مقتل وإصابة عشرات المدنيين جراء قصف الأحياء السكنية بالفاشر

بعد فترة من الهدوء بين الجيش السوداني و«الدعم السريع»

من آثار القصف في الفاشر (مواقع التواصل)
من آثار القصف في الفاشر (مواقع التواصل)
TT

مقتل وإصابة عشرات المدنيين جراء قصف الأحياء السكنية بالفاشر

من آثار القصف في الفاشر (مواقع التواصل)
من آثار القصف في الفاشر (مواقع التواصل)

تجدد، الثلاثاء، القصف المدفعي على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال إقليم دارفور (غرب السودان)، وفق مصادر محلية أكدت أنه استهدف بشكل مباشر المستشفيات ومراكز إيواء النازحين وأحياء سكنية، وأسفر عن وقوع قتلى وعشرات الجرحى من المدنيين.

ونفذ الطيران الحربي للجيش السوداني في وقت مبكر من الصباح غارة جوية على «قوات الدعم السريع» التي تتمركز في الأحياء الشرقية للمدينة.

وقالت «تنسيقية لجان مقاومة الفاشر» في إفادة على منصة «فيسبوك» إن المدينة تعرضت (أيضاً) لقصف مدفعي من قبل «ميليشيات الدعم السريع» وإن الحصر الأولي للضحايا يفيد بمقتل شخصين اثنين على الأقل وإصابة العشرات بجراح مختلفة.

استهداف المستشفيات بالفاشر أسهم في تردي الحالة الصحية بالمدينة (موقع أطباء بلا حدود)

ويأتي هذا التصعيد المفاجئ بعد أكثر من أسبوعين على تراجع الاشتباكات بين الجيش السوداني وحلفائه من الفصائل المسلحة من جهة و«قوات الدعم السريع» من جهة أخرى.

وقال مقيمون في المدينة لــ«الشرق الأوسط» إن نزوح المواطنين في تزايد مستمر بسبب القصف العشوائي، والحصار الذي أدى إلى ارتفاع أسعار السلع وتوقف الخدمات العلاجية جراء خروج المرافق الطبية عن العمل.

وتعاني الفاشر من نقص في مياه الشرب والغذاء، ما دفع آلاف السكان إلى مغادرتها للمناطق الأمنة.

وأفادت معلومات من مصادر مطلعة «بوصول تعزيزات عسكرية كبيرة لدعم القوة المشتركة التي تقوم بحماية الفاشر من المحاولات المتكررة لـ(قوات الدعم السريع) الاستيلاء على المدينة للسيطرة على كامل الإقليم الغربي للبلاد».

وتوغلت «قوات الدعم السريع» خلال المعارك العنيفة التي جرت في الأسابيع الماضية إلى داخل المدينة، ونصبت خنادق دفاعية على مسافة قريبة من قيادة «الفرقة السادسة مشاة» التابعة للجيش.

وقالت «الدعم»، في إفادات على منصة «إكس»: «إن أكثر من 30 مدنياً قتلوا، وأصيب العشرات جراء قصف جوي نفذه الطيران الحربي التابع للجيش على بلدة شرق الفاشر».

صورة مركبة لآثار القصف (مواقع التواصل)

وتشير الإحصاءات الرسمية إلى مقتل وإصابة أكثر من 800 شخص على الأقل في صفوف المدنيين، في القتال الدائر في المدينة الذي دخل شهره الرابع.

ويواجه السودان بسبب استمرار الصراع أسوأ مستويات انعدام الأمن الغذائي الحاد في تاريخه؛ حيث يعاني أكثر من نصف سكانه من الجوع الحاد.

كما يواجه ملايين الأشخاص مستويات طوارئ من الجوع (التصنيف المرحلي المتكامل الرابع)، في حين يعيش أكثر من 755 ألفاً في ظروف كارثية (التصنيف المرحلي المتكامل الخامس) في دارفور الكبرى وجنوب وشمال كردفان والنيل الأزرق والجزيرة والخرطوم.

وتشير إحصاءات الأمم المتحدة، وفقاً لشركاء العمل الإنساني، إلى مقتل أكثر من 188 ألف شخص، وإصابة أكثر من 33 ألفاً منذ اندلاع الصراع في أبريل (نيسان) 2023، كما فرّ أكثر من 10 ملايين من منازلهم، من بينهم أكثر من 5 ملايين طفل، وعبَر أكثر من مليونين إلى الدول المجاورة.


