قوى سياسية وحركات مسلحة تجري مشاورات لما بعد حرب السودان

بمشاركة «تقدم» والحلو ونور والميرغني ورعاية الاتحاد الأفريقي

صورة ملتقطة في يناير 2024 تظهر امرأة وطفلاً في مخيم زمزم للنازحين شمال دارفور بالسودان (رويترز)
صورة ملتقطة في يناير 2024 تظهر امرأة وطفلاً في مخيم زمزم للنازحين شمال دارفور بالسودان (رويترز)
TT

قوى سياسية وحركات مسلحة تجري مشاورات لما بعد حرب السودان

صورة ملتقطة في يناير 2024 تظهر امرأة وطفلاً في مخيم زمزم للنازحين شمال دارفور بالسودان (رويترز)
صورة ملتقطة في يناير 2024 تظهر امرأة وطفلاً في مخيم زمزم للنازحين شمال دارفور بالسودان (رويترز)

تنطلق في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وبدعوة من الاتحاد الأفريقي، أعمال الجولة الرسمية لمباحثات القوى المدنية السودانية الرافضة للحرب، وتستمر حتى الثاني عشر من الشهر الحالي، بمشاركة «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم)، وعدد من القوى المدنية، على رأسها «الحزب الاتحادي»، وحزب «البعث العربي الاشتراكي»، وحركات الكفاح المسلح.

وكان تحالف «تقدم» امتنع عن المشاركة في جولة سابقة للمشاورات؛ احتجاجاً على ما أسماه «غياب الشفافية» في عقد الاجتماع والقوى المشاركة فيه، والحضور الكثيف لمن أطلق عليهم «عناصر النظام السابق»، و«القوى المشاركة في الحرب»، وكان ذلك ضمن جولات المشاورات حول العملية السياسية الخاصة لمرحلة ما بعد الحرب، وتحت رعاية الاتحاد الأفريقي.

جانب من لقاء سابق لتنسيقية القوى المدنية السودانية مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (تقدم)

وقال المتحدث الرسمي باسم «تقدم»، الدكتور بكري الجاك، لـ«الشرق الأوسط»، الخميس، إن الاجتماعات المزمعة في أديس أبابا بدعوة من الاتحاد الأفريقي، «تهدف لإطلاق عملية سياسية للتأسيس لواقع ما بعد الحرب، وإن المباحثات يجب أن تعقد بالتزامن مع مباحثات وقف إطلاق النار في جنيف».

ووصف القوى التي ستشارك في الاجتماع بأنها تحمل رؤية «لمستقبل البلاد، تقوم على أساس المواطنة المتساوية، وحسن إدارة التنوع، عبر مشروع وطني تنموي، يرى جل السودانيين أنفسهم فيه». وتابع: «هذه هي القوى التي بإمكانها وضع السودان في المسار التاريخي الصحيح».

وأوضح أن الهدف من الاجتماع «تطوير رؤية مشتركة، وطرح تصورات حول الأجندة، وتحديد أطراف العملية السياسية، لتصحيح البداية الخاطئة التي صاحبت اجتماع الاتحاد الأفريقي، في يوليو (تموز) الماضي، التي ضمت مجموعة جل أعضائها من المناصرين للحرب وسلطة الأمر الواقع»، وتابع: «هي تصورات تعمل لشرعنة الحرب، واستمرارها، بينما تحمل القوى المشاركة في الاجتماع المقبل رؤية إنهاء الحرب وصناعة السلام الدائم».

المتحدث باسم «تنسيقية تقدم» بكري الجاك (الشرق الأوسط)

وعقدت في أديس أبابا، نهاية يوليو الماضي، أعمال ما أطلق عليه «المؤتمر التحضيري للحوار السوداني» في جولته الأولى، برعاية الاتحاد الأفريقي، وهو ما أعلنت «تقدم» رفضها المشاركة فيه، إلى أن أقر إبعاد حزب «المؤتمر الوطني» من المشاركة في العملية السياسية بعد الحرب.

ويعمل الاتحاد الأفريقي على تنظيم ما أسماه «الجولة الثانية للحوار السوداني»، لكن مصدراً في «تقدم» أبلغ «الشرق الأوسط»، أن التنسيقية ستدخل الاجتماع لتقدم تصورها حول أطراف العملية السياسية.

ووصلت إلى أديس أبابا وفود القوى المدنية وتتكون من: «الحركة الشعبية لتحرير السودان - عبد العزيز الحلو»، الحزب «الاتحادي الديمقراطي الأصل»، حزب «المؤتمر الشعبي»، حزب «البعث العربي الاشتراكي»، فيما ينتظر أن يصل وفد «حركة تحرير السودان – عبد الواحد محمد نور»، الجمعة، ما قد يؤدي لتأجيل البداية الرسمية للمباحثات ليوم على الأقل، بينما رفض الحزب الشيوعي المشاركة في الاجتماع.

