حوار عسكري جزائري - إيطالي يبحث أمن الحدود والهجرة

ناقش سبل الاستفادة من الخبرات الإيطالية في قضايا الدفاع

الفريق شنقريحة لدى وصوله إلى روما (وزارة الدفاع الجزائرية)
الفريق شنقريحة لدى وصوله إلى روما (وزارة الدفاع الجزائرية)
TT

حوار عسكري جزائري - إيطالي يبحث أمن الحدود والهجرة

الفريق شنقريحة لدى وصوله إلى روما (وزارة الدفاع الجزائرية)
الفريق شنقريحة لدى وصوله إلى روما (وزارة الدفاع الجزائرية)

يبحث رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق أول سعيد شنقريحة، في روما، منذ أمس الثلاثاء، تعزيز التعاون بين بلاده وإيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب والهجرة غير النظامية وأمن الحدود، والاستفادة من الخبرات الفنية الإيطالية في قضايا الدفاع والأمن، حسب مصادر جزائرية مهتمة بالعمل المشترك الجاري بين البلدين في شتى الميادين.

الفريق شنقريحة خلال زيارته لإيطاليا (وزارة الدفاع الجزائرية)

وأكدت وزارة الدفاع الجزائرية في بيان أن زيارة شنقريحة تأتي بدعوة من رئيس الأركان الإيطالي للدفاع، جيوسيبي كافو دراغون، مشيرة إلى أن اجتماعاته في إيطاليا «تندرج في إطار تعزيز التعاون بين الجيش الوطني الشعبي، والقوات المسلحة الإيطالية، حيث سيتم تباحث القضايا ذات الاهتمام المشترك»، من دون تقديم تفاصيل أخرى، مثل إن كان الأمر يتعلق بإبرام اتفاق عسكري.

وتأتي الزيارة بعد أقل من شهرين من انعقاد أعمال «الحوار الاستراتيجي بين إيطاليا والجزائر» بروما، وهو آلية للتشاور بين البلدين حول العلاقات الثنائية، تكتسي في نظر مسؤوليهما أهمية كبيرة، تعكسها زيادة التعاون الاقتصادي في السنوات العشر الأخيرة، خاصة في مجالي الطاقة والتنسيق الأمني للتصدي للهجرة السرية.

ضباط من بحرية البلدين (وزارة الدفاع الجزائرية)

وأكد وزير الخارجية الإيطالي، أنطونيو تاياني، خلال اجتماع «الحوار» أن الجزائر «شريك طبيعي لإيطاليا من الناحيتين الاقتصادية والسياسية، وبلادنا تعتزم تعزيز التعاون بشكل متزايد مع الضفة الجنوبية للبحر المتوسط ​​لمواجهة التحديات المشتركة معاً». مشيراً إلى أن الحوار مع الجزائر «يُعد أساسياً لتشجيع وقف التصعيد في منطقة الشرق الأوسط أيضاً، وكذلك المساهمة في إحلال الاستقرار بالمنطقة برمتها».

ويجري التعاون بين الجزائر وإيطاليا ضمن «مجموعات عمل» مشتركة، مخصصة للتعاون السياسي والأمني، والتعاون الاقتصادي، وما يعرف بـ«خطة ماتّي لأجل أفريقيا» (مبادرات إيطالية خاصة بالتنمية في دول أفريقيا الفقيرة)، والتعاون الثنائي في القضايا الفنية والثقافية.

ووفق تقارير صحفية، فقد شهد التعاون العسكري بين الجزائر وإيطاليا تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، خصوصاً في ميدان التدريب، إذ تستفيد القوات المسلحة الجزائرية من برامج تخص الخبرات الإيطالية في مجالات متعددة، مثل مكافحة الإرهاب وأمن الحدود.

الرئيس الجزائري في لقاء سابق مع نظيره الإيطالي في 26 مايو 2022 (الرئاسة الجزائرية

وتم توقيع عدد من الاتفاقيات لشراء المعدات العسكرية الإيطالية، بما في ذلك الطائرات الحربية والسفن البحرية. وتهدف هذه الاتفاقيات إلى تعزيز قدرات الجيش الجزائري. زيادة على تنظيم تمارين مشتركة بين البحريتين في عرض البحر المتوسط.

