ملف «الهجرة» يضع العلاقات الجزائرية - الفرنسية على المحك

وسط ازدياد القلق من التوجه اليميني الطاغي على الحكومة الجديدة

الرئيسان الجزائري والفرنسي بالجزائر في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيسان الجزائري والفرنسي بالجزائر في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
TT

ملف «الهجرة» يضع العلاقات الجزائرية - الفرنسية على المحك

الرئيسان الجزائري والفرنسي بالجزائر في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيسان الجزائري والفرنسي بالجزائر في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)

يعود «ملف الهجرة» ليلقي بظلاله على العلاقات الجزائرية - الفرنسية، بعد التعرف على لون الحكومة الفرنسية الجديدة، وتوجهات أغلب أعضائها من اليمين، خصوصاً وزير الداخلية بورنو روتايو، الشهير بالدعوة إلى إحداث مراجعة جذرية لاتفاق مشترك بين فرنسا والجزائر يعود إلى سنة 1968 ينظم مسائل الهجرة والعمل والدراسة، و«لمّ الشمل العائلي» بالنسبة للجزائريين في فرنسا.

وزير الداخلية بورنو روتايو الشهير بالدعوة إلى إحداث مراجعة جذرية على اتفاق مشترك بين فرنسا والجزائر يخص الهجرة (رويترز)

ويراقب الملاحظون في الجزائر تطورات العلاقات مع فرنسا، إثر ظهور تشكيلة الطاقم الحكومي الجديد، خصوصاً الشخصيات التي توّلت مناصب ذات صلة مباشرة بما ستكون عليه العلاقات الثنائية في مستقبل قريب. وأكثر ما لفت الانتباه هو تسلم اليميني بورنو روتايو، رئيس كتلة حزب «الجمهوريين» (اليمين التقليدي) بمجلس الشيوخ سابقاً، حقيبة وزارة الداخلية، خلفاً لجيرالد دارمانان الذي «وخزه»، أمس الاثنين، وهو يغادر الوزارة، عندما تحدث عن اسمه الثاني «موسى» من جده الجزائري لوالدته، الذي خدم في الجيش الفرنسي في أربعينات القرن الماضي. وقال دارمانان إنه لو كان اسمه موسى فقط «لما تم انتخابي عمدة ونائباً، ولما أصبحت وزيراً للداخلية»، ويقصد أنه لو كان يحمل اسماً مختلفاً عن جيرالد لكانت مسيرته السياسية مختلفة تماماً.

البرلمان الفرنسي خلال الجلسة التي صوت فيها ضد إلغاء اتفاق الهجرة الجزائري الفرنسي (صورة أرشيفية لجلسة عامة بالجمعية الوطنية)

وفهم كلام دارمانان بأنه إشارة إلى روتايو، صاحب المواقف المتشددة من المهاجرين خصوصاً المتحدرين من المنطقة المغاربية، كما أنه إشارة إلى أن منظومة الحكم في البلاد لا تقبل تولي أشخاص من أصول عربية مناصب رفيعة في الدولة.

وتُطرح حالياً، بحدة: «قضية استعادة الجزائر مهاجريها غير الشرعيين من فرنسا». فقد عجز دارمانان عندما أثار المشكلة في 2021 عن إقناع السلطات الجزائرية بإعطاء أوامر إلى قنصلياتها في فرنسا لإصدار التراخيص القنصلية التي تسمح بترحيل 7 آلاف جزائري، حسب الحكومة الفرنسية، هم محل أوامر إدارية بالطرد من التراب الفرنسي. ويومها أكد الرئيس عبد المجيد تبون أن «السيد موسى (دارمانان) لا يقول الحقيقة»، مشدداً على أن بلاده «لا يمكنها أن تثق في كون هذا العدد من المهاجرين غير النظاميين جزائريين بالفعل».

