حملات «إسفيرية» وشعبية لحث الجيش السوداني على التفاوض

ترند: «نحن الشعب تعبنا من الحرب... يا جيش أمشي التفاوض»

قائد الجيش البرهان وقائد «الدعم السريع» حميدتي خلال إحدى المناسبات السابقة على الحرب (أرشيفية)
قائد الجيش البرهان وقائد «الدعم السريع» حميدتي خلال إحدى المناسبات السابقة على الحرب (أرشيفية)
TT

حملات «إسفيرية» وشعبية لحث الجيش السوداني على التفاوض

قائد الجيش البرهان وقائد «الدعم السريع» حميدتي خلال إحدى المناسبات السابقة على الحرب (أرشيفية)
قائد الجيش البرهان وقائد «الدعم السريع» حميدتي خلال إحدى المناسبات السابقة على الحرب (أرشيفية)

علت الأصوات المطالبة بوقف الحرب وإحلال السلام في السودان، متحديةً التضييق الذي تفرضه الاستخبارات العسكرية وجهاز الأمن، وحلفاؤهما من أنصار حزب «المؤتمر الوطني» وواجهات الإسلاميين، ضد كل من ينادي بـ«لا للحرب»، وتوجيه اتهامات الخيانة الوطنية والتواطؤ مع «قوات الدعم السريع» له، وإزاء ذلك أطلق نشطاء شباب على صفحات التواصل الاجتماعي حملة «إسفيرية» تنادي بوقف الحرب وحث الجيش السوداني على الذهاب للتفاوض، لقيت تأييداً واسعاً من المدنيين، وأطلقوا عليها: «نحن الشعب تعبنا من الحرب، عايزين (نريد) السلام، يا جيش أمشي التفاوض».

وتزامنت حملة النشطاء الشباب مع حملة «لجنة نقابة المعلمين»، التي تهدف هي الأخرى لإبراز صوت المعلمين الرافض للحرب والمطالب بالسلام، ولقيت تأييداً واسعاً من القوى السياسية والنقابية والمهنية، وينتظر أن تنطلق فعالياتها المتنوعة والمتعددة، السبت، لإبراز صوت الكتلة الجماهيرية الكبيرة الرافضة للحرب.

وأطلقت صفحة «خال الغلابة» على منصة «فيسبوك» حملة «إسفيرية» تحت هاشتاغ «نحن الشعب تعبنا من الحرب، عايزين السلام يا جيش أمشي التفاوض»، سرعان ما تحولت لـ«ترند»، تحوّلت بفعله صفحات السودانيين على منصة «كتاب الوجوه» إلى صفحات احتجاجية واسعة ضد استمرار الحرب، وتزينت بـ«بروفايلات» جميلة صممها نشطاء بالهاشتاغ «يا جيش أمشي التفاوض».

وأجرت الصفحة التي يديرها الناشط محمد خليفة استبياناً «إسفيرياً» لمعرفة توجهات المواطنين من استمرار الحرب، ورفض الجيش للتفاوض، أكدت أن أكثر من 92 بالمائة من جملة الذين شاركوا في الاستفتاء يرفضون استمرار الحرب ويطالبون الجيش بالذهاب إلى التفاوض في جنيف منتصف الشهر المقبل استجابة لدعوة الخارجية الأميركية، بينما لم يؤيد استمرار الحرب أكثر من 8 بالمائة من جملة المشاركين الذين قارب عددهم 20 ألفاً في غضون ساعات.

وقال خليفة في تغريدة على صفحته «خال الغلابة»، التي تحظى بمصداقية كبيرة في نقل أخبار الحرب، إن القضية محسومة، وإن أغلب الشعب مع ذهاب الجيش للتفاوض، وتابع: «حنعمل هاشتاغ هسي حيبقى ترند، وحيصل لأسماع قيادة الجيش وحتعرف الشعب حيدعما».

وأعلنت لجنة المعلمين السودانيين عن حملة كبرى لوقف الحرب في السودان، ينتظر أن تنطلق السبت الموافق 27 يوليو (تموز) الحالي، وتهدف وفقاً لبيان صادر عنها لإبراز صوت المعلمين الرافض للحرب، والمطالب بالسلام، وقالت: «قطاع التعليم من أكثر القطاعات تأثراً بهذه الحرب، والمعلمون هم الأقدر والأجدر لقيادة حراك الشعب الرافض للحرب».

