السودان: مقتل أكثر من 15 شخصاً وإصابة 61 بقصف مدفعي بأم درمان

طيران الجيش يقصف مطار «نيالا» الدولي ويدمره

النزاع الدائر في السودان تسبب في نزوح نحو 8.5 مليون شخص (أ.ف.ب)
النزاع الدائر في السودان تسبب في نزوح نحو 8.5 مليون شخص (أ.ف.ب)
TT

السودان: مقتل أكثر من 15 شخصاً وإصابة 61 بقصف مدفعي بأم درمان

النزاع الدائر في السودان تسبب في نزوح نحو 8.5 مليون شخص (أ.ف.ب)
النزاع الدائر في السودان تسبب في نزوح نحو 8.5 مليون شخص (أ.ف.ب)

دمر الطيران الحربي التابع للجيش السوداني مطار مدينة نيالا الدولي، وذلك بعد عدة أيام من تداول معلومات عن هبوط طائرة «مجهولة» في مطار المدينة، التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع»، وفي غضون ذلك استأنفت «قوات الدعم السريع» القصف المدفعي الكثيف على منطقة كرري، الواقعة بمدنية أم درمان، التي تقع تحت سيطرة الجيش، وأحدثت خسائر وإصابات بين المدنيين، بعد أن كان القصف المدفعي قد تسبب، الاثنين، بمقتل 15 شخصاً، وإصابة أكثر من 61 شخصاً.

وتناقلت وسائط التواصل الاجتماعي ومنصات مؤيدي الجيش السوداني صوراً ومقاطع فيديو تظهر دماراً كبيراً لحق بالمطار الدولي في مدينة نيالا، وذلك بعد تناقل معلومات عن هبوط طائرة «مجهولة» في المطار المذكور، وذكرت منصات موالية للجيش ومستقلة أن طائرة شحن هبطت بمطار نيالا في الساعة الثالثة، صباح السبت الماضي، ومكثت فيه نحو ساعة قبل أن تقلع لمكان آخر.

أسرة سودانية نازحة تنتظر حصتها من الغذاء داخل أحد المخيمات بضواحي قضارف (أ.ف.ب)

ولم يعلّق الجيش السوداني على هبوط الطائرة، التي نزلت المطار المتوقف منذ سيطرة «قوات الدعم السريع» على المدينة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بيد أن منصة تابعة لـ«قوات الدعم السريع» نفت هبوط الطائرة، واتهمت جهات مرتبطة بالجيش بترويج «بروباغندا» ذريعة لقصف محتمل لمطار نيالا.

وتحققت تكهنات المنصة بتباهي منصات موالية للجيش بقصف المطار الحربي وتدميره، وقال شهود إن الطيران الحربي التابع للجيش السوداني قصف مدرج مطار نيالا بعدد من البراميل المتفجرة، صباح الثلاثاء.

ولم تتعرض الطائرة لأية نيران مضادة، ما يشير إلى أن «قوات الدعم السريع» على علم بوصولها، فيما لم تشر أجهزة رصد الطيران المملوكة للجيش السوداني إلى عبور الطائرة للمجال الجوي للبلاد، وهبوطها وإقلاعها.

من جهة أخرى، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة بالخرطوم، محمد إبراهيم، في بيان الاثنين، إن عدد قتلى القصف المدفعي على منطقة كرري والأحياء الشمالية من مدينة أم درمان بلغ 15 شخصاً، بينما أصيب 61 آخرون بجراح، مشيراً إلى أنهم لم يتمكنوا من حصر العدد الكلي للضحايا بعد.

ووفقاً للبيان، فإن القصف المدفعي استهدف بشكل مباشر سوق «صابرين» بمحلية كرري، ثاني أكبر مدن العاصمة الخرطوم، فيما قال شهود عيان تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» إن السوق الذي يعد رئيسياً وترتاده يومياً أعداد كبيرة من المواطنين تعرض لقصف مدفعي عنيف.

أسر سوادنية تقف في طابور طويل لأخذ حصتها من المياه بمخيم في ضواحي قضارف (أ.ف.ب)

وأوضح الشهود أن «قوات الدعم السريع» ظلت باستمرار تصوب القذائف المدفعية العشوائية باتجاه السوق والأحياء السكنية الأخرى بالمدينة، وأن المناطق التي استهدفها القصف المدفعي لا توجد بها مناطق عسكرية، ما أدى إلى سقوط عدد من القتلى، وحدوث الإصابات بالغة وسط المدنيين.

ويقدر عدد السكان في المناطق التي يسيطر عليها الجيش السوداني في كل محليات مدينة أم درمان بنحو 6 ملايين مواطن.

وتشهد المدينة منذ أشهر اشتباكات متقطعة وعمليات نوعية مستمرة من الطرفين في الأحياء السكنية. وتسيطر «قوات الدعم السريع» على الجزء الأكبر من مدينتي الخرطوم والخرطوم بحري، في حين يفرض الجيش سيطرته على مناطق واسعة من مدينة أم درمان.

وتحتضن محلية كرري في مدينة أم درمان القاعدة العسكرية الرئيسية للجيش السوداني بمنطقة وادي سيدنا، التي تنطلق منها الطائرات الحربية، التي تقصف مواقع وتمركزات «الدعم السريع» في كل الولايات، التي تفرض سيطرتها عليها.

واستعاد الجيش السوداني في مارس (آذار) الماضي مقر «الإذاعة والتلفزيون»، وعدداً من أحياء أم درمان القديمة من قبضة «قوات الدعم السريع»، التي كانت تسيطر على مناطق واسعة من المدينة، تشمل الأحياء الجنوبية والغربية وأم درمان القديمة. وكان الطيران الحربي للجيش السوداني قد شن، الاثنين، سلسلة غارات عنيفة على مناطق في الخرطوم وولاية الجزيرة (وسط)، ضمن غارات جوية مكثفة استهدفت نطاقاً جغرافياً واسعاً، شمل ولايات دارفور والجزيرة والخرطوم، ضد مناطق تمركز «قوات الدعم السريع».

