تونس: دعوات لإيجاد «حلول جذرية» لمشكلة انقطاع الماء

سكان ولاية صفاقس أغلقوا الطريق تعبيراً عن غضبهم من تفاقم الأزمة

بسبب قلة التساقطات يعاني الكثير من الأسر التونسية من انقطاعات متكررة في المياه (رويترز)
بسبب قلة التساقطات يعاني الكثير من الأسر التونسية من انقطاعات متكررة في المياه (رويترز)
TT

تونس: دعوات لإيجاد «حلول جذرية» لمشكلة انقطاع الماء

بسبب قلة التساقطات يعاني الكثير من الأسر التونسية من انقطاعات متكررة في المياه (رويترز)
بسبب قلة التساقطات يعاني الكثير من الأسر التونسية من انقطاعات متكررة في المياه (رويترز)

دعا «المرصد التونسي للمياه»، في بلاغ، اليوم الثلاثاء، إلى «ضرورة إيجاد حلول طارئة وجذرية لمشكلة انقطاع الماء»، مؤكّداً «وجوب الدعم الفوري للشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه بالإمكانيات المالية والتقنية والبشرية اللازمة لمواجهة أزمة انقطاع المياه هذه الصيف». كما دعا المرصد، بحسب جريدة «الجمهورية» وصحف أخرى محلية، إلى «اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف تصدير المياه من طرف الشركات الفلاحية المستنزفة للموارد المائية». وعبّر في بلاغه عن «استنكاره للانقطاع المتكرر للمياه على أغلب جهات الجمهورية في درجات حرارة قياسية»، معرباً عن «استيائه من الخطاب الرسمي للسلطة الذي يكرس سياسة الهروب إلى الأمام، معولاً على مخاطبة العواطف بدل العقول، ومستعملاً نموذج التهمة الكيدية والتلفيقية، وعدم اعترافه بعجز السلطة السياسية في تدبير أزمة ندرة الموارد المائية، ومجابهة التحولات المناخية».

صورة تبين حجم الجفاف الذي ضرب نابلس (إ.ب.أ)

وكشف المرصد عن أنّ «تطبيق واتش واتر (watchwater.tn) للمرصد التونسي للمياه سجّل 68 تبليغاً لانقطاع المياه في عدد من المناطق المختلفة من الجمهورية التونسية، تصدرتها ولاية المنستير بـ15 تبليغاً، تليها صفاقس بـ12 وسوسة بـ11 تبليغاً، ثم ولاية قفصة بأكثر من 10 تبليغات، كما شهدت ولاية صفاقس تحركاً احتجاجيّاً تمثّل في غلق الطريق.

وأضاف المرصد أنه «تم رصد أكثر من 50 انقطاعاً آخر عن طريق شبكات وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أثرت هذه الانقطاعات على عيش المواطنين»، مشيراً إلى أن «هذه الاضطرابات تتزامن مع توزيع المياه وسط خطاب رسمي للسلطة السياسية ينفي ندرة المياه والنقص الحاد والملحوظ في الموارد المائية، ويتبنى نظرية المؤامرة، مستعملاً نموذج التهم التلفيقية للهروب من المسؤولية»، مستنكراً «نسبة امتلاء السدود التي بلغت 27.2 في المائة، وهو ما يفسر الوضعية الحرجة لمواردنا المائية».

وجاء هذا الانتقاد الحاد رداً على تصريحات رئيس الجمهورية قيس سعيّد، الاثنين، خلال زيارته إلى ولاية جندوبة، واطلاعه على وضعية الموارد المائية بالجهة.

وقال خلال لقاء جمعه ببعض المسؤولين وعدد من المواطنين، واستماعه إلى مشاغلهم بخصوص اضطراب التزود بالمياه في الجهة، إنه «من غير الطبيعي أن يشتكي مواطنون من العطش في الوقت الذي تحيط بهم السدود»، متهماً «أطرافاً بالوقوف وراء ذلك، لا سيما في مثل هذه الفترات بالذات». ورأى سعيّد أن انقطاع الماء والتعلل بعدم توفره «لا معنى لهما في ظل وجود سدود مائية تخزن كميات محترمة من المياه العذبة»، وتعهد بالتدخل لمعالجة المشكلة.



جزائريون يشنّون حملة بفرنسا ضد «تمجيد» أحد رموز الاستعمار

مظاهرة لجزائريين بمدينة ليون بفرنسا لإزالة اسم المارشال بيجو من شارع رئيسي (ناشطون جزائريون بفرنسا)
مظاهرة لجزائريين بمدينة ليون بفرنسا لإزالة اسم المارشال بيجو من شارع رئيسي (ناشطون جزائريون بفرنسا)
TT

جزائريون يشنّون حملة بفرنسا ضد «تمجيد» أحد رموز الاستعمار

مظاهرة لجزائريين بمدينة ليون بفرنسا لإزالة اسم المارشال بيجو من شارع رئيسي (ناشطون جزائريون بفرنسا)
مظاهرة لجزائريين بمدينة ليون بفرنسا لإزالة اسم المارشال بيجو من شارع رئيسي (ناشطون جزائريون بفرنسا)

في حين تغرق العلاقات بين الجزائر وباريس في دوامة من التوترات، جدّد جزائريون يعيشون بوسط فرنسا حملة سبق أن أطلقوها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لنزع اسم حاكم عسكري بالجزائر خلال القرن الـ19، اشتهر بالبطش ضد قبائل قادت ثورات عسكرية، بهدف طرد الاستعمار الفرنسي من البلاد.

