أثار قرار الحكومة المصرية بزيادة الحوافر المادية للمعلمين بالمدارس من بداية العام الدراسي الجديد، الذي ينطلق الشهر المقبل، تساؤلات حول مدى تأثير هذه الحوافز في مجابهة «الدروس الخصوصية» بمصر، وسط تحركات من وزارة التربية والتعليم لـ«إعادة الانضباط إلى المدارس».
وتضمن قرار الحكومة زيادة قيمة الحصة للمعلمين، سواء كانوا من العاملين الرسميين أو المتعاقدين للتدريس بالحصة، لتكون 50 جنيهاً (الدولار الأميركي يساوي 48.78 في البنوك المصرية) بدلاً من 20 جنيهاً، مع احتساب الحصص الزائدة عن النصاب الأسبوعي للمعلم المُعين بالقيمة نفسها، مما سيتيح لبعض المعلمين «فرصة الحصول على زيادة في الرواتب».
وترى عضو لجنة «التعليم» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائبة جيهان البيومي، قرار الحكومة «خطوة أولى مهمة لتحسين دخل المعلمين، سواء من المعينين أو الذين يباشرون عملهم وفق نظام الأجر بالحصة»، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك التزاماً حكومياً بتحسين جودة العملية التعليمية وإعادة الانضباط إلى المدارس المصرية».
ورغم تطلع جيهان البيومي إلى زيادة قيمة الأجر بالنسبة للحصة للمعلمين لتحفيزهم؛ فإنها أكدت «ضرورة متابعة الآباء لأبنائهم في المدارس، والتأكد من قيام المعلمين بشرح المناهج الدراسية بشكل كامل»، لافتة إلى أن «الدور المجتمعي لإنجاح عودة الانتظام بالمدارس والقضاء على الدروس الخصوصية مهم للغاية».
لكن الخبيرة التربوية في مصر، الدكتورة بثينة عبد الرؤوف، وصفت نسبة الزيادة في أجر الحصة للمعلمين بـ«الهزيلة»، مشيرة إلى وجود مطالب سابقة بزيادتها لتصل إلى 150 جنيهاً منذ أكثر من عامين، بينما الآن يفترض أن تتضاعف عن القيمة التي كانت مقترحة بسبب معدلات التضخم وزيادة الأسعار.
وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن «قبول المعلم، الذي يعمل بالحصة بهذا الأجر في مقابل أجور أعلى بكثير بـ(مراكز الدروس الخصوصية) سينعكس على قدرته في توصيل المعلومات للطلاب، أو سيلجأ للمدرسة من أجل جذب مزيد من الطلاب لإعطاء دروس خصوصية».
وشهدت الأيام الماضية ملاحقات لعدد من «مراكز الدروس الخصوصية» التي بدأت عملها منذ مطلع الشهر الحالي، مما أدى إلى إغلاق بعضها، وتوقف البعض الآخر عن العمل، في وقت يترقب فيه معلمو المرحلة الثانوية (قبل الجامعية) التعديلات التي ستدخل على المناهج الدراسية خلال العام الجديد بالحذف والإضافة، بعدما قلصت وزارة التعليم المواد المضافة للمجموع الكلي في الصف الثالث الثانوي.
وبحسب مصدر في «التربية والتعليم»، فإن الوزارة ستبدأ مجموعات تقوية بالمدارس مع بداية العام الدراسي، وهذه المجموعات ستسمح للمعلمين بالحصول على أجر إضافي مقابل التدريس فيها بعدّ الأمر أحد عوامل جذب المعلمين للتدريس في المدرسة، مشيراً إلى أن التجربة التي طبقت في وقت سابق وواجهت عقبات «سيتم العمل على حلها عبر تصور متكامل يجري تنفيذه برقابة مشددة». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الآليات التنفيذية لمجموعات التقوية الدراسية بالمدارس ستعلن في الأسابيع المقبلة، وستكون هناك فرصة لجميع الطلاب للالتحاق بها بما «يخدم العملية التعليمية ويشجع الطلاب على عدم الالتحاق بالدروس الخصوصية خارج المدارس».
وهنا أشارت عضو لجنة «التعليم» إلى ضرورة الدعم المجتمعي للإجراءات الحكومية في مواجهة الدروس الخصوصية، بما سيخفف العبء المالي على أولياء الأمور، معربة عن أملها في «مساندة الأسر لهذه التحركات ودعمها والتوقف عن إلحاق أبنائهم بالدروس الخصوصية».
وهو الأمر الذي شككت الخبيرة التربوية في نجاحه عند التطبيق على أرض الواقع. وأرجعت عدم تفاؤلها لكونه متكرراً منذ سنوات طويلة، وتحديداً منذ عام 1997 الذي شهد «تجريم الدروس الخصوصية وملاحقة المعلمين»، لافتة إلى أن الأمر سيستمر طالما أن «المعلمين يشعرون بعدم حصولهم على الأجر الذي يستحقونه، خصوصاً مع التفاوت الكبير بين الأجور في المدارس و(مراكز الدروس الخصوصية)».