وحسب بيان المعلمين، فإن الحملة ستستمر حتى بلوغ غايتها بفعاليات سلمية متعددة ومتنوعة، وتابعت: «نأمل في أن تكون نواة لجمع الرافضين للحرب، من كل قطاعات الشعب»، ودعت من أطلقت عليهم «الأحرار كافة» للمشاركة في الحملة الداعية لوقف الحرب.

وفي تصريحات صحافية للمتحدث باسم لجنة المعلمين سامي الباقر نقلها راديو «تمازج»، فإن هدف الحملة هو «إبراز صوت الكتلة الجماهيرية الكبيرة الرافضة للحرب، مقارنة مع كتلة دعاة الحرب»، وإن أكثر من 350 ألف معلم تضرروا من الحرب بشكل مباشر.

وأعلن وزير التربية والتعليم المكلف، محمود سر الختم الحوري، في وقت سابق من الشهر الماضي، تخريب ودمار 40 بالمائة من المؤسّسات التعليمية في ولاية الخرطوم وحدها، فيما نهبت تلك التي لم تتدمر، وكشفت لجنة المعلمين أن نحو 19 مليون تلميذ 6 منهم في المراحل الابتدائية، ظلوا للعام الثاني بدون مدارس، يتوقع أن يتحولوا إلى أميين.

واستجابة للحملة، أعلن حزب «التجمع الاتحادي»، في بيان صحافي، دعمه الكامل لحملة المعلمين لإيقاف الحرب، وقال: «نؤيدُ دعوة ومساعي المجتمع الإقليميِّ والدوليِّ للعودة لمنبر التفاوض»، معلناً تضامنه من المهنيين والحرفيين.

وأشار بيان الحزب العضو في «تنسيقية القوى المدنية الديموقراطية» (تقدم) إلى ما سببته «الحرب اللعينة» من حصاد أرواح آلاف الأبرياء وتشريد الملايين، وانتهاك الحقوق، «في واحدةٍ من أسوأ الحروب وأكثرِها دمويةً».

وأوضح البيان أن «الحرب لا تخدم سوى مصالح القوى العسكرية، وتخدم أجندة قوى الردة التي تستفيد من الفوضى والدمار على حساب دماء الشعب ومعاناته، وعودة عهود الظلام التي قبرها السودانيون بثورة عظيمة»، وتابع: «استمرار الحرب لا يؤدي إلا إلى المزيد من البؤس والتشتت».

وحض الحزب أطراف الحرب على ما أطلق عليه «التحلِّي بالمسؤولية» بالاستجابة لدعوات السودانيين وأصدقاء السودان والمجتمع الإقليمي والدولي، والانخراط في المفاوضات المباشرة للحدِّ من معاناة السودانيين.

وعدّت «الجبهة الديموقراطية للمحامين»، وهي تنظيم نقابي مهني ذو توجهات يسارية، حملة إنهاء الحرب التي دعت لها لجنة المعلمين دعوة للسلام واستعادة مسار ثورة ديسمبر المجيدة، وللتصدي لقضايا الوطن والمعلم، وأعلنت تضامنها «غير المحدود» مع المعلمين والمعلمات ولجنتهم، ودعمها لإنهاء الحرب.

ووجهت الخارجية الأميركية دعوة لقائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» دعوة للمشاركة في محادثات لوقف إطلاق النار تعقد في مدينة جينيف بسويسرا 14 أغسطس (آب) المقبل، أعلن قائد «قوات الدعم السريع» استعداده للمشاركة فيها، بينما صمت الجيش ولم يصدر عنه أي تعليق على الدعوة، وما إن كان سيستجيب لها.


مقالات ذات صلة

السودان في مواجهة إحدى أسوأ المجاعات في العالم

شمال افريقيا رجل يحمل سوطاً يحاول السيطرة على حشد من اللاجئين السودانيين يتدافعون للحصول على الطعام بمخيم أدري (نيويورك تايمز)

السودان في مواجهة إحدى أسوأ المجاعات في العالم

في الوقت الذي يتجه فيه السودان صوب المجاعة، يمنع جيشه شاحنات الأمم المتحدة من جلب كميات هائلة من الغذاء إلى البلاد عبر معبر «أدري» الحدودي الحيوي مع تشاد.

ديكلان والش (نيويورك)
شمال افريقيا صورة أرشيفية تُظهر دخاناً يتصاعد فوق الخرطوم مع اشتباك الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» (رويترز)

«الخارجية السودانية»: ندرس المبادرة الأميركية لوقف إطلاق النار

تقتصر المحادثات بين طرفي القتال في السودان؛ الجيش و«الدعم السريع»، على بحث وقف إطلاق النار والعنف في جميع أنحاء البلاد، لتمكين وصول المساعدات.