وبخصوص مكافحة الإرهاب، يركز التعاون بين البلدين على مواجهة التهديدات الأمنية المشتركة، مثل الإرهاب والجريمة المنظمة، وذلك من خلال تبادل المعلومات والخبرات. كما تنظم الجزائر وإيطاليا تدريبات ومناورات عسكرية مشتركة لتعزيز التنسيق بين قواتهما المسلحة.

وتعد العلاقات العسكرية جزءاً من شراكة استراتيجية واسعة بين الجزائر وإيطاليا، وتشمل أيضاً مجالات الاقتصاد وخصوصاً الطاقة، في ظل زيادة الطلب الإيطالي على الغاز الجزائري مع بداية الحرب في أوكرانيا في 2022.



مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
TT

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

قُتل 5 أشخاص وأصيب آخرون بالرصاص في قرية في ولاية الجزيرة (وسط السودان) إثر هجوم شنّه عناصر من «قوات الدعم السريع» الأربعاء، ليضاف إلى 40 آخرين قُتلوا في بلدات أخرى بالولاية التي تشهد أعمال عنف منذ نحو شهر في وسط البلاد الذي دمّرته الحرب الدائرة منذ عام ونصف العام، على ما أفادت مصادر طبية ومحلية في الولاية، الأربعاء.

ولليوم الثاني على التوالي، عاود عناصر من «قوات الدعم السريع» الهجوم على قرية «التكينة» (وسط الجزيرة)، مستخدمة بعض الأسلحة الثقيلة، مخلّفة 5 قتلى، كما نفذ الطيران الحربي للجيش ضربات جوية لوقف تقدمها من اقتحام المنطقة. وفي وقت سابق، حذَّر كيان «مؤتمر الجزيرة» الذي يرصد انتهاكات الحرب، من وقوع مجزرة وشيكة تخطط لها «قوات الدعم السريع» تستهدف أهالي المنطقة، التي تحتضن أعداداً كبيرة من النازحين الفارين من القرى المجاورة. وقال سكان في التكينة إن المسلحين من أبناء المنطقة تصدُّوا للقوة التي حاولت التوغل من جهة الحي الغربي.

«الدعم»: مؤامرة لخلق مواجهة مع المدنيين

بدورها، قالت «قوات الدعم السريع»، إنها ترصد أبعاد مؤامرة يقودها عناصر من النظام السابق (الحركة الإسلامية) وما تسميه «ميليشيات البرهان» تقوم بحشد المواطنين وتسليحهم في ولاية الجزيرة بهدف «خلق مواجهة بين قواتنا والمدنيين». وأضافت في بيان باسم المتحدث الرسمي، الفاتح قرشي، أن هناك فيديوهات موثقة على وسائل التواصل الاجتماعي تكشف عن وجود «مخطط لتسليح المواطنين في قرى الجزيرة وتظهر الفلول (عناصر النظام السابق) وبعض المخدوعين من قرية التكينة وقرى أخرى، يتوعدون بمهاجمة قواتنا».

عائلة نازحة بعد مغادرتها منزلها في جزيرة توتي في الخرطوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)

وناشدت أهالي القرى النأي بأنفسهم عن «مخطط الفلول ومحاولات الزج بالمواطنين في القتال باسم المقاومة الشعبية»، مؤكدة أنها لن تتهاون في التعامل بحزم مع المسلحين و«كتائب فلول الحركة الإسلامية».

في هذا السياق، أكد طبيب في مستشفى ود رواح إلى الشمال من قرية ود عشيب التي تعرضت للهجوم، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» مقتل 40، مشيراً إلى أن «القتلى الأربعين أصيبوا إصابة مباشرة بالرصاص». وطلب الطبيب عدم الكشف عن هويته خوفاً على سلامته بعد تعرّض الفرق الطبية لهجمات. وقال شهود في قرية ود عشيب إن «قوات الدعم السريع» التي تخوض حرباً مع الجيش السوداني منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، شنَّت هجومها مساء الثلاثاء على القرية الواقعة على بعد 100 كلم شمال عاصمة الولاية ود مدني. وقال شاهد في اتصال هاتفي مع الوكالة إن «الهجوم استُؤنف صباح» الأربعاء، موضحاً أن المهاجمين يرتكبون «أعمال نهب».

الأمم المتحدة قلقة

ويندرج الهجوم الأخير في سلسلة هجمات نفذتها «قوات الدعم السريع» خلال الشهر الماضي على قرى بولاية الجزيرة، في أعقاب انشقاق قائد كبير فيها انضم إلى الجيش في أكتوبر (تشرين الأول).

