عبير موسي تقدم ملف ترشحها لرئاسية تونس من السجن

على الرغم من افتقاده بعض الوثائق الأساسية

عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر المعارض (أ.ف.ب)
عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر المعارض (أ.ف.ب)
TT

عبير موسي تقدم ملف ترشحها لرئاسية تونس من السجن

عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر المعارض (أ.ف.ب)
عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر المعارض (أ.ف.ب)

أودع أعضاء من هيئة الدفاع عن عبير موسي، رئيسة الحزب الدستوري الحر المعارض في تونس، القابعة في السجن، السبت، ملف ترشح باسمها للانتخابات الرئاسية المقررة في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل لدى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، حسبما أوردته «وكالة الأنباء الألمانية». وقدم محامون ملف ترشح موسي الموقوفة منذ أكتوبر 2023 إلى هيئة الانتخابات، على الرغم من افتقاده بعض الوثائق الأساسية.

وفي هذا الإطار، قال المحامي عبد السلام العريف، عضو هيئة الدفاع عن موسي، في تصريح صحافي إنّ «الملف يتضمّن أغلب الوثائق اللّازمة، ما عدا البطاقة الخاصة لعبير موسي ووثيقة التزكيات»، مشيراً إلى أنه «جرى تقديم قضية استعجالية لدى المحكمة الإدارية للنظر في أسباب رفض هيئة الانتخابات مدّهم بالنموذج المعمول به في عملية جمع التزكيات». وتتهم هيئة الدفاع السلطات الإدارية بالامتناع عن مد موسي بشهادة تخص سجلها القضائي، والوثيقة النموذج التي تعتمد لجمع التزكيات الشعبية من الناخبين، وهي وثائق تعد أساسية جداً في ملف الترشح. وكانت موسي سياسية نشطة في نظام الحكم قبل ثورة 2011، وهي من بين العشرات من السياسيين والشخصيات العامة التي أعلنت ترشحها لمنافسة الرئيس الحالي قيس سعيد، الذي يستعد لتقديم ملف ترشحه لولاية ثانية. ومن غير المتوقع أن يجري قبول ملف موسي لدى الهيئة. وقالت هيئة الدفاع إنها «ستوثق عملية الإقصاء، وتحمِّل المسؤولية لمرتكبيها، وستقوم بالطعن في أي قرار تتخذه الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بخصوص ملف الترشح». واعتُقلت السياسية والمحامية من أمام القصر الرئاسي في أكتوبر 2023 عندما تقدمت بطعن لدى مكتب الضبط، ضد مرسوم رئاسي، واتُّهمت بتعطيل أعمال السلطة، كما تواجه شكوى ثانية من هيئة الانتخابات بسبب تصريحات إعلامية مشككة في نزاهتها. وتتهم المعارضة، التي يقبع عدد كبير من قيادييها في السجون للتحقيق في عدة قضايا، من بينها التآمر على أمن الدولة، الرئيس سعيد والسلطات بممارسة ضغوط على المرشحين المعارضين، وتقويض أسس الديمقراطية. بينما يقول الرئيس سعيد، الذي أطاح بالنظام السياسي في 2021، إنه يريد تصحيح مسار ثورة 2011، ومكافحة الفساد.



منافسون للرئيس التونسي يشتكون من تزايد «العراقيل والتضييقات»

يرى خبراء أن الطريق للانتخابات الرئاسية مليء بالعقبات أمام المنافسين المحتملين للرئيس سعيد (أ.ب)
يرى خبراء أن الطريق للانتخابات الرئاسية مليء بالعقبات أمام المنافسين المحتملين للرئيس سعيد (أ.ب)
TT

منافسون للرئيس التونسي يشتكون من تزايد «العراقيل والتضييقات»

يرى خبراء أن الطريق للانتخابات الرئاسية مليء بالعقبات أمام المنافسين المحتملين للرئيس سعيد (أ.ب)
يرى خبراء أن الطريق للانتخابات الرئاسية مليء بالعقبات أمام المنافسين المحتملين للرئيس سعيد (أ.ب)

تتزايد داخل الأوساط السياسية التونسية حدة الانتقادات لما اعتبره مراقبون ومحللون سياسيون «تضييقاً شديداً» على المرشحين المنافسين البارزين للرئيس التونسي قيس سعيد، الذي قدم أمس الاثنين ملف ترشحه للانتخابات الرئاسية، المقرّرة في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وعدم تسليمهم وثائق إدارية ضرورية لاكتمال ملفاتهم.

هيئة الانتخابات التونسية في أحدث اجتماعاتها (موقع هيئة الانتخابات)

ويرى خبراء تحدثوا لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن الطريق للانتخابات الرئاسية مليء بالعقبات أمام المنافسين المحتملين للرئيس المنتخب ديمقراطياً في عام 2019، والذي تفرّد بالسلطة قبل ثلاث سنوات ويسعى لولاية ثانية. ويشيرون إلى أن معايير قبول الترشحات باتت جد صارمة، مع اشتراط تأمين تزكيات من عشرة برلمانيين، أو 40 مسؤولاً محلياً منتخباً، أو 10 آلاف ناخب، مع ضرورة تأمين 500 تزكية على الأقل في كل دائرة انتخابية، وهو أمر يصعب تحقيقه. كما تشترط الهيئة حصول المرشح على ما يعرف بـ«البطاقة عدد 3»، وهي وثيقة تثبت السوابق العدلية للشخص وتمنحها وزارة الداخلية. وقد اشتكى العديد من المرشحين من عدم التمكن من الحصول عليها.