مبادرة الجالية الجزائرية في فرنسا تأتي في وقت تتفاقم فيه التوترات بين الرئيسين الجزائري والفرنسي (الرئاسة الجزائرية)

القصة بدأت قبل عدة أسابيع، عندما بدأت «جمعية فرنسيين من أصول جزائرية» تنشط بمدينة ليون، تضغط على عمدتها غريغوري دوسيه، من أجل استبدال اسم المارشال توماس بيجو (1784-1849) من شارع رئيسي بالدائرة السادسة بالمدينة، بحجة أن «الإبقاء عليه تمجيدٌ لمجرم حرب، وإهانة لنا، ولجميع الفرنسيين الذين يؤمنون بقيم الجمهورية والقيم الإنسانية لبلدنا فرنسا»، وفق ما كتبه ناشطو الجمعية في حساباتهم بالإعلام الاجتماعي.

ونظم مئات الأشخاص، عدد منهم يحمل جنسيتي البلدين، وآخرون هاجروا من الجزائر إلى فرنسا في بداية الألفينات، مظاهرة الأحد الماضي في الشارع، الذي يحمل اسم بيجو، لمطالبة رئيس البلدية دوسيه بإلغاء اسمه من المكان، على أساس أنه «عرف بمجازره التي ارتكبها في الجزائر في القرن التاسع عشر».

ووصف المتظاهرون أنفسهم بأنهم «أبناء مئات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال، الذين تم خنقهم وحرقهم أحياء على يد مارشال فرنسا توماس بيجو»، الذي حكم الجزائر من 1830 إلى 1840.

اسم المارشال بيجو على اللوحة في باريس قبل نزعه (متداولة)

ويناضل المحتجون ليحمل الشارع، الذي يقع بالقرب من القنصلية الجزائرية، اسم «شارع 17 أكتوبر 1961»، تكريماً لـ297 جزائرياً نكّل بهم محافظ شرطة باريس، موريس بابون، عندما خرجوا في مظاهرات في ذلك التاريخ لدعم ثورة التحرير (1954-1962)، التي كانت على وشك الحسم مع الاستعمار.

ووفق الصحافة المحلية في ليون، فقد أعلن غريغوري دوسيه منذ فترة عن دعمه لفكرة تغيير تسمية شارع بيجو، وأكدت أنه «من المتوقع أن تطلق مدينة ليون في الأسابيع المقبلة لجنة من الخبراء لإجراء جرد للشارع والتماثيل، وكذا اللوحات والمواقع التي تُثير الجدل، وتقديم حلول لكل منها».

عمدة مدينة ليون غريغوري دوسيه (حسابه الخاص بالإعلام الاجتماعي)

من جهته، أعلن «الاتحاد الجزائري»، وهو جمعية للمهاجرين الجزائريين في فرنسا، عزمه رفع دعوى قضائية ضد دوسيه بتهمة «تمجيد جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية»، مقترحاً أن يصبح شارع بيجو «شارع كاميل بلان»، عمدة إيفيان-ليه-بان، الذي جرى اغتياله عام 1961 من قِبَل «منظمة الجيش السري»، في حين كان يناضل من أجل السلام في الجزائر.

وقتلت هذه المنظمة المئات من الأشخاص في الجزائر غداة الإعلان عن استقلالها عام 1962، رافضة فكرة خروج فرنسا منها.

عمدة باريس تشرف على إعادة تسمية الشارع بالدائرة 16 (بلدية باريس)

وفي حين يستمر الجدل في ليون، حسمت عمدة باريس، آن هيدالغو، القضية نفسها عندما نزعت في 14 من أكتوبر الماضي، اسم المارشال بيجو من طريق رئيسي بالدائرة رقم 16 «بسبب دوره السيئ في الجزائر؛ حيث ارتكب ما يمكن أن يعد اليوم جرائم حرب»، وفق بيان للعمدة التي تنتمي لليسار، والتي سمّت الطريق نفسه باسم هوبرت جيرمان، أحد رموز تحرير فرنسا من ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية.

وتتزامن هذه التطورات مع اقتراب العلاقات بين البلدين من القطيعة، بعد أن اشتدت الأزمة بين البلدين في يوليو (تموز) الماضي، عندما أعلنت باريس دعمها خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء، وهو ما أثار سخط الجزائر، التي سحبت سفيرها فوراً، وألغت ترتيبات زيارة كانت ستقود الرئيس عبد المجيد تبون إلى فرنسا في خريف العام الماضي.

جانب من المظاهرة بدعم من الحزب الشيوعي الفرنسي (متداولة)

ومع ذلك ظل هدير الأزمة صامتاً، على الرغم من الحملات التي شنّها اليمين الفرنسي المتطرف بهدف إلغاء «اتفاق الهجرة 1968»، الذي يؤطر مسائل الإقامة والدراسة والعمل والتجارة، و«لمّ الشمل العائلي»، بالنسبة للجزائريين في فرنسا.