الرئيس الجزائري مستقبلاً وزير الداخلية ورئيسة الوزراء الفرنسيين سابقاً في الجزائر نهاية 2022 (الرئاسة الجزائرية)

وحول ملف الهجرة والرعايا الجزائريين المقيمين في فرنسا بطريقة غير قانونية، لفتت الصحافة الجزائرية إلى أن وزير الداخلية الجديد «يشترك مع رئيس الوزراء الجديد ميشال بارنييه في القناعات نفسها، فكلاهما من مؤيدي الخط المتشدد في هذا الشأن».

ورحّب حزب «التجمع الوطني» اليميني المتطرف بترشيح بارنييه روتايو للداخلية، حتى قبل موافقة الرئيس إيمانويل ماكرون على التشكيل الحكومي. وقال جيروم سانت ماري، المسؤول البارز في الحزب للصحافة، إن «لديه مواقف تتوافق مع مطالب ثلثي الفرنسيين بشأن موضوع الهجرة».

الرئيسان الجزائري والفرنسي بمتحف الجيش بالعاصمة الجزائرية عام 2022 (الرئاسة الجزائرية)

ولم يخف روتايو معارضته للإبقاء على «اتفاق الهجرة 1968» مع الجزائر، على أساس أنه يعوق إجراءات الحكومة الرامية للحد من موجات الهجرة إلى فرنسا. وقد قدم في 26 يونيو (حزيران) 2023 اقتراحاً في مجلس الشيوخ، بصفته رئيس مجموعة «الجمهوريين»، يدعو إلى إلغاء الاتفاق. وكتب في مبررات الاقتراح أن «سلوك الجزائر اليوم يُشكّل عقبة أمام ضرورة وقف الهجرة الجماعية نحو فرنسا، فلا يوجد سبب يدفعنا للبقاء سلبيين تجاه دولة قليلة التعاون»، مضيفاً أن فرضية إعادة التفاوض الشكلي للاتفاق «لا تبدو ممكنة اليوم، نظراً لسوء النية المعلن والمتكرر من السلطات الجزائرية. نحن نوصي بالفعل بالرفض الأحادي لهذا الاتفاق من قبل السلطات الفرنسية».

الرئيس الجزائري مع رئيسة الوزراء الفرنسية السابقة بالجزائر في أكتوبر 2022 (الرئاسة الجزائرية) (3)

من جانبه، ذكر البرلماني الجزائري عبد الوهاب يعقوبي، ممثل الجالية الجزائرية بفرنسا، أن الجزائر «قد تشهد ضغطاً زائداً من الحكومة الفرنسية الجديدة في مسألة التراخيص القنصلية لإعادة المهاجرين غير الشرعيين إلى بلدهم»، إذ يُتوقع أن تتخذ إجراءات أكثر تشدداً، مبرزاً أن «روتايو، وغيره من الشخصيات اليمينية، يرون أن الجزائر لا تُبدي تعاوناً كافياً في هذا المجال، مما قد يدفع فرنسا إلى تقليص عدد التأشيرات، بما في ذلك التأشيرات الدبلوماسية، وهو ما أشار إليه السفير الفرنسي السابق لدى الجزائر، كزافييه دريانكور، في مقالات صحافية».



مؤتمر دولي في مصر يبحث تعزيز «الاستجابة الإنسانية» لغزة

وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)
TT

مؤتمر دولي في مصر يبحث تعزيز «الاستجابة الإنسانية» لغزة

وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)

تستعد القاهرة لاستضافة مؤتمر دولي لدعم وتعزيز «الاستجابة الإنسانية لقطاع غزة»، يوم الاثنين المقبل، بمشاركة إقليمية ودولية واسعة.

وأعلن وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، عن استضافة «مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة»، يوم 2 ديسمبر (كانون الأول)، وقال خلال مشاركته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا الاثنين: «المؤتمر سيبحث إجراءات تعزيز الاستجابة الإنسانية لقطاع غزة»، حسب إفادة للخارجية المصرية.

وأعاد عبد العاطي التأكيد على محددات الموقف المصري تجاه التطورات الإقليمية، التي تتضمن «ضرورة وقف فوري لإطلاق النار في غزة ولبنان، وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، ونفاذ المساعدات الإنسانية دون عوائق، فضلاً عن أهمية الانتقال لإيجاد أُفق سياسي لتنفيذ حل الدولتين».

