العثور على «مقبرة جماعية» في مسقط رأس القذافي

السلطات الليبية أكّدت أن التنظيم «دُحر من سرت إلى غير رجعة»

جانب من «المقبرة الجماعية» المكتشفة في سرت (الهيئة العامة للبحث عن المفقودين)
جانب من «المقبرة الجماعية» المكتشفة في سرت (الهيئة العامة للبحث عن المفقودين)
TT

العثور على «مقبرة جماعية» في مسقط رأس القذافي

جانب من «المقبرة الجماعية» المكتشفة في سرت (الهيئة العامة للبحث عن المفقودين)
جانب من «المقبرة الجماعية» المكتشفة في سرت (الهيئة العامة للبحث عن المفقودين)

أعلنت السلطات المحلية في سرت، الواقعة وسط ليبيا، اكتشاف «مقبرة جماعية»، يعتقد أنها تضم ضحايا قُتلوا على يد تنظيم «داعش»، الذي اتخذ من المدينة معقلاً له، حتى طُرد منها في ديسمبر (كانون الأول) عام 2016، على يد قوات أمنية وعسكرية من طرابلس.

وقالت الهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين، مساء (الاثنين)، إنها اكتشفت «المقبرة الجماعية» بحي الجيزة البحرية بمدينة سرت، (450 كيلومتراً من طرابلس)، وعثرت بها على 41 جثة مجهولة الهوية تحت ركام المباني المهدّمة.

اختصاصيون بهيئة البحث والتعرف على المفقودين بغرب ليبيا يتفقدون المقبرة (الهيئة العامة للبحث عن المفقودين)

وكانت سرت، مسقط رأس الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، قد شهدت حرباً دامية على تنظيم «داعش» بين عامي 2014 و2016، أدّت إلى تدمير العديد من البنايات والمؤسسات، بالإضافة إلى سقوط قتلى ومصابين من المدنيين وقوات سلطات طرابلس.

وأوضحت الهيئة العامة، التي تتخذ من طرابلس مقراً لها، أن الفِرق المختصة التابعة لها انتشلت الجثث، وأخضعتها للفحص من قِبل إدارة الطب الشرعي، بعد أخذ عينات الحمض النووي منها.

وكان رئيس حكومة «الوفاق الوطني» السابقة، فائز السراج، قد أعلن في 18 من ديسمبر (كانون الأول) عام 2016 «تحرير» مدينة سرت. وقال في خطاب، بثّه التلفزيون آنذاك، إنه «بعد مرور 8 أشهر من بداية العمليات ضد (داعش) في المدينة، أعلن رسمياً عن انتهاء العمليات العسكرية، وتحرير مدينة سرت».

ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي تكشف فيها السلطات «مقابر جماعية» في سرت، فقد سبق أن أعلنت الهيئة نفسها في يناير (كانون الثاني) 2023 العثور على 18 جثة داخل «مقبرة جماعية»، وتم حينها جمع عينات من عظام المتوفّين، وتقديمها إلى هيئة الطب الشرعي، في محاولة للكشف عن هويّاتهم، لكن الجثث لا تزال مجهولة الهوية.

عاملون بهيئة البحث عن المفقودين خلال البحث عن «المقبرة الجماعية» (الهيئة العامة للبحث عن المفقودين)

واستغل تنظيم «داعش» الفوضى التي ضربت ليبيا عقب «ثورة 17 فبراير (شباط)» واستوطن سرت، المُطلّة على البحر الأبيض المتوسط، التي أغرقها بالمقاتلين الأجانب بين عامي 2014 و2016، لكن قوات «البنيان المرصوص»، التابعة لسلطات طرابلس، نجحت في طرده بعد مقتل المئات من عناصره.

واستدعت «المقبرة»، التي عُثر عليها في سرت مساء (الاثنين)، ذكرى وجود تنظيم «داعش» في المدينة، التي ارتُكب فيها كثير من القتل والتنكيل، وفرض «الجزية» على مواطنيها، لكن السلطات المحلية ترى أن التنظيم الإرهابي «دُحر على يد أبطال الجيش إلى غير رجعة».

