اسم مفتي مصر الجديد يثير تفاعلاً «سوشيالياً»

نظير عياد عيَّنه السيسي بترشيح من شيخ الأزهر

الدكتور نظير عياد مفتي الديار المصرية الجديد (مجمع البحوث الإسلامية)
الدكتور نظير عياد مفتي الديار المصرية الجديد (مجمع البحوث الإسلامية)
TT

اسم مفتي مصر الجديد يثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الدكتور نظير عياد مفتي الديار المصرية الجديد (مجمع البحوث الإسلامية)
الدكتور نظير عياد مفتي الديار المصرية الجديد (مجمع البحوث الإسلامية)

ما إن تم الإعلان عن تعيين الدكتور نظير عياد مفتياً جديداً في مصر، حتى التقطته سريعاً منصات التواصل الاجتماعي، واعتلى هاشتاغ «#المفتي_الجديد» قائمة «التريند» في مصر، والأكثر بحثاً خلال الساعات الماضية، بسبب الاسم، الذي بدا لدى البعض «نادراً وغريباً»، خصوصاً في الأوساط الدينية الإسلامية.

ونشرت الجريدة الرسمية في مصر، الاثنين، قرار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بتعيين الدكتور نظير عياد، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، مفتياً للجمهورية لمدة 4 سنوات، خلفاً للدكتور شوقي علام، بعد انتهاء مدته.

وعياد هو المفتي الـ20 في تاريخ دار الإفتاء المصرية منذ عام 1859.

وأثار اسم نظير عياد تفاعلاً على «السوشيال ميديا»، حيث عبّر روادها عن غرابته على أسماعهم، وأنه غير مألوف على آذانهم.

وربط الكثير من الحسابات بين اسم المفتي الجديد وبين بابا الأقباط السابق في مصر البابا شنودة الثالث، الذي كان يحمل اسم نظير جيد قبل الرهبنة، معتبرين أن «تشابه الأسماء من اللطائف في مصر».

وهو الربط الذي امتد إلى تساؤل البعض في سخرية حول ديانة المفتي الجديد، وهل هو مسلم أم مسيحي الديانة؟

وأطلق آخرون لقب «قداسة المفتي أبونا نظير عياد». بينما قام الكثير من الرواد بنشر اسم المفتي الجديد ثلاثياً «نظير محمد عياد».

وأثار التخصص العلمي للمفتي الجديد في مجال العقيدة والفلسفة تساؤلات من جانب البعض، حيث رأوا أنه كان من الأفضل اختيار متخصص في أي فرع من فروع الفقه لشغل منصب المفتي.

وحصل عياد على ليسانس أصول الدين في العقيدة والفلسفة عام 1995، كما نال الماجستير في أصول الدين تخصص العقيدة والفلسفة عام 2000، والدكتوراه بمرتبة الشرف الأولى عام 2003، بحسب مجمع البحوث الإسلامية.

وتدرج عياد في الوظائف الأكاديمية بدءاً من العمل معيداً، ثم مدرساً مساعداً ثم مدرساً، ثم أستاذاً مساعداً في كلية أصول الدين جامعة المنصورة، حتى انتقل إلى كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بكفر الشيخ أستاذاً مساعداً للعقيدة والفلسفة بقسم العقيدة والفلسفة، ثم حصل على الأستاذية عام 2016.

من جانب آخر، تداول رواد آخرون ما نشره حساب الأزهر الشريف من توضيح أن قرار اختيار المفتي الجديد جاء بناءً على ترشيح من الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف.

وكذلك نشر آخرون تهنئة الإمام الأكبر للمفتي الجديد، ودعاءه له أن يُوفَّق في الارتقاء بمنظومة العمل في دار الإفتاء المصرية. كما قال شيخ الأزهر: «لقد امتحنكم الله تعالى بهذا المنصب المهم، وكم هو أمر جلل ومسؤولية كبري؛ فسخّره في صناعة الخير للناس والتيسير عليهم».

