«تزوير التزكيات» يعكّر صفو حملة «رئاسية» تونس

ناخبون أكدوا توظيف معطياتهم الشخصية لصالح أحد المترشحين دون موافقتهم

هيئة الانتخابات تستعد للانتخابات المقبلة (موقع الهيئة)
هيئة الانتخابات تستعد للانتخابات المقبلة (موقع الهيئة)
TT

«تزوير التزكيات» يعكّر صفو حملة «رئاسية» تونس

هيئة الانتخابات تستعد للانتخابات المقبلة (موقع الهيئة)
هيئة الانتخابات تستعد للانتخابات المقبلة (موقع الهيئة)

هيمن ملف «تزوير التزكيات» خلال الأيام الأخيرة على موضوع الانتخابات الرئاسية في تونس، بعد ورود عدة بلاغات وشكاوى للهيئة العليا للانتخابات، وانتشار قصص تؤكد حدوث تجاوزات ومخالفات إبان الحصول على التزكيات المطلوبة لتقديم ملف الترشح للانتخابات الرئاسية، المقررة في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

وأذنت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية في تونس، أمس (الجمعة)، بفتح تحقيق عدلي في شبهة تزوير تزكيات، واستعمال معطيات شخصية للغير دون موافقته، وإجراء الاختبارات الفنية للتأكد من واقعة التزوير، وفق ما صرح به الناطق الرسمي للمحكمة، سامي صمادحي، لـ«وكالة تونس أفريقيا للأنباء».

الرئيس قيس سعيد بين أبرز المرشحين للفوز بولاية ثانية (د.ب.أ)

وقال صمادحي: «تقدَّم 8 مواطنين بشكايات أمنية أكدوا فيها تفطُّنهم، بعد استعمال خدمة التثبت الخاصة بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات، لاستغلال وتوظيف معطياتهم الشخصية لصالح أحد المترشحين للانتخابات الرئاسية دون موافقتهم، كما أشار بعضهم، وأغلبهم مسنون، إلى تزكيتهم لمرشح، لكن بالتثبت من الأمر تبين لهم تزكية مترشح آخر. وفور الإبلاغ عن الوقائع، تم الاستماع للمكلف بجمع التزكيات لصالح المترشح، ولا تزال الأبحاث جارية في انتظار نتيجة الاختبارات الفنية، واستكمال بقية التحقيقات التي شملت آخرين من ذوي العلاقة بحملة المترشح المعني بجمع التزكيات محل الشبهة».

فاروق بوعسكر رئيس هيئة الانتخابات التونسية (إ.ب.أ)

من جهتها، قالت الناطقة الرسمية باسم المحكمة الابتدائية بمنوبة، سندس النويوي، أمس (الجمعة)، إن النيابة العمومية بالمحكمة أذنت بفتح محضر عدلي لدى فرقة الأبحاث والتفتيش بمنطقة الحرس الوطني بطبربة في «شبهة تزوير تزكيات، وتقديم عطايا قصد التأثير على الناخب، وطالبت بإجراء الاختبارات الفنية للتأكد من واقعة التدليس».

وأضافت النويوي، في تصريح لـ«وكالة تونس أفريقيا للأنباء»، أنّ ذلك يأتي على خلفية تقدُّم 11 شخصاً من طبربة بشكايات مباشرة إلى الفرقة المذكورة، أكدوا فيها أنّه تم استعمال معطياتهم الشخصية لملء استمارات تزكيات لصالح أحد المترشحين للانتخابات الرئاسية، دون موافقتهم أو رغبتهم، موضحة أنّ المشتكين تفطّنوا إلى هذا الأمر، إثر استعمالهم خدمة التثبت التي وضعتها هيئة الانتخابات للعموم، بهدف التصدي لكل محاولات التزوير، وتأكيد صحة التزكيات.

