هجوم على وزير النقل المصري بسبب «قطار الزقازيق»

قلّل من أعداد المصابين... وحمّل «الخطأ البشري» مسؤولية الحادث

آثار حطام تصادم القطارين (محافظة الشرقية)
آثار حطام تصادم القطارين (محافظة الشرقية)
TT

هجوم على وزير النقل المصري بسبب «قطار الزقازيق»

آثار حطام تصادم القطارين (محافظة الشرقية)
آثار حطام تصادم القطارين (محافظة الشرقية)

تعرّض نائب رئيس الوزراء المصري، وزير الصناعة والنقل، كامل الوزير، لـ«هجوم»، الأحد، على خلفية تصريحات متلفزة، أدلى بها خلال وجوده في موقع حادث تصادم قطارين بمدينة الزقازيق في محافظة الشرقية (دلتا مصر)، مساء السبت.

تصريحات الوزير نقلتها قناة «إكسترا نيوز» الفضائية بعد وقت قليل من الحادث، حيث قلّل الوزير المصري من أعداد المصابين، كما استبق التحقيقات في الحادث، وحمّل «العنصر البشري» المسؤولية، فضلاً عن الإسهاب في الحديث عن تطوير منظومة السكة الحديد، وتقليل الاعتماد على العنصر البشري.

وبينما تحدّث الوزير عن أن وصول سيارات الإسعاف بأعداد كبيرة لموقع الحادث جعل المصريين يشعرون بأن الحادث ضخم، رأى بعض المتابعين على «السوشيال ميديا» أن الوزير المصري «حاول أن يقلِّل من الحادث الذي يُعدّ الأول من نوعه منذ سنوات».

وفي عام 2019 تسبّب حادث قطار بمحطة مصر في حريق بالمحطة الرئيسية بميدان رمسيس (وسط القاهرة)، ومقتل 22 شخصاً، ما دعا وزير النقل حينها هشام عرفات إلى تقديم استقالته.

مواطنون مصريون يساعدون في إخراج المصابين (محافظة الشرقية)

وتصدّر اسم كامل الوزير منصة «إكس» في مصر، الأحد، وواجه الوزير اتهامات وتعليقات كثيرة من المتابعين، حيث تحدّث بعضهم عن أنه «على الرغم من التطوير الذي تتحدث عنه وزارة النقل في المحطات والقطارات ونُظُم الإشارة والعنصر البشري، فإن الحادث وقع»، بينما انتقد آخرون «تعامُل وزارة النقل مع الحادث».

وتشير وزارة النقل المصرية إلى أنها تنفّذ خطة لتطوير منظومة السكك الحديدية، تعتمد على 5 محاور رئيسية، تشمل: «تطوير الوحدات المتحركة، والبنية الأساسية، ونُظُم الإشارات، والورش الإنتاجية، وتنمية العنصر البشري، وذلك بهدف رفع طاقة النقل، وتعظيم نقل الركاب والبضائع على خطوط الشبكة».

وحسب بيانات وزارة الصحة المصرية، الأحد، فإن «عدد المصابين في الحادث بلغ 50 مصاباً، تلقَّوا جميعهم العلاج وغادروا المستشفيات، فيما يتبقى 8 مصابين ما زالوا يتلقون العلاج ببعض المستشفيات، فضلاً عن وفاة 4 أشخاص».

وعَدّ الخبير بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن تصريحات وزير النقل «غير موفَّقة، ولا تتناسب مع الحادث»، خصوصاً أنه لم يتحدث عن تحركات سريعة لتعويض المصابين، بالإضافة إلى أن «تسجيل 3 وفيات فور وقوع الحادث ليس عدداً يُستهان به، فهناك خسائر بشرية في الأرواح، وخسائر مادية كبيرة نتيجة الحادث».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الخسائر وإن كانت أقلَّ مقارنةً بالحوادث السابقة المماثلة، فإن هذا الأمر لا يعطي مبرّراً للتقليل من الحادث الذي كان يمكن أن تكون خسائره أكبر بكثير، مشيراً إلى أن وزير النقل لم يعلن عن تعويضات مالية مناسبة من هيئة السكك الحديدية بوصفها المسؤولة عن الحادث.

