أعلن وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، مساء أمس (الأربعاء)، أنّ بلاده ستتّخذ إجراءات إضافية ضدّ فرنسا، ردّاً على موقف باريس الداعم لخطة المغرب للحكم الذاتي في الصحراء.
وقال عطاف، خلال مؤتمر صحافي في الجزائر العاصمة، حضرته وكالة الصحافة الفرنسية: «سنقوم بالخطوات اللازمة التي سنعبّر من خلالها عن رفضنا لإقدام فرنسا على خطوة خطيرة على المنطقة، وعلى الجهود التي تُبذَل خصيصاً في هذا الظرف لإيجاد حلّ سلمي وسياسي لقضية الصحراء»، مضيفاً أنّ قرار الجزائر استدعاء سفيرها من باريس للتشاور «ليس سوى خطوة أولى ستليها خطوات احتجاجية أخرى».
وتابع عطاف موضحاً: «هذا ليس مجرد استدعاء سفير للتشاور. هذا تخفيض لمستوى التمثيل الدبلوماسي. إنّها خطوة مهمّة للتعبير عن إدانتنا واستنكارنا» لموقف باريس، مؤكداً أنّ «سحب السفير خطوة أولى ستليها خطوات أخرى» لم يكشف عنها. وبحسب الوزير الجزائري، فإنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كان قد أبلغ نظيره الجزائري، عبد المجيد تبّون، على هامش قمة «مجموعة السبع»، في يونيو (حزيران)، الماضي بإيطاليا، بالقرار الذي تعتزم باريس اتّخاذه.
وأكّد عطّاف أنّ ردّ الرئيس الجزائري على نظيره الفرنسي كان «صارماً وحازماً ودقيقاً»، محذّراً من أنّ خطوة مثل هذه «لن تسهم في إحياء المسار السياسي، بل ستغذّي الانسداد الذي أدخلت فيه خطة الحكم الذاتي القضية الصحراوية منذ أكثر من 17 سنة».
وأبرز الوزير الجزائري أنّ «هذه الخطوة التي تدّعي باريس أنّها ترمي إلى إحياء المسار السياسي لتسوية النزاع في الصحراء (...) تسهم على النقيض من ذلك في تكريس حالة الجمود، التي تعاني منها العملية السياسية منذ ما يقرب العقدين من الزمن»، مشيراً إلى أن الخطوة الفرنسية «يمكن وصفها بعبارة بسيطة بأنها تلخّص في مضمونها القيمة القانونية لهذا الاعتراف، وهي عبارة هبة مَن لا يملك لمَن لا يستحقّ».
ويأتي موقف عطاف بعدما أكّد ماكرون أنّ المقترح المغربي «يشكّل، من الآن فصاعداً، الأساس الوحيد للتوصُّل إلى حلّ سياسي، عادل، ومستدام، ومتفاوَض بشأنه، طبقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي». وكان مقرّراً أن يزور تبّون فرنسا، في سبتمبر (أيلول) المقبل، لكنّ عطّاف لمّح إلى أنّ هذه الزيارة قد لا تتمّ بسبب موقف ماكرون، قائلاً: «سيتمّ استنتاج كل ما يجب استنتاجه في إطار تحضير الردّ على الخطوة، التي أقدمت عليها فرنسا (...) لا شك أنّ زيارة الدولة التي كانت مبرمجة ستدخل في إطار هذه الاستنتاجات، ولا أفاجئ إن قلت إن الخطوة الفرنسية لم تسهم إيجاباً في تحقيق هذه الزيارة».
واقترحت السلطات المغربية خطة حكم ذاتي للصحراء تحت سيادته. لكنّ جبهة «بوليساريو»، المدعومة من الجزائر تطالب بالسيادة عليها منذ مغادرة الاحتلال الإسباني المنطقة عام 1975، وتطالب بإجراء استفتاء لتقرير المصير برعاية الأمم المتحدة.
في المقابل، وجَّه العاهل المغربي، الملك محمد السادس، دعوة للرئيس الفرنسي لزيارة رسمية للبلاد، بعد أن أعلنت باريس عن موقف داعم لسيادة المغرب على منطقة الصحراء المتنازع عليها.
جاء ذلك في رسالة إلى ماكرون، قال فيها العاهل المغربي: «إنني أقدِّر عالياً الدعم الواضح الذي تقدمه بلادكم لسيادة المغرب على هذا الجزء من أراضيه، وثبات الدعم الفرنسي للحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كحل لهذا النزاع الإقليمي».
وكان ماكرون قد قال، في رسالة، الثلاثاء، إن بلاده تعترف بمخطط الحكم الذاتي لمنطقة الصحراء، في إطار السيادة المغربية، باعتباره السبيل الوحيد للتوصل إلى حل للنزاع القائم منذ فترة طويلة بخصوص هذه المنطقة.
وأضاف العاهل المغربي: «سيتمكن بلدانا من العمل معاً من أجل التوصل إلى حل يحترم بالكامل، في إطار قرارات الأمم المتحدة بسيادة المغرب على صحرائه». كما جاء في رسالة العاهل المغربي أيضاً: «بفضل الدينامية الإيجابية التي تشهدها علاقاتنا الثنائية، تنفتح آفاق واعدة لبلدينا في العديد من القطاعات الاستراتيجية، مما سيساهم في تعزيز الشراكة الاستثنائية المبنية، منذ عقود، على الصداقة والثقة».