الحكومة المصرية تراهن على جولات المسؤولين لمواجهة التحديات

مدبولي رأى أن الزيارات الميدانية عُنصر في اتخاذ قرارات فورية

مدبولي خلال جولة تفقدية في عدد من المصانع بالإسكندرية (مجلس الوزراء المصري)
مدبولي خلال جولة تفقدية في عدد من المصانع بالإسكندرية (مجلس الوزراء المصري)
TT

الحكومة المصرية تراهن على جولات المسؤولين لمواجهة التحديات

مدبولي خلال جولة تفقدية في عدد من المصانع بالإسكندرية (مجلس الوزراء المصري)
مدبولي خلال جولة تفقدية في عدد من المصانع بالإسكندرية (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على الزيارات الميدانية للمسؤولين وجولاتهم في المحافظات ومواقع العمل المختلفة، في محاولة منها لحل «المشكلات على أرض الواقع»، وسط تساؤلات بشأن جدوى هذه الجولات، بعد أن أثار بعض منها جدلاً واسعاً أخيراً.

وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، السبت، إن «الزيارات الميدانية تتم من خلال التنسيق بين الوزارات لتدارك الحلول وتنفيذها بصورة فورية»، مضيفاً أن «هذا هو أسلوب وفلسفة عمل الحكومة الجديدة لحل المشكلات بصورة فورية على أرض الواقع».

وأدّت الحكومة المصرية الجديدة اليمين الدستورية أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، قبل شهر، حيث شمل التشكيل الوزاري تغييرات واسعة ضمت 23 وزيراً، مع دمج حقائب وزارية.

مدبولي أوضح على هامش جولة تفقدية في عدد من المصانع بالإسكندرية، السبت، أن هدف زيارته وغيرها من الزيارات الأسبوعية التي يقوم بها وزراء الحكومة في مختلف مواقع العمل، هو «تشجيع الصناعة الوطنية، وشركات القطاع الخاص على إقامة توسعات لمشروعاتها، بالإضافة إلى حل المشكلات والتحديات التي تواجهها»، مضيفاً: «وجودنا في الزيارات الميدانية يسهم بشكل كبير في التعرف على التحديات على أرض الواقع». وأشار إلى أن عدداً من المستثمرين خلال الفترة الماضية كانوا «يشكون من أنهم يحاولون لعدة أشهر عرض مشكلاتهم، بسبب تعقد الإجراءات والبيروقراطية، فيتم حالياً اتخاذ القرارات على الفور في أثناء الجولات التفقدية».

عضو «لجنة الإدارة المحلية» بمجلس النواب المصري، النائب سعودي عبد الرحمن، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك جولات للمسؤولين على أرض الواقع للوقوف على المشكلات وحلها في حدود الممكن ووفق قدرات المحافظات والحكومة»، مؤكداً أنه «ستكون لهذه الجولات نتائج إيجابية».

ومنح البرلمان المصري الثقة لحكومة مدبولي الجديدة في 18 يوليو (تموز) الماضي، بموافقة غالبية نواب البرلمان، في حين لم يصوت بعض النواب المستقلين والحزبيين على برنامج الحكومة، الذي نوقش بحضور 28 وزيراً.

واقعة مصادرة محافظ الدقهلية لأكياس خبز مدعم من منزل سيدة مسنة أثارت انتقادات (صفحة محافظة الدقهلية)

في حين رأى أستاذ الإدارة المحلية في مصر، الدكتور حمدي عرفة، أن الزيارات الميدانية التي يقوم بها بعض الوزراء والمحافظين صحيحة من الناحية الإدارية، لكن الخطأ الشائع هو الاعتقاد بأنها تُسهم في حل 70 في المائة من المشكلات، وفي الحقيقة هي تمثل فقط 10 في المائة لحل مشكلات المواطنين أو المستثمرين. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «نعم جولات المسؤولين خطوة جيدة من جانب الحكومة تحسب لها، لكنها غير كافية بمفردها، فما نحتاج إليه هو أعمق من ذلك».

وكانت زيارات لبعض المسؤولين المصريين قد أثارت جدلاً خلال الأسابيع الماضية، وذلك على خلفية قيام محافظ الدقهلية، طارق مرزوق، بمصادرة «أكياس خبز مدعم» من منزل سيدة مسنة خلال جولة تفقدية على المخابز. ثم قيام محافظ سوهاج، عبد الفتاح سراج، بتوبيخ طبيبة داخل مستشفى، خلال زيارة تفقدية بها، لكونها طلبت من مواطن «إحضار إيصال إداري قبل توقيع الكشف الطبي على نجله»، ما دعا رئيس الوزراء المصري للاعتذار للطبيبة.

وهما الواقعتان اللتان أثارتا تفاعلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي في مصر، وسط انتقادات البعض لطريقة تعامل المسؤولين خلال الزيارات الميدانية، وتشكيك البعض الآخر في جدوى هذه الجولات.