الموقع الذي شهد تصادم القطارين (محافظة الشرقية)

ويستخدم القطارات في مصر نحو مليون ونصف مليون راكب يومياً، حسب البيانات الصادرة عن وزارة النقل، في وقت أعادت فيه الوزارة جدولة بعض القطارات على المسارات المختلفة؛ للحدّ من الحوادث، وزيادة فترات التقاطر، خلال الأعوام الماضية.

وقالت عضو «لجنة النقل» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائبة فريدة الشوباشي، إن تصريحات وزير النقل «لم تتناسب مع الواقعة»، مشيرةً إلى أن ما حدث «كارثة» تستوجب المحاسبة الشديدة للعاملين الذين تسبّبوا في وجود قطارَين على نفس الشريط، ما أدّى إلى التصادم.

ووفق تقارير إعلامية محلية، الأحد، فإن التحريات الأولية في الحادث تشير إلى «خطأ عامل التحويلة، ما تسبّب في وجود قطارين على نفس شريط السكة الحديد»، في حين تُواصِل النيابة المصرية التحقيقات مع المسؤولين بمحطة قطار الزقازيق.

في السياق ذاته، تحدثت الشوباشي عن أن عملية التطوير التي شهدتها القطارات ومحطات السكك الحديدية في مصر أخيراً ساهمت في الحد بشكل كبير من الحوادث التي كانت تقع، لكن في النهاية هناك «بعض العاملين لا يلتزمون بأداء المهام الموكلة إليهم بموجب وظائفهم، الأمر الذي يتطلب عقوبات صارمة».

ووفق بيانات «الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء» الصادرة في مارس (آذار) الماضي، فإن حوادث القطارات شهدت خلال 2023 انخفاضاً بنسبة 78.2 في المائة، مع تسجيل نحو 181 حادثة، في مقابل 831 حادثاً في 2022.

وزيرة التضامن المصري مايا مرسي خلال زيارة المصابين بأحد المستشفيات (مجلس الوزراء المصري)

وقرّرت النيابة المصرية، الأحد، تشكيل لجنتين في الحادث؛ الأولى من «المهندسين المختصين بالهيئة الهندسية للقوات المسلحة، والمكتب الاستشاري بالكلية الفنية العسكرية»، والثانية من «هيئة السكك الحديدية بالقاهرة، برئاسة أحد المهندسين الفنيين بمحطة مصر أو المسؤول عن الهندسة الفنية لمحطة مصر».

وحدّدت النيابة، وفق بيان رسمي، مهمة اللجنتين بـ«الانتقال لمكان الحادث لفحص القطارين؛ لبيان مدى صلاحيتهما، وصلاحية أجهزة التشغيل والسلامة الخاصة بهما، ومعاينة محل الواقعة؛ لبيان أسباب وكيفية وقوع الحادث، والمتسبّب في ذلك، وبيان مدى اتباع المسؤولين عنهما للتعليمات واللوائح المنظِّمة للتشغيل من عدمه، مع تحديد أوجه المخالفات المنسوبة لهم وطبيعتها، وسند مسؤوليتهم».

وهنا أشارت عضو «لجنة النقل» بالبرلمان إلى ضرورة عدم استباق التحقيقات، وما ستُسفر عنه من نتائج حول تحديد المسؤوليات، لافتةً إلى أن «التحرك السريع من الجهات المعنية يعكس الحرص على كشف الحقائق وإعلانها للرأي العام».

كما أكّد الخبير بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، أنه «كان على وزير النقل خلال زيارته لموقع الحادث، أن يكون أكثر وضوحاً فيما يتعلق بما سيتم اتخاذه من إجراءات، والمدى الزمني للتحقيقات التي ستجريها وزارة النقل»، لكنه ركّز فقط على «التقليل من طبيعة الحادث برغم ضخامته».


