الصومال يترقب وصول قوات عسكرية مصرية

وزير خارجية مقديشو أكد أن القاهرة ستسهم في إعادة بناء جيش بلده

الرئيس المصري السيسي ونظيره الصومالي محمود في القاهرة أغسطس الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري السيسي ونظيره الصومالي محمود في القاهرة أغسطس الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

الصومال يترقب وصول قوات عسكرية مصرية

الرئيس المصري السيسي ونظيره الصومالي محمود في القاهرة أغسطس الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري السيسي ونظيره الصومالي محمود في القاهرة أغسطس الماضي (الرئاسة المصرية)

يترقب الصومال وصول قوات عسكرية مصرية، للمساهمة في «دعم قدرات الجيش الصومالي»، وتمهيداً للمشاركة في قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال.

ويرى خبراء أن «دعم القاهرة لمقديشو يستهدف مساندة الصومال في مواجهة الحرب على (التنظيمات الإرهابية)، ومواجهة أي دعوات انفصالية»، وأشاروا إلى أن «مصر ليست لديها أطماع بوجودها على الأراضي الصومالية، على عكس تحركات بعض دول جوار الصومال».

وزيرا خارجية مصر والصومال في لقاء سابق بالقاهرة (الخارجية المصرية)

وأعلن الصومال، نهاية أغسطس (آب) الماضي، «وصول معدات ووفود عسكرية مصرية للعاصمة مقديشو، في إطار مشاركة مصر بقوات حفظ السلام»، حسب تأكيد السفير الصومالي بالقاهرة، علي عبدي أواري، وهو ما عارضته أديس أبابا، حيث قالت الخارجية الإثيوبية إنها «تشكل مخاطر على المنطقة»، وتوعدت بأنها «لن تقف مكتوفة الأيدي».

وتدهورت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا إثر توقيع أديس أبابا اتفاقية مع إقليم (أرض الصومال) الانفصالي في بداية العام الحالي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، وسط رفض مصر وعربي.

وقال وزير الدولة الصومالي للشؤون الخارجية، علي محمد عمر، إن «إثيوبيا خالفت القوانين الدولية، والمواثيق الأفريقية، باعترافها باستقلال إقليم أرض الصومال»، وفيما أشار إلى أن «توقيع أديس أبابا اتفاقاً مع جزء من الصومال انتهاك لسيادتها، وبمثابة إعلان للحرب»، قال إن «بلده لديه قوات للدفاع عن أرضه، واتخاذ الإجراءات المناسبة للتعامل مع الأمر».

وأشاد عمر، في تصريحات تلفزيونية (الأربعاء)، بالدعم المصري للصومال في أزمته الأخيرة مع إثيوبيا، وقال إنه «ليست المرة الأولى التي تساعد فيها مصر بلده»، مضيفاً: «إذا تطلب الأمر سنحتاج لدعم الجيش المصري في الصومال».

وأوضح أنه «لا توجد قوات عسكرية مصرية حالياً في الصومال، لكنها ستوجد قريباً؛ للمساعدة في تدريب القوات الصومالية وإعادة بناء الجيش».

واستضافت العاصمة التركية أنقرة، أغسطس الماضي، جولة ثانية من مشاورات الوساطة بين الصومال وإثيوبيا؛ لإنهاء الخلاف بين البلدين، وانتهت المحادثات دون التوصل لاتفاق، بعد مفاوضات غير مباشرة مع وزيري خارجية البلدين.

وتشهد العلاقات المصرية - الصومالية تطوراً في الفترة الحالية، والتقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نظيره الصومالي حسن شيخ محمود، في القاهرة أخيراً، وأكد خلال المباحثات «موقف مصر الداعم لوحدة وسيادة الصومال على أراضيه، والرافض لأي تدخل في شؤونه الداخلية». ووقّع الرئيسان على بروتوكول التعاون العسكري بين البلدين.

ورأى الخبير العسكري المصري، سمير فرج، أن «الوجود العسكري المصري بالصومال يستهدف تدريب الجيش الصومالي، ورفع كفاءاته القتالية»، مشيراً إلى أنه «من المهم لمصر أن يكون الصومال قوياً، في ضوء التوترات التي تشهدها منطقة البحر الأحمر مؤخراً».

وقال إن «القاهرة تستهدف أيضاً حماية مصالحها الاستراتيجية، المتعلقة بتأمين حركة الملاحة من باب المندب، وصولاً لمجرى قناة السويس».

وأكد فرج لـ«الشرق الأوسط» أن «الدعم المصري للصومال عسكرياً ليس موجهاً ضد أحد، ويستهدف فقط دعم مقديشو في مواجهات التحديات الأمنية المختلفة»، وقال: «القاهرة تريد مساعدة الصومال؛ لمواجهة خطر التنظيمات الإرهابية هناك، والتصدي لأي دعوات انفصالية داخله».