ويخوض الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023 حرباً، خلفت نحو 18 ألف قتيل، حسب الأمم المتحدة، وتسببت في نزوح نحو 8.5 مليون شخص في السودان، ولجوء نحو 2.1 مليون شخص إلى دول الجوار. في وقت تتصاعد فيه دعوات المجتمع الدولي لإنهاء الحرب، بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع الملايين إلى مواجهة المجاعة والموت جراء نقص الغذاء، بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18 في البلاد.


مقالات ذات صلة

​رئيس «أطباء بلا حدود» لـ«الشرق الأوسط»: حرب السودان تخلف صدمات نفسية سيئة

شمال افريقيا نساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)

​رئيس «أطباء بلا حدود» لـ«الشرق الأوسط»: حرب السودان تخلف صدمات نفسية سيئة

آلاف الأسر تفرقت حيث خرج أفرادها من دون أن يحملوا شيئاً أحياناً كانوا حفاة ويسيرون على أقدامهم ومن الصعوبة أن يتم توفير المساعدات لهم من الغذاء والمياه والأدوية

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا إيان إيغلاند الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين» (غيتي)

المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودان

مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم

«الشرق الأوسط» (نيروبي)
شمال افريقيا شاحنة تحمل لاجئين سودانيين من مدينة رينك الحدودية في جنوب السودان (د.ب.أ)

الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم

أفاد تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الأحد، بأن السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أعلن الجيش السوداني اليوم (السبت) «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

حددت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي 11 ديسمبر المقبل لبدء المرافعات الختامية في قضية السوداني علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بدارفور.

أحمد يونس (كمبالا)

المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودان

إيان إيغلاند الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين» (غيتي)
إيان إيغلاند الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين» (غيتي)
TT

المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودان

إيان إيغلاند الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين» (غيتي)
إيان إيغلاند الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين» (غيتي)

قال إيان إيغلاند الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين»، إن الأزمة الإنسانية في السودان أسوأ من الأزمات في أوكرانيا وغزة والصومال مجتمعة.

وأوضح في حوار مع «وكالة الأنباء الألمانية» بعد زيارته لمنطقة دارفور بغرب السودان ومناطق أخرى: «حياة 24 مليون شخص على المحك في السودان».

وأضاف: «نحن ننظر لعد تنازلي قوي نحو المجاعة واليأس وانهيار حضارة بأكملها». وأكد أن الصراعات مثل الدائرة في أوكرانيا والشرق الأوسط، «يجب ألا تصرف الانتباه عن معاناة المواطنين في السودان».

صورة جوية لملاجئ مؤقتة للسودانيين الذين فرّوا من الصراع بدارفور بأدري في تشاد (رويترز)

وأضاف: «إذا اتفقنا أن حياة الإنسان ذات قيمة متساوية في أي مكان بالعالم، إذن فسيكون السودان على قمة قائمة الأمور المهمة الآن». وأوضح أنه شهد تداعيات الصراع المستمر منذ 600 يوم. ورأى في كثير من المناطق، ومن بينها مناطق كان يعمل بها المجلس سابقاً «دلالات واضحة للغاية على وقوع حرب مروعة. المنزل بعد المنزل والمنطقة بعد المنطقة، تعرضت للحرق والدمار والنهب».

وحذر إيغلاند من أن الوضع «على وشك الانفجار» مثلما حدث عام 2015، عندما عبر الملايين من اللاجئين من مناطق مزقتها الحرب، بما فيها سوريا، البحر المتوسط، ووصلوا إلى عتبات الدول الأوروبية. وقال: «لا أعتقد أن ألمانيا والاتحاد الأوروبي والدول الإسكندنافية وفرنسا يرغبون في ذلك».

وأضاف: «أن الاستثمار في السودان لن يساعد فقط في ثني المواطنين عن السعي نحو فرص أفضل في أماكن أخرى، ولكن أيضاً هو الأمر الوحيد الذي يتوافق مع القيم والمصالح الأوروبية».

وإضافة إلى ذلك، أفاد تقرير لـ«مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية»، الأحد، بأن السودان «يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم»، مشيراً إلى أن أكثر من 3 ملايين طفل نزحوا داخل السودان وخارجه منذ بداية النزاع، وأضاف: «أن واحداً من كل 3 في السودان يعاني من نقص حاد في الأمن الغذائي».

نازحون في مخيم أقيم في القضارف (أ.ف.ب)

وبحسب التقرير الذي نشر على موقع «مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية»، «فقد أسفرت موجة العنف وانعدام الأمن الحالية عن ارتفاع أعداد الضحايا المدنيين، وإلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية والمرافق الحيوية، فضلاً عن النزوح على نطاق واسع».

وجاء في التقرير: «أُجبر أكثر من 7.4 مليون شخص على مغادرة منازلهم بحثاً عن الأمان داخل السودان وخارجه، إلى جانب 3.8 مليون نازح داخلياً من الصراعات السابقة... يواجه السودان حالياً، أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم وأهم أزمة نزوح للأطفال».

وأشار «إلى أن النظام الصحي الهش بالفعل أصبح في حالة يرثى لها، مع تصاعد خطر تفشي الأمراض، بما في ذلك تفشي الكوليرا، فضلاً عن حمى الضنك والحصبة والملاريا».