زيادة كبيرة في أسعار «أنبوبة البوتاجاز» تفاقم الغلاء بمصر

وسط تخوفات من زيادات متوقعة في أسعار المطاعم والمخابز

مصريون يترقبون رفع أسعار بعض السلع والخدمات بعد زيادة سعر أنبوبة البوتاجاز (الشرق الأوسط)
مصريون يترقبون رفع أسعار بعض السلع والخدمات بعد زيادة سعر أنبوبة البوتاجاز (الشرق الأوسط)
TT

زيادة كبيرة في أسعار «أنبوبة البوتاجاز» تفاقم الغلاء بمصر

مصريون يترقبون رفع أسعار بعض السلع والخدمات بعد زيادة سعر أنبوبة البوتاجاز (الشرق الأوسط)
مصريون يترقبون رفع أسعار بعض السلع والخدمات بعد زيادة سعر أنبوبة البوتاجاز (الشرق الأوسط)

عمقت زيادة سعر «أنبوبة البوتاجاز» في مصر المخاوف بشأن أزمة الغلاء المتواصلة في البلاد، خصوصاً للسلع والخدمات التي تعتمد بشكل أساسي على «أنابيب البوتاجاز»، بعدما وصلت الزيادة الجديدة للأنبوبة إلى نحو 50 في المائة.

وقررت وزارة البترول والثروة المعدنية زيادة سعر «أنبوبة البوتاجاز» المنزلي من 100 إلى 150 جنيهاً، بدءاً من اليوم الأربعاء. ووفق وسائل إعلام محلية، فقد تقرر رفع سعر «أسطوانة البوتاجاز» التجاري (تستخدمها المطاعم والمحال التجارية والمقاهي) من 150 إلى 250 جنيهاً (الدولار الأميركي يساوي 48.50 جنيه بالبنوك المصرية).

كما نقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر في وزارة البترول، قولها إنه «تقرر أيضاً رفع سعر طن المازوت الذي يتم توريده لمحطات توليد وإنتاج الكهرباء من 2500 إلى 6500 جنيه، مع استمرار تثبيت السعر للمصانع، كما تمت زيادة سعر بيع الغاز السائل إلى 12 ألف جنيه للطن».

وأثار قرار زيادة «أنبوبة البوتاجاز» مخاوف المصريين من موجة غلاء جديدة تطال بعض السلع والمنتجات، وصعد هاشتاغ «#البوتاجاز_المنزلي» التريند المصري على «إكس» الأربعاء. وبينما اشتكى عدد من المتابعين من تأثير الزيادة الجديدة في سعر الأنبوبة على معيشتهم اليومية، تحدث آخرون عن زيادات متوقعة في أسعار المطاعم والمخابز.

كما لم تخل تعليقات المتابعين من الفكاهة بسبب رفع سعر الأنبوبة.

ويرى الخبير الاقتصادي المصري، الدكتور وائل النحاس، أن «القرار سيتسبب بالفعل في موجة غلاء جديدة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «رفع سعر أنبوبة البوتاجاز المنزلية سيضيف أعباء جديدة على تكلفة المعيشة اليومية لقطاعات واسعة من المصريين، كما سيؤدي إلى زيادة أسعار العديد من السلع».

ووفق النحاس فإن «المطاعم والمقاهي التي تستخدم أنابيب البوتاجاز سترفع سعر منتجاتها، مثل الفول والطعمية والمشروبات، وكذلك مصانع الأسمدة والسيارات التي تعمل بالغاز، كما سيرتفع رغيف الخبز السياحي»، موضحاً أن سبب رفع سعر الأنابيب يعود إلى «ارتفاع تكلفة استيراد الغاز نتيجة انخفاض قيمة الجنيه، رغم أن السعر العالمي للغاز لم يرتفع».

مواطنون مصريون يشتكون من تأثير الزيادة الجديدة في سعر الأنبوبة على معيشتهم اليومية (الشرق الأوسط)

وفي أغسطس (آب) الماضي، رفعت الحكومة المصرية أسعار الكهرباء بنسب وصلت إلى 40 في المائة، وذلك بعد أيام من زيادة سعر الوقود (بنزين وسولار)، صاحبها تطبيق زيادات جديدة على أسعار تذاكر مترو الأنفاق وقطارات السكك الحديدية، بنسب تراوحت ما بين 25 و33 في المائة.

وتعاني مصر موجة غلاء أدت إلى زيادات متتالية في أسعار الخدمات والسلع الأساسية، وشهدت الأسابيع الماضية شكاوى من ارتفاع أسعار العديد من المنتجات، وعلى رأسها البيض، والطماطم، والبطاطس.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، عبر «إكس»، الأربعاء، إن «الحكومة تقرر رفع أسعار أسطوانة البوتاجاز للأفراد، وكذا أسعار الأسطوانة للتجاري»، وجاء هذا القرار ضمن خطة «ترشيد دعم المنتجات البترولية والغاز الطبيعي».