وكشف المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، توم بيريللو، للصحافيين في أديس أبابا، الأسبوع الماضي، عن تنسيق وثيق مع الاتحاد الأفريقي بشأن الحوار السوداني، وأن بلاده تدعم اللجنة العليا الخاصة بالسودان المكلفة بتنسيق الحوار.

مؤتمر لقوى سياسية سودانية بالقاهرة في مايو الماضي (الشرق الأوسط)

وتأتي اجتماعات القوى المدنية السودانية في أديس أبابا، قبل أيام معدودة، من المباحثات التي دعت لها الولايات المتحدة الأميركية في جنيف السويسرية، بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» في 14 أغسطس (آب) الحالي، التي يعلق عليها الكثير من السودانيين آمالاً لوضع نهاية للحرب في البلاد، بينما لا تزال تصريحات الجيش متضاربة، حيث إنه لم يؤكد ذهابه إلى جنيف، ولم يعلن رفضه، فيما تراجعت الهجمات التي دأب عليها أنصار استمرار الحرب حتى «القضاء على الدعم السريع».


مقالات ذات صلة

مصادر لــ«الشرق الأوسط»: بلينكن وافق على لقاء ثنائي مع الجيش السوداني

شمال افريقيا أنتوني بلينكن حضّ البرهان على المشاركة في مفاوضات سويسرا (د.ب.أ)

مصادر لــ«الشرق الأوسط»: بلينكن وافق على لقاء ثنائي مع الجيش السوداني

قال البرهان على منصة «إكس»، إنه تحدّث مع الوزير الأميركي «عن ضرورة معالجة شواغل الحكومة قبل بدء أي مفاوضات».

محمد أمين ياسين (ود مدني (السودان))
شمال افريقيا طفل سوداني يملأ دلو ماء قرب مخيم زمزم للنازحين في دارفور مطلع أغسطس الحالي (رويترز)

مخاوف سودانية من «كارثة» تحملها السيول

أدت السيول التي اجتاحت مناطق واسعة في ولاية نهر النيل وبعض مناطق السودان إلى خسائر بشرية ومادية كبيرة.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا العطا: البرهان مستعدّ للقتال 100 عام

العطا: البرهان مستعدّ للقتال 100 عام

اتَّهَم العطا «قوات الدعم السريع» بالتحالف مع الائتلاف الحاكم سابقاً «قوى الحرية والتغيير»؛ لمنحها الشرعية السياسية والقانونية للانقلاب.

محمد أمين ياسين (ودمدني السودان)
شمال افريقيا البرهان يحيي ضباط الجيش بقاعدة جبيت العسكرية (شرق) 31 يوليو (أ.ف.ب)

الخارجية الأميركية ترمي بثقلها لإنجاح مفاوضات جنيف السودانية

ألقت الخارجية الأميركية بثقلها لإنجاح مفاوضات جنيف لوقف الحرب في السودان وحضت الفريق عبد الفتاح البرهان على الحضور وخاطبته لأول مرة بصفته رئيساً لمجلس السيادة.

رنا أبتر (واشنطن)
شمال افريقيا مشهد آخر من مخيم زمزم (رويترز)

طيران الجيش السوداني يستهدف «معسكر زمزم» للنازحين

قال شهود إن الطائرات الحربية التابعة للجيش السوداني شنّت، ليل الأحد – الاثنين، ضربات قوية على معسكر زمزم للنازحين بولاية شمال دارفور (غرب السودان).

محمد أمين ياسين (ود مدني (السودان))

هل يؤدي الخلاف على رئاسة «الدولة» الليبي إلى انقسامه؟

تكالة والمشري خلال الانتخابات السابقة على رئاسة المجلس الأعلى للدولة (المجلس)
تكالة والمشري خلال الانتخابات السابقة على رئاسة المجلس الأعلى للدولة (المجلس)
TT

هل يؤدي الخلاف على رئاسة «الدولة» الليبي إلى انقسامه؟

تكالة والمشري خلال الانتخابات السابقة على رئاسة المجلس الأعلى للدولة (المجلس)
تكالة والمشري خلال الانتخابات السابقة على رئاسة المجلس الأعلى للدولة (المجلس)

دفع الخلاف حول نتائج انتخاب رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا إلى تخوف البعض من أن يؤدي ذلك إلى انقسامه، ما يؤثر بالتبعية على العملية السياسية التي تعاني تعثراً وجموداً.

ورأى سياسيون ومراقبون أنه إذا طال أمد الخلاف حول نتيجة التصويت بشأن رئاسة المجلس، فإن ذلك سيؤدي إلى تشظي الأخير، وهو ما يعني فقدان أحد الأطراف في المعادلة السياسية في ليبيا، لافتين إلى الصلاحيات الممنوحة للمجلس بعملية إقرار التشريعات المنظمة للاستحقاق الانتخابي، وأيضاً تشكيل حكومة تضطلع بإجرائه.

