروميتر العربي» صدرت قبل أكثر من شهر، فإن 7 من كل 10 شباب تونسيين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاما يريدون الهجرة.

شابان وشابة يتابعون ورشة عمل لروّاد الأعمال الشباب في فرنانة بشمال غرب تونس (أ.ف.ب)

ويوضح محمد لوكالة الصحافة الفرنسية وهو ينظر إلى شرفة المقهى «إذا توافرت الآن ثلاثة قوارب، فلن يبقى أحد هنا».

في كل عام، يحاول آلاف التونسيين، غالبيتهم من الشباب، عبور البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا في رحلة محفوفة بالأخطار. ويسافر آلاف آخرون إلى الخارج بتأشيرة للعمل أو الدراسة.

في السنوات الأخيرة، ارتفعت نسبة الراغبين في الهجرة إلى 46 في المائة من التونسيين، وفقا لـ«الباروميتر العربي» الذي يصنّف تونس في مقدّم الدول العربية من حيث عدد الراغبين في مغادرة البلاد.

ومطلع الأسبوع، غرق قارب مهاجرين قبالة شواطئ جزيرة جربة السياحية (جنوب شرق) على مسافة 500 متر من الشاطئ، ولقي ما لا يقل عن 15 تونسيا حتفهم، في حين تمّ اعتراض قاربين آخرين يحملان نحو أربعين مهاجرا غير قانوني أثناء مغادرتهما جزيرة قرقنة (جنوب) وسواحل محافظة بنزرت (شمال).

في العام 2011، ووفقا لـ«الباروميتر العربي»، وهو مركز أبحاث متخصّص في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أراد 22 في المائة فقط من التونسيين مغادرة بلادهم، ومعظمهم من الشباب، بعد ثورة أطاحت الرئيس زين العابدين بن علي.

بعد عقد من الزمن، أصبح الشباب هم الأكثر تضرّرا من البطالة، إذ بلغت نسبة العاطلين عن العمل في صفوفهم 41 في المائة (مقارنة بالمعدل الوطني البالغ 16في المائة) و23 في المائة بين المتخرجين الشباب.

ويقول غيث، وهو طالب أنهى دروسه الثانوية حديثاً، «عمري 17 عاما فقط، وعندما أرى آخرين يكبرونني سنا لم يفعلوا شيئا في حياتهم، أطرح على نفسي الكثير من الأسئلة».

تظاهرة معارضة للسلطة في العاصمة التونسية يوم 4 أكتوبر (إ.ب.أ)

ويؤكد أحد أصدقائه، محمد، البالغ من العمر 19 عاما، «لقد تخلّى عنا هذا البلد، أنا حاصل على البكالوريا، ولكن بالبكالوريا أو بدونها، الأمر نفسه. لكي تنجح، تحتاج إلى التدريب وللسفر إلى الخارج».

وتنتقد منظمات غير حكومية بشكل متواصل سياسة الرئيس قيس سعيّد المرشّح لولاية ثانية والأكثر حظّا بالفوز.

وقد انتُخب سعيّد في العام 2019، وهو متهم باحتكار السلطات منذ صيف العام 2021.

ويعتقد سليم، وهو يعمل لحسابه الخاص ويبلغ من العمر 31 عاما، أنه «لم يكسب شيئًا» خلال فترة ولاية سعيّد الأولى التي استمرت خمس سنوات. ويقول «أنا أحبه، فهو يحارب الفساد، لكنني شخصيا لم أستفد منه».

وفي تقديره، فإن السكان سئموا من مواجهة الصعوبات اليومية المتزايدة في البحث عن المواد الغذائية الأساسية (السكر والزيت والقهوة والبيض). ويضيف أن «الشباب يركبون البحر، وهم يدركون أنهم قد يموتون».


مقالات ذات صلة

شولتس مرشح حزبه للانتخابات المبكرة في ألمانيا

أوروبا أولاف شولتس يتحدث بعد اختياره مرشحاً للانتخابات المبكرة في برلين الاثنين (رويترز)

شولتس مرشح حزبه للانتخابات المبكرة في ألمانيا

قرر الاشتراكيون الديمقراطيون دعم أولاف شولتس رغم عدم تحسن حظوظ الحزب، الذي تظهر استطلاعات الرأي حصوله على نحو 15 في المائة فقط من نوايا التصويت.

«الشرق الأوسط» (برلين)
المشرق العربي الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الجديدة للبرلمان الأردني (رويترز)

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

مع بدء الدورة العشرين لمجلس النواب الأردني، الذي انتخب في العاشر من سبتمبر (أيلول) الماضي، بدأ الشحن الداخلي في معادلة الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

محمد خير الرواشدة (عمّان)
شمال افريقيا ممثلو دول أوروبية داخل مركز العدّ والإحصاء التابع لمفوضية الانتخابات الليبية (المفوضية)

ليبيا: إجراء الانتخابات المحلية ينعش الآمال بعقد «الرئاسية» المؤجلة

قال محمد المنفي رئيس «المجلس الرئاسي» إن إجراء الانتخابات المحلية «مؤشر على قدرة الشعب على الوصول لدولة مستقرة عبر الاستفتاءات والانتخابات العامة».