مقالات ذات صلة

وزير الدفاع المصري يتفقَّد قاعدة «محمد نجيب» وسط توترات إقليمية

العالم العربي وزير الدفاع المصري يشارك مقاتلي المنطقة الشمالية العسكرية تناول وجبة الغداء (المتحدث العسكري)

وزير الدفاع المصري يتفقَّد قاعدة «محمد نجيب» وسط توترات إقليمية

تفقَّد وزير الدفاع المصري الفريق أول عبد المجيد صقر، قاعدة «محمد نجيب» العسكرية شمال البلاد، مؤكداً أهمية القاعدة كـ«قوة ردع على الاتجاه الاستراتيجي الشمالي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وصول المساعدات المصرية إلى ميناء بورسودان الأحد (المتحدث العسكري المصري)

مصر تدفع بمزيد من المساعدات الإنسانية إلى السودان

دفعت مصر بمزيد من المساعدات الإنسانية إلى السودان. ووصلت إلى ميناء بورسودان، الأحد، سفينة الإمداد «أبو سمبل 2» التابعة للقوات البحرية المصرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا سكان ومنقذون أمام الموقع الذي شهد حادث القطار في الزقازيق بمصر (إ.ب.أ)

3 قتلى و49 مصاباً في تصادم قطاري ركاب بمصر

شهدت مدينة الزقازيق، التابعة لمحافظة الشرقية بدلتا مصر، اصطدام قطارين، مساء السبت، وهو الحادث الذي أسفر عن وفيات وجرحى.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في «أحداث عنف» بمصر (أ.ف.ب)

مقترح «إخواني» جديد بترك العمل السياسي

جدد تنظيم «الإخوان» الذي تصنّفه القاهرة «إرهابياً» طرح فكرة التخلي عن العمل السياسي، والتركيز على العمل الدعوي.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا توافقت مصر وإريتريا على أهمية الحفاظ على وحدة الصومال وسيادته على كامل أراضيه (الخارجية المصرية على «فيسبوك»)

مصر تعمق حضورها في القرن الأفريقي على خلفية التوترات مع إثيوبيا

زار رئيس المخابرات العامة المصرية، اللواء عباس كامل، ووزير الخارجية والهجرة المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، السبت، العاصمة الإريترية أسمرة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)

سوء طقس الصيف «يراوغ» ليبيا... وجنوبها الأكثر تضرراً

سوء طقس الصيف «يراوغ» ليبيا... وجنوبها الأكثر تضرراً
TT

سوء طقس الصيف «يراوغ» ليبيا... وجنوبها الأكثر تضرراً

سوء طقس الصيف «يراوغ» ليبيا... وجنوبها الأكثر تضرراً

تداهم موجات من الطقس السيئ ليبيا منذ بدايات أشهر الصيف، مخلفة آثاراً تدميرية بفعل الأمطار الغزيرة والسيول التي توصف بأنها «غير مسبوقة»، خصوصاً على مدن الجنوب.

الأمطار الغزيرة حاصرت بلدية غات أغسطس الماضي (بلدية غات)

وتعرضت مدينة سبها الموصوفة بـ«عروس الجنوب» الليبي، إلى طقس سيئ ليلة السبت/الأحد، أسفر عن وقوع قتيلين على الأقل و39 جريحاً، إضافة إلى تضرر عشرات المنازل، بسبب الأمطار الرعدية الغزيرة، ما اضطر «الجيش الوطني» إلى الدفع بقوات لإجلاء العالقين.

وأمام غرق مناطق عدة بالمدينة، عدّ عميد بلدية سبها بلحاج علي، الأوضاع هناك بأنها «كارثية»، وتحتاج إلى مساعدات عاجلة، في حين أظهرت بيانات «المركز الوطني للأرصاد» أن كمية الأمطار اللي هطلت على سبها بلغت 63 ملليمتراً، وقال إنها «غير معتادة وغير مسبوقة»، ما يتسبب في جريان الأودية.

وهذه «المراوغة» من الطقس المتقلب تعمق من جراح سكان الجنوب، بالنظر إلى افتقادهم للبنية التحية التي تُساعد على مواجهة الأمطار والسيول. وشهدت مناطق في شمال غربي وجنوب ليبيا عدة موجات، تسببت في خسائر مادية واسعة خلال الشهر الماضي.

نقل أحد الليبيين المصابين من الأمطار إلى مركز سبها الطبي (المركز)

وقالت «وكالة الأنباء الليبية»، التابعة لحكومة «الاستقرار»، الأحد، إن إدارة مطار سبها الدولي أعلنت تعليق الرحلات من وإلى المطار بسبب الأضرار الناجمة عن الأمطار الغزيرة، منوهة بأن المياه غمرت صالة الركاب، وأنها تجري معاينة لحجم الأضرار لاستئناف الرحلات بشكل طبيعي.

