السيسي وبن زايد يدشنان «رأس الحكمة»

الرئيسان عدّا المشروع نموذجاً للشراكة التنموية بين القاهرة وأبوظبي

الرئيس المصري ونظيره الإماراتي خلال إطلاق مشروع «رأس الحكمة» (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري ونظيره الإماراتي خلال إطلاق مشروع «رأس الحكمة» (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي وبن زايد يدشنان «رأس الحكمة»

الرئيس المصري ونظيره الإماراتي خلال إطلاق مشروع «رأس الحكمة» (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري ونظيره الإماراتي خلال إطلاق مشروع «رأس الحكمة» (الرئاسة المصرية)

دشن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الجمعة، مشروع «رأس الحكمة التنموي»، حيث شهد الرئيسان إطلاق المشروع بحضور رئيس مجلس الوزراء المصري، الدكتور مصطفى مدبولي، وعدد من كبار رجال الأعمال من الجانبين المصري والإماراتي.

وأعرب الرئيسان عن شكرهما وتقديرهما للقائمين على تنفيذ المشروع من الجانبين المصري والإماراتي خلال الفترة الماضية. وأكدا «أهميته في تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين، لكونه يمثل نموذجاً للشراكة التنموية البناءة بين مصر والإمارات»، بحسب إفادة رسمية للمتحدث باسم الرئاسة المصرية، السفير أحمد فهمي.

السيسي وبن زايد قدما شكرهما وتقديرهما للقائمين على تنفيذ المشروع من الجانبين المصري والإماراتي (الرئاسة المصرية)

وخلال فعاليات إطلاق مشروع «رأس الحكمة»، شاهد الرئيسان عرضاً مرئياً حول أهداف المشروع ومكوناته، أكد «ما ينطوي عليه من أهمية اقتصادية واستثمارية وعقارية وسياحية وبيئية كبيرة»، وفق بيان «الرئاسة المصرية».

وقال فهمي إن «الرئيسين استمعا لشرح بشأن مميزات المنطقة والخدمات المتكاملة والفرص التنموية والاقتصادية التي يوفرها المشروع»، كما شهدا أيضاً «توقيع عدد من الشركات المصرية والإماراتية على عقود بدء العمل بالمشروع».

وشهد الرئيسان قيام عدد من الشركات العالمية والمصرية والإماراتية بإطلاق «شراكة لتعزيز مسيرة الابتكار في قطاع المركبات الكهربائية الذكية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا».

السيسي وبن زايد خلال إطلاق مشروع "رأس الحكمة" التنموي (الرئاسة المصرية)

و«رأس الحكمة» مدينة ساحلية تقع على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، على بعد 350 كيلومتراً تقريباً شمال غربي القاهرة، وتبلغ مساحتها نحو 170 مليون متر مربع، وتتبع إدارياً محافظة مطروح المصرية.

ووقعت مصر اتفاقاً لتطوير وتنمية مدينة «رأس الحكمة» بشراكة إماراتية، في فبراير (شباط) الماضي، بـ«استثمارات قدرت بنحو 150 مليار دولار خلال مدة المشروع»، (الدولار الأميركي يساوي 48.34 جنيه في البنوك المصرية).

ومنذ توقيع الاتفاق تتابع الحكومة المصرية إجراءات تنفيذه. وأكد مدبولي، في وقت سابق، أنه يتابع بصورة يومية مستجدات الموقف في مدينة «رأس الحكمة»، بما يتضمنه ذلك من معدلات توقيع العقود الخاصة بالمستحقين للتعويضات من أهالي المنطقة.

السيسي وبن زايد أكد تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين (الرئاسة المصرية)

وفي منتصف أغسطس (آب) الماضي، زار مدبولي مدينة «رأس الحكمة»، للوقوف على «سير إجراءات تسليم التعويضات المخصصة للمستحقين». وقال حينها إن «رأس الحكمة» تحظى بمقومات مميزة تجعل منها «نقطة جذب للاستثمارات ومختلف المشروعات على مدار العام».

