«دماء ورصاص» في الذكرى الـ55 لـ«ثورة القذافي»

مقتل 4 مواطنين بمدينة زليتن... والساعدي يشيد بـ«إنجاز» والده

أنصار القذافي يُنزلون صورة الملك إدريس السنوسي (أرشيفية متداولة على صفحات أنصار النظام السابق)
أنصار القذافي يُنزلون صورة الملك إدريس السنوسي (أرشيفية متداولة على صفحات أنصار النظام السابق)
TT

«دماء ورصاص» في الذكرى الـ55 لـ«ثورة القذافي»

أنصار القذافي يُنزلون صورة الملك إدريس السنوسي (أرشيفية متداولة على صفحات أنصار النظام السابق)
أنصار القذافي يُنزلون صورة الملك إدريس السنوسي (أرشيفية متداولة على صفحات أنصار النظام السابق)

في أجواء أمنية وسياسية مضطربة، لم تخلُ من إطلاق رصاص وسقوط دماء، احتفلت مدن ليبية بالذكرى الـ55 لـ«ثورة الفاتح من سبتمبر (أيلول)» التي حكم بمقتضاها الرئيس الراحل معمر القذافي البلاد أكثر من 4 عقود منذ عام 1969.

وخرج مؤيدون لنظام القذافي، مساء السبت، في مدن عدة، من بينها زليتن، شرق العاصمة طرابلس، رافعين الرايات الخضراء المعبرة عن النظام الجماهيري السابق، لكن سرعان ما انقلبت أجواء الاحتفال إلى كرّ وفرّ، سقط على إثرها 3 من مؤيدي القذافي، وقتل مواطن آخر بعد اندلاع اشتباكات مع أنصار «ثورة 17 فبراير (شباط)».

وللمرة الأولى يعلّق الساعدي القذافي، نجل الرئيس الراحل، على «ثورة الفاتح» منذ خروجه من السجن، وقال عبر حسابه على منصة «إكس»: «الليلة هي ذكرى (الفاتح العظيم) الذي سطّر في التاريخ المجد والإنجازات وجلب العزة والكرامة للشعب الليبي، في هذه المناسبة الكريمة أتقدم بالتهنئة لأهلنا في ربوع ليبيا الغالية».

القذافي في صورة أرشيفية مع زوجته صفية وأبنائه سيف العرب وخميس والمعتصم بالله (غيتي)

ومن قلب المدن، التي لا تزال على ولائها للنظام السابق، من بينها غات وأوباري (جنوباً) إلى بني وليد (شمالاً) ثم زليتن وصبراتة (غرباً) لاحت صور القذافي والرايات الخضراء المعبرة عن حقبته، ما أثار حفيظة معارضيه، وتسببت في مشاحنات.

وأعلن نشطاء في مدينة زليتن ومصادر محلية أن اشتباكات اندلعت بين مناصري القذافي وآخرين من «ثورة 17 فبراير» ما أدى إلى سقوط 3 قتلى من المؤيدين للنظام السابق. هم أيوب حديد، وعطية جبران، وعبد القادر الحويج. فيما قال آخرون إن مواطناً آخر يدعى عطية جبران قتل على يد موالين للنظام السابق.

والتزمت السلطات الرسمية الصمت حيال ما شهدته زلتين حتى الساعات الأولى من صباح الأحد، لكن صفحات من المدينة على مواقع التواصل الاجتماعي أشارت إلى أن مسلحين من ميليشيا «حريز» قتلوا الثلاثة خلال احتفالهم بـ«ثورة الفاتح». وانتشرت مقاطع فيديو لسيارة مدججة بالرشاشات تطلق النار بشكل عشوائي على المواطنين.

أجواء الاحتفالات من بني وليد (مواقع التواصل)

وجاء ذلك وسط مطالب شعبية لحكماء وأعيان زليتن والمجلس البلدي بـ«التحرك الفوري لحقن الدماء وتهدئة الأوضاع في المدينة التي تشهد اضطرابات واسعة، دفعت بعض أهالي المقتولين إلى إضرام النار في منزل أحد المتهمين بقتله».

 

وأعاد حساب منسوب لعائشة ابنة الرئيس الراحل، على منصة «إكس»، التدوينة التي كتبها الساعدي، وسط احتفاء واسع من أنصار النظام السابق، وحرص معارضيه على التذكير بأنه كان «نظاماً ديكتاتورياً حكم ليبيا بالحديد والنار؛ ولم يهتم بتنمية البلاد».

وعدّت قيادات ومسؤولون بالنظام السابق «ثورة الفاتح» حدثاً تاريخياً التفّ حوله الليبيون.

وقال أحمد قذاف الدم، المسؤول السياسي في «جبهة النضال الوطني الليبية»، إن «اللغط كثر في الآونة الأخيرة عن دوافع الحركة الثورية وبدايتها»، مشيراً إلى أنها «كانت صرخة حرية عبّر عنها معمر القذافي في بيانه الأول للثورة، عندما نادى الشعب الليبي بقوله أيها الشعب الليبي العظيم».

