تَواصُل أزمة المصرف المركزي يُفاقم مخاوف الليبيين

مع اقتراب نفاد المخزون السلعي وتراجُع ملحوظ في قيمة الدينار

مصرف ليبيا المركزي (رويترز)
مصرف ليبيا المركزي (رويترز)
TT

تَواصُل أزمة المصرف المركزي يُفاقم مخاوف الليبيين

مصرف ليبيا المركزي (رويترز)
مصرف ليبيا المركزي (رويترز)

تتصاعد مخاوف الليبيين بعد دخول أزمة المصرف المركزي شهرها الثاني، وازدياد تعقُّد المشهد السياسي والاقتصادي، خصوصاً بعد فشل الأطراف المتصارعة على المصرف في التوصل إلى «حل توافقي».

وتأتي هذه التخوفات في ظل إغلاق حقول النفط التي تُعدّ مصدر الدخل الرئيسي لليبيين، وحرب البيانات المتبادلة بين أطراف معركة المصرف المركزي، وأحاديث خبراء عن توقعات بحدوث أزمة ستواجهها البلاد حال عدم التوصل لحل توافقي.

ويرجع عضو المجلس الأعلى للدولة، سعد بن شرادة، سبب هذه المخاوف المنتشرة في الشارع الليبي لما يرصد من «تراجُع ملحوظ في قيمة الدينار الليبي أمام الدولار الأميركي». (الدولار يساوي 4.74 في السوق الرسمية، بينما يصل سعره في السوق الموازية 7.66).

وقال بن شرادة لـ«الشرق الأوسط»، إن «سعر صرف الدولار ارتفع بشكل ملحوظ الأسبوع الماضي في السوق الموازية، حيث وصل لقرابة 8 دنانير مقابل الدولار، وقد يتصاعد لأكثر من هذا، مما ينذر بارتفاع الأسعار، وهذا أسوأ سيناريو يتخوَّف منه الليبيون».

رئيس مجلس النواب عقيلة صالح أبدى تخوّفاته من ارتفاع سعر صرف الدولار (مجلس النواب)

وكان رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، قد أبدى تخوّفه من ارتفاع سعر صرف الدولار، وحذّر من أنه «في طريقه لتجاوز الـ10 دنانير، ما لم تُحل أزمة المصرف، وإرجاع الأمور إلى وضعها الطبيعي».

وبدأ الصراع على المصرف المركزي عندما أصدر رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، قراراً بإزاحة محافِظه الصديق الكبير، وتعيين محافظ جديد بشكل مؤقت خلفاً له، لكن هذا القرار قُوبل بالرفض من سلطات شرق ليبيا، فأسرعت بإغلاق حقول النفط.

الصديق الكبير (رويترز)

ويرى بن شرادة أن «الغلاء سوف يتفاقم باستغلال مافيا السوق السوداء للأزمة، وعدم وجود رقابة أو ضوابط رادعة»، مشيراً إلى أن ما أعلنه الكبير بشأن وقْف المؤسسات المالية الدولية تعاملاتها مع المصرف «قاد الجميع لاستشعار خطر نفاد المخزون السلعي، من غذاء وأدوية، دون استمرار القدرة على مواصلة الاستيراد، وهو أمر لن يفوت تجار السوق السوداء، وسيوظّفونه بتخزين ورفع أسعار سلع أساسية».

ويعتقد بن شرادة أنه «لن تُجدي أي محاولة لضبط الأسواق والأسعار، بسبب ضعف آليات الرقابة، خصوصاً في ظل الانقسام الحكومي والمؤسسي الراهن».

مشيراً إلى أن «الخطر الحقيقي في أزمة المركزي يتمثل في إمكانية أن تؤدي إلى فرض وصاية دولية على عوائد النفط عبر لجنة مالية، أو أي آلية أخرى تتقارب وبرنامج النفط مقابل الغذاء».

تخوّفات الليبيين من ارتفاع الأسعار في ظل إغلاق حقول النفط التي تُعدّ مصدر الدخل الرئيسي للمواطنين (أ.ف.ب)

وعلى الرغم من رؤية البعض هذا السيناريو «تهويلاً»، فإن بن شرادة يراه «غير مستبعَد، في ظل عدم جِدّية المجتمع الدولي لحل الأزمة السياسية».

وكان وكيل وزارة الخارجية بالحكومة الليبية المؤقتة، حسن الصغير، قد تحدّث في إدراج له عبر حسابه على «فيسبوك»، أن «المخزون السلعي المحدود، بالإضافة إلى المتداوَل من النقد الأجنبي، يُنبِئان بأزمة حادة قريبة».

