الكوليرا تقتل وتصيب المئات في عدد من ولايات السودان

الحرب والفيضانات والأوبئة تهدد حياة ملايين السودانيين

رجل يقوم بتطهير مركز عزل ريفي حيث يتم علاج المرضى من الكوليرا في ود الحليو بولاية كسلا في شرق السودان (أ.ف.ب)
رجل يقوم بتطهير مركز عزل ريفي حيث يتم علاج المرضى من الكوليرا في ود الحليو بولاية كسلا في شرق السودان (أ.ف.ب)
TT

الكوليرا تقتل وتصيب المئات في عدد من ولايات السودان

رجل يقوم بتطهير مركز عزل ريفي حيث يتم علاج المرضى من الكوليرا في ود الحليو بولاية كسلا في شرق السودان (أ.ف.ب)
رجل يقوم بتطهير مركز عزل ريفي حيث يتم علاج المرضى من الكوليرا في ود الحليو بولاية كسلا في شرق السودان (أ.ف.ب)

ضرب وباء الكوليرا مناطق واسعة من السودان، لا سيما مناطق شرق البلاد، وأعلنت السلطات الصحية ارتفاع الإصابات بالكوليرا إلى أكثر من خمسمائة حالة، ووفاة أكثر من 27 نتيجة للوباء الذي اجتاح البلاد، هذا إلى جانب الأمراض الناتجة عن الجوع ونقص الغذاء وإصابات الحرب وخراب البيئة بسبب الحرب أولاً، وبسبب السيول والفيضانات والأمطار الغزيرة التي اجتاحت أنحاء واسعة من البلاد.

وقال «تحالف القوى المدنية» في شرق السودان في بيان، إن الوباء ضرب مناطق عديدة في ولاية كسلا التي تقع تحت سيطرة الجيش السوداني على وجه الخصوص، لا سيما محلية «ود الحليو»، وإن معدلات الإصابة تتزايد باستمرار مع عجز السلطات الصحية عن توفير المطلوبات اللازمة لمكافحة الوباء الذي مر على استشرائه أكثر من شهر.

مسؤولية الجيش

وحمّل المتحدث باسم التحالف الوالي السابق، صالح عمار، الجيش مسؤولية تفشي الوباء، باعتبار مناطق تفشيه تقع تحت سيطرته. وقال: «تتحمل القوات المسلحة (الجيش) واجباً قانونياً وأخلاقياً في محاربة الوباء، وفتح مسارات المساعدات وتسهيل حركة الكوادر الطبية، والتعاون مع المجتمع الدولي الراغب في المساعدة».

وأكدت السلطات الصحية في كسلا، والتي تعد أكثر ولاية تأثراً بالوباء، في تصريحات، أن أكثر من 300 إصابة بالكوليرا تم تأكيدها، أدت لوفاة 20 شخصاً على الأقل، وأن الاشتباه في الإصابة في محليات الولاية المختلفة تأتي نتيجته إيجابية بما يقارب 50 بالمائة.

بدورها، أعلنت ولاية القضارف المحاذية لولاية كسلا تأثرها بالوباء، ونقلت تقارير صحافية عن وزارة الصحة تسجيل حالات اشتباه عديدة بالكوليرا، ما اضطر السلطات لفتح مراكز عزل.

رجل يطهّر أحد الأروقة في منطقة ود الحليو بالسودان (أ.ف.ب)

ويواجه السودانيون أوضاعاً مأساوية بسبب الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، المستمرة منذ قرابة عام ونصف العام، وزادت الفيضانات والسيول والأمطار الغزيرة التي اجتاحت مناطق واسعة الوضع سوءاً، فانتشرت الأمراض الوبائية بشكل لافت.

وأدى دمار البنية الصحية بسبب الحرب إلى انتشار الكوليرا، بما يهدد نحو قرابة 10 ملايين مواطن شردتهم الحرب يعيشون أوضاعاً إنسانية قاسية في معسكرات النزوح.