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا مسلّحون من «الدعم السريع» في سنار (مواقع التواصل)

«الدعم السريع» يعلن الاستيلاء على السوكي وإحكام الحصار على سنار

تعد مدنية السوكي واحدة من مدن ولاية سنار الاستراتيجية وتقع على الضفة الشرقية لنهر النيل الأزرق وتبعد عن العاصمة الخرطوم بنحو 300 كيلومتر.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا الرئيس الإريتري آسياس أفورقي (تصوير: بشير صالح)

أفورقي يفاجئ الجيش بطرد القائم بأعمال السفارة السودانية في أسمرا

«التحول الراهن في الموقف الإريتري، يمكن أن يكون حافزاً لاستعادة الموقف الإريتري لجانب القوى المدنية، إذا ضربنا على الحديد وهو ساخن».

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا سودانية داخل مستشفى بمنطقة جبال النوبة في السودان (أ.ف.ب)

الآلاف في السودان فقدوا أطرافهم بسبب الحرب

تتم عمليات بتر الأطراف في مراكز صحية صغيرة غير مؤهلة، يخرج منها المصاب قبل أن تندمل جراحه، إلى دور إيواء غير مهيأة للعيش

وجدان طلحة (بورتسودان)

مصريون يترقبون تحركات حكومية لمواجهة الغلاء بعد رفع أسعار الوقود

مصريون يتخوفون من غلاء أسعار السلع بعد رفع الوقود (الشرق الأوسط)
مصريون يتخوفون من غلاء أسعار السلع بعد رفع الوقود (الشرق الأوسط)
TT

مصريون يترقبون تحركات حكومية لمواجهة الغلاء بعد رفع أسعار الوقود

مصريون يتخوفون من غلاء أسعار السلع بعد رفع الوقود (الشرق الأوسط)
مصريون يتخوفون من غلاء أسعار السلع بعد رفع الوقود (الشرق الأوسط)

«زيادة في البنزين تعني زيادات في أسعار السلع وحالة غلاء جديدة»، عبارة قالها المصري الستيني كرم السوهاجي، العامل الحكومي المتقاعد، تعقيباً على قرار الحكومة رفع أسعار الوقود.

وأعلنت الحكومة المصرية، الخميس، زيادة أسعار أنواع الوقود بنسب تصل إلى 15 في المائة، في «أحدث خطوة لتقليص الدعم الحكومي للمحروقات». ووفقاً لما نقلته الجريدة الرسمية عن وزارة البترول، جرى زيادة أسعار بنزين 80 بسعر 12.25 جنيه (0.25 دولار)، وبنزين 92 بسعر 13.75 جنيه، وبنزين 95 بسعر 15 جنيهاً (الدولار الأميركي يساوي 48.34 جنيه في البنوك المصرية). أما السولار، وهو أحد أكثر أنواع الوقود استخداماً، فشهد زيادة أكبر؛ إذ تقرر رفع سعره إلى 11.50 جنيه (0.24 دولار) من 10 جنيهات.

السوهاجي، الذي يقطن في قرية البراجيل التابعة لمحافظة الجيزة، قال لـ«الشرق الأوسط»: «ما أتقاضاه من معاش حكومي يكفيني بالكاد أنا وأسرتي، لا أعرف كيف سأواجه أي زيادات جديدة في الأسعار». وتمنى أن «تواجه الحكومة التجار الذين يتسببون في رفع الأسعار خلال الفترة المقبلة».

ووسط ترجيحات بزيادة جديدة على «أسعار السلع والمنتجات خلال الأيام المقبلة» عقب تحريك أسعار الوقود، يترقب مصريون «التحركات الحكومية لمواجهة موجة الغلاء المتوقعة».

متابعات حكومية لمحطات الوقود بعد زيادة أسعار البنزين والسولار (الشرق الأوسط)

رئيس «الجمعية التعاونية لنقل البضائع»، أحمد الزيني، قال في تصريحات صحافية إن «ارتفاع أسعار السولار سيؤثر بالضرورة على تكلفة النقل»، لافتاً إلى أن التجار يقومون برفع الأسعار «مُستخدمين حجة ارتفاع أسعار النقل»، مطالباً الحكومة بـ«ضرورة إحكام الرقابة على الأسواق، والتأكد من توافر السلع الغذائية والأساسية بالأسواق، وتشديد الرقابة على أماكن تخزين وتداول السلع حفاظاً على حقوق المواطنين ضد أي تلاعب أو استغلال».

