​تبون يطمح إلى ولاية ثانية لتحقيق «مشروع الجزائر الجديدة»

متسلحاً بتحسّن الوضعين الاجتماعي والاقتصادي

تبون يطمح إلى ولاية ثانية لتحقيق «مشروع الجزائر الجديدة» (أ.ف.ب)
تبون يطمح إلى ولاية ثانية لتحقيق «مشروع الجزائر الجديدة» (أ.ف.ب)
TT

​تبون يطمح إلى ولاية ثانية لتحقيق «مشروع الجزائر الجديدة»

تبون يطمح إلى ولاية ثانية لتحقيق «مشروع الجزائر الجديدة» (أ.ف.ب)
تبون يطمح إلى ولاية ثانية لتحقيق «مشروع الجزائر الجديدة» (أ.ف.ب)

يعوّل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون على الفوز بولاية ثانية بانتخابات السابع من سبتمبر (أيلول) الحالي، متسلّحاً في ذلك بتحسّن الوضعين الاجتماعي والاقتصادي، لكن بعد خمس سنوات على الحراك المؤيد للحريات تبددت الآمال بتغييرات سياسية عميقة؛ وفق عدد من المراقبين.

في 11 من يوليو (تموز) الماضي، أعلن تبون ترشحه لولاية رئاسية ثانية بالقول: «أعتقد أنّ كل ما قمنا به كان أساساً ولبنةً أولى لجعل اقتصادنا اقتصاد دولة ناشئة بأتمّ المعنى»، مؤكداً أنه يسعى لبناء «جزائر جديدة» خلال السنوات الخمس المقبلة.

الرئيس تبون يوجه كلمة لمؤيديه في إحدى جولاته الانتخابية بالعاصمة (أ.ب)

وانتخب عبد المجيد تبون في نهاية 2019 في اقتراع جرى في ذروة الحراك الشعبي، وشهد نسبة امتناع عالية عن التصويت (60 في المائة). وكان عليه مواجهة هذه الحركة الاحتجاجية السلمية التي أطاحت بسلفه عبد العزيز بوتفليقة في أبريل (نيسان) من السنة نفسها بعد مظاهرات حاشدة. ويرى مدير «مركز الدراسات حول العالم العربي والمتوسط» في جنيف، حسني عبيدي أن تبون، بالإضافة إلى «إهمال مسألة الانتقال الديمقراطي، التي طالب بها ملايين المواطنين خلال الحراك، تخلى نهائياً عن إحداث تغيير في النظام السياسي الجزائري».

المترشح يوسف أوشيش (رويترز)

ويضيف عبيدي في تصريحات لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «ليس تغيير القيادة هو ما سيدخل الجزائر في عهد جديد»، مشيراً إلى «حصيلة متباينة» لتبون، الذي يواجه «صعوبة في إحداث تغيير عميق لتجسيد الجزائر الجديدة».

من جهته، يقول أستاذ العلوم السياسية، محمد هنّاد: «ما دام لم يتمّ حلّ المسألة السياسية بشكل شرعي، فإن أي خطاب اقتصادي، ثقافي، دبلوماسي أو غيره، سيكون مجرد تشتيت للانتباه».

قوة اقتصادية

يعد تبّون أنه «أعاد البلاد إلى المسار الصحيح استجابة لاحتياجات الشعب، وجعل الجزائر قوة اقتصادية». ولا يفوّت فرصة للتذكير بآخر ولايتين لبوتفليقة (توفي في سبتمبر 2021)، اللتين وصفهما بـ«عشرية العصابة»، في إشارة إلى محيط الرئيس الذي كان أضعفه المرض منذ إصابته بجلطة دماغية عام 2013. بعد سقوط بوتفليقة، أصدرت المحاكم أحكاماً ثقيلة في حقّ وزراء سابقين، ومديرين في شركات عامة، وأفراد من محيط الرئيس السابق.

