الحكومة المصرية لتشديد عقوبات «سرقة الكهرباء»

وسط جهود رسمية لاستمرار تنفيذ خطة «وقف تخفيف الأحمال»

مجلس الوزراء المصري برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء)
مجلس الوزراء المصري برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء)
TT

الحكومة المصرية لتشديد عقوبات «سرقة الكهرباء»

مجلس الوزراء المصري برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء)
مجلس الوزراء المصري برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء)

وسط إجراءات مصرية مكثفة لاستمرار «تنفيذ خطة عدم قطع الكهرباء» في البلاد، تدرس الحكومة المصرية تشديد عقوبات «سرقة الكهرباء» بإجراء تعديلات على قانون الكهرباء تتضمن «عقوبات تصل للحبس» على المخالفين.

وبينما أكد خبراء وبرلمانيون أهمية «تغليظ عقوبات سرقة الكهرباء»، طالبوا بضرورة «تطوير آليات الرقابة والضبط تجاه المخالفين من المستهلكين».

وناقش الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مع رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول، الأربعاء، وضع «حلول حاسمة لمسألة تخفيف أحمال الكهرباء، ومنع (قطع التيار) خلال الصيف تخفيفاً على المواطنين». وطالب السيسي بضرورة «التنسيق بين مختلف جهات الدولة لضمان انتظام الخدمة الكهربائية».

وبدأت الحكومة المصرية من الأسبوع الثالث من يوليو (تموز) الحالي «خطة وقف قطع الكهرباء». وتعهدت بـ«وقف تخفيف الأحمال خلال أشهر الصيف»، ووقف «انقطاع الكهرباء» نهائياً مع نهاية العام الحالي.

ونقلت مواقع إخبارية مصرية عن مصادر في وزارة الكهرباء، قولها إن «الوزارة تدرس إجراء تعديلات على قانون الكهرباء». ووفق المصادر فإن التعديلات المقترحة تتضمن «تغليظ عقوبة سرقات التيار الكهربائي لتصل إلى مليون جنيه، وكذا الحبس في حالة تكرار السرقة وعدم الالتزام بشروط التعاقد القانوني على خدمة الكهرباء»، (الدولار يساوي 48.34 جنيه في البنوك المصرية). كما تشمل لأول مرة «معاقبة الموظف التابع لشركة الكهرباء، سواء ممن يحملون حق الضبطية القضائية أو غيرهم بالفصل حال تورطهم في عمل التوصيلات غير القانونية أو عدم الالتزام بتحرير محضر سرقة تيار للمخالف».

ونص «قانون الكهرباء» الصادر في عام 2015 على «معاقبة من استولى بغير حق على التيار الكهربائي بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 100 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين»، وفي حالة تكرار السرقة تكون العقوبة «الحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تزيد على 200 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين».

جانب من شبكة توليد وتوزيع الكهرباء في مصر (وزارة الكهرباء المصرية)

ورأى رئيس «جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك» السابق في مصر، حافظ سلماوي، أن تشديد عقوبات سرقة الكهرباء «إجراء مطلوب للتصدي للظاهرة»، لكنه «غير كافٍ»، و«يجب أن يأتي بعد تفعيل الإجراءات الفنية لمواجهة وقائع السرقة وتطوير آليات ضبط المخالفين».

«ما يقلل من السرقات اكتشافها والرقابة على المستهلكين»، بحسب سلماوي، الذي طالب بتطوير آليات مراقبة استهلاك الكهرباء من خلال «زيادة تركيب العدادات الذكية، وتكثيف حملات (كشافي) الكهرباء، وتشديد حملات الرقابة والضبطية القضائية في المناطق السكنية الشعبية».

وكثفت وسائل إعلام محلية بمصر من حملات التوعية خلال الأيام الماضية، لترشيد استهلاك الكهرباء، والتصدي لوقائع سرقة التيار الكهربائي. ودعت المواطنين إلى «الإبلاغ عن وقائع سرقة التيار الكهربائي حفاظاً على المال العام».

وعدّ عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب محمد بدراوي، تشديد عقوبات سرقة التيار الكهربائي «إجراءً كافياً لمواجهة الهدر في الإنتاج، بجانب الإجراءات الأخرى المتعلقة بالرقابة على الاستهلاك». وطالب بضرورة «تكثيف حملات التوعية الشعبية للمواطنين بأضرار سرقة الكهرباء»، مشيراً إلى أن «الحكومة تنظم بعض الحملات، ويجب أن يصاحبها وعي شعبي لمنع إهدار الكهرباء».