مقالات ذات صلة

السودان يغلق «معبر القلابات» الحدودي مع إثيوبيا

شمال افريقيا جانب من «معبر القلابات» الحدودي مع إثيوبيا (مواقع التواصل)

السودان يغلق «معبر القلابات» الحدودي مع إثيوبيا

السلطات السودانية سمحت لعناصر الشرطة الفيدرالية والجيش الإثيوبي التي كانت ترابط على المعبر بالدخول للأراضي السودانية بعد تجريدهم من السلاح.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا أشخاص يحصلون على المياه النظيفة التي تقدمها منظمة خيرية للسكان في القضارف شرق السودان في 30 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

منظمات الإغاثة تحذّر من أزمة جوع «تاريخية» في السودان

حذّرت 3 منظمات إغاثة كبرى تعمل في السودان، الثلاثاء، من أزمة جوع ذات مستويات «تاريخية» تشهدها البلاد.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا أطفال السودان ضحايا الحرب والأوبئة والجوع (رويترز)

وكالات إغاثة تحذر: السودان على أعتاب أزمة جوع «تاريخية»

«الناس يعانون من الموت جوعاً، كل يوم، ورغم ذلك يظل التركيز حول الجدل الدلالي والمسميات القانونية".

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا قوة للجيش السوداني في أحد شوارع العاصمة الخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)

تجدد المعارك بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في الخرطوم

تجددت المعارك بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في العاصمة السودانية الخرطوم، بعد أن شهدت المدينة حالة من الهدوء خلال الأسابيع الماضية.

محمد أمين ياسين (ود مدني (السودان))
شمال افريقيا متظاهرون حول مقر الأمن في كسلا (مواقع التواصل)

الأمن السوداني يفرق بالذخيرة الحية احتجاجات في كسلا

يقول مراقبون إن جهاز الأمن والمخابرات السوداني، اتُّهم في حقبة البشير على مدى 3 عقود، بارتكاب أبشع الجرائم والانتهاكات ضد المعارضين لحكم الإسلاميين.


البرهان إلى بكين للمشاركة في القمة الأفريقية الصينية

عبد الفتاح البرهان لدى نزوله من الطائرة في مطار بكين (إ.ب.أ)
عبد الفتاح البرهان لدى نزوله من الطائرة في مطار بكين (إ.ب.أ)
TT

البرهان إلى بكين للمشاركة في القمة الأفريقية الصينية

عبد الفتاح البرهان لدى نزوله من الطائرة في مطار بكين (إ.ب.أ)
عبد الفتاح البرهان لدى نزوله من الطائرة في مطار بكين (إ.ب.أ)

يترأس رئيس «مجلس السيادة الانتقالي» القائد العام للجيش السوداني الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان، وفد السودان المشارك في «قمة منتدى التعاون الصيني الأفريقي»، المنتظر عقدها في بكين، ابتداء من الأربعاء وحتى الجمعة.

وتأتي الزيارة في وقت تحاول فيه الحكومة السودانية التي تتخذ من بورتسودان عاصمة مؤقتة، لعب «ورقة» الاتجاه شرقاً إزاء ما تسميه «كسر العزلة الغربية المفروضة عليها».

وقال «مجلس السيادة الانتقالي»، في نشرة صحافية، إن البرهان سيترأس وفد السودان المشارك في قمة «فوكاك»، ويشارك فيها عدد من القادة الأفارقة، بجانب منظمات دولية وإقليمية والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

أفراد من حرس الشرف الصيني في استقبال المشاركين في القمة (أ.ب)

وأعلن في بيان، الثلاثاء، أن رئيسه سيجري مباحثات ثنائية مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، تتناول «تعزيز آفاق التعاون المشترك وإيجاد شراكات استراتيجية بين البلدين في المجالات كافة».

وينتظر أن يوقع الطرفان الصيني والسوداني على عدد من الاتفاقيات التي لم يكشف عن تفاصيلها، إلى جانب لقاءات سيعقدها البرهان مع عدد من رؤساء الوفود.