وأكد وزير الإسكان المصري، شريف الشربيني، منتصف الشهر الماضي، أنه تم وضع خطة لتسليم أراضي «رأس الحكمة» بإجمالي 40 ألف فدان. وأضاف أنه «تم تسليم عقود الأراضي البديلة لسكان منطقة رأس الحكمة».

شركات عالمية ومصرية وإماراتية أطلقت شراكة لتعزيز مسيرة الابتكار في قطاع المركبات الكهربائية (الرئاسة المصرية)

وكانت الشركة «القابضة» الإماراتية (ADQ) قد أوضحت في وقت سابق، أن المشروع يستهدف ترسيخ مكانة «رأس الحكمة» بوصفها «وجهة رائدة لقضاء العطلات على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، ومركزاً مالياً، ومنطقة حرة مجهزة ببنية تحتية عالمية المستوى لتعزيز إمكانات النمو الاقتصادي والسياحي في مصر»، حسب بيان لـ«وكالة الأنباء الإماراتية».

وتعول مصر على مشروع «رأس الحكمة» بعدّه «وسيلة لتوفير فرص عمل»، كما أنه «سيساهم في تحقيق حلم مصر لجذب 40 أو 50 مليون سائح»، وفق تصريحات سابقة لرئيس مجلس الوزراء المصري.


مقالات ذات صلة

القاهرة تتابع ملابسات حادث إطلاق النار على مصريين في المكسيك

شمال افريقيا مقر وزارة الخارجية المصرية بالعاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة (الخارجية المصرية)

القاهرة تتابع ملابسات حادث إطلاق النار على مصريين في المكسيك

تتابع وزارة الخارجية والهجرة المصرية ملابسات حادث إطلاق النار على مصريين في المكسيك.

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا الرئيس عبد الفتاح السيسي يكرّم خريجي الكليات العسكرية (الرئاسة المصرية)

تفاعل مصري مع عرض طلاب الكليات العسكرية خلال ذكرى «حرب أكتوبر»

شهد الحفل العسكري عروضاً أبهرت متفاعلين بمنصات التواصل، ومنها «ظهور مجموعة من طائرات الهليكوبتر طراز (الجازيل) تحمل علم مصر».

محمد الريس (القاهرة)
شمال افريقيا مقر وزارة الداخلية في مصر (صفحة «الداخلية المصرية» على «فيسبوك»)

«داخلية مصر» ترفض «ادعاءات إخوانية» حول التعدي على مواطن وأسرته

اتهمت وزارة الداخلية المصرية، جماعة «الإخوان» بنشر ادعاءات حول التعدي على مواطن وأسرته.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا الأمير فيصل بن فرحان خلال لقاء وزير الخارجية والهجرة المصري في الرياض أغسطس الماضي (واس)

تشديد «سعودي - مصري» على ضرورة وقف إطلاق النار في لبنان وغزة

شددت المملكة العربية السعودية ومصر على «ضرورة وقف إطلاق النار الفوري والدائم في كل من لبنان وقطاع غزة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عربية فرحة عارمة للاعبي الأهلي المصري لكرة اليد عقب فوزهم على برشلونة وتحقيق برونزية العالم للأندية (إ.ب.أ)

«مونديال أندية اليد»: الأهلي المصري يخطف البرونزية بفوز تاريخي على برشلونة

حقق الفريق الأول لكرة اليد «رجال» بالنادي الأهلي المصري فوزاً تاريخياً على نادي برشلونة الإسباني بنتيجة 32-29، وحصد المركز الثالث والميدالية البرونزية.