وتتنافس حكومتان على السلطة في ليبيا؛ الأولى مكلّفة من البرلمان، برئاسة أسامة حماد، في شرق البلاد، والثانية تسمى «الوحدة الوطنية»، وتتخذ من العاصمة طرابلس مقراً لها، برئاسة عبد الحميد الدبيبة الذي ينسب له عدد من المراقبين وقوفه خلف قرار الإطاحة بالكبير.

في المقابل، يرى الباحث بالمعهد الملكي للخدمات المتحدة، جلال حرشاوي، أن برنامج «الغذاء مقابل النفط»، الذي يتخوف منه قطاع واسع من الليبيين «يبقى خياراً ممكناً، لكن من المستبعَد تحقيقه».

يرى خبراء أن الغلاء سوف يتفاقم باستغلال مافيا السوق السوداء للأزمة وعدم وجود رقابة (رويترز)

وقال حرشاوي لـ«الشرق الأوسط»، إنه «على عكس دول أخرى طُبّق بها هذا البرنامج في تسعينات القرن الماضي، تمتلك ليبيا أموالاً، فلديها عشرات المليارات من الدولارات، لكن هذه الأموال موجودة بعواصم غربية».

وبرغم تأكيده أن الحسابات الخارجية للمركزي الليبي غير مجمّدة، يشير حرشاوي للمعضلة الحقيقية المتمثلة في «عدم قدرة أي مسؤول ليبي، بما في ذلك الكبير، وعبد الغفار؛ المحافظ الحالي، على التصرف في حسابات المصرف الموجودة ببنوك ببعض الدول الغربية».

ووفقاً لحرشاوي فإن أسعار المواد الغذائية «بدأت ترتفع، كما بدأ الدينار ينزلق تدريجياً مقابل الدولار في السوق السوداء»، مُرجّحاً استمرار هذه الاتجاهات السلبية في الأسابيع القليلة المقبلة، «مما يزيد من حالة الذعر بين الليبيين».

وتستورد ليبيا أغلب احتياجاتها من البضائع والسلع من خارج البلاد بالعملة الأجنبية، وفي هذا السياق، يرى المحلل السياسي الليبي، محمد محفوظ، أن «طرح سيناريوهات اللجوء لآلية دولية للإشراف على عوائد النفط قد يدفع أطراف أزمة (المركزي) إلى مراجعة مواقفهم».

وبرغم إقراره بفقد الدينار بعضاً من قيمته، بموازاة ارتفاع أسعار بعض السلع، فإن محفوظ وصف لـ«الشرق الأوسط» مخاوف بعض السياسيين من احتمال اندلاع «ثورة جياع» بالبلاد بأنها «مُبالَغ فيها»، وفقاً للمعطيات الراهنة، وانتقد «محاولات أفرقاء الصراع على (المركزي) اللعب على وتر تخويف الشارع، بدلاً من بذل الجهد وتقديم تنازلات حقيقية للتوافق وحل الأزمة»، مشيراً إلى تصريحات الكبير الأخيرة بشأن إمكانية اللجوء إلى برنامج «النفط مقابل الغذاء»، إذا طال أمد الأزمة ولم يسحب المجلس الرئاسي قرار الإطاحة به، وأيضاً تحذير صالح من ارتفاع سعر الدولار لأكثر من 10 دنانير.


مقالات ذات صلة

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

شمال افريقيا الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

تمسك عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، مجدداً بضرورة وجود «قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية المؤجلة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
خاص تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)

خاص دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

بعد إعلان السلطة في غرب ليبيا عن إجراءات واسعة ضد النساء من بينها "فرض الحجاب الإلزامي"، بدت الأوضاع متجه إلى التصعيد ضد "المتبرجات"، في ظل صراع مجتمعي محتدم.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

بعد أكثر من أسبوعين أحدثت زيارة أجراها «وزير دولة في غينيا بيساو» لحكومة شرق ليبيا حالة من الجدل بعد وصفه بأنه شخص «مزيف».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وقفة احتجاجية سابقة لمتضررين من حرق السجل العقاري في عهد النظام السابق (لقطة من مقطع فيديو)

بعد 39 عاماً... مطالبة بالتحقيق في «إحراق» أرشيف السجل العقاري الليبي

بعد 39 عاماً على «إحراق» أرشيف السجل العقاري خلال عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، يطالب ليبيون بفتح تحقيق في هذه القضية لـ«تضررهم من الحادثة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا عدد من رؤساء منظمات المجتمع المدني من ليبيا ومن خارجها (البعثة الأممية)

ليبيا: الأمم المتحدة تبحث فرص نزع سلاح الميليشيات و«تفكيكها»

رعت البعثة الأممية اجتماعاً يضم رؤساء منظمات مجتمع مدني ومسؤولين حكوميين لمناقشة قضية نزع سلاح التشكيلات المسلحة وإعادة إدماجها في مؤسسات الدولة.