ونوه إلى مشاركات سابقة لمصر في حفظ الأمن بالصومال، منها المشاركة في البعثة الأممية لحفظ السلام عام 1994.

بينما يرى المحلل السياسي الصومالي، نعمان حسن، أن «البلدين تجمعهما مصالح كبرى حالياً، ويستهدفان حماية أمنهما القومي»، وقال إن «أديس أبابا لم تكتف فقط بممارسات أحادية في أحواض الأنهار التي تجمعها مع مصر والصومال، وإنما تحركت (بالمخالفة للقانون الدولي) للبحث عن موضع قدم في منطقة البحر الأحمر».

ويرى الباحث الصومالي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «مصر ليس لديها أطماع من الوجود على الأراضي الصومالية»، مشيراً إلى أن «هدفها هو دعم قدرات الصومال، وتحقيق مصالح مشتركة»، مبيناً أن ذلك «يجعل الحضور المصري مرحباً به في مقديشو، أكثر من الدول المجاورة للصومال».

وأكد أمين عام المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير علي الحفني، أيضاً أن «التقارب المصري - الصومالي مؤخراً، يستهدف العمل على استقرار الصومال».

وأوضح الحفني، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك تنوعاً في مجالات التعاون بين القاهرة ومقديشو، ليشمل المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية والتجارية»، منوهاً إلى أن «مصر لديها تراكم خبرات كبيراً في تنويع مجالات التعاون مع الدول الأفريقية».

وتُولي القاهرة أهمية كبيرة لتعزيز علاقاتها مع دول القرن الأفريقي، وأكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، خلال تدشينه خط الطيران المباشر بين القاهرة والصومال وجيبوتي، يوليو (تموز) الماضي، «اهتمام القاهرة بتعزيز مستوى العلاقات مع دول القرن الأفريقي، وعلى رأسها الصومال، ورغبتها في الإسهام في دعم الاستقرار بدول المنطقة، لا سيما مع ما تمر به من تحديات جسيمة».


مقالات ذات صلة

تفاعل مصري مع بكاء السيسي خلال لقائه قادة القوات المسلحة

شمال افريقيا السيسي أكد أن المنطقة تمر بظروف صعبة ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة (الرئاسة المصرية)

تفاعل مصري مع بكاء السيسي خلال لقائه قادة القوات المسلحة

تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع لحظات بكاء وتأثر للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه، الخميس، مع قادة القوات المسلحة المصرية.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)

مصر للحد من «فوضى» الاعتداء على الطواقم الطبية

تسعى الحكومة المصرية للحد من «فوضى» الاعتداءات على الطواقم الطبية بالمستشفيات، عبر إقرار قانون «تنظيم المسؤولية الطبية وحماية المريض».

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا مشاركون في ندوة جامعة أسيوط عن «الهجرة غير المشروعة» تحدثوا عن «البدائل الآمنة» (المحافظة)

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

تشير الحكومة المصرية بشكل متكرر إلى «استمرار جهود مواجهة الهجرة غير المشروعة، وذلك بهدف توفير حياة آمنة للمواطنين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
خاص عدد كبير من المصريين يفضل المأكولات السورية (الشرق الأوسط)

خاص كيف أرضى السوريون ذائقة المصريين... وأثاروا قلقهم

تسبب الوجود السوري المتنامي بمصر في إطلاق حملات على مواقع التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر تنتقد مشروعاتهم الاستثمارية.

فتحية الدخاخني (القاهرة )

حوادث مرورية متكرّرة تفجع مصريين

الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
TT

حوادث مرورية متكرّرة تفجع مصريين

الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)

شهدت مناطق متفرقة في مصر حوادث مرورية مفجعة، أخيراً؛ مما أثار تساؤلات حول أسباب تكرارها، في حين رأى خبراء أن «غالبية تلك الحوادث تقع نتيجة لأخطاء من العنصر البشري».

وشهدت مصر، الجمعة، حادثاً أُصيب خلاله نحو 52 شخصاً، إثر انقلاب حافلة (أتوبيس رحلات) على طريق «الجلالة - الزعفرانة» (شمال محافظة البحر الأحمر - جنوب مصر)، قبل توجهها إلى دير الأنبا أنطونيوس بالمحافظة.

وأعلنت وزارة الصحة المصرية «خروج جميع المصابين من المستشفى، بعد تحسّن حالاتهم»، وقالت في إفادة لها، الجمعة، إن «الحادث أسفر عن إصابة 52 راكباً؛ نُقل 31 منهم إلى مستشفى (رأس غارب) التخصصي، في حين تم إسعاف 21 مصاباً آخرين بموقع الحادث».