وتابعت الناطقة باسم المحكمة أنه بإيلاء الموضوع الأهمية اللازمة، انطلقت الأبحاث، وتم الاستماع إلى شخص أكد تكليفه من قبل أحد الأشخاص للقيام بذلك، فيما لا تزال الأبحاث جارية في انتظار الاختبارات الفنية التي تثبت شبهة التدليس من عدمها، حسب تأكيدها.

في سياق متصل، كشف الناطق باسم المحكمة الإدارية، فيصل بوقرة، لـ«وكالة تونس أفريقيا للأنباء» أن دائرة استئنافية أصدرت، أمس الجمعة، «حكماً برفض الطعن شكلاً بخصوص ملف طعن تقدَّم به مترشح للرئاسيات المقبلة، لم تبت بالتالي في أصل النزاع»، حسب تعبيره.

ويتعلق هذا الملف، وهو الأول الذي بتت فيه المحكمة الإدارية، بملف ترشح ناجي جلول، رئيس حزب الائتلاف الوطني، الذي سبق أن أعلن توجهه إلى القضاء الإداري، بعد رفض الهيئة العليا المستقلة للانتخابات طلب ترشحه للانتخابات الرئاسية.

وأضاف بوقرة أن بقية الدوائر الاستئنافية المكلفة النظر في بقية الطعون المقدمة إلى المحكمة «حدَّدت تواريخ صدور بقية الأحكام، ومن المنتظَر أن يصدر يوم غد الأحد ثلاثة أحكام، على أن يعلن يوم الاثنين عن نص الحكمَيْن المتبقيين، وتكون بالتالي قد صدرت جميع الأحكام الخاصة بالتقاضي ابتدائياً في مجمل الطعون، التي قُدّمت للقضاء الإداري، فيما يخص الترشح للرئاسيات المقبلة»، حسب قوله.



الإقبال «اللافت» على التعليم الأزهري يثير جدلاً في مصر

جانب من الدراسة داخل أحد المعاهد الأزهرية (الأزهر الشريف)
جانب من الدراسة داخل أحد المعاهد الأزهرية (الأزهر الشريف)
TT

الإقبال «اللافت» على التعليم الأزهري يثير جدلاً في مصر

جانب من الدراسة داخل أحد المعاهد الأزهرية (الأزهر الشريف)
جانب من الدراسة داخل أحد المعاهد الأزهرية (الأزهر الشريف)

أثار الإقبال الكبير على الالتحاق بالتعليم الأزهري في مصر جدلاً مع نشر وسائل إعلام محلية تقديرات تشير إلى تقديم أكثر من 440 ألف طلب التحاق بالمعاهد الأزهرية في مرحلتي «الروضة» و«الابتدائي» للعام الدراسي المقبل.

ولاقى الخبر تفاعلاً عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي، وشارك الكاتب خالد منتصر بتدوينة ساخرة عبر حسابه على «فيسبوك»، قال فيها: «نحن نسير بخطى واثقة وبسرعة الصاروخ نحو طريق الحداثة».

طلاب أزهريون خلال أحد الأنشطة المدرسية (الأزهر الشريف)

ولاقت تدوينة منتصر ردود فعل متباينة من متابعيه، بين منتقدين للتعليم الأزهري، وآخرين أشادوا بمستوى التعليم الأزهري وخريجيه، ورفضوا ما وصفوه بـ«الصورة الذهنية غير الصحيحة عن التعليم الأزهري».

كما حظي نشر الأرقام بتفاعل عبر منصة «إكس»، وسجل مدونون إشادات بالتعليم الأزهري، وما شهده من طفرة في التطوير خلال السنوات الماضية.

بينما تساءل آخرون عن مدى قدرة التعليم الأزهري على التعامل مع هذه الأعداد الكبيرة من المتقدمين، وانبرى بعضهم في توجيه انتقادات للتعليم الأزهري ومخرجاته.