كانت الحكومة المصرية في أول تحرك لها بعد تطبيق أسعار الوقود الجديدة، قد وجهت المسؤولين بالمحافظات بتحديد تعريفة الركوب الجديدة لجميع المواصلات العامة، والمرور على محطات الوقود لتكثيف الرقابة عليها، والتأكد من وصول الحصص كاملة وعدم الاتجار بها في السوق السوداء مع اتخاذ إجراءات وعقوبات رادعة على المخالفين.

يشار إلى أن هذه هي المرة الثانية التي ترفع فيها الحكومة المصرية أسعار الوقود منذ أن وسع صندوق النقد الدولي برنامج قروضه للبلاد بـ5 مليارات دولار في مارس (آذار) الماضي.

مسؤولون مصريون يتابعون تطبيق تعريفة الركوب الجديدة عقب زيادة سعر الوقود (الصفحة الرسمية لمحافظة المنوفية)

عضو «اللجنة الاقتصادية» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب محمود الصعيدي، قال لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة ممثلة في وزارة التنمية المحلية وجهت بتكثيف الحملات الرقابية على مواقف السيارات داخل كل محافظة لعدم استغلال المواطنين، وهو تحرك جيد لضبط تسعير الركوب، كما يتوجب على الحكومة أن تراقب الأسواق بشكل كامل، لأن زيادة الوقود ستزيد من سعر كافة السلع والخدمات، وبالتالي يستلزم ذلك تشديد الرقابة من الأجهزة الرقابية، وأن تكون على أهبة الاستعداد لمراقبة التجار لحماية المواطنين من الاستغلال السيئ.

وحسب الصعيدي «يجب التوسع في المبادرات الحكومية مثل (حياة كريمة) للوقوف بجانب الفئات الأكثر احتياجاً، ومبادرة (كلنا واحد)، التي تعرض المنتجات بأرخص من سعرها لكونها إحدى الوسائل القوية التي تعمل على التخفيف عن كاهل المواطن».

يأتي هذا في وقت ذكر نقيب الفلاحين المصريين، حسين أبو صدام، أن نسبة الزيادة المتوقعة لأسعار الخضروات والفاكهة تتراوح بين 10 إلى 20 في المائة خلال الفترة المقبلة، لافتاً إلى أن قرار رفع أسعار المواد البترولية سيؤثر بشكل كبير على القطاع الزراعي، حيث إنه يتسبب في ارتفاع أسعار تكلفة الإنتاج مما يترتب عليه ارتفاع سعر المحصول.

وبين التفاؤل والترقب، استقبلت «السوشيال ميديا» المصرية الإعلان عن أسعار الوقود الجديدة، حيث حلّت أسعار السلع بطلاً لتعليقات روادها.

واتفقت كثير من التعليقات على وجود ارتفاعات جديدة مقبلة، تشمل جميع نواحي الحياة.

ونال رغيف الخبر البلدي المدعم جانباً من تعليقات رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وسط مخاوف من احتمالية زيادة سعره مجدداً، عقب رفع سعره مطلع يونيو (حزيران) الماضي. إلا أن وزير التموين والتجارة الداخلية المصري، شريف فاروق، أكد «ثبات واستقرار سعر رغيف الخبز البلدي المدعم والمُسعر على البطاقات التموينية بسعر 20 قرشاً للرغيف، (الجنيه يساوي 100 قرش)».

كما أشار مغردون إلى أن زيادة الإنفاق أصبحت ترهق جيوبهم بصورة كبيرة.

الخبير الاقتصادي ورئيس مركز «المصريين للدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية»، عادل عامر، أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن زيادة أسعار الوقود سوف تؤثر على تكلفة الإنتاج بالكامل حتى يصل المنتج إلى المستهلك، متوقعاً أن «نسبة ارتفاع السلع ستكون بنفس معدل الزيادة في الوقود، أي تتراوح بين 10 إلى 15 في المائة». ورأى عامر أنه يجب على الحكومة زيادة المعروض من السلع في الأسواق، بالتالي لا يحدث قلة في المعروض مع زيادة الاستهلاك، فيتم رفع الأسعار طبقاً لنظرية العرض والطلب، موضحاً أن التوازن الاقتصادي «ينبع من دور الدولة الاجتماعي لتحقيق العدالة الاجتماعية للفئات الأكثر احتياجاً من خلال أدواتها الإنتاجية التي تمتلكها».