مزارعات تونس المهمشات مصرّات على التصويت لمحاربة الفقر والتهميش

مزارعات من فريانة أكدن أنهم سيشاركن في الانتخابات لتحسين أوضاعهن وأوضاع أسرهن (أ.ف.ب)
مزارعات من فريانة أكدن أنهم سيشاركن في الانتخابات لتحسين أوضاعهن وأوضاع أسرهن (أ.ف.ب)
TT

مزارعات تونس المهمشات مصرّات على التصويت لمحاربة الفقر والتهميش

مزارعات من فريانة أكدن أنهم سيشاركن في الانتخابات لتحسين أوضاعهن وأوضاع أسرهن (أ.ف.ب)
مزارعات من فريانة أكدن أنهم سيشاركن في الانتخابات لتحسين أوضاعهن وأوضاع أسرهن (أ.ف.ب)

تعبّر المزارعة شاذلية المزريغي في فرنانة، الواقعة شمال غربي تونس، عن يأسها من غياب الخدمات الأساسية في إحدى أفقر المناطق في البلاد، وتقول: «ليس لدينا شيء هنا، لا ماء ولا كهرباء». وقبيل الانتخابات الرئاسية التي ستجري بعد غد (الأحد) في ظلّ تدهور اقتصادي واجتماعي كبير، تقول الأم لـ3 أطفال، التي تتقاضى أجراً يومياً قدره 10 دنانير فقط (نحو 3 دولارات) مقابل عمل زراعي شاق: «نحن فقراء جدّاً، تحت الصفر وزوجي لا يستطيع العمل بانتظام بسبب مشاكل صحية في ظهره. لديّ انطباع بأننا لسنا تونسيين لأنهم لا يلتفتون (السلطات) إلينا».

المزارعة شاذلية المزريغي في بيتها بفرنانة (أ.ف.ب)

تقوم شاذلية رفقة 6 نساء أخريات مزوّدات بفؤوس بنبش الأرض، وإزالة الأعشاب الضارة من الحقول القريبة من فرنانة، تحت أشعة شمس حارقة، قبل أن تصحب فريق وكالة الصحافة الفرنسية لزيارة منزلها المتواضع المصنوع من الآجر. وتضيف شاذلية (47 عاماً) متسائلة: «من دون كهرباء، كيف يمكن لأبنائي أداء واجباتهم المدرسية؟ من دون المال، كيف يمكنني شراء جهاز كمبيوتر لابنتي البالغة من العمر 21 عاماً، حتى تتمكن من مواصلة دراستها في الحقوق؟».

وتتمكّن شاذلية بفضل مساعدة جيرانها من تدبير معيشة العائلة اليومية. وتقول إنها شاهدت على شاشة التلفزيون الرئيس المنتهية ولايته، قيس سعيّد، الذي يسعى لولاية ثانية في انتخابات الأحد، وهو يزور النساء الريفيات، «لكننا لم نتلقّ أي مساعدة»، بالرغم من أنها قدّمت طلباً لذلك مراراً من السلطات المحلية.

وتشعر رفيقتها الأرملة سهام الغويبي (55 عاماً)، وهي أم لـ5 أطفال، تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاماً غادروا فرنانة كلّهم، بأنها منسية، وتقول محتجة: «أين الدولة؟ تعالوا وساعدونا».

تعد منطقة فرنانة، التي يعيش نصف سكانها البالغ عددهم 52 ألفاً في الريف، واحدة من أكثر المناطق حرماناً وتهميشاً في تونس، حيث بلغ معدّل الفقر ما يقرب من 37 في المائة خلال عام 2020، وفقاً لتقرير البنك الدولي. وعلى الرغم من الوضع الذي يعدونه «صعباً للغاية»، تقول المزارعات إنهن سيتوجهن للتصويت الأحد، من منطلق «واجبهن كتونسيات»، وعلى أمل أن يتحسن وضعهن ووضع أبنائهن.