واحتجزت الأجهزة الأمنية سائق «الحافلة» المتسبّب في الحادث، في حين كلّفت السلطات القضائية لجنة فنية بفحص أسباب وقوع الحادث حول ما إذا كان عطلاً فنياً أم خطأ بشرياً نتيجة للقيادة الخاطئة، حسب وسائل إعلام محلية.

وأعاد انقلاب الحافلة بطريق «الجلالة - الزعفرانة» إلى الأذهان حادث انقلاب حافلة تابعة لجامعة «الجلالة الأهلية»، على الطريق السريع «الجلالة - العين السخنة»، في منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ مما أدّى إلى وفاة 7 أشخاص، وإصابة نحو 25 آخرين.

وشهدت منطقة الشيخ زايد بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة) حادث «دهس» سيارة، دراجةً نارية كان يستقلها عامل «دليفري» (التوصيل المنزلي)؛ مما أدى إلى مقتله.

كما شهدت محافظة الفيوم (جنوب القاهرة) حادث انقلاب سيارة نقل ركاب، الخميس، على الطريق الصحراوي السريع؛ مما أدى إلى إصابة 14 شخصاً.

وأظهرت التحريات الأولية للحادث أن السيارة تعرّضت للانقلاب، نتيجة السرعة الزائدة، وفقدان السائق السيطرة عليها.

وسجّلت إصابات حوادث الطرق في مصر ارتفاعاً بنسبة 27 في المائة، على أساس سنوي، بواقع 71016 إصابة عام 2023، في حين بلغ عدد المتوفين في حوادث الطرق خلال العام نفسه 5861 حالة وفاة، بنسبة انخفاض 24.5 في المائة، وفقاً للنشرة السنوية لنتائج حوادث السيارات والقطارات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، في شهر مايو (أيار) الماضي.

طريق الجلالة (وزارة النقل المصرية)

وباعتقاد رئيس الجمعية المصرية لرعايا ضحايا الطرق (منظمة مدنية)، سامي مختار، أن «نحو 80 في المائة من حوادث الطرق يحدّث نتيجة لأخطاء من العنصر البشري»، مشيراً إلى أن «تكرار الحوادث المرورية يستوجب مزيداً من الاهتمام من جهات حكومية؛ للحد من وقوعها، وتعزيز السلامة على الطرق».

ودعا مختار، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى «ضرورة تكثيف حملات التوعية بالسلامة المرورية، لجميع مستخدمي الطرق، من سائقي السيارات والركاب»، قائلاً إن حملات التوعية يجب أن تشمل «التعريف بقواعد وآداب السير على الطرق، وإجراءات السلامة، والكشف على تعاطي المخدرات للسائقين في أثناء السير»، ومشدداً على ضرورة «تكثيف حملات الرقابة بخصوص تعاطي المخدرات في أثناء القيادة».

ولقي حادث انقلاب حافلة طريق «الجلالة» تفاعلاً من رواد منصات التواصل الاجتماعي في مصر؛ حيث دعوا إلى «مراجعة الحالة الفنية للطريق، بعد تكرار حوادث انقلاب حافلات الركاب عليه».

بينما يستبعد أستاذ هندسة الطرق بجامعة عين شمس، حسن مهدي، فرضية أن يكون وقوع الحوادث بسبب الحالة الفنية للطريق، مرجعاً ذلك إلى «عدم تكرار الحوادث في مكان واحد على الطريق»، ومشيراً إلى أن «وقوع الحوادث المرورية في مناطق متفرقة يعني أن السبب قد يكون فنياً؛ بسبب (المركبة)، أو لخطأ بشري من السائق».

وأشار مهدي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى ضرورة «تطبيق منظومة النقل الذكي، للحد من الحوادث، خصوصاً على الطرق السريعة»، مضيفاً أن «التوسع في المراقبة الذكية لحركة السير سيقلّل من الأخطاء، ويُسهم في التزام السائقين بإجراءات السلامة في أثناء القيادة»، وموضحاً أن «مشروع قانون المرور الجديد، المعروض أمام البرلمان ينص على تطبيق هذه المنظومة بشكل موسع».

وتضع الحكومة المصرية «قانون المرور الجديد» ضمن أولوياتها في الأجندة التشريعية لدور الانعقاد الحالي للبرلمان، وناقش مجلس النواب، في شهر أكتوبر الماضي «بعض التعديلات على قانون المرور، تضمّنت عقوبات مغلظة على مخالفات السير، والقيادة دون ترخيص».