وضع صحي «كارثي»

وقالت نقابة أطباء السودان إن الوضع الصحي وصل إلى مرحلة كارثية، مع توالد الذباب والنواقل المختلفة بسبب تراكم مياه الأمطار، في الوقت الذي دُمّرت فيه 80 بالمائة من المنشآت الصحية، وخرجت معظم المستشفيات عن الخدمة، ودُمّرت مخازن الأدوية واللقاحات.

وفي جنوب الخرطوم، تزايدت باطراد الإصابات بالكوليرا، ونقل بيان صادر عن غرفة طوارئ منطقة جنوب الحزام أن الإصابات في مناطق «مايو» و«عد حسين» تزيد عن 456 حالة، مع ثلاث حالات وفاة.

وأعلن وزير الصحة الاتحادي المكلف، الأحد الماضي، ارتفاع الإصابات بالكوليرا إلى 354 إصابة، ووفاة 22 بالوباء. وقال إن السلطات تتواصل مع المجتمع الدولي ووكالات الأمم المتحدة المختصة لتوفير لقاحات الكوليرا.

وتسببت الحرب في خراب بيئي شامل في السودان، وانتشرت الجثث المتعفنة، ما أدى لانتشار الذباب والنواقل المختلفة، فضلاً عن تأثير مخلفات القتال من ذخائر ومتفجرات مختلفة ومخلفات تعدين الذهب التي جرفتها السيول إلى المناطق المأهولة بالسكان، على المواطنين الذين يعانون الحرب.

تحذير من توسع انتشار الوباء

وحمّلت نقابة أطباء السودان، السلطات المسؤولية عن تفاقم الأوضاع وعدم الإعلان عن الوباء بعد اكتشافه، وإنها اضطرت إلى أن تعلن عنه «متأخرة». ووفقاً لصفحتها على منصة «إكس»، فإن المعلومات المعلنة عن الوباء تتعلق بالمناطق التي لا تشهد عمليات عسكرية، وإن مناطق القتال لا توجد بشأنها معلومات دقيقة عن الإصابات بالوباء.

طفل يتلقى اللقاح خلال حملة لمكافحة وباء شلل الأطفال بولاية القضارف (شرق) في 19 أغسطس (أ.ف.ب)

وطالبت النقابة بوقف الحرب، لتأثيرها على فاعلية النظام الصحي، ودعت السلطات للتعامل بالشفافية اللازمة، بما في ذلك عدد الإصابات والموقف الدوائي في البلاد، وحذرت من انتقال الوباء للولايات الأخرى، ودعت لعزل حالات الاشتباه ورفع درجات التثقيف بالمرض.

وكانت منظمة الصحة العالمية قد حذرت منذ مايو (أيار) الماضي من انهيار نظام الرعاية الصحية، لا سيما في المناطق التي يصعب الوصول إليها، في ظل الدمار الذي لحق بالمرافق الصحية وتعرضها للنهب والنقص الحاد في الكوادر والأدوية واللقاحات والمعدات، وتعطل سلاسل الإمداد.

وقالت إن ما بين 20 و30 بالمائة فقط من المنشآت الصحية لا تزال تعمل بالحد الأدنى، وإن الإمدادات الطبية لا تلبي سوى 25 بالمائة من الاحتياجات.


مقالات ذات صلة

ترحيب أممي بإنشاء مراكز إنسانية في 3 مطارات سودانية

شمال افريقيا عقار وفليتشر خلال لقائهما في الخرطوم أمس (إكس)

ترحيب أممي بإنشاء مراكز إنسانية في 3 مطارات سودانية

رحب المسؤول الأممي توم فليتشر الثلاثاء بإعلان قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان بالسماح لمنظمات الأمم المتحدة بإنشاء مراكز إنسانية في 3 مطارات بالبلاد

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان خلال مشاركته بالجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع في إيطاليا (واس)

السعودية تدعو المجتمع الدولي للتحرك لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

شددت السعودية، الاثنين، خلال الجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع (G7)، على ضرورة تحرك المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان.