وقال قذاف الدم إن «ما نراه اليوم على الأرض الليبية يذكرنا بأن فجراً يلوح، وأن شعبنا سينتفض حتماً بقيادة أبنائه الأحرار ليزيح عن كاهله كابوس الذل والخنوع والعار ويستعيد وطنه وكرامته وكبريائه».

وعادة ما تشهد هذه الذكرى مناوشات لفظية بين أنصار «ثورة 17 فبراير» التي أطاحت القذافي عام 2011، وأنصار ثورة «الفاتح من سبتمبر» التي جاءت به إلى الحكم قبل عقود، وحملات انتقاد لاذعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

«ميدان الشهداء» بطرابلس الذي شهد أكبر الاحتفالات بإسقاط نظام القذافي (أرشيفية - مديرية أمن طرابلس)

وعدّ مصطفى الزائدي، أمين اللجنة التنفيذية للحركة الوطنية الشعبية الليبية، أن «(ثورة الفاتح من سبتمبر) حدث تاريخي شاء من شاء وأبى من أبى»، وقال إنها «جاءت ضمن سلسلة من الثورات في الوطن العربي التي دشنتها (ثورة 23 يوليو - تموز) المجيدة وإعادة إطلاق حركات التحرر في أفريقيا».

وأضاف: «في هذه الظروف التي تمر بها ليبيا نجدد الدعوة إلى إطلاق عملية نضالية جادة لاستعادة الوطن وحماية الشعب، تكون القوات المسلحة العربية الليبية عمودها الفقري».

وقبل 55 عاماً من الآن، كانت ليبيا تحت حكم الملك محمد إدريس السنوسي، قبل أن يقود القذافي حركة «الضباط الوحدويين» في الجيش الليبي، وينقلب عليه، بحسب معارضيه، ليحكم البلاد قرابة 42 عاماً. وعلى الرغم مما أحدثته «الفاتح من سبتمبر» في البلاد من تغيير، فإن هناك من ينادون بالعودة إلى النظام الملكي «لإنقاذ البلاد من التخبط السياسي».

ولا يزال الليبيون الرافضون للثورتين يكررون مقولة متداولة: «الفاتح ليست بعظيمة ولن تعود، و(فبراير) ليست بمجيدة ولن تسود».


مقالات ذات صلة

ليبيا: استئناف الإنتاج بحقول نفطية بضغط أميركي

شمال افريقيا صورة لحقول نفط تم إعادة تشغيلها في ليبيا (القوات البرية بـ«الجيش الوطني»)

ليبيا: استئناف الإنتاج بحقول نفطية بضغط أميركي

قال منسّق «حراك فزان في ليبيا» بشير الشيخ، إنه تم استئناف إنتاج النفط في بعض حقول الجنوب الشرقي «بضغط أميركي».

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)

مطالب أممية بمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في ترهونة الليبية

حذّر تقرير للأمم المتحدة من أن غياب المساءلة، والسنوات الطويلة من إفلات المتسببين في انتهاكات حقوق الإنسان، والتجاوزات المرتكبة في مدينة ترهونة الليبية

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا محافظ المصرف المركزي الجديد خلال اجتماع بمساعديه (المصرف المركزي)

«النواب» الليبي يُصر على رفض محافظ «المركزي»... ويدعو للتهدئة

دخلت أزمة المصرف المركزي الليبي، مرحلة جديدة، السبت، وسط محاولة من حكومة الوحدة المؤقتة في العاصمة طرابلس، لاحتواء لانتقادات أميركية.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا لقاء سابق يجمع صالح والمشري وستيفان ويليامز المبعوثة الأممية بالإنابة (المكتب الإعلامي لرئيس مجلس النواب الليبي)

ليبيون يعلّقون آمالهم على تقارُب صالح والمشري لإحياء المسار الانتخابي

تدفع أزمة المصرف المركزي الليبي بإمكانية العودة إلى بحث العملية السياسية، في ظل عقد البعض آمالاً على عودة التقارب بين مجلسَي النواب و«الأعلى للدولة».

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا لقاء سابق يجمع صالح وسفير الاتحاد الأوروبي إلى ليبيا (حساب السفير على «إكس»)

«الأوروبي» يدعو قادة ليبيا إلى «خفض التوترات»... وتشغيل النفط

أطلقت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى ليبيا عدداً من التحذيرات لقادة البلاد ودعتهم للتحاور والاستجابة لمبادرة الأمم المتحدة، كما شددت على ضرورة إعادة إنتاج وضخ النفط.