جمال جوهر (القاهرة)
الولايات المتحدة​ الملياردير إيلون ماسك (رويترز)

هل يمكن أن يصبح إيلون ماسك رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل؟

مع دخوله عالم السياسة، تساءل كثيرون عن طموح الملياردير إيلون ماسك وما إذا كان باستطاعته أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا وزير الداخلية جيرالد دارمانان (اليمين) متحدثاً إلى الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (رويترز)

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي، إلا أن البديل جاهز بشخص رئيس «حزب التجمع الوطني» جوردان بارديلا.

ميشال أبونجم (باريس)

مؤتمر دولي في مصر يبحث تعزيز «الاستجابة الإنسانية» لغزة

وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)
TT

مؤتمر دولي في مصر يبحث تعزيز «الاستجابة الإنسانية» لغزة

وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)

تستعد القاهرة لاستضافة مؤتمر دولي لدعم وتعزيز «الاستجابة الإنسانية لقطاع غزة»، يوم الاثنين المقبل، بمشاركة إقليمية ودولية واسعة.

وأعلن وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، عن استضافة «مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة»، يوم 2 ديسمبر (كانون الأول)، وقال خلال مشاركته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا الاثنين: «المؤتمر سيبحث إجراءات تعزيز الاستجابة الإنسانية لقطاع غزة»، حسب إفادة للخارجية المصرية.

وأعاد عبد العاطي التأكيد على محددات الموقف المصري تجاه التطورات الإقليمية، التي تتضمن «ضرورة وقف فوري لإطلاق النار في غزة ولبنان، وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، ونفاذ المساعدات الإنسانية دون عوائق، فضلاً عن أهمية الانتقال لإيجاد أُفق سياسي لتنفيذ حل الدولتين».

وكشفت مصادر مصرية مطلعة أن «المؤتمر سيعقد على مستوى وزراء الخارجية»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الحضور سيشمل تمثيلاً إقليمياً، من دول المنطقة، ودولياً، من المجتمع الدولي»، إلى جانب «تمثيل المؤسسات الدولية، ووكالات الأمم المتحدة المعنية بالقضية الفلسطينية، وعلى رأسها (الأونروا)».

وتجري القاهرة استعداداتها المكثفة لاستضافة المؤتمر، لضمان مشاركة واسعة فيه إقليمياً ودولياً، وفق المصادر، التي أشارت إلى أن «مصر ما زالت تتلقى تأكيدات من الدول التي ستشارك»، وأوضحت أن «المؤتمر سيناقش الأبعاد السياسية والأمنية والإنسانية للوضع في قطاع غزة»، وأن «دعم عمل وكالة (الأونروا)، سيكون من فعاليات المؤتمر».

ويعقد المؤتمر في ظل مطالبات عربية رسمية برفع القيود الإسرائيلية على مرور المساعدات لقطاع غزة، بعد قرار إسرائيل بحظر عمل أنشطة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ويتوقف رئيس الهيئة الدولية لدعم فلسطين، صلاح عبد العاطي، عند عقد المؤتمر بالتزامن مع الأوضاع الإنسانية الصعبة في قطاع غزة، وقال إن «الفلسطينيين ينظرون بإيجابية لمؤتمر القاهرة الوزاري، أملاً في تحقيق اختراق لأزمة المساعدات الإنسانية، والتدخل لإنفاذ الدعم لسكان القطاع»، مشيراً إلى أن «استمرار الوضع الحالي، مع حلول موسم الشتاء، يفاقم من المعاناة الإنسانية للسكان بغزة».

وتحدث عبد العاطي عن الأهداف التي يأمل الفلسطينيون أن يحققها المؤتمر، ودعا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى «ضرورة أن يحقق المؤتمر استجابة إنسانية سريعة لسكان القطاع، كما حدث في التدخلات المصرية السابقة»، إلى جانب «ممارسة ضغوط على الجانب الإسرائيلي لفتح المعابر أمام المساعدات الإغاثية»، كما طالب بـ«تشكيل تحالف دولي إنساني لدعم الإغاثة الإنسانية لغزة».

وتقول الحكومة المصرية إنها قدمت نحو 80 في المائة من حجم المساعدات الإنسانية المقدمة لقطاع غزة، وفق تصريحات لوزير التموين المصري في شهر مايو (أيار) الماضي.

واستضافت القاهرة، في أكتوبر من العام الماضي، «قمة القاهرة للسلام»، بمشاركة دولية واسعة، بهدف «دفع جهود المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار، والعمل على تدفق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة».

وباعتقاد أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، طارق فهمي، أن «مؤتمر القاهرة الوزاري يستهدف إعادة تقديم القضية الفلسطينية للواجهة الدولية، مرة أخرى، في ضوء التطورات الإقليمية»، وقال إن «توقيت ومستوى التمثيل في المؤتمر، يقدمان رسائل تنبيه مبكرة لخطورة الوضع في القطاع، والمسار المستقبلي للقضية الفلسطينية على الصعيد الدولي».

وستتجاوز مناقشات المؤتمر حدود الدعم الإنساني والإغاثي لسكان قطاع غزة، وفقاً لفهمي، الذي قال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «المؤتمر سياسي بالدرجة الأولى، ويستهدف استعراض الجهود المبذولة، خصوصاً من الدول العربية، لوقف الحرب في القطاع»، مشيراً إلى أن «المؤتمر سيسعى لصياغة مقاربات جديدة للتعاطي مع الأزمة في غزة، والقضية الفلسطينية في المرحلة المقبلة، خصوصاً مع تولي إدارة دونالد ترمب مهامها الرسمية في أميركا».