الصومال يُصعد ضد إثيوبيا... ويعزز علاقاته مع مصر

مقديشو أكدت رفضها الاستمرار في التفاوض مع أديس أبابا

وزير الخارجية الصومالي خلال رئاسته الاجتماع الوزاري العربي حول الصومال بالجامعة العربية (الخارجية الصومالية)
وزير الخارجية الصومالي خلال رئاسته الاجتماع الوزاري العربي حول الصومال بالجامعة العربية (الخارجية الصومالية)
TT

الصومال يُصعد ضد إثيوبيا... ويعزز علاقاته مع مصر

وزير الخارجية الصومالي خلال رئاسته الاجتماع الوزاري العربي حول الصومال بالجامعة العربية (الخارجية الصومالية)
وزير الخارجية الصومالي خلال رئاسته الاجتماع الوزاري العربي حول الصومال بالجامعة العربية (الخارجية الصومالية)

صعّد الصومال من موقفه تجاه تحركات الحكومة الإثيوبية داخل أراضيه، معلناً رفضه الاستمرار في التفاوض مع أديس أبابا بشأن «الاتفاق» الذي وقعته الأخيرة مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، في حين أكد الصومال «سعيه لرفع مستوى العلاقات مع مصر لأعلى المستويات الممكنة».

وحذر خبراء من خطورة «التحركات الإثيوبية الداخلية بأرض الصومال أخيراً». ويرى الخبراء أنها «تزيد إرباك المشهد الأمني بمنطقة القرن الأفريقي، خصوصاً بعد قيام أديس أبابا بالسيطرة على بعض المطارات في الجنوب الصومالي».

وتدهورت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا، إثر توقيع أديس أبابا اتفاقية مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي في بداية العام الحالي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، وسط رفض من دول الجامعة العربية، على رأسها مصر.

وفي لهجة تصعيدية، قال وزير الخارجية الصومالي، أحمد معلم فقي، إن بلاده «ترفض الاستمرار في التفاوض مع إثيوبيا، بشأن الاتفاقية التي وقعتها أديس أبابا مع (إقليم أرض الصومال)». وأضاف في تصريحات صحافية، مساء الجمعة، أن «الوساطة التركية، تأمل في تحقيق اختراق في جولة المفاوضات القادمة»، غير أنه قال: «إذا فشلت الجولة المقبلة سيتخذ الصومال قراراً بعدم إضاعة مزيد من الوقت في المسار التفاوضي».

واستضافت العاصمة التركية أنقرة، أغسطس (آب) الماضي، جولة ثانية من مشاورات الوساطة بين الصومال وإثيوبيا، لإنهاء الخلاف بين البلدين. وانتهت المحادثات دون التوصل إلى اتفاق، بعد مفاوضات غير مباشرة مع وزيري خارجية البلدين.

وزير خارجية الصومال خلال مشاركته في اجتماع وزراء الخارجية العرب بالقاهرة (الخارجية الصومالية)

وطالب فقي بـ«ضرورة مغادرة القوات الإثيوبية المشاركة في قوات حفظ السلام الأفريقية، الأراضي الصومالية، بنهاية تفويضها هذا العام». وقال إن «بقاءها سيكون احتلالاً عسكرياً سنتعامل معه بكل الإمكانات المتاحة»، مشيراً إلى أن «أديس أبابا لا تسعى للحصول على موانئ بحرية فقط، لكن تريد السيطرة على الأراضي الصومالية وضمها لسيادتها». وهدد بقيام بلاده «بالتنسيق مع الجبهات الانفصالية المسلحة في إثيوبيا، بوصفه خياراً لها، حال استمرار النهج العدواني للحكومة الإثيوبية وتدخلها في شؤون بلاده».

في سياق آخر، تحدث وزير الخارجية الصومالي عن اتجاه بلاده إلى «رفع مستوى العلاقات مع مصر إلى أعلى المستويات الممكنة في كل الأصعدة». واستشهد على ذلك بـ«وجود 5 آلاف طالب صومالي يدرسون في الجامعات المصرية»، مشيراً إلى أن «القاهرة مستعدة لتوفير مزيد من المنح الدراسية الجديدة»، نافياً في الوقت نفسه «مزاعم نقل صراع سد النهضة للصومال».