وتسعى الحكومة المصرية إلى مواجهة ارتفاع أسعار السلع الأساسية عبر توسيع مظلة الحماية الاجتماعية لمحدودي الدخل، وتوفير هذه المنتجات من خلال منافذ التوزيع الرسمية بأسعار مخفضة، وأيضاً إطلاق مبادرات متنوعة مع المنتجين والتجار لتخفيض الأسعار.

وأطلقت وزارتا الزراعة والتموين، الأربعاء، مبادرة مشتركة لضبط أسعار بيض المائدة، بالتعاون مع اتحاد منتجي الدواجن، وفق بيان صحافي مشترك.

من جهته، حذر عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب عاطف المغاوري، من المخاطر الاجتماعية لاستمرار موجات الغلاء المتتابعة. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «أنابيب البوتاجاز المنزلية يستخدمها سكان المناطق التي لم يصلها الغاز الطبيعي، ومعظمها أحياء شعبية فقيرة، وقرى في الريف، مما يعني أن هذه الأسر لا يمكنها تحمل المزيد من الأعباء المالية وسط هذا الغلاء».


مقالات ذات صلة

تفاعل مصري مع بكاء السيسي خلال لقائه قادة القوات المسلحة

شمال افريقيا السيسي أكد أن المنطقة تمر بظروف صعبة ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة (الرئاسة المصرية)

تفاعل مصري مع بكاء السيسي خلال لقائه قادة القوات المسلحة

تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع لحظات بكاء وتأثر للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه، الخميس، مع قادة القوات المسلحة المصرية.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)

مصر للحد من «فوضى» الاعتداء على الطواقم الطبية

تسعى الحكومة المصرية للحد من «فوضى» الاعتداءات على الطواقم الطبية بالمستشفيات، عبر إقرار قانون «تنظيم المسؤولية الطبية وحماية المريض».

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا مشاركون في ندوة جامعة أسيوط عن «الهجرة غير المشروعة» تحدثوا عن «البدائل الآمنة» (المحافظة)

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

تشير الحكومة المصرية بشكل متكرر إلى «استمرار جهود مواجهة الهجرة غير المشروعة، وذلك بهدف توفير حياة آمنة للمواطنين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
خاص عدد كبير من المصريين يفضل المأكولات السورية (الشرق الأوسط)

خاص كيف أرضى السوريون ذائقة المصريين... وأثاروا قلقهم

تسبب الوجود السوري المتنامي بمصر في إطلاق حملات على مواقع التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر تنتقد مشروعاتهم الاستثمارية.

فتحية الدخاخني (القاهرة )

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)
علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)
TT

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)
علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

مع اقتراب دفع المحكمة الجنائية الدولية بـ«المرافعات» الختامية في قضية السوداني علي عبد الرحمن، الشهير بـ«علي كوشيب»، المتهم بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم بدارفور، وصف الدفاع المتهم كوشيب بأنه «كبش فداء» قدّمته الحكومة السودانية للتغطية على المتهمين الرئيسيين، وهم: الرئيس المخلوع عمر البشير، ووزيرا «الدفاع» وقتها عبد الرحيم محمد حسين، و«الداخلية» أحمد هارون.

وقالت المحكمة الجنائية، في «ورشة عمل» عقدتها للصحافيين السودانيين في العاصمة الكينية كمبالا، الجمعة، إن المحكمة قررت تقديم المرافعات الختامية في قضية المدعي العام ضد علي محمد علي عبد الرحمن، الشهير بـ«علي كوشيب»، في الفترة من 11 إلى 13 ديسمبر (كانون الأول) 2024، بمقر المحكمة في مدينة لاهاي الهولندية.

ويواجه عبد الرحمن 31 تهمة تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يُزعم أنها ارتُكبت في إقليم بدارفور السودان، خلال الفترة بين أغسطس (آب) 2003، وأبريل (نيسان) 2004، بمناطق مكجر وبندسي ودليج وكدوم بوسط دارفور.

مطالب بتسليم البشير وهارون

وقال المستشار بمكتب المدعي العام داهيرو سان آنا، عبر تقنية مؤتمر فيديو من لاهاي، إن مكتبه يحقق في أحداث دارفور الناجمة عن الحرب الحالية، وإنه كلف فريقاً يقوم بجمع المعلومات في دارفور يتعلق بالقضايا الجديدة، في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، يتحدث الناس أنها تحدث في الإقليم المضطرب، وبنهاية التحقيقات سيجري تقديم طلبات لقضاة المحكمة لتوجيه اتهامات.

