زيادات متكررة لأسعار البنزين تُغيّر عادات مصريين للتنقل

البعض تخلى عن سيارته... وآخرون يرون الحل في «الدرّاجات»

حملات رقابية لمتابعة أسعار المواصلات العامة مع زيادة تكلفة الوقود (الصفحة الرسمية لحي ثانٍ المنتزه بالإسكندرية)
حملات رقابية لمتابعة أسعار المواصلات العامة مع زيادة تكلفة الوقود (الصفحة الرسمية لحي ثانٍ المنتزه بالإسكندرية)
TT

زيادات متكررة لأسعار البنزين تُغيّر عادات مصريين للتنقل

حملات رقابية لمتابعة أسعار المواصلات العامة مع زيادة تكلفة الوقود (الصفحة الرسمية لحي ثانٍ المنتزه بالإسكندرية)
حملات رقابية لمتابعة أسعار المواصلات العامة مع زيادة تكلفة الوقود (الصفحة الرسمية لحي ثانٍ المنتزه بالإسكندرية)

«بعد ارتفاع أسعار البنزين ركنت عربيتي على جنب وشرحتلها الموقف إن إحنا مش هينفع نكمل مع بعض، وإنها تستاهل حد أحسن مني»؛ تعليق ساخر كتبه المصري طارق لطيف، على حسابه على منصة «إكس» (تويتر)، مقرراً التخلي عن سيارته لعدم القدرة على تحمل نفقات البنزين، بعد الارتفاع المتكرر لأسعار الوقود في مصر.

وأعلنت الحكومة المصرية، الخميس الماضي، زيادة أسعار أنواع الوقود بنسب تصل إلى 15 في المائة، في «أحدث خطوة لتقليص الدعم الحكومي للمحروقات». ووفقاً لما نقلته الجريدة الرسمية عن وزارة البترول، جرت زيادة أسعار بنزين 80 بسعر 12.25 جنيه، وبنزين 92 بسعر 13.75 جنيه، وبنزين 95 بسعر 15 جنيهاً (الدولار الأميركي يساوي 48.31 جنيه في البنوك المصرية). أما السولار، وهو أحد أكثر أنواع الوقود استخداماً، فتقرر رفع سعره إلى 11.50 جنيه من 10 جنيهات.

لا تعكس «التدوينة» الإلكترونية سلوك صاحبها فقط، بعد أن لجأ مصريون آخرون إلى ترك سيارتهم، والبحث عن بدائل أخرى في تنقلاتهم بما يناسب دخولهم.

يقول هاني سعيد، موظف في شركة مقاولات لـ«الشرق الأوسط»، إنه مع زيادة أسعار البنزين اضطر إلى الاستغناء عن سيارته الخاصة، التي كان يستقلها يومياً من مكان إقامته في محافظة المنوفية (دلتا النيل) إلى العاصمة القاهرة، حيث مقر عمله، واتجه إلى ركوب المواصلات العامة، وتابع: «أسافر بسيارتي 5 أيام أسبوعياً ذهاباً وعودة، تحملت نفقات البنزين طيلة الارتفاعات الماضية المتتالية، لكن هذه المرة لن يتحمل راتبي فاتورة البنزين».

وعلى مدار الـ10 سنوات الماضية، أعلنت الحكومة المصرية 11 زيادة في أسعار البنزين والوقود، كانت الأولى في يونيو (حزيران) 2014، وآخرها في مارس (آذار) الماضي.

وأضاف الثلاثيني «سعيد»: «بحسبة بسيطة، ستكلفني رحلتي الذهاب والعودة ما يزيد على مائتي جنيه يومياً، بينما ركوب المواصلات العامة سيكلفني أقل من نصف هذه القيمة، لذا لجأت إليها رغم ما بها من عناء ومشقة».

وأدت زيادة أسعار أنواع الوقود إلى تحريك تعريفة ركوب السرفيس، والنقل العام، والتاكسي، وهو ما أحدث ارتباكاً لدى كثير من المصريين، بسبب تأثر ميزانياتهم بتلك الزيادة.