وتشهد العلاقات المصرية - الصومالية تطوراً في الفترة الحالية، وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال مباحثات في القاهرة مع نظيره الصومالي حسن شيخ محمود، الشهر الماضي، «موقف مصر الداعم لوحدة وسيادة الصومال على أراضيه، والرافض لأي تدخل في شؤونه الداخلية». وشهد الرئيسان وقتها التوقيع على «بروتوكول التعاون العسكري بين البلدين».

ويرى أستاذ العلاقات الدولية الصومالي، حسن شيخ علي، أن «رسالة الصومال واضحة، بعدم الانخراط في التفاوض مع إثيوبيا، طالما أن الأخيرة ترفض الاعتراف بسيادة ووحدة الأراضي الصومالية»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «أديس أبابا تتمسك بالتدخل المباشر في الشأن الصومالي الداخلي بالمخالفة للقانون الدولي».

وعدّ شيخ علي أن «التقارب المصري - الصومالي حتمي واستراتيجي»، مشيراً إلى أنه «لا يجب أن تغيب القاهرة عن مقديشو، حماية لمصالحها الاستراتيجية».

وأعلنت الصومال، نهاية أغسطس الماضي، «وصول معدات وفود عسكرية مصرية للعاصمة مقديشو، في إطار مشاركة مصر بقوات حفظ السلام»، وهو ما عارضته إثيوبيا، حيث قالت الخارجية الإثيوبية، إنها «تشكل مخاطر على المنطقة». وأشارت إلى أنها «لن تقف مكتوفة الأيدي».

من جهته، حذر خبير الشؤون الأفريقية بمصر، رمضان قرني، من تأثير التصعيد الصومالي الإثيوبي بالمنطقة، مشيراً إلى أن «التحركات الإثيوبية داخل الصومال، تزيد من إرباك المشهد الأمني بمنطقة القرن الأفريقي». وقال إن «أديس أبابا سعت للتحايل على الرفض الصومالي بوجود قوات إثيوبيا ضمن بعثة حفظ السلام الأفريقية، باحتلال بعض المطارات في الجنوب الصومالي، مع تأليب الداخل الصومالي ضد الاتفاق العسكري بين القاهرة ومقديشو الأخير».

ولا يتوقع قرني نجاح التحركات الإثيوبية على الصعيد العسكري، مشيراً إلى أن «الصومال لديه اتفاقيات دفاعية مع عدد من القوى الإقليمية والدولية، مثل مصر وتركيا وإيطاليا والولايات المتحدة الأميركية»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه الدول لن تسمح بأي تأثير على السيادة الصومالية»، عاداً أن تهديد الصومال بالتنسيق مع الأقاليم الإثيوبية الانفصالية «أمر غير مستبعد، في ضوء التداخل العرقي والإثني بين البلدين، وارتباط الصومال ببعض الأقاليم والأعراق الإثيوبية، مثل جبهتي تحرير أمهرة وأرومو».

وفي تصعيد للتوتر بالداخل الصومالي، قررت حكومة أرض الصومال أخيراً «إغلاق المكتبة الثقافية المصرية». وقال وزير خارجية الإقليم، عيسى كايد، إن «الإغلاق جاء بسبب مخاوف أمنية خطيرة، وأنه تم إخطار جميع الموظفين، بمغادرة بلاده خلال 72 ساعة». وتحدث في الوقت نفسه عن اقتراب «الاتفاق القانوني بين حكومته وإثيوبيا».


مقالات ذات صلة

مصر تواصل البحث عن 7 مفقودين في حادث «مركب البحر الأحمر»

شمال افريقيا أحد السائحين الناجين في حادث غرق المركب السياحي «سي ستوري» خلال إنقاذه (المتحدث العسكري للقوات المسلحة المصرية)

مصر تواصل البحث عن 7 مفقودين في حادث «مركب البحر الأحمر»

لليوم الثالث على التوالي، تواصلت عمليات البحث والإنقاذ عن 7 مفقودين في حادث غرق المركب السياحي «سي ستوري»، قبالة سواحل مدينة مرسى علم بمحافظة البحر الأحمر.