إلا أن النائب البرلماني قال إنه «وسط الجولات الميدانية لا بد أن تظهر بعض السلبيات، لكنها تكون غير مقصودة»، بينما أشار أستاذ الإدارة المحلية إلى أنه لزيادة فاعلية الزيارات الميدانية «يجب تعديل التشريعات الخاصة بالموظفين الحكوميين أو من لهم علاقة بالتعامل بشكل مباشر مع المواطنين حتى تثمر هذه الجولات والزيارات الميدانية عن ردود فعل إيجابية لدى المصريين».


مقالات ذات صلة

هل تُخفف الأمطار على مصر من تأثيرات الملء الخامس لـ«السد الإثيوبي»

شمال افريقيا «سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي - إكس)

هل تُخفف الأمطار على مصر من تأثيرات الملء الخامس لـ«السد الإثيوبي»

قالت هيئة الأرصاد الجوية في مصر، إن بعض المناطق في جنوب البلاد تشهد سقوط أمطار، السبت.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال زيارته لمطار برج العرب بالإسكندرية مؤخراً (وزارة الطيران)

المطارات المصرية على خط «الشائعات» عقب أنباء عن بيعها

دخلت المطارات المصرية على خط «الشائعات» عقب أنباء عن بيعها لجهات أجنبية.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا الحركة المدنية خلال اجتماعها الشهر الماضي لبحث المشاركة في الانتخابات البرلمانية (صفحة الحركة المدنية على «فيسبوك»)

«الحركة المدنية» في مصر تبحث تجميد نشاط أحزابها

تبحث «الحركة المدنية الديمقراطية» في مصر «تجميد نشاط أحزابها»، على خلفية حبس مؤسسها المعارض المصري يحيى حسين عبد الهادي.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا ثلاجات كهربائية متنوعة في صالة عرض أحد المحال التجارية بالقاهرة (أرشيفية - موقع إكس)

مصريون يشتكون «نقص سلع» وسط مخاوف من تصاعد الغلاء

تزامنت عودة نقص الأجهزة الكهربائية مع تطبيق الحكومة المصرية زيادة في أسعار الوقود (بنزين وسولار) الأسبوع الماضي.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا القمة العربية - الإسلامية بالرياض في نوفمبر 2023 (واس)

تنسيق سعودي - مصري لمواجهة التصعيد الإقليمي وتحقيق استقرار المنطقة

تطرقت المباحثات بين وزيري خارجية السعودية ومصر إلى «الجهود الجادة والحثيثة التي تبذلها الرياض والقاهرة لحلحلة الأزمة السودانية».

فتحية الدخاخني (القاهرة )

هجوم مقديشو يخلّف 32 قتيلاً... و«الشباب» تتبنى مسؤوليتها

أشخاص يحملون جثمان سيدة قُتلت في الانفجار الذي وقع على شاطئ في مقديشو (رويترز)
أشخاص يحملون جثمان سيدة قُتلت في الانفجار الذي وقع على شاطئ في مقديشو (رويترز)
TT

هجوم مقديشو يخلّف 32 قتيلاً... و«الشباب» تتبنى مسؤوليتها

أشخاص يحملون جثمان سيدة قُتلت في الانفجار الذي وقع على شاطئ في مقديشو (رويترز)
أشخاص يحملون جثمان سيدة قُتلت في الانفجار الذي وقع على شاطئ في مقديشو (رويترز)

قُتل ما لا يقل عن 32 شخصاً، وأصيب العشرات في هجوم انتحاري نفذته حركة «الشباب» المتطرفة، وأعقبه إطلاق نار مساء الجمعة على أحد شواطئ مقديشو، في حصيلة هي بين الأكبر في هجمات استهدفت العاصمة الصومالية منذ أشهر، وفق ما أعلنت الشرطة في تصريحات نقلتها وكالة الصحافة الفرنسية. فيما أعلنت حركة «الشباب» المتشددة مسؤوليتها عن هذا الهجوم.

ووصف الناطق باسم الشرطة، عبد الفتاح آدن حسن للصحافيين الهجوم بأنه «بلا رحمة»، وتلقى أكثر من 60 شخصاً، بعضهم في حالة خطيرة، العلاج في المستشفيات. وكان من بينهم ضابط استخبارات بارز، وحراسه الشخصيون الذين كانوا يقضون المساء في الفندق الساحلي. ومن المحتمل أن ترتفع حصيلة القتلى، حيث قاتلت قوات الأمن حتى ساعات الصباح الأولى من يوم السبت.

يتجمع الناس في حين تحمل سيارة إسعاف جثة امرأة مجهولة الهوية قُتلت في انفجار وقع أثناء سباحة المحتفلين على شاطئ «ليدو» في مقديشو (رويترز)

وأكد الناطق باسم الشرطة، عبد الفتاح آدن حسن، للصحافيين، مقتل أكثر من 32 مدنياً في هذا الهجوم، وإصابة نحو 63 بجروح، «بعضهم إصاباتهم خطرة». وقالت الشرطة وشهود لوكالة الصحافة الفرنسية، اليوم السبت، إن انتحارياً فجّر نفسه مساء الجمعة على شاطئ ليدو، الذي يرتاده رجال أعمال وموظفون حكوميون في حي راقٍ، تنتشر فيه الفنادق الفخمة والمطاعم وتعرض لهجمات في الماضي. وبعد التفجير، قام المسلحون بإطلاق النار، حسب المصدر نفسه. بدوره، قال الشرطي محمد عمر لوكالة الصحافة الفرنسية، اليوم السبت، إن «الإرهابيين الذين لا تأخذهم لا شفقة ولا رحمة أطلقوا النار عشوائياً على المدنيين»، مضيفاً أن قوات الأمن الصومالية قتلت خمسة من عناصر حركة «الشباب» المتطرفة المرتبطة بتنظيم «القاعدة».