وإلى جانب عمله في منصب الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية التابع لمؤسسة الأزهر الشريف في أبريل (نيسان) عام 2019، تقلّد عياد مناصب عدة أخرى، منها عضويته بالمنظمة العالمية لخريجي الأزهر، وعضويته باللجنة النقابية للعاملين بالبحث العلمي بالأزهر الشريف، وعضويته ببيت العائلة المصرية، وفريق حماية البيئة ومكافحة الإدمان بوزارة الشباب المصرية.

كما أثرى عياد المجلات العلمية بالكثير من المؤلفات التي تزيد على ثلاثين مؤلفاً في تخصصات: علم الكلام، الفلسفة والمنطق، الفرق والمذاهب والأديان، التصوف، وبعض العلوم والفنون الأخرى.

وفي تفاعل آخر، تناقل بعض رواد «السوشيال ميديا» فيما بينهم مقطع فيديو تظهر فيه والدة المفتي الجديد عقب قرار تعيينه، تقول فيه: «ربنا يجعلها رحلة الخير عليك يا ولدي».

إلى ذلك، وفي أول تعليق منه عقب اختياره، قال المفتي إنه سيعمل بكل جهد للحفاظ على الدور الرائد لدار الإفتاء المصرية على المستويين المحلي والدولي، بما ينعكس على نشر صحيح الدين كما أراده الله دون إفراط أو تفريط.

كما أكد عياد أهمية التعاون والتنسيق المشترك بين المؤسسات الدينية في مصر من جانب وبينها وبين المؤسسات الدينية في العالمين الإسلامي والعربي من جانب آخر، لافتاً إلى أن التعاون والتكامل من شأنهما أن يحققا صالح الخطاب الديني ويدعما المنهج الوسطي تحت مظلة الأزهر الشريف، ويسهما في ضبط الخطاب الإفتائي الذي يراعي واقع الناس وحالهم.


مقالات ذات صلة

توقيف اللاعب المصري أحمد فتوح يثير تفاعلاً

رياضة عربية أحمد فتوح في تدريبات سابقة للمنتخب المصري (الاتحاد المصري لكرة القدم)

توقيف اللاعب المصري أحمد فتوح يثير تفاعلاً

تصدر الدولي المصري أحمد فتوح لاعب الزمالك المشهد بمصر وعلى منصات التواصل الاجتماعي خلال الساعات القليلة الماضية بعدما تسبب في وفاة شرطي إثر دهسه بسيارته.

محمد عجم (القاهرة)
رياضة عربية دورة الألعاب الأولمبية ستختتم اليوم الأحد (رويترز)

رئيس الأولمبية الأفريقية: مصر ستتقدم بطلب لاستضافة ألعاب 2036 أو 2040

قال رئيس اتحاد اللجان الأولمبية الوطنية في أفريقيا، اليوم (الأحد)، إن مصر ستتقدم بطلب استضافة دورة الألعاب الأولمبية في عام 2036 أو2040.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق وزارة التربية والتعليم المصرية (فيسبوك)

مدرس مصري يثير جدلاً بتقديم هدايا «ثمينة» لأوائل الثانوية العامة

أثار إعلان أحد المدرسين تقديم هدايا لأوائل الثانوية العامة جدلاً على وسائل التواصل وفي أوساط مختلفة، خصوصاً بعد أن أعلن أن الهدايا ستكون من بينها سيارة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
رياضة عالمية حكيمي محتفلاً مع جماهير المغرب بعد الفوز ببرونزية الأولمبياد (أ.ف.ب)

حكيمي بعد التتويج ببرونزية الأولمبياد: تضحياتنا لم تذهب سُدى

أكد قائد المنتخب المغربي الأولمبي أشرف حكيمي أن التتويج بالميدالية البرونزية التاريخية في دورة الألعاب الأولمبية في باريس «مستحق وثمرة عمل وتضحيات».

