هل يؤثر تقارب القاهرة وأنقرة على المشهد الليبي «المعقد»؟

مع تعدد الأزمات السياسية

جانب من مباحثات السيسي وإردوغان في أنقرة (الرئاسة التركية)
جانب من مباحثات السيسي وإردوغان في أنقرة (الرئاسة التركية)
TT

هل يؤثر تقارب القاهرة وأنقرة على المشهد الليبي «المعقد»؟

جانب من مباحثات السيسي وإردوغان في أنقرة (الرئاسة التركية)
جانب من مباحثات السيسي وإردوغان في أنقرة (الرئاسة التركية)

مع تعقد الأزمة السياسية، يتلمس الليبيون أي تحرك دولي لحلحة قضيتهم، لا سيما بعد الزيارة التي أجراها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى تركيا، وسط تساؤلات حول قدرة الدولتين على إحداث تأثير بالمشهد السياسي.

عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، ورغم إقراره بنجاح القاهرة وأنقرة في «تصفير» خلافاتهما بدرجة كبيرة، بل وانتقال العلاقة بينهما من العداء للتنسيق ثم التعاون، خصوصاً على الصعيد الاقتصادي، فإنه يرى أنهما «لا تمتلكان القدرة على حل الأزمة السياسية الليبية».

وقال التكبالي لـ«الشرق الأوسط» إن الأمر لا يتعلق بالأزمات التي تفجرت مؤخراً من صراع حول السيطرة على المصرف المركزي، وإغلاق النفط، مشيراً إلى أن «الدولتين تمتلكان تأثيراً على حلفائهما بالداخل الليبي يكفل معالجة كل ذلك؛ ولكن المعضلة تتمثل في واشنطن وتصورها لحل الأزمة».

ولفت إلى أن واشنطن وحلفاءها الأوربيين يكرسون جهودهم لتقليص الوجود الروسي في القارة الأفريقية عبر البدء بليبيا، ويقول: «لا أحد يعرف ما هي خطواتهم المستقبلية، أو خطتهم التي قد تتقاطع وربما تتصادم مع تصورات القاهرة وأنقرة لتهدئة الأوضاع في ليبيا».

«هيمنة واشنطن»، إن كانت معضلة رئيسية، لكنها ليست الوحيدة من وجهة نظر التكبالي، فيوجد بجوارها «تعنت مواقف الساسة الليبيين ورغبتهم جميعاً في ترحيل الانتخابات لأبعد مدى ممكن».

واندلع الصراع على المصرف المركزي الذي تتجمع به عوائد النفط الليبي، مع قيام المجلس الرئاسي بتعيين محافظ جديد له، في ظل رفض مجلسي النواب و«الأعلى للدولة».

وانتهى التكبالي إلى أنه رغم «حرص وتنافس القاهرة وأنقرة على الحصول على حصة وازنة في عمليات إعادة الإعمار بالبلاد، تحديداً بالشرق الليبي؛ فإن هذا لا يعني أن أياً منهما سوف تتغافل أو تتنازل للأخرى عما تعده مجالاً لأمنها القومي، أو جزءاً من حقوقها الاقتصادية».

وأشار متابعون ليبيون إلى أن موقف مصر لا يزال غير واضح من السماح لتركيا بالتنقيب عن النفط والغاز في المياه الليبية، طبقاً للاتفاق المبرم بين أنقرة وحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة في أكتوبر (تشرين الأول) 2022.

وقال المحلل السياسي الليبي، محمد محفوظ، لـ«الشرق الأوسط» إن اللقاء بين الرئيس المصري، ونظيره التركي رجب طيب إردوغان، «لم يسفر عن اختراق سياسي كبير بالملف الليبي لعدم توافقهما حتى الآن على الملامح التفصيلية والتصورات لشكل المعالجة المطلوبة له»، لافتاً إلى أنه «تم الاكتفاء بتأكيد مواقفهما السابقة بدعم مسار الانتخابات».

وأشار إلى خلو الإعلان المشترك للاجتماع الأول لمجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى لمصر وتركيا، فيما يتعلق بالشأن الليبي، من أي إشارة حول تشكيل حكومة موحدة في ليبيا، مضيفاً: «هذا يعني وجود خلاف بينهما حولها، وبالتالي تغاضيا عن الحديث عنها وعن غيرها من النقاط الخلافية».