تراجع المؤشرات

يوضح الباحث وأستاذ الاقتصاد في جامعات تونسية، آرام بلحاج، لوكالة الصحافة الفرنسية، أنه خلال السنوات الخمس الفائتة «تراجعت معظم المؤشرات الاقتصادية، ولم نشهد نموّاً يسمح بتقليص الفقر والبطالة». وتكمن المشكلة الأساسية، بحسب الخبير، في «القدرة الشرائية التي شهدت تدهوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة»، نتيجة التضخّم المرتفع للغاية (نحو 7 في المائة حالياً)، خصوصاً بالنسبة لأسعار المواد الغذائية أو اللوازم المدرسية، ما يزيد من صعوبة الوضع بالنسبة للطبقة المتوسطة والفقراء.

لا يتعدى راتب المزارعات في فرنانة نحو 3 دولارات في اليوم (أ.ف.ب)

ولتحفيز النمو البطيء للغاية (نحو 1 في المائة حالياً)، يقدّر بلحاج أن هناك «حاجة إلى سياسات عامة ذات رؤية واضحة، لكن في الوقت الحالي لا يمكننا الردّ على سؤال: إلى أين تتجه السياسات الاقتصادية» في البلاد؟ كما توجد عقبات أخرى تعقّد مسار تعافي الاقتصاد، وهي غياب الاستقرار الحكومي بسبب التعديلات الوزارية المتتالية، والمناخ غير الملائم للاستثمار «مع مشاكل البيروقراطية والفساد»، والديون التي ارتفعت إلى 80 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وفق قوله. ويؤكد الخبير ذاته أن «ثلث الموازنة يذهب للرواتب (موظفو القطاع العام)، والثلث لتسديد الديون، والباقي لمصاريف تسيير الإدارة، مع تخصيص 7 إلى 8 في المائة فقط للاستثمار». مشيراً إلى أن وقع الأزمة الاقتصادية والاجتماعية «أشدّ طبعاً في المناطق النائية مثل فرنانة».

«تغيير الواقع»

في «دار الثقافة» الحكومية في المدينة، يسلّط مدير المركز، بوجمعة المعروفي، الضوء على قلّة الأموال وأنشطة تنظّم «بالإمكانات المتاحة». فيما يسعى المسؤول الثقافي، رياض البوسليمي، لتحصيل تمويل أوروبي لإنشاء استوديو تسجيل للبودكاست من أجل «جذب مزيد من الشباب».

أطفال يقومون بأنشطة تربوية داخل «دار الثقافة» الحكومية في المدينة المهمشة (أ.ف.ب)

وتُعدّ المساعدات الخارجية، ولا سيما الأوروبية والأميركية، حاسمة بالنسبة لمنظمات المجتمع المدني المحلية في المناطق الداخلية المهمّشة. وتدير أحلام الغزواني مكتب منظمة «الغرفة الفتية العالمية» بفرنانة، التي أُنشئت عام 2021 لتقديم دورات تدريب على عمل الجمعيات. تقول أحلام: «صحيح أن هناك فقراً كبيراً في فرنانة، والأسر ذات الدخل المحدود غير قادرة على تمويل دراسة أبنائها، وهناك نقص فرص عمل للشباب المتخرجين». لكن بحسب قولها، هناك «منظمات غير حكومية ونوادٍ في الجامعات والمراكز الشبابية والثقافية تحاول تغيير هذا الواقع».

وعد الخميري الحاملة لشهادة في علم الأحياء البيئي (أ.ف.ب)

وكانت وعد الخميري، البالغة 24 عاماً والحاملة لشهادة في علم الأحياء البيئي، تقدّم تدريباً على ريادة الأعمال لنحو 10 من شباب المنطقة، وتأمل في تشجيعهم على إطلاق مشاريعهم الخاصة، قائلة: «دور المجتمع المدني هو مكافحة المشاكل. فرنانة غنية بالثروات الغابية، ولا سيما أشجار البلوط، بالإضافة إلى الشباب ذوي الإمكانات الهائلة».