موريتانيا ترفع ميزانية الدفاع... بسبب الإرهاب

10 في المائة من موازنة الدولة وجهت للأمن

الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني وعد في عدة مناسبات بمحاربة الإرهاب (رويترز)
الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني وعد في عدة مناسبات بمحاربة الإرهاب (رويترز)
TT

موريتانيا ترفع ميزانية الدفاع... بسبب الإرهاب

الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني وعد في عدة مناسبات بمحاربة الإرهاب (رويترز)
الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني وعد في عدة مناسبات بمحاربة الإرهاب (رويترز)

رفعت موريتانيا ميزانية وزارة الدفاع خلال العام الحالي (2024)، بمبلغ 15 مليون دولار أميركي، بسبب إعادة هيكلة الجيش واقتناء أسلحة جديدة، نظراً للوضع الأمني الصعب الذي تعيشه منطقة الساحل الأفريقي، والعنف المتصاعد في دولة مالي على وجه الخصوص، التي تمتلك حدوداً مشتركة مع موريتانيا تفوق ألفي كيلومتر.

وبالتزامن مع زيادة الميزانية المخصصة للدفاع، قال الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني في خطاب أمام الأمم المتحدة، الثلاثاء الماضي، إن بلاده نجحت في «تنفيذ استراتيجية أمنية مندمجة، وفرت الأمن والسلم والاستقرار»، مضيفاً أن هذا النجاح يأتي في سياق «تفشي العنف والإرهاب والتأزيم السياسي والاجتماعي في المحيطين الإقليمي والدولي»، في إشارة إلى ما تعرفه منطقة الساحل من أزمات سياسية وأمنية واقتصادية، وما تعيشه القارة الأفريقية من أزمات وصراعات مسلحة.

وأعلن عن هذه الزيادة في مشروع الميزانية، الذي صادقت عليه الحكومة الموريتانية في اجتماعها الأسبوعي، حيث كانت الميزانية المتوقعة للعام تنص على تخصيص 103 مليارات أوقية قديمة للدفاع، لكن مع نهاية العام زاد المبلغ ليصبح 109 مليارات أوقية قديمة، أي ما يعادل 274 مليون دولار أميركي.

وتعود هذه الزيادة إلى «اقتناء معدات عسكرية خاصة»، حيث صرفت في المعدات الأسلحة أكثر من 5 مليارات أوقية قديمة، أي ما يعادل 12.5 مليون دولار، كما صرفت نحو مليار أوقية قديمة (2.5 مليون دولار) من أجل «اقتناء سلع وخدمات (...) أمن وسلامة نظام تكنولوجيا المعلومات».

وأوضحت الحكومة أن ميزانية الجيش زادت هي الأخرى، لتصبح 68 مليار أوقية قديمة، أي ما يعادل 17 مليون دولار، وهي زيادة قالت الحكومة إنها وجهت إلى «اقتناء سلع وخدمات بهدف الحفاظ على الحوزة الترابية»، دون تقديم أي تفاصيل أخرى.

العنف المتصاعد في مالي التي تمتلك حدوداً مشتركة مع موريتانيا يفاقم مخاوف الحكومة الموريتانية (إ.ب.أ)

ويأتي ارتفاع ميزانية الدفاع بعد أشهر من عرض الجيش الموريتاني لمعدات وأسلحة جديدة، وإعلان شرائه مجموعة من المسيّرات المقاتلة والأسلحة الجديدة، كما أجرى تحديثاً لهيكلته، وهي المرة الأولى التي يعلنُ فيها الجيش الموريتاني امتلاك مسيرات مقاتلة، منذ أن اقتنتها عدة دول مجاورة، بينما عدّ «سباق تسلح» تشهده منطقة غرب أفريقيا.

وبينما يزداد الوضع الأمني صعوبة في منطقة الساحل وغرب أفريقيا، عرض الجيش الموريتاني أسلحته الجديدة أمام الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، قبل أن يجري مناورات وتدريبات بمنطقة في كبريات مدن البلاد، بما فيها العاصمة نواكشوط، وعلى الحدود مع دولة مالي، بالقرب من قرى حدودية سبق أن كانت عرضة لهجمات، شنها مقاتلون من مجموعة «فاغنر» الروسية الموجودة في مالي.

وقال الجيش آنذاك إنه جدد أسلحته ومعداته من أجل «رفع مستوى وجاهزية مختلف الجيوش لتنفيذ أي عمليات أو الدخول في قتال»، وأوضح أنه اقتنى «طائرات ومحطات رادار ومسيّرات استطلاع قادرة على القيام بمهام المراقبة والرصد، والتوجيه الدقيق للصواريخ، كما تضم هذه المسيّرات طائرات من دون طيار هجومية ذات فاعلية عالية جداً، قادرة على تغطية الحوزة الترابية للوطن، بما في ذلك المياه الإقليمية على مدار الساعة».