ووفقاً للإعلان المشترك المشار إليه، أكدت القاهرة وأنقرة «تطلعهما لدعم عملية سياسية بملكية وقيادة ليبية، وبتسهيل من قبل الأمم المتحدة بهدف الحفاظ على أمن واستقرار وسيادة ليبيا وسلامتها الإقليمية ووحدتها السياسية». ونوه المحلل السياسي إلى حدوث تقدم بنقاط وملفات أخرى، مسلطاً الضوء في هذا الصدد على حديث الرئيس المصري بالدعوة لـ«خروج القوات الأجنبية غير المشروعة والمرتزقة من الأراضي الليبية».

مصالح الدول المتدخلة بالشأن الليبي عامل آخر عده محفوظ عائقاً أمام قدرة القاهرة وأنقرة على صياغة حل للأزمة الليبية. وقال: «القصة لا تنحصر بواشنطن، التي ستؤجل تصوراتها لمسار حل الأزمة لحين معرفة من هو سيد البيت الأبيض ونهج إدارته».

وواصل: «هناك روسيا ودول أخرى مثل إيطاليا وباقي دول الاتحاد الأوروبي، التي قد تتخوف من التقارب المصري - التركي، ومن أي محاولة قد يتم السعي للقيام بها لإحداث الاستقرار»، متابعاً: «مع الأسف كثير من الدول ترى أن ذلك قد يتعارض مع بقاء وتصاعد مصالحهم بليبيا».

من جانبه، يرى المحلل السياسي التركي، مهند حافظ أوغلو، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن القاهرة وأنقرة «لا تزالان قادرتين على إخماد أي محاولة لعودة الصدام المسلح بالساحة الليبية». ويعتقد أنها «ستحاولان تبريد الساحة الليبية بالمسكنات لحين يأتي الوقت المناسب للبدء بالمعالجة الحقيقية».

كما يرى أوغلو أن الأولوية ستكون للملفات الأكثر إلحاحاً وأهمية لهما، وهي الشراكة الاقتصادية، والتصدي للتحديات الناجمة عن صراعات المنطقة، في مقدمتها الوضع بغزة. وانتهى أوغلو إلى أن القاهرة وأنقرة قد تسعيان إلى حين معرفة الفائز بالانتخابات الرئاسية الأميركية للمساهمة في حل الإشكالات المتفجرة حالياً، من بينها أزمة الصراع على المصرف المركزي.


مقالات ذات صلة

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

شمال افريقيا الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

بعد أكثر من أسبوعين أحدثت زيارة أجراها «وزير دولة في غينيا بيساو» لحكومة شرق ليبيا حالة من الجدل بعد وصفه بأنه شخص «مزيف».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وقفة احتجاجية سابقة لمتضررين من حرق السجل العقاري في عهد النظام السابق (لقطة من مقطع فيديو)

بعد 39 عاماً... مطالبة بالتحقيق في «إحراق» أرشيف السجل العقاري الليبي

بعد 39 عاماً على «إحراق» أرشيف السجل العقاري خلال عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، يطالب ليبيون بفتح تحقيق في هذه القضية لـ«تضررهم من الحادثة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا عدد من رؤساء منظمات المجتمع المدني من ليبيا ومن خارجها (البعثة الأممية)

ليبيا: الأمم المتحدة تبحث فرص نزع سلاح الميليشيات و«تفكيكها»

رعت البعثة الأممية اجتماعاً يضم رؤساء منظمات مجتمع مدني ومسؤولين حكوميين لمناقشة قضية نزع سلاح التشكيلات المسلحة وإعادة إدماجها في مؤسسات الدولة.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا عدد من مهاجرين غير نظاميين بعد تحريرهم من عصابة للاتجار بالبشر في جنوب شرقي ليبيا (جهاز البحث الجنائي)

لماذا يتجه بعض الليبيين للهروب إلى أوروبا عبر «المتوسط»؟

منذ سنوات، تتعالى أصوات التحذير من ارتياد شباب ليبيين قوارب الموت إلى الشواطئ الأوروبية.

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا مشاركون في المناورات البحرية التي نفذتها «أفريكوم» (السفارة الأميركية)

تعهد أميركي بدعم القوات البحرية الليبية

تعهدت واشنطن بمواصلة العمل لدعم القوات البحرية الليبية في تعزيز جهود الأمن البحري الموحدة.

