سيول قاتلة في السودان تفاقم وضع آلاف النازحين

بعد الحرب ومآسيها لحقت الفيضانات النازحين إلى مخيمات لجوئهم (رويترز)
بعد الحرب ومآسيها لحقت الفيضانات النازحين إلى مخيمات لجوئهم (رويترز)
TT

سيول قاتلة في السودان تفاقم وضع آلاف النازحين

بعد الحرب ومآسيها لحقت الفيضانات النازحين إلى مخيمات لجوئهم (رويترز)
بعد الحرب ومآسيها لحقت الفيضانات النازحين إلى مخيمات لجوئهم (رويترز)

تحت خيمة تحمل شعار الأمم المتحدة في كسلا في شرق السودان، تقول آمنة حسن: «فقدتُ والدي في أمطار الأسبوع الماضي» التي دفعت آلاف الأشخاص إلى النزوح في بلد يشهد حرباً مدمّرة.

ومنذ أسبوع، يواجه السودان الغارق منذ قرابة 16 شهراً في حرب بين «قوات الدعم السريع» والجيش، فيضانات واسعة تضرب خصوصاً شمال البلاد وشرقها. وتسبّبت الثلاثاء بمقتل 17 شخصاً وبانهيار آلاف المنازل... على ما أوردت «وكالة الصحافة الفرنسية» في تقرير لها.

ووجّهت سلطات ولاية كسلا الواقعة على الحدود الشرقية للسودان مع إريتريا يوم الجمعة الماضي «نداء عاجلاً» إلى المجتمع الدولي، مطالبة بمساعدة فورية لـ«إنقاذ آلاف الذين تضرروا» جرّاء السيول والأمطار، مشيرة إلى أن «آلاف المنازل تهدّمت».

وتسبّبت الأمطار الغزيرة التي غالباً ما تهطل بين شهري مايو (أيار) وأكتوبر (تشرين الأول) من كل سنة، بسيول وفيضانات ألحقت أضراراً بالبنى التحتية وقضت على محاصيل وشرّدت عائلات بكاملها.

في وادي حلفا في شمال البلاد قرب الحدود مع مصر، أفادت السلطات المحلية بـ«تضرّر أكثر من ثلاثة آلاف منزل ومرافق صحية وخدمية».

ويقول محمد عثمان من سكان وادي حلفا عبر الهاتف: «أتحدث معكم من على تلة صخرية أمضينا عليها ليلة أمس مع عشرات الأسر بعدما حاصرتنا المياه من كل اتجاه».

وتأثّر أكثر من 73 ألف سوداني من السيول والفيضانات، على ما أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا). وبين هؤلاء أكثر من 21 ألفاً اضطروا للنزوح، في حين خسر 14300 شخص منازلهم.

وينتشر الذباب بكثافة في كسلا، علماً أن السلطات الصحية رشّت المبيدات الحشرية، ما يزيد من تعقيدات ظروف العيش في مخيمات النازحين. وقال طبيب في كسلا طلب عدم نشر اسمه إن الأمطار الغزيرة تحمل مخاطر صحية، مشيراً إلى حالات إسهال في صفوف الأطفال خصوصاً.

من مخلفات السيول في منطقة ابو حمد (أ.ف.ب)

وهذا ليس النزوح الأول للكثير من المتضرّرين. فقد حصدت الحرب الدائرة منذ أبريل (نيسان) 2023، آلاف الأرواح ودفعت عشرات الملايين إلى النزوح داخل البلاد وخارجها. والطرفان متهمان بارتكاب جرائم حرب، وخصوصاً تعمّد استهداف المدنيين وتعطيل وصول المساعدات، مما يعمّق الأزمة الإنسانية التي تخنق البلاد.

وتفيد الأمم المتحدة أن أكثر من 260 ألف شخص نزحوا إلى ولاية كسلا بسبب الحرب، على غرار عمر بابكر وعائلته... ويقيم بابكر الآن في خيمة للنازحين. ويقول: «كنّا نعيش في مركز إيواء في وسط المدينة غمرته المياه الأسبوع الماضي. نُقلنا إلى هنا ومرة أخرى طوّقت مياه الأمطار خيامنا».

في بلدة أروما الواقعة على بعد نحو 40 كيلومتراً شرق كسلا، حاصرت المياه منازل أيضاً، مما اضطر السكان إلى اللجوء إلى جانب طريق يربط كسلا ببورتسودان.