مشهد للدمار في أحد شوارع أم درمان القديمة نتيجة الحرب بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» (رويترز)

ومنذ ذلك التاريخ، وثَّقت الأمم المتحدة نزوح أكثر من 340 ألف شخص من سكان الولاية وهي منطقة زراعية رئيسة كانت تُعدّ سلة الخبز في السودان. وحذَّر المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، الجمعة، من أن اندلاع أعمال العنف هناك «يعرّض حياة عشرات الآلاف من الأشخاص للخطر».

وتعرَّضت قرى شرق محافظة الجزيرة لحصار كامل في الأسابيع الأخيرة؛ مما تسبب بكارثة إنسانية فيها، بحسب الأمم المتحدة وشهود عيان وجماعات حقوقية. وفي قرية الهلالية، لم يعد بإمكان السكان الحصول على الضروريات الأساسية وأُصيب العشرات منهم بالمرض. ويصل الكثير من النازحين إلى الولايات المجاورة بعد «السير لأيام عدة... وليس عليهم سوى الملابس التي يرتدونها»، وفق ما قال دوجاريك، الجمعة. وحتى في المناطق التي نجت من القتال، يواجه مئات الآلاف من النازحين الأوبئة، بما في ذلك الكوليرا والمجاعة الوشيكة، في غياب المأوى الملائم أو وسائل الرعاية. وقال دوجاريك: «إنهم مضطرون إلى النوم في العراء، بمن فيهم الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى».

80 % من المرافق الصحية مغلقة

وتقدّر الأمم المتحدة ومسؤولون صحيون أن النزاع تسبب بإغلاق 80 في المائة من المرافق الصحية في المناطق المتضررة. وتقول الأمم المتحدة إن السودان يواجه حالياً واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في الذاكرة الحديثة، حيث يعاني 26 مليون شخص الجوع الحاد.

من جهة ثانية، شنَّ الطيران الحربي للجيش السوداني سلسلة من الغارات الجوية على مواقع «الدعم السريع» شرق مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وفقاً لمصادر محلية. وعاد الهدوء النسبي، الأربعاء، إلى الفاشر التي تشهد منذ أسابيع مستمرة معارك ضارية بعد توغل «قوات الدعم السريع» إلى وسط الفاشر.

مشروع توطين ألماني

من جهة ثانية، قالت وزيرة التنمية الألمانية، سفينيا شولتسه، خلال زيارتها لتشاد، الأربعاء، إن برلين تعتزم دعم مشروع يهدف إلى دمج اللاجئين السودانيين في تشاد. وعلى مدى السنوات الخمس المقبلة، تعتزم حكومة تشاد تخصيص 100 ألف هكتار من الأراضي مجاناً، ليتم منح نصفها لأسر اللاجئين والنصف الآخر للأسر المعوزة في المجتمعات المضيفة. ومن المقرر أن يتم تخصيص هكتار واحد لكل أسرة.

صورة جوية لملاجئ مؤقتة للسودانيين الذين فرّوا من الصراع بدارفور بأدري في تشاد (رويترز)

ومن المقرر أن يقدم برنامج الأغذية العالمي الدعم لهذه الأسر؛ لجعل الأراضي صالحة للاستخدام. وقالت شولتسه، خلال زيارتها لمعبر أدري الحدودي شرق تشاد: «للأسف، علينا أن نفترض أن العودة إلى السودان لن تكون ممكنة لمعظم اللاجئين في المستقبل المنظور». وأضافت شولتسه أن المساعدات الإنسانية ليست حلاً دائماً. وقالت: «لهذا السبب يُعدّ هذا النهج، الذي يمنح اللاجئين والمجتمعات المضيفة الأراضي ويجعلها صالحة للاستخدام مجدداً كالحقول والمراعي، خطوة رائدة، حيث إن الذين يمتلكون أراضي خصبة يمكنهم توفير احتياجاتهم بأنفسهم». وقالت مديرة منظمة «وورلد فيجن ألمانيا»، جانين ليتماير، إن نحو 250 ألف لاجئ يعيشون حالياً ظروفاً صعبة، بمساكن مؤقتة بدائية في منطقة أدري وحدها. وأضافت ليتماير أن الأشخاص في كثير من الحالات يعيشون تحت أغطية من القماش المشمع المشدود على جذوع الأشجار أو الأعمدة.