«الشرق الأوسط» (فيوجي)
شمال افريقيا قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان يؤدي التحية العسكرية خلال فعالية في بورتسودان 25 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

البرهان يسمح للمنظمات الإغاثية باستخدام 3 مطارات لتخزين مواد الإغاثة

وجه رئيس المجلس السيادي السوداني عبد الفتاح البرهان، بالسماح لمنظمات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة باستخدام 3 مطارات بوصفها مراكز لتخزين مواد الإغاثة الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

«الدعم السريع» تتهم الجيش السوداني بالاستعانة بخبراء من «الحرس الثوري» الإيراني

توعدت «الدعم السريع» بمواصلة «العمليات الخاصة النوعية»، لتشمل «جميع المواقع العسكرية لميليشيات البرهان والحركة الإسلامية الإرهابية»، واعتبارها أهدافاً بمتناولها

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

تكثف مصر دعمها للسودان في إعادة الإعمار... وناقش ملتقى اقتصادي في القاهرة الاستثمارات المشتركة بين البلدين، والتعاون الاقتصادي، لتقليل تأثيرات وخسائر الحرب.

أحمد إمبابي (القاهرة )

مصر: انتشال 3 جثث بعد غرق مركب سياحي في البحر الأحمر

عناصر من رجال الإسعاف والإنقاذ المصري يسعفون أحد الناجين من ركاب المركب (المتحدث العسكري المصري - «فيسبوك»)
عناصر من رجال الإسعاف والإنقاذ المصري يسعفون أحد الناجين من ركاب المركب (المتحدث العسكري المصري - «فيسبوك»)
TT

مصر: انتشال 3 جثث بعد غرق مركب سياحي في البحر الأحمر

عناصر من رجال الإسعاف والإنقاذ المصري يسعفون أحد الناجين من ركاب المركب (المتحدث العسكري المصري - «فيسبوك»)
عناصر من رجال الإسعاف والإنقاذ المصري يسعفون أحد الناجين من ركاب المركب (المتحدث العسكري المصري - «فيسبوك»)

قال عمرو حنفي، محافظ البحر الأحمر في مصر، لـ«رويترز» اليوم (الثلاثاء)، إنه تم انتشال 3 جثث من مركب سياحي غرق قبالة سواحل البحر الأحمر أمس (الاثنين)، ولا يزال 13 شخصاً في عداد المفقودين.

ووقع الحادث في الساعات الأولى من صباح أمس (الاثنين)، بشحوط اللانش «سي ستوري» خلال رحلة غوص وسفاري، حيث كان يقل 31 سائحاً من جنسيات أجنبية مختلفة، بالإضافة إلى طاقمه المكون من 14 فرداً من بحارة وغطاسين. وحتى مساء أمس (الاثنين)، أنقذت الفرق المعنية 28 شخصاً، بينما استمرت عمليات البحث عن 17 مفقوداً.

وأعلن محافظ البحر الأحمر، في بيان، أن الناجين الذين تم إنقاذهم يتلقون الرعاية الطبية اللازمة، مع تكثيف الجهود للعثور على باقي المفقودين.

ومن جانبه، قال المتحدث العسكري المصري عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إن القيادة العامة للقوات المسلحة، كلفت قيادة القوات البحرية بدفع عدد من القطع البحرية وطائرات مركز البحث والإنقاذ فور تلقي بلاغ استغاثة يفيد بتعرض المركب السياحي «سي ستوري» للغرق أثناء تنفيذ أعمال الغطس جنوب مدينة مرسى علم بنحو (35) كم، للمشاركة في أعمال البحث عن المفقودين والناجين، وذلك في ظل سوء الأحوال الجوية واتساع نطاق الحادث.

وذكر في البيان: «وقد أسفرت الجهود عن إنقاذ 28 فرداً بالتعاون مع إحدى السفن السياحية التي تصادف وجودها بمنطقة الحادث، كما تم تقديم الرعاية الطبية والإدارية اللازمة للناجين ونقل الحالات التي تستدعي رعاية طبية عاجلة إلى المستشفيات القريبة من موقع الحادث بالتعاون مع الأجهزة التنفيذية لمحافظة البحر الأحمر، كما أصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة أوامرها للقوات البحرية بتكثيف جهودها لمواصلة عمليات البحث عن باقي المفقودين والناجين».