ورأى النائب البرلماني أن الحكومة المصرية حققت تقدماً فيما يتعلق بإنتاج الكهرباء، غير أن الإشكالية في «توفير الوقود اللازم لتشغيل محطات الإنتاج، وتطوير شبكات التوزيع، لضمان العدالة في توفير الكهرباء لجميع المحافظات»، مطالباً الحكومة بمراعاة «الزيادة السكانية السنوية وتأثير التغيرات المناخية على زيادة نسب الاستهلاك السنوية من الكهرباء».

وكانت الحكومة المصرية أعلنت أخيراً عن استيراد 300 ألف طن مازوت و20 شحنة من الغاز، لضخ كميات الوقود اللازمة لإنتاج الكهرباء، ضمن إجراءات لوقف مخطط قطع الكهرباء واستدامة تقديم الخدمة لجميع المواطنين.


مقالات ذات صلة

هل تأثرت توابل المصريين بالجاليات الأجنبية؟

مذاقات البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)

هل تأثرت توابل المصريين بالجاليات الأجنبية؟

«رشّة ملح وفلفل»، معادلة مصرية تعود إلى الجدات، تختصر ببساطة علاقة المطبخ المصري بالتوابل، والذي لم يكن يكترث كثيراً بتعدد النكهات.

إيمان مبروك (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد عز في لقطة من فيلم «فرقة الموت» (الشرق الأوسط)

أربعينات القرن الماضي تجذب صناع السينما في مصر

يبدو أن سحر الماضي دفع عدداً من صناع السينما المصرية إلى اللجوء لفترة الأربعينات من القرن الماضي بوصفها مسرحاً لأحداث أفلام جديدة.

داليا ماهر (القاهرة)
شمال افريقيا سيارة إطفاء تعمل بعد إخماد حريق كبير في الموسكي بوسط القاهرة (رويترز)

حرائق متكررة في وسط القاهرة تُثير جدلاً

أعاد الحريق الهائل الذي نشب في بنايتين بمنطقة العتبة في حي الموسكي وسط القاهرة، وتسبب في خسائر كبيرة، الجدل حول تكرار الحرائق في هذه المنطقة

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يتخوفون من غلاء أسعار السلع بعد رفع الوقود (الشرق الأوسط)

مصريون يترقبون تحركات حكومية لمواجهة الغلاء بعد رفع أسعار الوقود

وسط ترجيحات بزيادة جديدة على «أسعار السلع والمنتجات خلال الأيام المقبلة» عقب تحريك أسعار الوقود، يترقب مصريون «التحركات الحكومية لمواجهة موجة الغلاء المتوقعة».

محمد عجم (القاهرة)
شمال افريقيا مقر إدارة «المضبوطات المتحفظ عليها» بالنيابة المصرية (صفحة النيابة على «فيسبوك»)

تحقيق في انتشار فيديوهات من «أحراز» قضية «سفاح التجمع» في مصر

تُجري النيابة المصرية تحقيقاً في واقعة انتشار مقاطع فيديو مصورة «ضمن أحراز» القضية المعروفة إعلامياً بـ«سفاح التجمع».

أحمد عدلي (القاهرة)

حرائق متكررة في وسط القاهرة تُثير جدلاً

سيارة إطفاء تعمل بعد إخماد حريق كبير في الموسكي بوسط القاهرة (رويترز)
سيارة إطفاء تعمل بعد إخماد حريق كبير في الموسكي بوسط القاهرة (رويترز)
TT

حرائق متكررة في وسط القاهرة تُثير جدلاً

سيارة إطفاء تعمل بعد إخماد حريق كبير في الموسكي بوسط القاهرة (رويترز)
سيارة إطفاء تعمل بعد إخماد حريق كبير في الموسكي بوسط القاهرة (رويترز)

أعاد الحريق الهائل الذي نشب في بنايتين بمنطقة العتبة في حي الموسكي وسط القاهرة، وتسبب في خسائر كبيرة، الجدل حول تكرار الحرائق في هذه المنطقة، التي شهدت قبل أيام حريقاً في «حارة اليهود».

وأسفر حريق الموسكي، مساء الخميس، عن «وفاة شخص وفقاً لما أوردته وسائل إعلام محلية»، في حين ذكر المتحدث باسم وزارة الصحة المصرية، الدكتور حسام عبد الغفار، الجمعة: «عدم وجود مصابين في الحريق، جرى نقلهم إلى المستشفيات المصرية»، فيما باشرت النيابة العامة التحقيقات في الواقعة مع «توقيف صاحب المخزن الذي بدأت منه شرارة الحريق».