المترشح عبد العالي حساني (رويترز)

وإلى جانب عملية «التنظيف الكبيرة» في هرم السلطة السابقة، يعد تبّون أنه أعاد توجيه الاقتصاد نحو المسار الصحيح. وقال إن المؤشرات «تثبت قوة الاقتصاد الوطني حالياً»، مشيراً إلى «ارتفاع مداخيل الدولة، وتوقّف نزيف الخزينة العمومية، واسترجاع مليارات الدولارات من الأموال المنهوبة».

في هذا السياق، رأي عبيدي، أن تبّون استفاد من «ظروف دولية ملائمة»، مثل الحرب في أوكرانيا التي رفعت منذ عام 2022 أسعار الغاز الطبيعي، الذي تعد الجزائر أكبر مصدّر له في أفريقيا، وأيضاً من «معرفته العميقة بكيفية عمل الإدارة الجزائرية». موضحاً أن تبّون أدخل «طرقاً جديدة للحكم موجهة الآن نحو الاحتياجات الاجتماعية والمادية للسكان»، ومشيراً أيضاً إلى «خطابه القريب من الشعب، والمغلّف بطابع شعبوي مع نظام ريعي شامل».

جزائرية تمر بحائط زُين بلافتات المرشحين الثلاثة لرئاسية الجزائر (إ.ب.أ)

وزادت الحكومة رواتب الموظفين مرّات عدّة، كما زادت معاشات التقاعد، وأنشأت في عام 2022 منحة بطالة (13 ألف دينار، نحو 90 يورو شهرياً) موجهّة للبالغين بين 19 و40 عاماً، في ظل وجود 36 في المائة من الشباب دون 24 عاماً عاطلين عن العمل، بينما تمّ إيلاء اهتمام خاص لقطاعات الطرق والسكن والنقل. هذه الإجراءات دفعت رابح زروقني، وهو ممرّض يبلغ من العمر 35 عاماً، التقته «وكالة الصحافة الفرنسية» في الجزائر العاصمة، إلى القول إن «هناك تطوراً ملحوظاً على مستوى البنية التحتية».

«عانينا الكثير»

ردّ تبون على معارضيه الذين ينتقدون بطء هذا التقدّم، بأن ولايته الأولى «بُترت من عامين من أصل خمس سنوات، بسبب الحرب ضد (كوفيد - 19 ) ، والفساد». ويقول عبد الحميد مقنين، وهو طالب يبلغ من العمر 20 عاماً، عن تلك الفترة: «عانينا كثيراً. فالاقتصاد انهار، ومع ارتفاع الأسعار وتكاليف المعيشة، لم يكن ممكناً القيام بأي شيء بسهولة دون التفكير فيه مئات المرات مسبقاً».

منذ عام 2022 هناك اتجاه نحو التحسّن: ففي نهاية يوليو، توقّع تبّون نمواً بنسبة 4.2 في المائة لهذا العام (بعد أكثر من 4 في المائة في العام السابق)، وناتجاً محلياً إجماليا قدره 260 مليار دولار، واحتياطياً بالعملات الأجنبية يقدّر بـ70 مليار دولار. لكن الاقتصاد لا يزال غير متنوع، ويعتمد بشكل كبير على المحروقات، إذ توفّر صادرات النفط والغاز 95 في المائة من موارد العملة الأجنبية.

على صعيد السياسة الخارجية، كان أداء تبون أيضاً متبايناً، مع عودة الجزائر إلى الساحة الدولية، من خلال تنظيم قمة الجامعة العربية فيها سنة 2022، وشغلها مقعد عضو غير دائم في مجلس الأمن في الأمم المتحدة، حيث تدافع بشراسة عن القضية الفلسطينية.