وأعرب عضو المجلس الأعلى للدولة، أحمد بوبريق، عن تخوّفه من أن يؤدي عدم رأب الصدع بشكل سريع بمجلسه «لدفع البرلمان للمضي قدماً نحو تشكيل حكومة جديدة بشكل منفرد». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «البرلمان كان قد بدأ أولى خطوات في هذا المسار بفتح باب الترشح لرئاسة تلك الحكومة، دون التنسيق مع الكتل المقربة في الرؤى له داخل (الأعلى للدولة)، التي اعترضت على الأمر، وحذّرت من عواقب ذلك».

ورأى بوبريق أن «تشكيل حكومة جديدة بشكل منفرد من جانب البرلمان، ودون تنسيق مع (الأعلى للدولة)، يعني إمكانية الطعن عليها من أطراف عدة بالساحة المحلية، وبالتأكيد لن تحظى بالاعتراف الدولي كما هي الحال مع حكومة حماد».

واندلع الخلاف على انتخاب رئاسة «الأعلى للدولة»، الذي شارك فيه 139 من أعضائه خلال جلسة التصويت الثانية، التي جرت ما بين الرئيس المنتهية ولايته للمجلس محمد تكالة، والرئيس السابق خالد المشري، بعدما حصل الأخير على 69 صوتاً، في حين حصل تكالة على 68 صوتاً، مع وجود ورقة تصويت كتب على ظهرها اسم تكالة، ما عدّ مخالفاً للشروط المتبعة.

وأقر بوبريق بأن الخلاف داخل مجلسه «انتقص كثيراً من صورته أمام الرأي العام الليبي، خاصة بالمنطقة الغربية»، وقال إن «الأوضاع متأزمة، وكان هناك ترقب لحسم معركة رئاسة (الأعلى للدولة) لاستيضاح الطريق والرؤى، بشأن خطط استكمال مسار إجراء الانتخابات مع البرلمان».

ويشترط الاتفاق السياسي، الموقع نهاية عام 2015، ضرورة توافق مجلسي النواب و«الدولة» على القوانين المتعلقة بالدستور، وإجراء الانتخابات العامة، وأي تشريعات ذات صلة بهما.

بدوره، توقّع المحلل السياسي الليبي، محمد محفوظ، أن يتخذ البرلمان من الخلاف الراهن بـ«الأعلى للدولة» ذريعة لاستكمال مساره، وتكرار تجاربه السابقة بتشكيل حكومات لا تحظى بتوافق محلي أو دولي.

وقلل محفوظ في تصريح لـ«الشرق الأوسط» مما يردده البعض من «أن الخلاف على رئاسة (الأعلى للدولة)، واحتمال انقسامه هو أمر لا يصب بمصلحة الدبيبة». وقال إن تكالة «يؤيد سياسات الدبيبة، ومن المهم أن تحظى حكومته بحليف سياسي ذي ثقل بالساحة الداخلية؛ لكن بقاء تلك الحكومة من عدمه لم يكن مرهوناً ببقاء تكالة أو رحيله عن رئاسة المجلس»، مشيراً إلى أن «التأثير الأهم بالنسبة لها هو ما يتعلق بقرار ومواقف قادة السلاح والمجتمع الدولي».

وتوّقع محفوظ أن تظل الأوضاع مجمدة بالمشهد السياسي الليبي «حتى لو يتم حل الخلاف على رئاسة (الأعلى للدولة)؛ وإن كان هذا غير متوقع». معتقداً أن فوز أي من تكالة والمشري بمقعد رئيس المجلس «لا ينفي وجود انقسام سياسي عميق بين أعضاء (الأعلى للدولة)»، وقال بهذا الخصوص: «نحن أمام تيارين متنافسين بهذا المجلس، لكل منهما توجهات ومصالح سياسية مغايرة، ما يصعب معه اتخاذ قرارات، خصوصاً إذا تعلق الأمر بالتقارب مع البرلمان والتوافق بشأن إجراء الانتخابات».

وحذّر محفوظ من التداعيات السلبية بشأن ما حدث بالساحة، ورأى أن «قطاعاً كبيراً بالمجتمع صار منشغلاً بحسم رئاسة (الأعلى للدولة)، وليس بإجراء الانتخابات العامة، في حين يتخوف البعض من إمكانية قبول نتائج تلك الانتخابات، خصوصاً الرئاسية، في ظل هذا الجدل على مقعد رئاسة الأعلى».

ومنذ مارس (آذار) 2022 تتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى «الوحدة الوطنية» برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وتحظى بالاعتراف الأممي، ومقرها طرابلس بالغرب الليبي، والثانية مكلفة من البرلمان، وتدير المنطقة الشرقية برئاسة أسامة حماد.