جمال جوهر (القاهرة)

دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
TT

دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)

وجدت دعوات تحجيب النساء «جبراً»، التي تنتصر لها السلطة في العاصمة الليبية، عدداً من المؤيدين، لكنها خلقت أيضاً تياراً واسعاً من الرافضين لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات.

فبعد إعلان السلطة، ممثلة في عماد الطرابلسي، وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» المؤقتة، عن إجراءات واسعة ضد النساء، من بينها «فرض الحجاب الإلزامي»، بدت الأوضاع في ليبيا متجهة إلى التصعيد ضد «المتبرجات»، في ظل صراع مجتمعي محتدم.

بين الرفض والقبول

تفاعل الشارع الليبي بشكل متباين مع تصريحات الطرابلسي، بين من رفضها جملة وتفصيلاً، ومن قال إنه «ينفذ شرع الله ويسعى لنشر الفضيلة»، في وقت شرعت فيه أجهزة أمنية في إغلاق صالات رياضية ونوادٍ نسائية، بينما لم تعلّق سلطات البلاد، ممثلة في المجلس الرئاسي أو «الوحدة»، على هذا الأمر، وهو ما عده مقربون منهما «رضاً وقبولاً» بما تعهد به الطرابلسي.

الدبيبة والمنفي لم يعلّقا على تصريحات الطرابلسي (المجلس الرئاسي الليبي)

وبين هذا التيار وذاك، ظهرت شكاوى من التضييق والتحريض ضد «متبرجات»، أعقبتها دعوات للنائب العام بضرورة التدخل لحمايتهن وتفعيل القانون. وأمام تصاعد هذا الاتجاه الذي حذرت منه منظمات دولية، عدّت زهراء لنقي، عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي، أن الهدف منه «إشغال الناس عن القضايا الجوهرية، مثل الفساد المالي والإداري وتهريب الأموال».

وقالت الزهراء لـ«الشرق الأوسط» إن هذا التوجه «يأتي ضمن سلسلة من الإجراءات التي تفعلها حكومة (الوحدة) بين الحين والآخر، في إطار توجّه منهجي لعودة المنظومة الأمنية القمعية، وكبت الحريات العامة، وملاحقة المجتمع المدني عبر توظيف خطاب متشدد».

منظمة «العفو الدولية» قالت إن تصريحات الطرابلسي من شأنها «ترسيخ التمييز ضد النساء» (وزارة الداخلية)

وسبق لمنظمة «العفو الدولية» القول إن تصريحات الطرابلسي من شأنها «ترسيخ التمييز ضد النساء والفتيات، والانتقاص من حقوقهن في حرية التعبير والدين، والمعتقد والخصوصية الجسدية، بما في ذلك خطط لإنشاء شرطة الأخلاق لفرض الحجاب الإلزامي».

من جهته، عدّ جمال الفلاح، رئيس «المنظمة الليبية للتنمية السياسية»، أن هذه الإجراءات «قسّمت المجتمع بين جماعة مؤيدة، وأخرى تعد هذا التوّعد إهانة للمرأة الليبية، التي ترفض فرض الحجاب عليها بالقوة».

وقال الفلاح الذي يرى أن المرأة الليبية «قيادية ورائدة في مجالات عدة»، لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كنا نتحدث عن الأخلاق والفضيلة، فليبيا اليوم تعج بالربا وفساد السلطة والمسؤولين، بالإضافة إلى الرشى في أوساط من هم في السلطة؛ ولذلك كان من الأولى التركيز على قضايا الرشوة والابتزاز والقتل خارج القانون».

جمال الفلاح رئيس المنظمة الليبية للتنمية السياسية (الشرق الأوسط)

وكان الطرابلسي قد قال في مؤتمر صحافي في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، باللهجة الليبية: «نلقى واحد مقعمز (جالس) هو وبنت برقدهم في الحبس، والبنت بترقد هي وأهلها في الحبس. والنساء اللي تسوق من غير ستر شعرها بنستلم منها السيارة... لا نعرف زميل لا صديق لا شريك لا موظف».

وسيلة للإلهاء

أمينة الحاسية، رئيس مجلس إدارة ملتقى التغيير لتنمية وتمكين المرأة، ربطت بين توجه سلطات طرابلس لتفعيل الحجاب «جبراً»، والأزمة السياسية في البلاد، وهو ما ذهبت إليه أيضاً لنقي.

