واشنطن تتفاوض مع «البرهان» هاتفياً وتتحدث عن اختراقات إيجابية

تلميح أميركي بأن الجيش السوداني سيرسل وفداً إلى جنيف قريباً

TT

واشنطن تتفاوض مع «البرهان» هاتفياً وتتحدث عن اختراقات إيجابية

سودانيات تجمعن أمام مقر «الأمم المتحدة» في جنيف دعماً لمفاوضات وقف الحرب (أ.ف.ب)
سودانيات تجمعن أمام مقر «الأمم المتحدة» في جنيف دعماً لمفاوضات وقف الحرب (أ.ف.ب)

يغيب ممثلو الجيش السوداني عن محادثات وقف إطلاق النار التي دعت إليها الولايات المتحدة، وبدأت الأربعاء الماضي في سويسرا، إلا أن المبعوث الأميركي توم بيرييلو يؤكد أن التواصل يتم معهم عبر الهاتف يومياً وبشكل مكثف.

مصادر أميركية تحدثت لـ«الشرق الأوسط» من جنيف، أكدت هذا المنحى، وقالوا إن مسؤولين أميركيين أجروا سلسلة اتصالات هاتفية مع رئيس مجلس السيادة السوداني قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، في إطار عملية التفاوض الجارية حالياً في جنيف، وتحدثوا عن اختراقات إيجابية وإلى احتمال أن يلتحق وفد الجيش بطاولة المفاوضات في وقت قريب جداً.

وقال بيرييلو، الجمعة: «بدأنا اليوم الثالث من عملنا في سويسرا بشأن الأزمة السودانية». وأضاف في منشور على منصة «إكس»: «تظل (قوات الدعم السريع) هنا مستعدة لبدء المحادثات، ويتعين على القوات المسلحة السودانية أن تقرر الحضور».

سودانيات تجمعن أمام مقر «الأمم المتحدة» في جنيف دعماً لمفاوضات وقف الحرب (أ.ف.ب)

وأفاد مسؤولون أميركيون بأن وقف الحرب في السودان مهم وأساسي للرئيس الأميركي، جو بايدن، ووزير خارجيته أنتوني بلينكن مع اقتراب استحقاق الانتخابات الرئاسية الأميركية، حيث يساعد تحقيق اختراقات في ملفي غزة والسودان، الحزب الديمقراطي في تسجيل نقاط قبيل إطلاق انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. لذلك يعمل مسؤولون على مستوى رفيع في الإدارة الأميركية على إنجاح محادثات سويسرا بمشاركة الطرفين؛ القوات المسلحة السودانية و«الدعم السريع».

اتصالات مع البرهان

وأبلغ المبعوث الأميركي مجموعة من السودانيين في جنيف، ليل الخميس، أنه مع استمرار النقاشات مع «الدعم السريع»، وأنه أجرى اتصالاً هاتفياً برئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، طلب منه إرسال وفده إلى جنيف. وأشار إلى أن البرهان تلقى في اليوم نفسه محادثة هاتفية من الحكومة الأميركية دون أن يكشف عن هوية المسؤول.

ونقلت المصادر التي تحدثت لــ«الشرق الأوسط» عن مسؤول أميركي قوله إن هذه الاتصالات أشبه بالتفاوض مع جانب القوات المسلحة السودانية، لكن الإدارة الأميركية تأمل وصول وفدهم إلى جنيف.

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (د.ب.أ)

ووفق المصادر، فإن الفريق الأميركي يبدي مرونة كبيرة في التعامل مع مطالب القوات المسلحة السودانية للمشاركة في جنيف، ولا يمانع في تغيير المدينة التي تجري فيها المحادثات (حسب طلبهم) إذا كان هذا مقبولاً للجانب الآخر.

وألمح مسؤول أميركي آخر في حديث لدوائر ضيقة إلى أنه من شبه المؤكد حضور وفد القوات المسلحة السودانية في أي وقت للمشاركة في مفاوضات جنيف.

وفي مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية، أشار بيرييلو إلى أن فريق إدارة التفاوض يتواصل مع ممثلي «الدعم السريع» الحاضرين في سويسرا، ويشغّل الاتصالات مع ممثلي الجيش الغائب عن الاجتماعات. وبدأت المباحثات الأربعاء في جنيف برعاية الولايات المتحدة والسعودية وسويسرا، ويفترض أن تستمر 10 أيام على أبعد تقدير. وترغب واشنطن في إشراك الاتحاد الأفريقي ومصر والإمارات و«الأمم المتحدة» بصفة مراقبين.