وتواصلت عمليات الإطفاء لأكثر من 14 ساعة بالمنطقة التجارية الأشهر في وسط القاهرة (أي منطقة العتبة)، بينما استطاعت قوات الإطفاء تحجيم النيران والبدء في عمليات التبريد، مع إخلاء العقارات المجاورة للبنايتين.

سيارات الإطفاء تعمل بعد إخماد حريق كبير أدى إلى تدمير متاجر في منطقة مركزية تجارية شهيرة بالقاهرة (رويترز)

ويشار إلى أن «حريق الموسكي» هو الثاني في المنطقة نفسها خلال أيام قليلة، بعدما نشب حريق في «حارة اليهود» تسبب في وفاة 5 أشخاص وإصابة 8 آخرين.

وقرر محافظ القاهرة، الدكتور إبراهيم صابر، الجمعة، تشكيل لجنة هندسية لفحص البنايتين اللتين شهدتا الحريق. وأعلنت وزارة التضامن الاجتماعي تقديم «المساعدات اللازمة للمضارين في الحادث».

وجرى تداول مقاطع فيديو، ولقطات مصورة من الحريق على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، الجمعة، فيما حل وسم «#حريق_الموسكي» ضمن الأكثر تداولاً على منصة «إكس».

ويعود تاريخ المنطقة التجارية في حي الموسكي التي تشمل «سوق العتبة» إلى عام 1869 عندما أمر حاكم مصر آنذاك الخديوي إسماعيل بإنشاء سوق مبنية بالأحجار على مساحة واسعة في المنطقة على غرار الأسواق الحديثة في باريس، فيما كان يفترض تطوير السوق بعد حريق هائل نشب في صيف عام 2019، وجرت مناقشة مقترحات عدة من بينها «إعادة بناء وتطوير المنطقة لكنها لم تدخل حيز التنفيذ».

ووفق عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، النائبة ألفت المزلاوي، فإنه «تم إنقاذ المنطقة من كارثة محققة بعدما نجحت جهود السيطرة على الحريق»، لافتة إلى «افتقاد الأسواق الشعبية إجراءات الأمن والسلامة بشكل شبه كامل».

وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أنه على الرغم من مشروعات التطوير التي يجري تنفيذها خارج المدن؛ فإن «الأسواق الرئيسية القديمة في القاهرة والمحافظات التي تعود مبانيها لعشرات السنوات وتحولت لمناطق تجارية مكتظة سواء بالمحلات أو الباعة الجائلين، لا تزال خارج مخططات التطوير أو التعامل معها بشكل يضمن توفير الحماية والسلامة لهذه المواقع من الحرائق، مما يسفر عن وقوع كثير من الحرائق من وقت لآخر، وسط جدل حول أسباب هذه الحرائق».

«حريق الموسكي» تسبب في تدمير عدد من المحال التجارية (رويترز)

أما مساعد وزير الداخلية الأسبق، اللواء علاء عبد الظاهر، فقد أشار إلى إنقاذ المنطقة المكتظة بالعقارات المتجاورة من «كارثة كبرى»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط»، «غياب تنفيذ اشتراطات الحماية عن العقارات بهذه المنطقة».

وأضاف عبد الظاهر أن عدداً ليس بالقليل من الشقق الموجودة في المنطقة تحولت مع مرور الوقت إلى مخازن للمحلات التي تستقبل البضاعة بها قبل نقلها للمحلات، مشيراً إلى أن «هناك ضرورة لإجراءات من الجهات المعنية لتطبيق معايير (الحماية المدنية) بشكل كامل، الأمر الذي سيؤدي لتراجع أعداد الحرائق».

شخص يسير بالقرب من المتاجر المتضررة في منطقة الموسكي (رويترز)

وسجلت مصر 45435 حادث حريق في 2023 بنسبة انخفاض تبلغ 7.9 في المائة عن عام 2022 بحسب بيانات «الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء» الصادرة في فبراير (شباط) الماضي، التي أرجعت 11 في المائة من أسباب نشوب الحرائق إلى «الإهمال».

عودة إلى النائبة البرلمانية التي أشارت إلى أن «نقص الخبرة لدى الشباب العاملين في الأسواق الشعبية، وتخزين مواد قابلة للاشتعال في أماكن غير مناسبة لها، أمور تؤدي حتماً لتكرار حوادث الحرائق»، موضحة أن الأمر يتطلب «صرامة حكومية في معالجة هذه الأزمة، سواء بإعادة تطوير وتأهيل هذه المناطق أو نقل الأسواق لأماكن أخرى أكثر تجهيزاً».