وقال أحمد شوقي، الحارس بإحدى شركات الأمن الخاصة، الذي يقطن بمنطقة شبرا الخيمة (بنطاق القاهرة الكبرى)، إنه يعتمد على حافلات النقل العام للذهاب إلى عمله بوسط القاهرة، لافتاً إلى أن «زيادة أجرة الحافلات العادية من 7 جنيهات إلى 8 جنيهات، يكلفني نحو 60 جنيهاً إضافية بشكل شهري، رغم أن راتبي كما هو لم يزد».

التخلي عن مركبات «التوك توك» اتجاه لدى بعض المصريين بعد رفع تعريفة ركوبها (الشرق الأوسط)

وتابع لـ«الشرق الأوسط»: «ما أستطيع توفيره هو الاستغناء عن ركوب مركبات (التوك توك) الخاصة، في المشاوير الصغيرة، والتي بالغ سائقوها في زيادة تعريفة ركوبها، وهو اتجاه سألتزم به أنا وزوجتي، بعد أن قررنا عدم اللجوء إليه إلا في حالات الضرورة القصوى».

ويشير الخبير الاقتصادي المصري، الدكتور أشرف غراب، إلى عامل إضافي اضطر بعض المصريين إلى التخلي عن ركوب السيارات الخاصة، موضحاً لـ«الشرق الأوسط»، أن الارتفاع المتكرر لأسعار البنزين «تزامن مع ارتفاع تكلفة مصروفات السيارة، فالأمر أصبح وقوداً وقطع غيار وغير ذلك».

تغيّر عادات المصريين في التنقل نتيجة ارتفاع أسعار الوقود، توسعت «السوشيال ميديا» في التعبير عنه، حيث رأى البعض أن «زيادة البنزين معناها نزول طبقة اجتماعية»، في إشارة إلى عدم القدرة على الوفاء بالالتزامات الاجتماعية.

كما انشغل آخرون بحساب تكلفة ركوبهم المواصلات العامة بشكل يومي، مؤكدين تحملهم نفقات أعلى.

ويبيّن «غراب» أن ارتفاع أسعار كثير من السلع خلال الفترات الماضية دفع المواطنين إلى إعادة ترتيب الأولويات حسب الأهمية، فالأهم حالياً هو المطعم والمشرب والملبس وبالطبع المسكن، موضحاً أن هناك كثيراً من الرفاهيات بدأت غالبية الأسر في التخلي عنها، خصوصاً الأسر متوسطة الدخل، مع الاعتماد على الأساسيات في المعيشة.

واقترح بعض رواد «السوشيال ميديا» تقليل استخدام المواصلات قدر الإمكان وزيادة المشي، خصوصاً في الأماكن القريبة، أو اللجوء إلى استخدام الدراجات في الذهاب للعمل.


مقالات ذات صلة

تساؤلات حول موافقة الرقابة المصرية على فيلم «المُلحد»

يوميات الشرق فيلم «المُلحد» تم الإعلان عن عرضه منتصف الشهر المقبل (الشركة المنتجة)

تساؤلات حول موافقة الرقابة المصرية على فيلم «المُلحد»

بعيداً عن الضجة التي أثارها الإعلان عن قرب عرض الفيلم المصري «المُلحد»، أثار متابعون عبر مواقع التواصل الاجتماعي تساؤلات حول موافقة الرقابة على اسم الفيلم.

انتصار دردير (القاهرة )
شمال افريقيا دار القضاء العالي بوسط العاصمة المصرية القاهرة (أ.ف.ب)

الإعدام لمصريَّين أُدينا بالانضمام إلى «داعش كرداسة»

قضت محكمة مصرية، الاثنين، بـ«الإعدام شنقاً» لشخصين اثنين، أُدينا بالانضمام إلى خلية «داعش كرداسة»، فيما عاقبت 4 آخرين بالسجن المشدد من 5 إلى 15 سنة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من اجتماع وزير الصحة المصري مع أعضاء المجلس القومي للصحة النفسية (وزارة الصحة المصرية)

ضوابط جديدة لمنشآت «الصحة النفسية وعلاج الإدمان» بمصر

تستعد الحكومة المصرية لتطبيق ضوابط جديدة فيما يتعلق بالتراخيص الخاصة بمنشآت «الصحة النفسية وعلاج الإدمان».