معاناة للنازحين من الحرب السودان في مستشفى مؤقت تابع لمنظمة «أطباء بلا حدود» في أدري بتشاد (رويترز)

وقال بيرييلو: «نقوم بإجراء الاتصالات الهاتفية بكثافة... يمكن للجميع في هذا التحالف الدبلوماسي التحدث إلى قيادة القوات المسلحة السودانية وقيادة (قوات الدعم السريع)». وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية: «نحن نتواصل يومياً مع قيادتي القوات المسلحة و(الدعم السريع)، طرفي هذه الحرب».

وتهدف المباحثات التي يشارك فيها خبراء وأفراد من المجتمع المدني إلى تحقيق وقف للقتال وضمان إيصال المساعدات الإنسانية وتطبيق تفاهمات يوافق عليها الطرفان. وأشار بيرييلو إلى وجود «اقتراحات عدة» بشأن آليات ضمان تنفيذ الاتفاقات التي يتم إبرامها، موضحاً: «نلحظ زخماً هائلاً وطاقة سعياً للاتفاق على هذه الآليات ووضعها موضع التنفيذ».

«سحر الهواتف»

على رغم غياب الجيش، شدّد المبعوث الخاص على أن المباحثات تحقق بعض النجاح لكونها على الأقل أتاحت تسليط اهتمام دولي على الحرب في السودان، في وقت «بدا أن اهتمام العالم ينصرف بعيداً» عن النزاع المستمر منذ عام ونصف عام تقريباً. وتعقد المباحثات وفق صيغة تواصل المنسّقين مع كل طرف على حدة، عوضاً عن حديث الجيش و«الدعم السريع» بعضهما إلى بعض بشكل مباشر. وعدّ بيرييلو أن «ما يثير الحماسة فعلاً هو أننا نجري ما يطلق عليه مباحثات عن قرب، وهو أننا تواصلنا بفاعلية يومياً مع القوات المسلحة السودانية و(قوات الدعم السريع)».

وأكد أن المصريين والسعوديين والإماراتيين و«الأمم المتحدة» والاتحاد الأفريقي «يساعدون في قيادة جزء كبير من (جهود) الوساطة»، إلا أنه أقرّ بأن تحقيق تقدم بشأن وقف النار والمساعدات الإنسانية كان «أسهل... حضورياً. لكن بفضل سحر الهواتف وأمور أخرى، رفض الحضور (من قبل الجيش) لم يؤدِ إلى تراجعنا».

«تقدم إنساني»

سبق لطرفي النزاع أن أجريا سلسلة جولات من المباحثات، خصوصاً في مدينة جدة، من دون التمكن من تحقيق خرق جدي أو الاتفاق على وقف مستدام للنار. وفي نهاية يوليو (تموز)، دعتهما واشنطن إلى جولة جديدة من المفاوضات في سويسرا أملاً في وضع حدّ للحرب المدمّرة. وفي حين قبلت «قوات الدعم السريع» الدعوة، أبدت السلطات بقيادة البرهان تحفّظها على آليتها، وعبّرت عن اختلافها مع واشنطن في شأن المشاركين.

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري أقيم بمناسبة يوم الجيش في القضارف 14 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

وأوقعت الحرب عشرات آلاف القتلى، وأدت إلى أزمة إنسانية كبرى، وفق «الأمم المتحدة»، التي على غرار منظمات غير حكومية واللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر»، تندّد بعوائق توضع أمام العمل الإنساني. وأرغم النزاع أكثر من خمس السكان على النزوح، بينما يواجه نحو 25 مليون شخص، أي أكثر من نصف عدد سكان السودان، «انعدام الأمن الغذائي الحاد»، وفق ما أفاد تقرير مدعوم من «الأمم المتحدة» في يونيو (حزيران). ودفعت الحرب بمخيم زمزم للنازحين، قرب مدينة الفاشر المحاصرة في إقليم دارفور غرب البلاد، إلى المجاعة. وأعلن الجيش أنه سيفتح معبر أدري الحدودي مع تشاد في غرب البلاد لمدة 3 أشهر للسماح بإدخال المساعدات. وسبق لكثير من المنظمات الإنسانية أن شكت من أن إغلاق هذا المعبر يعرقل إيصال المساعدات إلى إقليم دارفور. وأكد بيريللو: «نواصل فعلاً لمس تقدم في الجانب الإنساني»، مشيراً إلى أن فتح المعبر «كان مطلباً أساسياً على مدى أشهر، للسماح بإيصال المساعدات الإنسانية إلى بعض أنحاء دارفور التي واجهت أقصى ظروف الجوع والمجاعة».