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عربية شباك الحارس حمزة علاء استقبلت 6 أهداف في مباراة المغرب (أ.ف.ب)

«النني» يعتذر للمصريين بعد الخسارة التاريخية أمام المغرب

فشلت مصر في فك عقدة مباراة تحديد المركز الثالث الأولمبية، في مشاركتها الثانية عشرة وخسرتها للمرة الثالثة وبنتيجة كبيرة أيضاً.

«الشرق الأوسط» (باريس)

​ليبيا: هل تُغير «حرب النفوذ» الخريطة العسكرية والسياسية؟

جانب من المشروع التعبوي (درع الكرامة) 2024 الذي سبق ونظمه الجيش «الوطني الليبي» في بنغازي (القيادة العامة)
جانب من المشروع التعبوي (درع الكرامة) 2024 الذي سبق ونظمه الجيش «الوطني الليبي» في بنغازي (القيادة العامة)
TT

​ليبيا: هل تُغير «حرب النفوذ» الخريطة العسكرية والسياسية؟

جانب من المشروع التعبوي (درع الكرامة) 2024 الذي سبق ونظمه الجيش «الوطني الليبي» في بنغازي (القيادة العامة)
جانب من المشروع التعبوي (درع الكرامة) 2024 الذي سبق ونظمه الجيش «الوطني الليبي» في بنغازي (القيادة العامة)

اعتاد الليبيون على مشاهد التحشيد العسكري وتحريك الأرتال من منطقة إلى أخرى طوال العقد الماضي، لكن هذه المرة وهم يراقبون تحريك عناصر تابعة لـ«الجيش الوطني» إلى جنوب غربي البلاد، اختلف الأمر، متذكرين زحفه السابق على العاصمة.

قوات بـ«الجيش الوطني» تتحرك باتجاه الجنوب الغربي (من فيديو لرئاسة أركان القوات البرية)

كانت «القيادة العامة» للجيش بشرق ليبيا الذي يقوده المشير خليفة حفتر، أعلنت على لسان المتحدث باسم رئاسة أركانها البرية، تنفيذ «مهمة عسكرية محددة» ضمن «خطة شاملة لتأمين الحدود الجنوبية وتعزيز الأمن القومي»، غير أن الخبر أثار مخاوف عدة لدى الغرماء غرباً.

و«المهمة» التي أطلقتها «القيادة العامة»، واكبتها تفسيرات وشكوك عدة من جانب سلطات طرابلس، لجهة «ما قد تخفيه هذه التحركات من أهداف استراتيجية»، فضلاً عن أنها تأتي في ظل أوضاع إقليمية ودولية مضطربة.

ومنذ توقف الحرب التي شنها «الجيش الوطني» على طرابلس 2019، والأوضاع العسكرية تراوح مكانها في ليبيا، إلا أن البلاد شهدت عقب ذلك مزيداً من الانقسام السياسي بين حكومتين متصارعتين على السلطة الأولى بطرابلس، والثانية في بنغازي.

وعملية تحريك القوات عدّها المناوئون بغرب ليبيا «نكوصاً» عن اتفاقية «وقف إطلاق النار» الموقعة في جنيف 2020، وتعهدوا بمقاومتها. لكن ذلك استدعى على الفور تساؤلات حول القوة العسكرية للطرفين على الأرض.

وسعت قيادة «الجيش الوطني» سريعاً إلى طمأنة «الرافضين»، وقللت من مخاوفهم، وقالت إن هذا التحريك يأتي «تنفيذاً لتعليمات المشير خليفة حفتر، في إطار تعزيز الأمن على الحدود، والتصدي لأي تهديدات قد تستهدف سلامة الوطن واستقراره».