جمال جوهر (القاهرة)

مصر تدين سياسة «الأرض المحروقة» في الضفة الغربية

بدر عبد العاطي خلال لقاء سيغريد كاغ في القاهرة (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء سيغريد كاغ في القاهرة (الخارجية المصرية)
TT

مصر تدين سياسة «الأرض المحروقة» في الضفة الغربية

بدر عبد العاطي خلال لقاء سيغريد كاغ في القاهرة (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء سيغريد كاغ في القاهرة (الخارجية المصرية)

أدانت مصر «استمرار الاعتداءات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية، التي أدت لاستشهاد وإصابة عشرات الفلسطينيين على مدار الأيام الماضية». كما أدانت مصر سياسة «الأرض المحروقة» في الضفة الغربية. وشددت على ضرورة احتواء التصعيد العسكري.

واستنكرت مصر في بيان لوزارة الخارجية والهجرة، الأحد، السعي الإسرائيلي المستمر لتوسيع رقعة المواجهات داخل الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك الضفة الغربية والقدس الشرقية، والإمعان في استخدام القوة العسكرية المفرطة وعمليات القتل غير القانونية وتجريف الطرق وتدمير البنية التحتية المدنية والمنازل، بالإضافة إلى عمليات الاعتقال وما يصاحبها من تعذيب.

وشددت القاهرة على أن تلك الانتهاكات لا ينبغي أن تمر دون حساب، وأنه على إسرائيل التقيد بالتزاماتها القانونية كقوة احتلال، وحماية أمن السكان الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، بدلاً من سعيها المستمر للتصعيد وتأجيج الصراع في الأراضي المحتلة.

كما جددت مصر تحذيرها من مخاطر «سياسة الأرض المحروقة»، التي تستهدف تقويض كل مقومات الدولة الفلسطينية المستقبلية والقضاء على ما يتبقى من أمل للشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة على حدود يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. وطالبت الأطراف المؤثرة في المجتمع الدولي، ومجلس الأمن، بموقف حازم يوقف تلك الممارسات غير الشرعية، ويوفر الحماية للشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة.

دبابة إسرائيلية تعمل بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة (رويترز)

وفي إفادة أخرى، شددت مصر على «ضرورة احتواء التصعيد العسكري في الضفة الغربية، واضطلاع إسرائيل بمسؤولياتها في توفير الأمن للسكان الفلسطينيين بوصفها قوة احتلال، بدلاً من ترويعهم وانتهاك حقوقهم الإنسانية كافة، من خلال عمليات القتل والاغتيال والاعتقال والتعذيب».

جاء التشديد المصري خلال لقاء وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، بدر عبد العاطي، الأحد، في القاهرة، كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في قطاع غزة، سيغريد كاغ.

ورحّب الوزير عبد العاطي بالتعاون بين الآلية الأممية و«الهلال الأحمر المصري» فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية المقدمة إلى قطاع غزة عن طريق مصر، مشدداً على أهمية تسهيل عملية إدخال المساعدات الإنسانية والسماح بالانتهاء من الإجراءات ذات الصلة في أسرع وقت ممكن بعيداً عن العراقيل التي تفرضها إسرائيل، مؤكداً «ضرورة مواصلة إطلاع مجلس الأمن بشفافية وبوضوح على التطورات الخاصة بعمل الآلية ومدى تعاون الدول معها في تنفيذ الولاية التي أوكلها إليها مجلس الأمن، سواء فيما يتعلق بتسهيل دخول المساعدات الإنسانية أو بإنشاء الآلية الأممية».

بدر عبد العاطي خلال لقاء سيغريد كاغ في القاهرة (الخارجية المصرية)

وحسب المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية والهجرة المصرية، أحمد أبو زيد، الأحد، فقد رحّب وزير الخارجية والهجرة المصري بالمسؤولة الأممية في القاهرة، مؤكداً «مواصلة مصر تقديم الدعم اللازم لها لتمكينها من تنفيذ مهام ولايتها التي نص عليها قرار مجلس الأمن المنشئ لها رقم 2720، والتأكيد على الرغبة المصرية في استمرارها في تنفيذ مهام ولايتها لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني».

وأعرب عبد العاطي عن انزعاج مصر الشديد من محاولات تكرار ما يحدث بغزة في الضفة الغربية.

من جانبها، حرصت المسؤولة الأممية على استعراض أبرز الجهود التي بذلتها خلال الفترة الماضية في سبيل تسهيل إدخال وتوزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، بما في ذلك المشاركة في حملة التطعيم ضد شلل الأطفال التي بدأت، الأحد. وأشارت إلى الصعوبات التي تواجهها الآلية الأممية في ظل استمرار العمليات العسكرية وتدهور الوضع الأمني في القطاع، مشددة على حرصها على التعاون مع مصر خلال الفترة المقبلة لحشد المزيد من المساعدات الإنسانية والإغاثية من مجتمع المانحين الدوليين، واتخاذ الترتيبات اللازمة لدخولها القطاع فور سماح الظروف بذلك.