وحذّرت المنظمات الإنسانية من أن موسم الأمطار قد يتسبّب بعزل مناطق بكاملها مما يجعل عمليات الإنقاذ أكثر صعوبة. وقالت الناطقة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين أولغا سارادو: «بعض الأشخاص نزحوا ثلاث أو أربع مرات منذ بدء النزاع. فقدوا مقتنياتهم وليست لديهم وجبات طعام». وأضافت: «يواجهون تحديات كبيرة للوصول إلى مياه نظيفة ومرافق صحية، مما يزيد من خطر انتشار أمراض تنتقل عبر المياه».

من فيضانات شرق السودان (أ.ف.ب)

وإلى الغرب من كسلا، تمتدّ خيم النازحين على خمسة كيلومترات مربعة. وتقول النازحة فتحية محمد وهي تحاول إيقاد النار لإعداد الطعام لأطفالها: «هذه الخيام لا تحمي من المطر ونحن ما زلنا في بداية الموسم. حتى إيقاد النار صعب بفعل الرطوبة».

وعلى غرار النازحين الآخرين المحرومين من كل شيء تعتمد فتحية محمد على وجبة طعام واحدة توفّرها مطابخ المخيّم الذي يعمل فيه متطوعون. وتقول سمر إحدى المتطوعات في مطبخ المخيم لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نعرف أن الوجبة غير كافية لكن هذا ما نستطيع تقديمه».


مقالات ذات صلة

البرهان: الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «الدعم السريع»

شمال افريقيا رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)

البرهان: الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «الدعم السريع»

أكد رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، اليوم (الثلاثاء)، أن انتصارات الجيش ستتواصل، وإن الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا سودانيون يحتفلون في مروي في الولاية الشمالية شمال السودان في 11 يناير 2025... بعد أن أعلن الجيش دخول عاصمة ولاية الجزيرة الرئيسية ود مدني (أ.ف.ب)

الجيش السوداني ينفي تورّطه في هجمات على مدنيين بولاية الجزيرة

نفى الجيش السوداني، اليوم (الثلاثاء)، تورطه في هجمات على مدنيين في ولاية الجزيرة التي استعاد عاصمتها ود مدني من «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا أعمدة من الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين «قوات الدعم السريع» شبه العسكرية والجيش في الخرطوم (أرشيفية - رويترز)

أكثر من 120 قتيلاً بقصف على أم درمان

أفاد مسعفون سودانيون بأن أكثر من 120 شخصاً قُتلوا، أمس (الاثنين)، في قصف استهدف منطقة بأم درمان الواقعة ضمن الخرطوم الكبرى.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان (السودان))
شمال افريقيا شهدت مدينة بورتسودان انقطاعاً واسعاً في الكهرباء منذ صباح الاثنين (رويترز)

انقطاع الكهرباء في عدة مناطق سودانية بعد مهاجمة سد مروي

انقطعت الكهرباء، اليوم (الاثنين)، عن بورتسودان، مقر الحكومة السودانية المتحالفة مع الجيش، بعدما استهدف هجوم بمسيّرة سداً لتوليد الطاقة الكهرومائية.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا خيام نازحين سودانيين في بعض الدول (المنظمة الدولية للهجرة)

هل تفتح انتصارات البرهان الباب لعودة سودانيين من مصر؟

«انتصارات البرهان» الأخيرة تفاعل معها سودانيون يقيمون في ضاحية فيصل بمحافظة الجيزة بمصر، عبر احتفالات واسعة للجالية السودانية.

أحمد إمبابي (القاهرة )

البرهان: الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «الدعم السريع»

رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)
رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)
TT

البرهان: الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «الدعم السريع»

رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)
رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)

أكد رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، اليوم (الثلاثاء)، أن انتصارات الجيش ستتواصل، وإن الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «قوات الدعم السريع».

وقال البرهان مخاطباً حشوداً في بورتسودان: «عهدنا مع الشعب السوداني، ولن يهدأ لنا بال إلا بالقضاء على هذه الميليشيا المتمردة ودحرها».

وأشار رئيس مجلس السيادة إلى استمرار المعارك العسكرية على كل المحاور، داعياً المسلحين إلى إلقاء السلاح. وقال: «كل من ترك السلاح نرحب به».

واستعاد الجيش السوداني، يوم السبت، مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة في وسط السودان بعد أن سيطرت عليها «قوات الدعم السريع» لفترة طويلة.

واندلعت الحرب بين الجيش السوداني و«الدعم السريع» في أبريل (نيسان) 2023 بعد خلاف حول خطط لدمج «الدعم السريع» في القوات المسلحة في خضم عملية كان من المفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات للتحول إلى حكم مدني بعد الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في 2019.