وكشفت مصادر مصرية مطلعة أن «المؤتمر سيعقد على مستوى وزراء الخارجية»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الحضور سيشمل تمثيلاً إقليمياً، من دول المنطقة، ودولياً، من المجتمع الدولي»، إلى جانب «تمثيل المؤسسات الدولية، ووكالات الأمم المتحدة المعنية بالقضية الفلسطينية، وعلى رأسها (الأونروا)».

وتجري القاهرة استعداداتها المكثفة لاستضافة المؤتمر، لضمان مشاركة واسعة فيه إقليمياً ودولياً، وفق المصادر، التي أشارت إلى أن «مصر ما زالت تتلقى تأكيدات من الدول التي ستشارك»، وأوضحت أن «المؤتمر سيناقش الأبعاد السياسية والأمنية والإنسانية للوضع في قطاع غزة»، وأن «دعم عمل وكالة (الأونروا)، سيكون من فعاليات المؤتمر».

ويعقد المؤتمر في ظل مطالبات عربية رسمية برفع القيود الإسرائيلية على مرور المساعدات لقطاع غزة، بعد قرار إسرائيل بحظر عمل أنشطة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ويتوقف رئيس الهيئة الدولية لدعم فلسطين، صلاح عبد العاطي، عند عقد المؤتمر بالتزامن مع الأوضاع الإنسانية الصعبة في قطاع غزة، وقال إن «الفلسطينيين ينظرون بإيجابية لمؤتمر القاهرة الوزاري، أملاً في تحقيق اختراق لأزمة المساعدات الإنسانية، والتدخل لإنفاذ الدعم لسكان القطاع»، مشيراً إلى أن «استمرار الوضع الحالي، مع حلول موسم الشتاء، يفاقم من المعاناة الإنسانية للسكان بغزة».

وتحدث عبد العاطي عن الأهداف التي يأمل الفلسطينيون أن يحققها المؤتمر، ودعا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى «ضرورة أن يحقق المؤتمر استجابة إنسانية سريعة لسكان القطاع، كما حدث في التدخلات المصرية السابقة»، إلى جانب «ممارسة ضغوط على الجانب الإسرائيلي لفتح المعابر أمام المساعدات الإغاثية»، كما طالب بـ«تشكيل تحالف دولي إنساني لدعم الإغاثة الإنسانية لغزة».

وتقول الحكومة المصرية إنها قدمت نحو 80 في المائة من حجم المساعدات الإنسانية المقدمة لقطاع غزة، وفق تصريحات لوزير التموين المصري في شهر مايو (أيار) الماضي.

واستضافت القاهرة، في أكتوبر من العام الماضي، «قمة القاهرة للسلام»، بمشاركة دولية واسعة، بهدف «دفع جهود المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار، والعمل على تدفق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة».

وباعتقاد أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، طارق فهمي، أن «مؤتمر القاهرة الوزاري يستهدف إعادة تقديم القضية الفلسطينية للواجهة الدولية، مرة أخرى، في ضوء التطورات الإقليمية»، وقال إن «توقيت ومستوى التمثيل في المؤتمر، يقدمان رسائل تنبيه مبكرة لخطورة الوضع في القطاع، والمسار المستقبلي للقضية الفلسطينية على الصعيد الدولي».

وستتجاوز مناقشات المؤتمر حدود الدعم الإنساني والإغاثي لسكان قطاع غزة، وفقاً لفهمي، الذي قال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «المؤتمر سياسي بالدرجة الأولى، ويستهدف استعراض الجهود المبذولة، خصوصاً من الدول العربية، لوقف الحرب في القطاع»، مشيراً إلى أن «المؤتمر سيسعى لصياغة مقاربات جديدة للتعاطي مع الأزمة في غزة، والقضية الفلسطينية في المرحلة المقبلة، خصوصاً مع تولي إدارة دونالد ترمب مهامها الرسمية في أميركا».