محمد عجم (القاهرة)
العالم العربي خلال لقاء سابق بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خلال قمة في القاهرة 27 ديسمبر 2023 (رويترز)

الرئيس المصري وملك الأردن يؤكدان ضرورة الوقف الفوري للحرب على غزة

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، اليوم الأربعاء، ضرورة الوقف الفوري للحرب الإسرائيلية على غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا عبد المجيد صقر القائد العام للقوات المسلحة المصرية وزير الدفاع والإنتاج الحربي (متداولة)

قائد الجيش المصري يتفقد جاهزية الوحدات العسكرية «المخطط إشراكها بإحدى مهام الاتحاد الأفريقي»

قال بيان للمتحدث العسكري باسم القوات المسلحة المصرية، إن قائد الجيش المصري تفقد جاهزية الوحدات العسكرية «المخطط إشراكها بإحدى مهام الاتحاد الأفريقي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا رجل يُلوح بعلم لبنان في مدينة صيدا في حين يتجه النازحون إلى منازلهم بعد سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

مصر ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

أفاد بيان لوزارة الخارجية المصرية، الأربعاء، بأن القاهرة تُرحب بوقف إطلاق النار في لبنان، مشيرة إلى أنه «سيسهم في بدء مرحلة خفض التصعيد بالمنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق الفعاليات تنوّعت ما بين مختلف الثقافات المصرية (الشرق الأوسط)

الثقافات المصرية تحصد تفاعلاً في «حديقة السويدي» بالرياض

شهدت فعاليات «أيام مصر» في «حديقة السويدي» بالعاصمة السعودية الرياض، حضوراً واسعاً وتفاعلاً من المقيمين المصريين في السعودية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«الجامعة العربية» لتنسيق جهود حماية النساء في مناطق النزاع

صورة جماعية للمشاركين في المؤتمر الوزاري حول «المرأة والأمن والسلم»  (جامعة الدول العربية)
صورة جماعية للمشاركين في المؤتمر الوزاري حول «المرأة والأمن والسلم» (جامعة الدول العربية)
TT

«الجامعة العربية» لتنسيق جهود حماية النساء في مناطق النزاع

صورة جماعية للمشاركين في المؤتمر الوزاري حول «المرأة والأمن والسلم»  (جامعة الدول العربية)
صورة جماعية للمشاركين في المؤتمر الوزاري حول «المرأة والأمن والسلم» (جامعة الدول العربية)

أكدت جامعة الدول العربية، الأربعاء، سعيها لتنسيق جهود حماية النساء في مناطق النزاعات، وطالبت خلال المؤتمر الوزاري الرابع «رفيع المستوى» حول «المرأة والسلم والأمن»، المجتمع الدولي بدمج اللاجئات والنازحات اقتصادياً في مجتمعاتهن.

ويعقد المؤتمر بمقر جامعة الدول العربية بالقاهرة، على مدار يومين، تحت عنوان «تعزيز الحماية والاستجابة الشاملة لاحتياجات النساء في مناطق النزاع: النساء يواجهن الحروب»، بشراكة مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة.

جامعة الدول العربية أكدت سعيها لتنسيق جهود حماية النساء في مناطق النزاعات (أ.ف.ب)

وقالت الأمينة العامة المساعدة لجامعة الدول العربية، السفيرة هيفاء أبو غزالة، إن الجامعة «وجدت أن هناك حاجة ملحة لعقد المؤتمر بهدف تجديد مسؤوليتنا المشتركة، وتنسيق الجهود الإقليمية والدولية لتعزيز الحماية، والاستجابة الشاملة لاحتياجات النساء في مناطق النزاع، لا سيما مع تصاعد الأزمات بشكل ملحوظ، وما ترتب عليها من خسائر هائلة في الأرواح، وموجات كبيرة من النزوح واللجوء».