رفض بالجملة

والاثنين أعلن المرشح البارز والوزير السابق، المنذر الزنايدي، تقديم ملف ترشحه، رغم أن «إدارة التعليمات لقيس سعيّد ترفض تسليمي البطاقة عدد 3»، على ما جاء في مقطع فيديو نشره على صفحته الرسمية في موقع «فيسبوك». كما أكد المستشار السابق في رئاسة الجمهورية، كمال العكروت، في بيان انسحابه من السباق الرئاسي، بسبب «رفض وزارة الداخلية» تزويده ببطاقة السوابق العدلية.

منذر الزنايدي (صفحته الرسمية)

بدوره، أعلن رجل الأعمال ومغني الراب، كريم الغربي، المعروف بـ«كادوريم» في مقطع فيديو رفض الوزارة تسليمه البطاقة. وردّاً على الانتقادات بالتضييق على المرشحين، وعدم تمكنهم من جمع تواقيع التزكيات، قال الرئيس التونسي: «لم أضيِّق على أحد، والقانون يطبق على الجميع على قدم المساواة وأنا هنا مواطن لأقدم الترشح». مؤكداً أن «من يتحدث عن التضييقات واهم». والسبت الماضي، قدّمت المعارضة ورئيسة «الحزب الدستوري الحرّ» الموقوفة، عبير موسي، ترشحها عن طريق أعضاء في حملتها. وبعد يومين من ذلك، أصدرت محكمة تونسية حكماً بالسجن لمدّة عامين بحقّ موسي، لانتقادها أداء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مطلع عام 2023. وأصدرت المحكمة حُكمها بموجب «المرسوم 54»، الذي أصدره الرئيس سعيّد عام 2022، لمكافحة «الأخبار الكاذبة».

المعارضة ورئيسة «الحزب الدستوري الحرّ» عبير موسي (أ.ف.ب)

وجرى إيقاف موسي، النائبة السابقة (49 عاماً)، في 3 من أكتوبر الماضي أمام القصر الرئاسي في قرطاج، عندما جاءت، وفقاً لحزبها، لتقديم استئناف ضدّ قرارات سعيّد. وإذا ما تمّ تأييد هذه الإدانة من قبل محكمة الاستئناف، أو في ختام إجراءات قضائية أخرى، فسيتمّ إقصاؤها رسمياً من الانتخابات، إذ يتعيّن على المرشّح أن يكون سجلّه الجنائي نظيفاً. وتواجه موسي تهماً خطيرة أخرى، من بينها «الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة».

مرشحون رهن الاعتقال

يقبع وراء القضبان شخصيات معارضة أخرى، مثل عصام الشابي وغازي الشواشي، المتهمين بالتآمر على أمن الدولة، واللذين أعلنا نيتهما الترشح للرئاسة، لكنهما تراجعا لعدم السماح لهما بتوكيل ممثل شخصي لتقديم ملف الترشح.

عصام الشابي رئيس الحزب الجمهوري (أ.ف.ب)

والأربعاء الماضي، استنكر 11 شخصاً من الراغبين في خوض الانتخابات، من بينهم الإعلامي نزار الشعري، والأميرال المتقاعد من الجيش كمال العكروت، والوزير السابق عبد اللطيف مكي، في بيان وجود عوائق تحول دون ترشحهم. والأسبوع الماضي، حُكم على أربع نساء من حملة «كادوريم»، الطامح للترشح، بالسجن بين سنتين وأربع سنوات بتهمة الحصول على تزكيات بمقابل مالي، وتم توقيف ثلاثة من أعضاء حملة الشعري بالتهمة نفسها، لكن الأخير نفاها بشكل قاطع.

الناشط السياسي والوزير الأسبق غازي الشواشي (أ.ف.ب)

ومساء الاثنين، حُكم على الشعري بالسجن لمدة ثمانية أشهر، والحرمان من الترشح للانتخابات مدى الحياة في قضية الحصول على تزكيات مقابل أموال، بحسب ما أفاد الإعلام التونسي. وانتقدت العديد من المنظمات الحقوقية التونسية والدولية «تراجع الحريات» في تونس. ونددت نحو ثلاثين منظمة حقوقية تونسية، الخميس الماضي، في بيان مشترك «بتحول هيئة الانتخابات لأداة ردع وتخويف، وتهديد بالمتابعات العدلية لكل منتقد لأدائها ولانحيازها، مما أفقدها الاستقلالية، وجعلها أداة السلطة القائمة بهدف إقصاء خصومها وإسكات المعارضين لها».

من مظاهرة لصحافيين وإعلاميين ضد ما عدوه «تضييقاً» على الحريات (إ.ب.أ)

وفي معرض تعليقه على توقيف وملاحقة الصحافيين والإعلاميين والناشطين وفقاً للمرسوم 54 الذي تم إقراره لمكافحة «الأخبار الكاذبة» في سبتمبر (أيلول) 2022، قال الرئيس سعيِّد «نحن في حرب تحرير من أجل الحرية، ولا نريد تضييق الحريات على أيّ كان ولكن في إطار القانون... وأنا لم أتدخل في القضاء». وتنتهي آجال تقديم الترشحات، الثلاثاء، على أن تقدم الهيئة نهاية الأسبوع قائمة بأسماء المقبولة ترشحاتهم بشكل أولي.