وعدّ عرض الجيش الموريتاني وحديثه عن أسلحته الجديدة، نوعاً من «رسائل الردع» الموجهة للدول المجاورة، لكن أيضاً إلى الجماعات الإرهابية التي توجد في دولة مالي، ورسالة أيضاً إلى شبكات الجريمة المنظمة المنتشرة في منطقة الصحراء الكبرى.

لكن رفع ميزانية الدفاع سيؤثر على ميزانيات قطاعات حكومية أخرى، حيث تضمنت الميزانية الجديدة تقليص المبالغ المخصصة لنحو 20 قطاعاً حكومياً؛ من بينها قطاعات سيادية مثل الخارجية والعدل والداخلية والاقتصاد والمالية.

ووجهت الحكومة نسبة 10 في المائة من إجمالي الميزانية العامة إلى قطاعي الأمن والدفاع، وهو ما يؤكد تأثير الوضع الإقليمي والسياق العالمي على الموازنة العامة للحكومة الموريتانية.

وتراجعت الميزانية العامة للدولة الموريتانية هذا العام بنسبة 0.38 في المائة، بالمقارنة مع الميزانية الأصلية التي كان يتوقع الوصول إليها، ووصلت الميزانية في صيغتها المعدلة إلى أكثر من 107 مليارات أوقية جديدة، وهو ما يعادل 2.7 مليار دولار أميركي. ويعود هذا التراجع إلى ضعف مداخيل بعض القطاعات الضريبية، بالإضافة إلى الاعتماد بشكل كبير على عائدات قطاع المعادن، وبشكل خاص الحديد والذهب، لكن الحكومة تتوقع ارتفاعاً في موارد الدولة خلال العام المقبل، مع بداية إنتاج الغاز الطبيعي من حقل «السلحفاة الكبير» المشترك مع السنغال، حيث تشير بعض التوقعات إلى أن مداخيله السنوية قد تصل إلى مليار دولار.


مقالات ذات صلة

محاولة انقلابية فاشلة في دولة بنين

أفريقيا صورة أرشيفية لمتظاهرة تحمل علم بنين خارج البرلمان في العاصمة بورتو نوفو أبريل 2017 (أ.ف.ب)

محاولة انقلابية فاشلة في دولة بنين

أعلنت السلطات في دولة بنين اعتقال قائد الحرس الجمهوري ورجل أعمال مُقرّب من رئيس البلاد ووزير سابق في الحكومة، إثر تورّطهم في مخطط لقلب نظام الحكم بالقوة.

الشيخ محمد (نواكشوط)
رياضة عربية الكرة المخصصة لمباراة السوبر الأفريقي بين الأهلي المصري والزمالك المقرر إقامتها بالرياض (الشرق الأوسط)

«كاف» يكشف عن كرة مباراة السوبر الأفريقي

كشف الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف) وشركة «بوما» للأدوات والمستلزمات الرياضية الأربعاء، الكرة الرسمية التي ستلعب بها مباراة كأس السوبر الأفريقية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي (د.ب.أ)

تأكيد مصري صومالي إريتري على احترام وحدة الأراضي الصومالية

صرح المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية السفير تميم خلاف بأن الاجتماع الثلاثي المصري - الصومالي - الإريتري عكس التنسيق المشترك على أعلى مستوى.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أفريقيا الجيش المالي يعلن سيطرته على الوضع في العاصمة باماكو (أ.ب)

جيش مالي يعلن الوضع في باماكو «تحت السيطرة» بعد هجوم تبناه متطرّفون

أعلن الجيش المالي، الثلاثاء، أنه سيطر على الوضع في العاصمة باماكو، مشيراً إلى إحباط عملية قام بها «إرهابيون» لمحاولة التسلل إلى أكاديمية لقوات الدرك.

«الشرق الأوسط» (باماكو)
أفريقيا المياه تغمر منازل ومباني بعد انهيار سد في مايدوغوري بنيجيريا الثلاثاء 10 سبتمبر 2024 (أ.ب)

الفيضانات تضرب ملايين الأشخاص في وسط وغرب أفريقيا

أعلنت منظمة الأمم المتحدة، الاثنين، أن أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم بسبب الأمطار الغزيرة والفيضانات التي اجتاحت أجزاءً كبيرة من غرب ووسط أفريقيا.