وتسعى الصين إلى تعميق التكامل الاقتصادي مع الدول الأفريقية، عبر «مبادرة الحزام والطريق».

وينعقد المنتدى تحت عنوان «التكاتف من أجل تعزيز التحديث وبناء مجتمع مصير مشترك رفيع المستوى بين الصين وأفريقيا»، وينتظر أن يبحث فرص التعاون في مجالات الحوكمة والتصنيع والتحديث الزراعي والسلام والأمن، بجانب التعاون عالي الجودة في إطار مبادرة الحزام والطريق.

وزادت الاستثمارات الصينية في البني التحتية الأفريقية في الأعوام الأخيرة، وتعززت التجارة البينية لا سيما في مجالات الطاقة والتعدين، بحجم تبادل بلغ، العام الماضي وحده، 282 مليار دولار أميركي.

ووفقاً لإعلام «مجلس السيادة الانتقالي»، فإن القمة ستعتمد وثيقتين ختاميتين؛ إحداهما إعلان، والأخرى خطة عمل، لبناء التوافق ورسم مسار لتنفيذ التعاون الصيني الأفريقي للأعوام الثلاثة المقبلة.

البرهان مع مستقبليه الصينيين في مطار بكين (رويترز)

وقال الخبير في العلاقات الصينية - السودانية محمد عبد العزيز لـ«الشرق الأوسط»، إن أنظار السودان تتجه للصين للحصول على تمويل وقروض، بجانب الحصول على دعم عسكري ودبلوماسي «شرقي»؛ لمواجهة «قوات الدعم السريع».

وأوضح عبد العزيز أن الملفات السودانية مع الصين ظلت تشهد تعثراً منذ حكم الرئيس عمر البشير، لا سيما الخلافات بين البلدين حول تسديد الديون المترتبة على السودان، والتي ترى الصين أنها تبلغ نحو 10 مليارات دولار أميركي.

وقال عبد العزيز إن الحكومات السودانية ظلت تتذرع بأن الأرقام الصينية لحجم الديون ليست دقيقة، وفي الوقت ذاته «تتهرب» من الجلوس مع الصين للوصول لحل للمشكلة... ويتابع: «كان من المفروض أن يجلسا مع بعضهما لحسم خلاف التقديرات».

وأدى تراجع إنتاج النفط السوداني بعد 25 عاماً من الإنتاج، لا سيما بعد انفصال جنوب السودان، إلى تراجع العلاقات الصينية - السودانية، وقال عبد العزيز: «كان من المفروض أن تجري معالجات فنية لزيادة الإنتاج والتوسع في الاستكشافات الجديدة، لكن الشركات الصينية رأت أنها عمليات مكلفة وغير ذات جدوى».

ورأى عبد العزيز إنهاء اتفاقيات النفط بين البلدين، من قبل السودان، «واحداً من تعقيدات علاقة البلدين الحالية»، وقال: «استثمرت الصين في إنتاج النفط السوداني بنظام (البوت)، وبانتهاء أجله، رفضت الحكومة السودانية تجديده، واستعادت حقول النفط ومنشآته كاملة، بينما كانت الصين تأمل في التجديد».

وتابع: «منذ سقوط نظام الرئيس السابق عمر البشير، لم تهتم الحكومات السودانية بالعلاقات السودانية - الصينية»، واستبعد حصول السودان على قروض أو أسلحة صينية لا تملك الحكومة تقديم ضمانات سداد لها، واستطرد: «كانت الصين تمنح السودان القروض بضمان النفط، والآن لم يعد للنفط السوداني ذلك البريق، لذلك قد تجدد الصين طلبها في الحصول على (أصول سودانية)».

البرهان في بكين (إ.ب.أ)

وتساءل عبد العزيز: «ما المقابل الذي يمكن أن يقدمه السودان للحصول على مطالبه؟»، وقال: «أما إذا وافقت الحكومة على تمليك أصول سودانية للصين فقد تنجح الزيارة».

وكان عضو «مجلس السيادة» مساعد القائد العام للجيش السوداني الفريق أول ياسر العطا، قد ذكر في مايو (أيار) الماضي، أن حكومته لا تمانع في إعطاء أي دولة قاعدة عسكرية على البحر الأحمر مقابل إمدادها بالذخائر والسلاح.