وأعرب المبعوث الأميركي عن أمله في «الحصول على التزامات من (قوات الدعم السريع) للاستجابة لأمور مثل ضمان وصول آمن من دون عوائق» للمساعدات. وأضاف: «نرى نتائج يومياً بشأن تقدم سيعني مزيداً من الغذاء والدواء لمزيد من الناس... لكن يتبقى لنا الكثير للقيام به، وكان ذلك أسهل لو حضر الجيش» المباحثات.


مقالات ذات صلة

«الدعم السريع» تتهم الجيش السوداني بالاستعانة بخبراء من «الحرس الثوري» الإيراني

شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

«الدعم السريع» تتهم الجيش السوداني بالاستعانة بخبراء من «الحرس الثوري» الإيراني

توعدت «الدعم السريع» بمواصلة «العمليات الخاصة النوعية»، لتشمل «جميع المواقع العسكرية لميليشيات البرهان والحركة الإسلامية الإرهابية»، واعتبارها أهدافاً بمتناولها

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

تكثف مصر دعمها للسودان في إعادة الإعمار... وناقش ملتقى اقتصادي في القاهرة الاستثمارات المشتركة بين البلدين، والتعاون الاقتصادي، لتقليل تأثيرات وخسائر الحرب.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

الجيش السوداني يعلن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من «قوات الدعم السريع»

أعلن الجيش السوداني، اليوم السبت، «تحرير» مدينة سنجة، عاصمة ولاية سنار، من عناصر «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أعلن الجيش السوداني اليوم (السبت) «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

حددت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي 11 ديسمبر المقبل لبدء المرافعات الختامية في قضية السوداني علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بدارفور.

أحمد يونس (كمبالا)

إنقاذ 28 شخصاً والبحث عن 17 آخرين بعد غرق مركب سياحي في مصر

اللنش السياحي «سي ستوري» (محافظة البحر الأحمر - فيسبوك)
اللنش السياحي «سي ستوري» (محافظة البحر الأحمر - فيسبوك)
TT

إنقاذ 28 شخصاً والبحث عن 17 آخرين بعد غرق مركب سياحي في مصر

اللنش السياحي «سي ستوري» (محافظة البحر الأحمر - فيسبوك)
اللنش السياحي «سي ستوري» (محافظة البحر الأحمر - فيسبوك)

أفادت وسائل إعلام مصرية، اليوم (الاثنين)، بغرق لنش سياحي يحمل 45 شخصاً بأحد مناطق الشعاب المرجانية بمرسي علم على البحر الأحمر.

ووقع الحادث في الساعات الأولى من صباح اليوم بشحوط اللانش خلال رحلة غوص وسفاري. وأكد بيان لمحافظة البحر الأحمر أنه ورد البلاغ إلى مركز السيطرة بمحافظة البحر الأحمر في الساعة 5.30 صباحاً من غرفة عمليات النجدة، يفيد بتلقي إشارة استغاثة من أحد أفراد اللنش السياحي «سي ستوري».، الذي كان في رحلة غطس انطلقت من ميناء بورتو غالب بمرسى علم في الفترة من 24 نوفمبر (تشرين الثاني) وحتى 29 نوفمبر، وكان من المقرر عودته إلى مارينا الغردقة.

وكان يقل 31 من السياح من جنسيات مختلفة، بالإضافة إلى طاقم مكون من 14 فرداً، وتشير المعلومات الأولية إلى غرق اللنش بمنطقة شعب سطايح شمال مدينة مرسى علم.

وأعلن محافظ البحر الأحمر، اللواء عمرو حنفي، في وقت لاحق، إنقاذ 28 شخصاً واستمرار البحث عن 17 آخرين.
وأفاد صاحب اللنش السياحي أن قاربه كان في رحلة غطس من مرسي علم إلى منطقة شعاب سطايح وقطع الاتصال بكل الموجود على متن القارب وتم إبلاغ أجهزة الإنقاذ بالواقعة.

وكان المحافظ قد أعلن رفع درجة الاستعداد القصوى والتنسيق مع كل الجهات المعنية. وبدأت فرق البحث والإنقاذ عملياتها باستخدام طائرة هليكوبتر ووحدة بحرية الفرقاطة الفاتح التي تحركت من ميناء برنيس باتجاه موقع الاستغاثة، وفقاً لما ذكرته وسائل إعلام مصرية.

وأوضح محافظ البحر الأحمر أن طائرة البحث والإنقاذ تمكنت من نقل بعض الناجين بواسطة الطائرة لتلقي الرعاية الطبية اللازمة، بينما تم تأمين باقي الناجين في الموقع إلى حين وصول الفرقاطة «الفاتح» التي تتحرك لنقلهم إلى بر الأمان.