عمر البشير خلال محاكمته بالفساد يونيو 2019 (رويترز)

وأوضح أن المتهمين الرئيسيين؛ الرئيس السابق عمر البشير، ووزير دفاعه وقتها عبد الرحيم محمد حسين، ووزير داخليته أحمد محمد هارون، لا يزالون دخل السودان. وأضاف: «وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي، يجب تسليمهم للمحكمة، وهو التزام لا يزال قائماً». وتابع أن انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 الذي قاده الجيش صعب الأوضاع المتعلقة بتسليم المتهمين.

وقال داهيرو إن تسليم المتهمين يقع على حكومة السودان التي تَعلم مكان المتهمين. وتابع: «سألناهم، العام الماضي، ولم يعطونا معلومات، وقالوا إنهم يحققون في مكان وجود أحمد هارون». واستطرد: «التحقيقات مع كوشيب أشارت إلى ضلوع هارون في كل الجرائم المرتكبة بواسطة كوشيب، وطالبنا بتسليمه ليحاكَم الرجلان معاً، لكن هذا لم يحدث».

وعادت قضية تسليم أحمد محمد هارون إلى الواجهة مجدداً، بعد تصاعد الصراعات داخل حزب البشير «المؤتمر الوطني»، وانتخاب الرجل رئيساً للحزب، رغم التهم الموجهة له من قِبل المحكمة الجنائية الدولية، والاتهامات التي يواجهها في القضاء المحلي.

مئات الأشخاص يفرون يومياً من دارفور إلى مخيم أدري الحدودي في تشاد هرباً من الحرب (رويترز)

وبإطاحة حكم الرئيس عمر البشير، يواجه الرجال الثلاثة المحاكمة باتهامات تتعلق بتدبير انقلاب 1989، تصل عقوبتها للإعدام. وعقب اندلاع الحرب، في 15 أبريل، خرج هارون ومتهمون آخرون من السجن، ولا يعلم مكان وجودهم، بينما لا تزال السلطات تقول إن البشير وحسين لا يزالان قيد الحبس، دون أن تكشف عن مكان حبسهما.

اتهامات لحكومة السودان

بدوره، قال المتحدث باسم المحكمة، فادي العبد الله، إن المحكمة لا تستطيع توسيع نطاق اختصاصها إزاء الجرائم التي يزعم أن قوات «الدعم السريع» ترتكبها في مناطق جديدة من السودان؛ لأن السودان ليس عضواً في ميثاق روما المكون للمحكمة الجنائية الدولية، وأن اختصاصها يقتصر على قرار مجلس الأمن 1593 الصادر في 2005، الذي أحال الوضع في دافور للمحكمة.

واتهم محامي المتهم سيريل لاوشي، في إفادته، للصحافيين، «حكومة السودان» بأنها قدمت كوشيب «كبش فداء» للتستر على المتهمين الرئيسيين. وقال: «جاء ممثل السودان، وقال: خذوه وحاكموه، فهذا هو الشخص الذي يجب أن تجري محاكمته، على الرغم من وجود المتهمين الرئيسيين؛ عمر البشير ومساعديْه وزيري الدفاع والداخلية».

وأرجع محامي كوشيب تأخير إجراءات المحاكمة إلى عدم مثول المتهمين الآخرين، وأضاف: «كان يمكن أن تسير الإجراءات بشكل يحقق العدالة، بحضور المتهمين». وأقر المحامي لاوشي بوقوع الجرائم موضوع المحاكمة، وطالب بجبر ضرر الضحايا، بقوله: «للمجني عليهم الحق في جبر الضرر، بغض النظر عن إدانة كوشيب أو تبرئته، وحق الضحايا لن يتأثر بكونه مجرماً أو غير مجرم».

صورة من الدمار الذي خلّفه القتال في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أرشيفية - أ.ف.ب)

ووفقاً للمتحدثين باسم محكمة لاهاي، فإن مكتب المدعي العام والممثلين القانونيين للضحايا، وهيئة الدفاع سيدلون بمرافعاتهم الختامية، في الوقت المحدد، أمام الدائرة الابتدائية الأولى المكونة من القاضية جوانا كورنر «قاضية رئيسة»، والقاضيتين راين ألابيني غانسو وألتيا فيوليت أليكسيس.

وبدأت محاكمة كوشيب أمام الدائرة الابتدائية الأولى، في 5 أبريل 2022، على أثر تسليمه نفسه للمحكمة في يونيو (حزيران) 2020، واستجوبت المحكمة، خلال التقاضي، 56 شاهداً، وقفلت قضية الادعاء في 5 يونيو 2023، وينتظر أن تستمع المحكمة إلى مرافعتَي الاتهام والدفاع الختاميتين، قبل اتخاذ قرار بشأن الرجل المحبوس لدى المحكمة في لاهاي.