تدهورت علاقة الرئيس تبون بنظيره الفرنسي بسبب قضية الصحراء (أ.ف.ب)

ومع ذلك، فقد شهدت تدهوراً في العلاقات مع كثير من الجيران العرب والأفارقة، مثل المغرب والإمارات العربية المتحدة ومالي. وكذلك الأمر مع فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، حيث نشب خلاف جديد في نهاية يوليو بعد تقارب واضح خلال العامين الماضيين، عندما قدّمت باريس دعماً قوياً لخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء. وردّت الجزائر الداعمة لجبهة البوليساريو الانفصالية، بسحب سفيرها على الفور من باريس.



تفاعل مصري مع بكاء السيسي خلال لقائه قادة القوات المسلحة

السيسي أكد أن المنطقة تمر بظروف صعبة ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة (الرئاسة المصرية)
السيسي أكد أن المنطقة تمر بظروف صعبة ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة (الرئاسة المصرية)
TT

تفاعل مصري مع بكاء السيسي خلال لقائه قادة القوات المسلحة

السيسي أكد أن المنطقة تمر بظروف صعبة ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة (الرئاسة المصرية)
السيسي أكد أن المنطقة تمر بظروف صعبة ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة (الرئاسة المصرية)

تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع لحظات بكاء وتأثر للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال لقائه، الخميس، قادة القوات المسلحة المصرية في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة (شرق القاهرة).

وتصدر وسم «#السيسي_القايد» الترند في مصر، مع مشاركة مقاطع فيديو من لقاء السيسي، والاحتفاء بكلماته.

اللقاء الذي حضره القائد العام للقوات المسلحة المصرية، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، الفريق أول عبد المجيد صقر، ورئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، الفريق أحمد خليفة، وقادة الأفرع الرئيسية، تناول، حسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، تطوّرات الأوضاع على الساحتَين الإقليمية والدولية وانعكاساتها على الأمن والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط».

وخلال اللقاء طلب السيسي من المتحدث العسكري، العقيد غريب عبد الحافظ، أن يسدي له نصيحة، قائلاً: «تنصحني بإيه؟»، ليرد الأخير: «هون على نفسك يا فندم».

وتعليقاً على رد المتحدث العسكري، قال السيسي، الذي بدا عليه التأثر حابساً دموعه: «هما يومان في الدنيا، وبعد ذلك سنموت... يا رب يقبلني».

وأضاف الرئيس المصري مخاطباً المتحدث العسكري أنه «عندما تفهم الحكاية التي نتواجد بسببها في الأرض... لن تهون عليك أبداً»، وتابع: «عندما جاءت السيدة فاطمة أثناء وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، قالت له: (واكرباه). فرد عليها الرسول وهو ينتقل إلى الرفيق الأعلى: (لا كرب بعد اليوم على أبيكِ)».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قال إن سياسة بلاده الخارجية تتمتع بالاعتدال (الرئاسة المصرية)

وحرص رواد مواقع «التواصل» على مشاركة مقطع الفيديو، الذي يظهر فيه تأثر الرئيس المصري وهو يرد على المتحدث العسكري، من بينهم الإعلامي المصري أحمد موسى.

بينما دعا مغردون أن يعين الله الرئيس المصري ويؤيده بنصره.

وكتب آخرون، متمنين أن يحمي الله السيسي من «كيد الحاقدين».

كما عد حساب آخر بكاء الرئيس «دليلاً على ثقل الحمل الذي يتحمله».

في المقابل، ظهرت تعليقات و«هاشتاغات» ناقدة ومشككة في المشهد الذي تم بثه عبر القنوات التلفزيونية الرسمية.

وهو ما عده الخبير العسكري المصري، اللواء سمير فرج، «محاولة للتقليل من مكانة البلاد عبر الادعاء بأن حديث السيسي وتأثره هدفهما استعطاف المصريين»، مشيراً إلى أن «وراء هذه الادعاءات جماعات تسعى باستمرار للتشكيك في كل شيء، وفي كل تصريح، بهدف إثارة البلبلة وتحريض الرأي العام».