وتحركت القوات باتجاه مدينة سبها، التي توصف بأنها «عروس الجنوب الليبي»، مروراً بغات، وأباري ومرزق والقطرون، وبراك والشاطئ وصولاً إلى أدري، تلك القرية الصغيرة التي تعد النهاية الغربية لوادي الشاطئ، ويقطنها قرابة 4 آلاف مواطن.

الموالون لـ«الجيش الوطني»، والمناوئون له، قدموا في حديثهم إلى «الشرق الأوسط»، قراءات متباينة من منطلقات بعضها مناطقية، لكنها عكست فصلاً جديداً من فصول الحرب على «تمديد النفوذ على الأرض».

حفتر مستقبلاً في لقاء سابق ببنغازي نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف (القيادة العامة)

انصبّ الاهتمام في ليبيا إلى حد كبير بعد رحيل نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، على جبهتي (شرق ليبيا وغربها)، وبالتبعية سقط الجنوب من حسابات الساسة الذين تصارعوا على الحكم مذاك، وبقي سكان تلك المدن البعيدة يشتكون «الإقصاء» حتى الآن.

وظلّت حدود ليبيا الجنوبية منذ توقف «حرب 2019» مقسّمة (شبه عرفي): (الجنوب الغربي) منها لسلطات طرابلس، و(الشرقي) لسلطات بنغازي، لكن الأخيرة سعت للحضور حكومياً في بعض مناطق الجنوب، فضلاً عن حضور عسكري أيضاً على الأرض من قبل.

وعلى رغم رسائل الطمأنة التي حملتها تصريحات المتحدث باسم «الجيش الوطني» اللواء أحمد المسماري، فإن هناك من عدّ، أن هذه التحركات جاءت بـ«إيعاز من الجانب الروسي» الذي «يتمدد في بعض مناطق ليبيا».

وانطلق المحلل العسكري الليبي عادل عبد الكافي، من نقطة أن حفتر، بهذا الإجراء «يدعم حلفاءه الروس، بـالتوسع من مناطق نفوذه كي يؤمّن الحدود الرابطة بين ليبيا والنيجر، بداية من ممر السلفادور وصولاً إلى حقل العطشان».

ويعتقد عبد الكافي في حديث إلى «الشرق الأوسط»، أن هناك في هذه المنطقة القصيّة «قرابة 18 ممراً تستطيع عناصر (الفيلق الأفريقي) التابع لروسيا استخدامها لتأمين عمليات الإمدادات العسكرية، ما يسهل لها الدفع بعناصر من الأراضي الليبي إلى النيجر ومالي».

هذا الاستنتاج الذي قدمه المحلل العسكري، نفاه المسماري في تصريحات صحافية، وأكد أن الهدف هو «تأمين كامل الأراضي الليبية، مع ما تشهده بعض الدول في الجنوب وفي الصحراء الغربية أو الأفريقية، من توترات وقلاقل».

جانب من المشروع التعبوي (درع الكرامة) 2024 الذي سبق ونظمه الجيش «الوطني الليبي» في بنغازي (القيادة العامة)

ويرى متابعون ليبيون، أن ما يحدث في ليبيا من توترات، خاصة على الحدود، لا ينفصل عن الصراع الدولي في الساحل الأفريقي، عادّين أن «كل طرف يسعى لتعزيز قواته عبر حلفائه العسكريين في المنطقة، بقصد إحكام السيطرة على أكبر قدر من المناطق الحيوية، ومن ثم فتح نافذة حدودية جديدة على القارة».

وفتح الانقسام السياسي الذي تعيشه ليبيا باباً واسعاً لتغوّل قوى دولية في الشؤون الداخلية للبلاد. وبحسب ما يعتقد سياسيون وأكاديميون، فإن روسيا تأتي في مقدمة هذه الأطراف، ويرون أنها «طوّرت من وجود قوات تابعة لها في ليبيا بتمدد نفوذها»، فيما يعرف بـ«الفيلق الأفريقي».