تقول الحاسية لـ«الشرق الأوسط»: «عادة ما يضع المسؤولون في ليبيا المرأة في مكان بين السياسة والدين؛ ولو تريد الدولة حقاً المحاسبة فعليها أن تبدأ أولاً بمواجهة الفساد، وتدع المرأة وشأنها»، مضيفة: «هم الآن في وضع سياسي سيئ».

زهراء لنقي عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي (الشرق الأوسط)

وعدت لنقي التركيز على المرأة وزيها وشعرها «زوبعة يستهدفون الإلهاء من ورائها»، معتقدة أن حكومة طرابلس «تسعى لأن تكون سلطة دينية وهي ليست كذلك... و 90 في المائة؜ من الليبيات تقريباً يرتدين الزي نفسه داخل ليبيا. هذه في رأيي زوبعة للإلهاء عن القضايا الجوهرية لا أقل ولا أكثر».

حماية الآداب العامة

غير أن صمت السلطة حيال ما ذهب إليه الطرابلسي توقف بعد قرار أصدره الدبيبة، وتم تداوله على نطاق واسع، وهو القرار الذي قضى باستحداث إدارة بالهيكل التنظيمي لوزارة الداخلية، تسمى «الإدارة العامة لحماية الآداب العامة».

وحدد القرار، الذي لم تنفه حكومة الدبيبة، مهام إدارة «حماية الآداب العامة»، من بينها ضبط الجرائم التي ترتكب في الأماكن العامة، والمقاهي والمطاعم ودور العرض والفنادق، وغيرها من الأماكن العامة أو المخصصة للارتياد العام بالمخالفة للتشريعات الخاصة بحماية الآداب العامة، ومكافحة الأفعال التي تتنافى مع توجهات المجتمع، وتسيء إلى قيمه وأخلاقه ومبادئه، وتطبيق التشريعات النافذة، بالإضافة إلى القيام بأعمال البحث والتحري، وجمع الاستدلال في الجرائم المتعلقة بالآداب العامة.

وتوجه مقربون من الإعلامية الليبية، زينب تربح، ببلاغ إلى النائب العام، بعد شكايتها في مقطع فيديو من مضايقات وهي تقود سيارتها من طرف مجهولين لكونها حاسرة الرأس، وقالت إيناس أحمدي، إحدى المقربات من الإعلامية، إن تربح «تتعرض لحملة شرسة من العنف والتعدي»، مشيرة إلى أن الحملة «ما زالت في بدايتها، وما زالت تأخذ أشكالاً أكثر تعنيفاً دون أي رادع».

وانتشر على تطبيق «تيك توك» تأييد واسع لرغبة سلطة طرابلس في تفعيل الحجاب، كما أسبغ بعض المعجبين على الطرابلسي أوصافاً عديدة، تعود لشخصيات تاريخية، وعدّوه «حامياً للإسلام والأخلاق». وهنا تلفت الحاسية إلى «تغول التيار الديني في غرب ليبيا، وتأثيره على من هم في السلطة، لما يملكه من مال وسلاح وميليشيات»، وقالت بهذا الخصوص: «أصبحت هناك حالات تعد على صالات الرياضة والنوادي النسائية بالقوة، وقد حاولوا أن يغلقوها بحجج كثيرة، من بينها الدين والحجاب. وربما نقول إن الطرابلسي له علاقة بهذه التشكيلات المسلحة وهذا التوجه الديني».

أمينة الحاسية في لقاء سابق مع سيتفاني ويليامز (الشرق الأوسط)

ووسط تباين مجتمعي، يراه كثيرون أنه سيتفاعل في قادم الأيام كلما تعددت حالات التضييق على «المتبرجات»، قالت المحامية الليبية ثريا الطويبي، إن ما ذهب إليه الطرابلسي، «جاء مخالفاً للإعلان الدستوري، الذي نص على حماية الحقوق وصيانة الحريات». مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يعد لباس المرأة من الحقوق والحريات الشخصية، ما لم يكن فاضحاً أو خادشاً للحياء العام، وليس من اختصاص وزير الداخلية وضع القيود على لباس المرأة، أو تنقلها وسفرها للخارج».

المحامية الليبية ثريا الطويبي (الشرق الأوسط)

واتساقاً مع ذلك، تعتقد الحاسية أن ليبيا تعيش راهناً في فوضى، ومواجهة من تيار ديني يريد الهيمنة على زمام الأمور والقوانين ودسترة هذه المشكلات، لكنها قالت جازمة: «الليبيون والليبيات سيرفضون هذا الإلزام، إلا لو فرض عليهم بقوة السلاح».