وقال وكيل قطاع المعاهد الأزهرية لشؤون التعليم، الدكتور أحمد الشرقاوي: «هناك أكثر من 440 ألف طلب للالتحاق بمرحلتي (رياض الأطفال) و(الابتدائي) للعام الدراسي المقبل»، مشيراً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «هذه الأعداد ليست نهائية، لأن الأوراق ستتم مراجعتها بشكل تفصيلي بناءً على استيفاء الملفات، بالإضافة إلى وجود بعض الحالات التي يسجل فيها أولياء الأمور أبناءهم في التعليم الرسمي والأزهري بالتوقيت نفسه».

وأضاف أن «العام الماضي شهد استقبال 280 ألف طالب، الأمر الذي يجعلنا ندرس آليات التعامل مع الأعداد الكبيرة المتقدمة من خلال استغلال وتوظيف الفراغات والحجرات الإدارية، والتوسع في استخدام فناءات المعاهد الأزهرية، بما لا يخل بضوابط الجودة لاستيعاب أكبر عدد من المتقدمين».

وتعزو عضوة مجلس النواب (البرلمان)، النائبة فريدة الشوباشي، الإقبال على إلحاق الأطفال بالأزهر إلى «تفاؤل أولياء الأمور بتعليم أبنائهم صحيح الدين داخل المدارس والمعاهد الأزهرية المختلفة»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك ضرورة للحفاظ على الوسطية والاعتدال في تدريس الدين من خلال المناهج الدراسية المختلفة».

طلاب أزهريون في المرحلة الابتدائية (الأزهر الشريف)

وأشارت إلى أن «المناهج الأزهرية خضعت لتطوير وتنقيح خلال السنوات الماضية»، معربة عن أملها في أن تركز المناهج الأزهرية على بناء الإنسان بجانب العلوم الدينية التي يدرسها الطلاب.

لكن الكاتب المصري عادل نعمان يصف الإقبال على التعليم الأزهري بـ«الردة الحضارية» التي تستوجب دراسة من الدولة لأسبابها، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «استمرار وجود نظام منفصل للتعليم الأزهري بالمناهج الدراسية الخاصة التي تتضمن تمييزاً للرجل عن المرأة، بالإضافة إلى آراء وفتاوى متطرفة، كل ذلك يؤدي لـتخريج طلاب لديهم قوميات مختلفة داخل الدولة».

وأضاف أن «التعليم الأزهري معروف أنه وجهة البسطاء لتعليم أبنائهم في ظل السهولة النسبية لمناهجه الدراسية، لكن ما يحدث اليوم بات يتطلب وقفة من الدولة لدراسة أسبابه، من أجل تجنب آثاره المستقبلية على الخريجين».

وأطلق الأزهر قبل عامين «الخطة الاستراتيجية للتعليم قبل الجامعي 2022-2030»، التي تستهدف تطوير المنظومة التعليمية للقطاعات الأزهرية المختلفة، مع الاهتمام بالبنية الرقمية التحتية للمعاهد الأزهرية، ورفع جودة الخدمات مع ضمان تكامل السياسات والقرارات والقوانين والتشريعات المنظمة للتعليم الأزهري، وهي الاستراتيجية المعني بها أكثر من 11 ألف معهد أزهري على مستوى المدن المصرية.

ويفسر البعض زيادة الإقبال على التعليم الأزهري بانخفاض الرسوم الدراسية التي تصل إلى أقل من ثلث الرسوم المحصلة في التعليم الحكومي، كما تحصل المعاهد الأزهرية الخاصة التي تقوم بتدريس اللغات على رسوم أقل من مدارس اللغات الخاصة.

لكن وكيل قطاع المعاهد الأزهرية لشؤون التعليم يؤكد أن «الأمر ليس مرتبطاً بالمصاريف الدراسية فحسب، ولكن بحب المصريين للأزهر، ومكانته في قلوبهم، ورغبتهم في استفادة أبنائهم منه»، مشيراً إلى أن «التعليم في الأزهر يتيح للطالب دراسة المواد التعليمية إلى جانب المواد الشرعية التي تصقل معرفتهم بالدين».