والحديث عن وجود قوات روسية في ليبيا ليس جديداً، لكن اتجاه موسكو لتعزيز هذا الوجود منذ أشهر قليلة، بحسب تقارير، بعد نقل قوات وعتاد إلى مناطق في شرق البلاد، زاد منسوب المخاوف والتحذيرات، ليس فقط لدى قوى محلية بل دولية أيضاً، ومن بينها أميركا وأوروبا.

جانب من المشروع التعبوي الذي سبق ونظمه الجيش «الوطني الليبي» في بنغازي (القيادة العامة)

رغم نفي قيادات «الجيش الوطني»، فإن التوتر وتسارع التحشيد العسكري، تواصلا على أطراف غرب ليبيا، ودخلت قوى دولية على خط الأزمة. إذ حضّت البعثة الأممية، الأطراف كافة على «تجنب أي أعمال استفزازية»، ودعتهم إلى الدخول في حوار لمنع مزيد من الانقسام، والحفاظ على الاستقرار وعلى «اتفاق وقف إطلاق النار» الموقع في عام 2020.

كما استشعرت بعثة الاتحاد الأوروبي هي الأخرى «القلق العميق» إزاء التحشيدات والتحركات العسكرية في المنطقة الجنوبية الغربية... وموقف البعثتين، وبعض الدول الرافضة لخطوة الجيش، استقبله المسماري، باستهجان كبير، لكن ذلك لم يمنع مصادر ليبية كثيرة من الربط بين هذا التحرك، واجتماعات سابقة لحفتر بقيادات عسكرية واستخباراتية عربية وأجنبية، معتقدين أن ليبيا ربما تكون «على أبواب تغيرات سياسية وعسكرية في الأيام الآتية».

والحديث عن المخاطر التي تتهدد «اتفاقية وقف النار» لم تتوقف عند تحذيرات البعثة الأممية، إذ يعتقد المحلل العسكري الليبي عبد الكافي، الذي يقيم في طرابلس، أن هناك «خرقاً للاتفاقية» التي تأسست على «عدم قيام أي تحركات عسكرية ضخمة، أو استفزازية لأي من الطرفين».

وهنا، جدد المسماري التزام القيادة العامة «باتفاق وقف إطلاق النار، وبتعهداتها أمام الدول الصديقة والشقيقة، والمنظمات الدولية».

غير أن نبرة التخوف التي خلفها تحريك قوات «الجيش الوطني» جاءت متصاعدة، فـ«المجلس الأعلى للدولة»، وصف الخطوة بأنها «مشبوهة»، وتمثل «عودة إلى الصراع المسلح»، وطالب بعثة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي «بموقف واضح» و«إدانتها بشكل واضح وصريح».

إلا أن وزير الدفاع الليبي السابق محمد محمود البرغثي، قلل من خطورة الأمر، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن تلك التحركات «تستهدف حماية الحدود من عمليات التهريب، وتدفق المهاجرين غير النظاميين»، ورأى أن الأمر «بات يستدعي تدخل الجيش».

خلال احتفال بتخريج دفعة بأكاديمية الدراسات البحرية بغرب ليبيا (مكتب الدبيبة)

وأمام ما تشهده ليبيا من متغيرات متسارعة في ظل «جمود سياسي»، بالنظر إلى ما تراه سلطات طرابلس من توسّع حفتر باتجاه الجنوب الغربي، واستقبال القاهرة أسامة حمّاد، رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب، باتت هناك أحاديث داخلية تتوقع «متغيرات قريبة».

ويعتقد مسؤول ليبي سابق تحدث إلى «الشرق الأوسط»، أن التقارب المصري - التركي واستقبال القاهرة حمّاد، وزيارة بالقاسم نجل حفتر إلى أنقرة مؤخراً: «ربما يكون وراء ذلك كله، شيء سيكشف عنه لاحقاً».