ونقلت قناة «ليبيا الحدث» الموالية لسلطات شرق ليبيا، أن الطريق الرابط بين العوينات وأوباري «انهار، وخرج عن الخدمة» بسبب السيول الجارفة.

واستجابة لسكان سبها وضواحيها، دفع «الجيش الوطني» بوحدات مسلحة للمساعدة في عمليات فتح المسارات، وتأمين خروج العالقين في الأحياء السكنية التي تعرضت لارتفاع منسوب المياه.

جانب من السيول التي أغرقت مناطق بجنوب غربي ليبيا منتصف أغسطس الماضي (بلدية تهالا)

وقالت الحكومة المُكلفة من مجلس النواب، التي تبسط سيطرتها على مدن بالجنوب، إن رئيسها أسامة حماد، وجّه وزراء الداخلية والصحة والموارد المائية والكهرباء، «بسرعة التعامل مع الأزمة» في سبها وضواحيها جراء ازدياد هطول الأمطار التي تسببت في «سيول وفيضانات وانقطاع الكهرباء وسقوط عدد من الضحايا بين وفيات وإصابات».

وأهابت الحكومة في بيان بالمواطنين توخي الحذر عند التنقل بين المدن والمناطق في الجنوب، خصوصاً المحاذية للأودية ومناطق جريان السيول، منوهة بأن التوقعات تشير إلى استمرار «سوء الأحوال الجوية، وهطول كميات كبيرة من الأمطار».

وقال نائب رئيس الحكومة، سالم الزادمة، إنه ناقش هاتفياً مع النائب الثاني لرئيس مجلس النواب، مصباح دومة، الأوضاع الخدمية بمدينة سبها عقب هطول الأمطار الغزيرة، وارتفاع منسوب المياه بعدد من أحيائها، مشيراً إلى أنها خلفت أضراراً في الممتلكات والأرواح.

ونوه الزادمة إلى أنه تابع التنسيق بشأن وصول المساعدات العاجلة والإمدادات والاحتياجات التشغيلية والدعم اللوجستي، لمواجهة آثار الأضرار على الممتلكات العامة والخاصة بسبها.

وقال المجلس البلدي في سبها، إن الأمطار تسببت في وفاة شخصين، وجرح 39 آخرين، حتى مساء الأحد، مشيراً إلى انهيار نحو 150 منزلاً جراء الأمطار والسيول. وفيما أشار إلى أن «فرق الطوارئ والقوات المسلحة وأفراد الأمن يسهمون في إنقاذ العائلات العالقة»، أهاب بالمواطنين كافة «التواصل مع فرق الطوارئ والالتزام بتعليمات السلامة».

وأوصى المجلس المواطنين غير المتضررين بالبقاء في منازلهم «تجنباً للمخاطر المرتبطة بالأمطار الغزيرة والرياح»، مشدداً على ضرورة «تجنب المناطق المعرضة للغرق» والابتعاد عن أسلاك الكهرباء، والتوقف عن قيادة السيارات خوفاً من الانزلاق.

ووجّه عميد بلدية سبها الأجهزة المحلية المعنية، بحصر الأضرار الناجمة عن هطول الأمطار بأحياء المدينة. في وقت واصلت فرق الإنقاذ إخلاء المنازل الآيلة للسقوط، إضافة إلى توفير ممرات آمنة للعائلات، ومساكن لهم.

أمطار غزيرة وصلت إلى حد تكوين سيول جارفة ضربت مناطق عدة في شمال غربي ليبيا نهاية أغسطس الماضي (مديرية أمن طرابلس)

وتشهد ليبيا تقلبات جوية سيئة من وقت إلى آخر. وتكررت هذه الأجواء المتقلبة 3 مرات خلال أغسطس (آب) الماضي، عندما ضربت سيول مدينة الكفرة بجنوب شرق ليبيا، وبعدها تعرضت عدة مدن بالجنوب الغربي إلى أمطار غزيرة، من بينها غات وتهالا والعوينات والبركت وتينكاوية، ما تسبب في أضرار متفاوتة.