خالد محمود (القاهرة )

المغرب: تفكيك خلية لـ«داعش» في عملية مشتركة مع إسبانيا

عناصر من الأمن المغربي في عملية أمنية سابقة (أ.ف.ب)
عناصر من الأمن المغربي في عملية أمنية سابقة (أ.ف.ب)
TT

المغرب: تفكيك خلية لـ«داعش» في عملية مشتركة مع إسبانيا

عناصر من الأمن المغربي في عملية أمنية سابقة (أ.ف.ب)
عناصر من الأمن المغربي في عملية أمنية سابقة (أ.ف.ب)

أعلنت السلطات المغربية، الجمعة، تفكيك خلية مسلحة تابعة لتنظيم «داعش» في منطقة الساحل، في عملية أمنية مشتركة مع الأجهزة الإسبانية، موضحة أنها تتكوّن من تسعة عناصر، من بينهم ثلاثة ينشطون في المغرب، وستة آخرون ينشطون في مدن إسبانية.

وذكر بيان للمكتب المركزي المغربي للأبحاث القضائية أن التحريات الأولية أظهرت أن المشتبه فيهم كانوا يروّجون للفكر «الداعشي»، ويعقدون لقاءات في إطار التخطيط والتنسيق للقيام بأعمال إرهابية باسم التنظيم، قبل الالتحاق بصفوفه في منطقة الساحل جنوب الصحراء، مضيفاً أن عمليات التفتيش المنجزة بمنازل المشتبه فيهم مكّنت السلطات من حجز أسلحة ومعدات إلكترونية، سيتم إخضاعها للخبرات الرقمية اللازمة، ومؤكداً أن البحث جارٍ لتحديد الارتباطات الداخلية والخارجية لهذه الخلية.

من جهتها، ذكرت المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، في بيان نشرته «وكالة المغرب العربي للأنباء»، أن الخلية تتكوّن من تسعة عناصر، تنشط في تطوان والفنيدق ومدريد وإبيزا وسبتة، موضحاً أن التحريات أظهرت أن المشتبه فيهم «كانوا يروّجون للفكر (الداعشي)، ويعقدون لقاءات بسبتة وتطوان في إطار التخطيط والتنسيق للقيام بأعمال إرهابية».

وأضاف المصدر ذاته أن التحريات الأولية المنجزة أظهرت أن بعض المشتبه فيهم معتقلون سابقون في قضايا الإرهاب بإسبانيا، وكانوا يروّجون للفكر «الداعشي»، ويعقدون لقاءات في إطار التخطيط للقيام بأعمال إرهابية باسم «داعش». وقد تم وضع الأشخاص الموقوفين بتطوان والفنيدق رهن الحراسة النظرية، تحت إشراف النيابة العامة المختصة المكلفة قضايا الإرهاب والتطرّف، وذلك للوقوف على ارتباطاتهم الداخلية والخارجية، وكذا تحديد مستوى تورّطهم في إطار المشروعات الإرهابية المخطط لها من طرف أعضاء هذه الخلية.

وأشار البلاغ إلى أن هذه العملية المشتركة تندرج في إطار التنسيق الأمني المتواصل والمتميّز بين الأجهزة الأمنية المغربية ونظيرتها الإسبانية، لصد التهديدات الإرهابية التي تحدق بأمن المملكتين.

وتأتي هذه العملية بعد أيام قليلة من إصدار غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة قضايا الإرهاب لدى محكمة الاستئناف في الرباط، حكمها في حق أفراد خلية إرهابية أخرى، تم تفكيكها بمدينتي تزنيت وسيدي سليمان من طرف المكتب المركزي للأبحاث القضائية، التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني في 14 من مايو (أيار) الماضي.

وحكمت هيئة المحكمة بما مجموعه 29 سنة سجناً نافذاً على الخلية المكوّنة من أربعة أفراد، بعد إدانتهم بتهم متعلقة بالإرهاب، والتحريض على التمييز والكراهية بين الأشخاص، وخرق ظهير التجمعات العمومية وظهير حق تأسيس الجمعيات.

وأدانت المحكمة المتهم الأول «أ.م» الذي جرى توقيفه بمدينة سيدي سليمان، بثماني سنوات سجناً نافذاً بعد إدانته بالإرهاب والتحريض على التمييز والكراهية بين الأشخاص، وهي العقوبة نفسها التي قضت بها في حق المتهم الثاني «أ.ه»، المُدان بجريمة الإرهاب والتحريض على التمييز والكراهية بين الأشخاص، وخرق ظهير التجمعات العمومية وظهير حق تأسيس الجمعيات؛ وذلك بعد توقيفه داخل مسكن وظيفي حيث يقطن بحي الوداديات بمدينة تزنيت.