وأكد فرج لـ«الشرق الأوسط» أن «كلمات الرئيس خلال لقائه قادة القوات المسلحة حظيت بتفاعل واسع في الداخل والخارج»، مشيراً إلى أن «تأثر السيسي خلال اللقاء يعكس حجم التحديات التي تواجهها البلاد». وقال إن «السيسي سبق وقال له إنه كمن يمسك جمراً في يده، نظراً لحجم المخاطر التي تحيط بالبلاد، لا سيما خلال الفترة الأخيرة منذ اندلاع حرب غزة».

وأضاف فرج: «نعيش فترة عصيبة تحتاج حنكة وحكمة في اتخاذ القرارات». وأوضح أن «السيسي تحدث خلال اللقاء عن التهديد الذي يواجه مصر عبر جبهاتها الاستراتيجية الثلاث؛ سيناء شرقاً، وليبيا غرباً، والسودان واليمن جنوباً»، وأكد الرئيس المصري «ضرورة التأني في اتخاذ القرارات حتى لا تفقد البلاد ما بنته من تسليح وتدريب خلال السنوات الماضية».

الرئيس المصري خلال لقاء قادة القوات المسلحة المصرية (الرئاسة المصرية)

ولم يقتصر التفاعل على لحظات التأثر، بل امتد لتصريحات السيسي خلال اللقاء. وقال الإعلامي وعضو ومجلس النواب المصري (البرلمان)، مصطفى بكري، عبر حسابه على «إكس»، إن «حديث الرئيس السيسي مع قادة القوات المسلحة يعكس حرصه على التشاور معهم بشأن التحديات التي تواجه مصر في الوقت الراهن على كافة الاتجاهات الاستراتيجية».

ولفت بكري إلى أن الرئيس المصري أرسل خلال اللقاء رسائل عدة؛ من أبرزها «التأكيد على أن إدارة مصر المتزنة ساهمت في الاستقرار، وأن مصر ليست في معزل عما يدور حولها من أزمات وتحديات، مع التشديد على ضرورة الحفاظ على التدريب والجاهزية للقوات المسلحة للحفاظ على أمن مصر القومي».

من جانبه، أشار الخبير العسكري المصري إلى أن «لقاء السيسي مع الجيش هذه المرة مختلف، حيث حضره قادة الفرق واللواءات، على غير المعتاد في مثل هذه الاجتماعات التي يحضرها (المجلس الأعلى للقوات المسلحة) وقادة الجيوش، ما يعني أن الرئيس أراد أن تصل رسالته لكل جندي».

وحمل لقاء السيسي مع قادة القوات المسلحة «رسائل عدة للداخل والخارج، ملخصها أن الجيش جاهز ومتيقظ»، حسب سمير فرج.

تناول اللقاء، «جهود القوات المسلحة في تأمين جميع الاتجاهات الاستراتيجية للدولة ومدى جاهزيتها لتنفيذ المهام التي تُوكل إليها»، حيث أكد الرئيس المصري أن «القوات المسلحة هي أهم ركيزة للاستقرار في مصر والمنطقة في ظل الأزمات والصراعات التي تحيط بالبلاد على كافة حدودها»، معرباً عن «اطمئنانه تجاه الدور الحيوي الذي يلعبه الجيش في الحفاظ على استقرار البلاد».

وقال السيسي إن «المنطقة تمر بظروف صعبة، ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة والتطورات الجارية في الاتجاهات الاستراتيجية المختلفة، في كافة حدود الدولة الغربية والجنوبية والشرقية والشمال الشرقي».

وأضاف أن «سياسة مصر الخارجية تتمتع بالاعتدال»، مشيراً إلى أن «مهمة القوات المسلحة لا تقتصر على التدريب العسكري فحسب، بل تتفاعل أيضاً مع الوضع السياسي والأمني في الداخل والخارج»، وشدد على «أهمية اتخاذ القرارات السليمة مهما كانت جاهزية القوات للحفاظ على كل المكتسبات التي تحققت خلال 10 سنوات مضت».