وزاد المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه لدواع أمنية، من توقعه بأن هذه التغيرات السريعة في المواقف «توحي بأن هناك اتفاقاً ما لتغيير كامل الخريطة العسكرية والسياسية الليبية؛ بحيث يسيطر الجيش الوطني على باقي أطراف ليبيا»، متوقعاً أن «أمراً ما سيحدث في ليبيا خلال الأيام القليلة المقبلة؛ وأن هذا سيغير مختلف قواعد اللعبة العسكرية والسياسية».

ولم يوضح المسؤول، ما إذا كان هناك اتفاق بين الأطراف الدولية المتداخلة في الملف الليبي بشأن قرب تشكيل «حكومة جديدة موحدة» أم لا. لكن هناك رهانات من مناوئي رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، على التقارب بين صالح، وخالد المشري الذي يتقرب من رئاسة «المجلس الأعلى للدولة»، لإنجاز ذلك عما قريب.

ومع أول ظهور للدبيبة، الذي انشغل بوفاة نجله عبد الرحمن، خلال الأسبوع الماضي، توعّد بـ«الوقوف أمام من يحاول تجديد الخروقات العسكرية وتعزيز الانقسام»، دون أن يأتي على ذكر حفتر.

واستغل الدبيبة كلمته خلال تخريج طلبة الكليات والأكاديميات العسكرية، ووجه حديثه للخريجين ودعاهم «للسير على نهج المؤسسين للجيش من أجل رد الأطماع الخارجية وتفتيت الطموحات الشخصية التي تسعى لعودة الاستبداد».

جانب من تدريب سابق بمركز تدريب الزاوية ومقر الكتيبة 103 مشاة (رئاسة أركان الوحدة)

التهديدات والتحشيدات - التي ربما تكون قلّت حدتها خلال الساعات الماضية لانشغالات داخلية - دفعت كثيرين للتساؤل عن حقيقة القوة الصلبة «لطرفي الصراع» على الأرض، وما يحوزان من قدرات عسكرية لاستخدامها إذا احتدمت المعركة التي يسعّر البعض نارها.

متابعون كثيرون للشأن العسكري يرون أن الأطراف الليبية اعتمدت بشكل كبير ومباشر منذ رحيل نظام القذافي، على دعم الأطراف الخارجية، ويشيرون إلى أن «حسم أي معركة يتوقف على سخاء الداعمين الخارجيين، وما يقدمونه من أسلحة متطورة من بينها المسيرات».

جانب من القوات البرية التابعة لـ«الجيش الوطني» المكلفة بالتحرك جنوب غربي ليبيا (رئاسة أركان القوات البرية)

وقدرات «الجيش الوطني» كثيرة، لكن المحلل العسكري عبد الكافي، تحدث عن أشهرها وتتمثل في «اللواء طارق بن زياد المعزز» الذي يشرف عليه صدام حفتر، و«اللواء 128 المعزز» و«كتيبة سبل السلام»، إلى جانب عشرات الكتائب والألوية الموجودة ما بين شرق ليبيا وجنوبها.

كما تستند قوات غرب ليبيا، وفق عبد الكافي، على كتائب عدة من بينها «كتيبة مدينة مصراتة» و«اللواء 444 قتال»، و«اللواء 555» و«اللواء 111»، بالإضافة إلى «القوة العسكرية بالزاوية»، كما تعتمد بشكل مباشر على التشكيلات المسلحة.

أسئلة إضافية تم استحضارها على خلفية تقارب تركي مع سلطات غرب ليبيا راهناً، وما إذا كان ذلك سيسهم في رفع أنقرة الغطاء عن شركائها بالعاصمة، هنا يعتقد الأكاديمي والمحلل السياسي التركي، مهند حافظ أوغلو، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، بأن تركيا «تسعى منذ أكثر من عام إلى أن توازن في علاقتها بين شرق ليبيا وغربها؛ لذا ستعمل على منع أي تصعيد، لأن عكس ذلك ستكون له أثمان باهظة».