«الشرق الأوسط» (نيروبي)

السودان... تصاعد وتيرة القتال في الخرطوم والجزيرة والفاشر

أعمدة الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين قوات «الدعم السريع» والجيش في الخرطوم 26 سبتمبر (رويترز)
أعمدة الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين قوات «الدعم السريع» والجيش في الخرطوم 26 سبتمبر (رويترز)
TT

السودان... تصاعد وتيرة القتال في الخرطوم والجزيرة والفاشر

أعمدة الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين قوات «الدعم السريع» والجيش في الخرطوم 26 سبتمبر (رويترز)
أعمدة الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين قوات «الدعم السريع» والجيش في الخرطوم 26 سبتمبر (رويترز)

تصاعدت حدة القتال، يوم الجمعة، بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع»، في عدد من الجبهات، مع سقوط العشرات من القتلى والجرحى، خلال الـ24 ساعة الماضية، في صفوف الجانبين، منذ أن بدأ الجيش شن هجوم من ثلاثة محاور، يوم الخميس، وُصف بأنه الأوسع منذ بداية الحرب، لاسترداد العاصمة الخرطوم من قبضة قوات «الدعم السريع».

وقال شهود عيان إن المعارك تجددت في وسط الخرطوم، وتصاعدت أعمدة الدخان بكثافة في منطقة المقرن، جراء القذائف المدفعية التي يطلقها الجيش من الجهة المقابلة في مدينة أم درمان. وأضافوا أن الطيران الحربي للجيش نفّذ غارات جوية متتالية على منطقة قلب الخرطوم التي تسيطر عليها قوات «الدعم السريع».

ومنذ اندلاع الحرب في البلاد، منتصف أبريل (نيسان) 2023، تسيطر قوات «الدعم السريع» بالكامل على مدينة الخرطوم، بما في ذلك المواقع العسكرية والسيادية، وتُحاصر مقر القيادة العامة للجيش السوداني، الواقع شرق المدينة.

وقال شهود إنهم يسمعون دويَّ الرصاص والأسلحة الثقيلة في مناطق واسعة من مدن العاصمة المثلثة الخرطوم.

وفي حين تتحدث منصات إعلامية، محسوبة على الجيش السوداني، عن تقدم قواته وانتشارها في مساحات واسعة عند ملتقى مقرن النيلين الأبيض والأزرق، تؤكد قوات «الدعم السريع» أنها قضت على كل التحركات العسكرية للجيش، التي حاولت عبور الجسور إلى الخرطوم، وأجبرت بقية القوات على التراجع إلى أم درمان.

وقال مصدر في قوات «الدعم السريع»، لـ«الشرق الأوسط»، إن قواتهم تسيطر بالكامل على مواقعها وارتكازاتها وسط الخرطوم، ولا صحة لما يتردد عن تقدم يُذكَر للجيش السوداني في المدينة. وأضاف أن «قوات كبيرة من الجيش حاولت الانتحار، فجر الخميس، بعبور الجسور التي تربط بين أم درمان والخرطوم، لكن قواتنا تصدّت لهذه المحاولة وأفشلتها، وقُتل منهم المئات قبل أن يعودوا أدراجهم».

الدخان يتصاعد قرب جسر الحلفايا بالعاصمة السودانية (أرشيفية - رويترز)

واستعاد الجيش السوداني، قبل أشهر، بعض الأراضي في مدينة أم درمان؛ ثاني أكبر مدن العاصمة، لكنه لم يتمكن من إحكام سيطرته بالكامل على المناطق التي تنتشر فيها قوات «الدعم السريع». أما في وسط البلاد، فقد عادت المواجهات بين الطرفين في مدينة المناقل جنوب غربي ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة، كما جرت اشتباكات في منطقة الفاو، على تخوم ولاية القضارف في شرق البلاد.

وتداولت منصات الجيش مقاطع مصوّرة تُظهر قوات الجيش وهي تصدّ محاولة هجوم لقوات «الدعم السريع» على مدينة الفاو، وتُكبّدهم خسائر في الأرواح والعتاد. وذكرت أن الطيران الحربي للجيش تدخّل وشارك في ضرب قوات «الدعم السريع»، التي احتشدت، منذ أيام، لاجتياح منطقة الفاو.

من جهة ثانية قالت «تنسيقية لجان مقاومة الفاشر»، عاصمة ولاية شمال دارفو، إن قوات «الدعم السريع» قصفت بالمدفعية الثقيلة سوق المواشي والأحياء المجاورة لها، ما أدى إلى سقوط العشرات من القتلى والمصابين المدنيين.

يأتي هذا التصعيد في المدينة بعد يوم واحد من مقتل 18 مدنياً وجَرح أكثر من 40، جراء قصف عشوائي استهدف عدداً من الأحياء السكنية بالمدينة.

ويخوض الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع»، منذ منتصف أبريل 2023، حرباً خلفت نحو 18 ألف قتيل، وفق الأمم المتحدة، وتسببت في نزوح نحو 8.5 مليون شخص داخل السودان، ولجوء نحو 2.1 مليون شخص إلى دول الجوار.