صورة مثبتة من مقطع فيديو انتشر على مواقع التواصل لهجوم «حركة الشباب» على شاطئ شعبي في مقديشو

وأشير إلى المهاجمين على أنهم «خوارج»، وهي عبارة تستخدمها السلطات الصومالية لدى التحدث عن أعضاء هذه الجماعة. من جهته، أكد هاو محمد، الذي يعيش بالقرب من مكان الهجوم، أن سبعة على الأقل من معارفه بين القتلى. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية إن «الدماء والأشلاء تملأ المكان». وأمام هذا الهجوم الكبير الذي خلّف عشرات الجرحى، وجهت المستشفيات دعوات للتبرع بالدم لعلاج المصابين، حسب وسائل الإعلام الصومالية. وأكد عبد الخالق عثمان، المسؤول في مستشفى كلكال، تدفق أعداد من الجرحى الذين «تم نقل 11 منهم إلى غرفة العمليات بسبب خطورة إصاباتهم، فيما أرسل المصابون بجروح طفيفة إلى منازلهم بعد تلقيهم العلاج».

* حالة ذعر

قال الشاهد أحمد ياري إن الهجوم بدأ من أحد الفنادق، وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية قائلاً: «رأيت جرحى قرب الشاطئ. وكان الناس يصرخون مذعورين، وكان من الصعب التمييز بين الأحياء منهم والأموات». فيما أكد شهود آخرون أن الشاطئ كان مزدحماً بالناس عندما وقع الانفجار.

بدوره، قال شاهد عيان آخر يدعى عبد اللطيف علي إن الجميع «أصيب بالذعر، وكان من الصعب معرفة ما يحدث لأن إطلاق النار بدأ بعد وقت قصير من الانفجار»، مضيفاً أن الناس «حاولوا الاحتماء بإلقاء أنفسهم على الأرض، وحاول آخرون الفرار. وقد رأيت الكثير من الناس ممددين على الأرض، قبل أن يتمكنوا من الفرار».

صورة للمكان الذي شهد الهجوم الانتحاري مساء الجمعة على شاطئ ليدو (إ.ب.أ)

من جانبه، قال الرئيس حسن شيخ محمود إنه سيعقد اجتماعاً طارئاً مع رئيس الوزراء، و«مسؤولي الأمن الرئيسيين لمعالجة الوضع». وقال مكتب الرئيس في منشور على «إكس» إنه ورئيس الوزراء حمزة عبدي بري اجتمعا مع أجهزة الأمن بعد الهجوم لوضع خطط لتعزيز إجراءات الأمن في المدينة. وجاء في المنشور أن الحكومة «عازمة على القضاء على الإرهابيين... الإرهابيون يريدون إرهاب المدنيين. فليبلغ المدنيون عن الإرهابيين المختبئين بينهم». ويستخدم المسؤولون الحكوميون وصف الإرهابيين للإشارة إلى حركة «الشباب»، لكن دون ذكر اسم الحركة.

في غضون ذلك، وصفت الأمم المتحدة في الصومال الهجوم بأنه «عمل بغيض يستحق الإدانة الشديدة». كما قدم رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فقي محمد، تعازيه لأسر الضحايا جراء الهجوم «المروع»، و«عديم الرحمة»، وفق ما كتب على منصة «إكس».

وفي منتصف يوليو (تموز) الماضي، قُتل تسعة أشخاص، وأصيب 20 آخرون في مقديشو في تفجير سيارة مفخخة أمام مقهى مزدحم أثناء بث نهائي كأس الأمم الأوروبية 2024، وفق مصادر أمنية. كما نفّذت حركة «الشباب» في الماضي العديد من التفجيرات والهجمات في مقديشو ومناطق عدة في البلد غير المستقر في القرن الأفريقي.

رجل أمن شارك في العملية التي أدت إلى تحييد الإرهابيين (أ.ف.ب)

ورغم إخراجهم من العاصمة بعد تدخل قوات الاتحاد الأفريقي في عام 2011، ما زالوا منتشرين في المناطق الريفية. وقد توعد الرئيس الصومالي بشن حرب «شاملة» ضدهم. وانضم الجيش إلى قوات العشائر لتنفيذ حملة عسكرية ضدهم، تدعمها قوة من الاتحاد الأفريقي بمؤازرة جوية أميركية. لكن الهجوم تعرض لانتكاسات، وفي المقابل، أعلنت حركة «الشباب» في مطلع عام 2024 سيطرتها على العديد من المناطق في وسط البلاد.