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع «اللجنة العليا لحقوق الإنسان» بمصر (الخارجية المصرية)

تحركات مصرية رسمية لـ«تحسين مناخ» الحريات قبيل «مراجعة جنيف»

ناقشت «العليا الدائمة لحقوق الإنسان» (لجنة يرأسها وزير الخارجية المصري، وتشارك فيها وزارات وهيئات حكومية) إجراءات تنفيذ «الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان».

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا مقر دار الإفتاء المصرية (دار الإفتاء)

مؤتمر لـ«الإفتاء المصرية» يناقش مكافحة التطرف عالمياً

يناقش مؤتمر دولي لدار الإفتاء المصرية «مكافحة التطرف وخطاب الكراهية» وينطلق الاثنين لمدة يومين بأحد فنادق القاهرة

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الأمم المتحدة تحض مجدداً طرفي الحرب السودانية على وقف القتال

سوق مدمرة بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور جراء المعارك السابقة (أرشيفية - أ.ف.ب)
سوق مدمرة بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور جراء المعارك السابقة (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة تحض مجدداً طرفي الحرب السودانية على وقف القتال

سوق مدمرة بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور جراء المعارك السابقة (أرشيفية - أ.ف.ب)
سوق مدمرة بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور جراء المعارك السابقة (أرشيفية - أ.ف.ب)

تجدد القصف المدفعي على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال إقليم دارفور (غرب السودان)، الاثنين، لثالث يوم على التوالي، واستهدف بشكل مباشر الأسواق والأحياء السكنية، ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى من المدنيين.

يأتي هذا التصعيد المفاجئ بعد أكثر من أسبوعين على تراجع الاشتباكات بين الجيش وحلفائه من الفصائل المسلحة من جهة؛ و«قوات الدعم السريع» من جهة أخرى.

وقال مقيمون في المدينة لــ«الشرق الأوسط» إن نزوح المواطنين يزداد بسبب القصف العشوائي الذي أدى لارتفاع أسعار السلع، وتوقف الخدمات العلاجية جراء خروج المرافق الطبية عن العمل. وأضافوا: «نقص مياه الشرب والغذاء يدفع كثيراً من أهالي المدينة إلى مغادرتها للمناطق الآمنة».

وأفاد تقرير من الأمم المتحدة، الاثنين، بمقتل وإصابة 97 مدنياً على الأقل في هجوم على مستشفى ومناطق سكنية وسوق للماشية في مدينة الفاشر خلال اليومين الماضيين.

وقالت منسقة الشؤون الإنسانية في السودان، كليمنتاين نكويتا سلامي، في بيان: «أشعر بحزن عميق إزاء هذه الهجمات المروعة على المدنيين والبنية التحتية المدنية مثل المستشفيات والشقق والأسواق». وأضافت أنه ينبغي، على الإطلاق، ألا تكون البنية التحتية المدنية هدفاً.

وأعلنت أن الأمم المتحدة «تدين بشدة هذه الهجمات العشوائية»، معربة عن عميق تعازيها للأسر التي فقدت أحباءها.

ووفق سلامي، فقد «فاجأ الحادث الذي وقع في الفاشر كثيراً من المدنيين؛ حيث شهدت المدينة هدوءاً نسبياً لنحو أسبوعين، مما مكن الأسواق من إعادة فتح أبوابها واستئناف كثير من الأسر كسب عيشها».

آثار الدمار في الفاشر (أرشيفية - أ.ف.ب)

وذكرت في البيان أن «استئناف سبل العيش والأنشطة الاقتصادية الأخرى، والوصول الإنساني دون عوائق، وزيادة التمويل الإنساني، كلها أمور بالغة الأهمية للسودان لتجنب التهديد الوشيك بالمجاعة».

ووفق البيان، فإن السودان يواجه «أسوأ مستويات انعدام الأمن الغذائي الحاد في تاريخه، حيث يعاني أكثر من نصف سكانه من الجوع الحاد».

كما يواجه أكثر من 8 ملايين ونصف المليون شخص مستويات طوارئ من الجوع (التصنيف المرحلي المتكامل الرابع)، في حين يعيش أكثر من 755 ألف شخص في ظروف كارثية (التصنيف المرحلي المتكامل الخامس) في دارفور الكبرى وجنوب وشمال كردفان والنيل الأزرق والجزيرة والخرطوم.