ولفتت السفيرة هيفاء أبو غزالة، في كلمتها خلال المؤتمر، إلى «جهود جامعة الدول العربية للدفع بعجلة تنفيذ أجندة المرأة والسلم والأمن، وقرار مجلس الأمن 1325 وفق نهج شمولي يتماشى مع أولويات المنطقة»، مشيرة إلى مبادرات عدة، وعلى رأسها تأسيس «لجنة الطوارئ لحماية النساء أثناء النزاعات المسلحة»، و«الشبكة العربية للنساء وسيطات السلام»، وتحديث «الاستراتيجية الإقليمية حول المرأة العربية والأمن والسلام».

جاء انعقاد المؤتمر تزامناً مع الذكرى الخامسة والعشرين لاعتماد قرار مجلس الأمن رقم 1325، الذي يشدد على دور المرأة في تحقيق السلام والأمن. وناقش المؤتمر خلال اليوم الأول «تأثير النزاعات المسلحة والأزمات الإنسانية على النساء والفتيات في المنطقة العربية».

السفيرة هيفاء أبو غزالة (جامعة الدول العربية)

وأشارت السفيرة هيفاء أبو غزالة، التي ترأس قطاع الشؤون الاجتماعية بالجامعة العربية، إلى أن المؤتمر يعقد «في ظل ظروف عصيبة تشهد فيها المنطقة العربية حروباً ونزاعات، ارتفعت ضراوتها وحدتها، خاصة في غزة ولبنان». وقالت بهذا الخصوص: «مرّ أكثر من عام على مأساة غزة... عام من القتل والتدمير والتهجير القسري والإبادة الجماعية... عام هُدرت فيه كرامة المرأة الفلسطينية وانتُهكت حقوقها، فهي تتحمل بمفردها وطأة ويلات هذه الحرب وتداعياتها، من قهر وعنف، وظروف كارثية».

وأضافت السفيرة هيفاء أبو غزالة أنه «وفقاً للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فقد قُتل في حرب غزة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023 نحو 44211 شخصاً، من بينهم 17492 طفلاً و11979 امرأة، وبلغ عدد المفقودين من النساء والأطفال 4700، والعدد لا يزال في ازدياد».

كما نبهت السفيرة هيفاء أبو غزالة إلى معاناة المرأة في لبنان والسودان واليمن، بسبب الصراعات والحروب. وقالت إن النساء «يتحمّلن العبء الأكبر في تلك الصراعات، ويدفعن ثمن استمرارها. وقد آن الأوان لتدخل حاسم من المجتمع الدولي لإنقاذ النساء وحمايتهن، وفقاً لقرار 1325، وأجندة المرأة والسلم والأمن»، مؤكدة أن أمن وسلام المرأة لن يتحقق «إلا إذا توقفت آلة الحرب».

عودة لبنانيات إلى مناطق النزاع جنوب لبنان بعد وقف النار (أ.ف.ب)

في سياق ذلك، جددت السفيرة هيفاء أبو غزالة التأكيد على مطالبة جامعة الدول العربية بـ«الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار في قطاع غزة، ورفض التهجير القسري، والسماح بدخول جميع المساعدات الإنسانية من دون أي معوقات». وطالبت المجتمع الدولي بـ«التأكيد على الدور المهم والفاعل لوكالة (الأونروا) في تقديم خدمات الإغاثة، والمساعدات الإنسانية، وتحملها مسؤولياته تجاه رفع الظلم، وإنهاء الاحتلال عن الشعب الفلسطيني، وتكثيف العمل الجماعي لمعالجة العوائق، التي تحول دون مشاركة المرأة بشكل ناجع في كل جهود صنع وبناء السلام، والعمل على دمج النساء اقتصادياً في مجتمعاتهن، لا سيما اللاجئات والنازحات وضحايا النزاعات لضمان استقرارهن على المدى الطويل».

وشارك في المؤتمر عدد من الوزراء، ورؤساء آليات شؤون المرأة بالدول العربية، ورؤساء منظمات دولية إقليمية، ووكالات الأمم المتحدة المعنية، وعدد من ممثلي السفارات الأجنبية، بالإضافة إلى خبراء ومختصين.