وقالت الهيئة العامة إنها تبذل جهوداً، وتُواصل العمل للتعرف على المفقودين، مشيرة إلى أنها «حقّقت تقدماً ملموساً خلال الأيام الماضية، بعد جمع 54 عينة مرجعية من الحمض النووي»، وثمّنت تعاون أهالي المفقودين وجميع الجهات الرسمية والمدنية داخل سرت، داعيةً الأُسَر الراغبة في الاستفسار الاتصال بها عبر أرقام تم تحديدها لمعرفة مزيد من التفاصيل.

والجثث «مجهولة الهوية»، ولا سيما لعناصر «داعش»، لا تقتصر على من عُثر عليهم في سرت خلال السنوات الـ8 الماضية، حيث لا تزال ثلاجات مجهّزة لحفظ الموتى في مدينة مصراتة (غرب)، تحتوي على 700 جثة لمقاتلين من التنظيم.

عناصر من هيئة البحث عن المفقودين تتفحص رفات عناصر قُتلوا بمقابر جماعية في ترهونة (هيئة البحث عن المفقودين)

وأقدمت السلطات المحلية في مصراتة على تجهيز حاويات مبرّدة لحفظ مئات الجثث لعناصر «داعش»، الذين قُتلوا أثناء معركة «تحرير» سرت، ومنذ ذلك الحين والسلطات الليبية تطالب الدول، التي تنتمي إليها تلك العناصر لتسلّم رُفات رعاياها، لكن من دون استجابة، حسب وحدة التعرف على الجثث بالهيئة العامة.


مقالات ذات صلة

رئيس «الوحدة» الليبية يبحث مع نظيره المالطي و«أفريكوم» أزمات الهجرة

شمال افريقيا الدبيبة مستقبلاً ديبي لدى وصوله إلى طرابلس (من مقطع فيديو نشرته منصة حكومتنا)

رئيس «الوحدة» الليبية يبحث مع نظيره المالطي و«أفريكوم» أزمات الهجرة

جدد رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، رفضه «تفكير البعض فى توطين المهاجرين في دول العبور، ومنها ليبيا».

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا صورة أرشيفية لاجتماع المجلس الأعلى للدولة فى طرابلس (المجلس)

«الدولة» الليبي يصعّد خلافاته مع «النواب» ويرفض قانون الموازنة

في تصعيد جديد للخلافات بين مجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» في ليبيا، صوّت الأخير، الاثنين، بالإجماع على رفض مشروع الموازنة العامة، الذي اعتمده مجلس النواب.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا «غدامس» شركة طيران ليبية مملوكة للقطاع الخاص (صفحة الشركة على فيسبوك)

ما حقيقة تَورط مسؤول ليبي في تهريب مهاجرين إلى أميركا؟

قالت النيابة الليبية إن المدير التجاري بشركة «غدامس» للطيران متهم بـ«ارتكاب نشاط ضار بمصالح البلاد».

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع خوري مع وزير الخارجية المصري بالقاهرة (الخارجية المصرية)

خوري تناقش مع مسؤولين مصريين تنشيط العملية السياسية الليبية

أعربت المبعوثة الأممية إلى ليبيا ستيفاني خوري عن اعتزامها التنسيق والعمل المشترك مع مصر لإقرار الاستقرار بشكل مستدام في الأراضي الليبية كافة.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا وزيرة العدل بحكومة «الوحدة» في زيارة سابقة لمؤسسات الإصلاح والتأهيل الرئيسية بطرابلس (وزارة العدل)

قلق أوروبي من «تزايد الاعتقالات التعسفية» في ليبيا

أعربت بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، عن قلقها إزاء «التوجه المتزايد» في جميع أنحاء البلاد نحو الاعتقال التعسفي للأفراد الذين يعبرون عن آرائهم السياسية.


«هدوء نسبي» في جبهات القتال بالسودان بعد معارك عنيفة

دخان يتصاعد من مبانٍ ومؤسسات تعرضت للقصف في الخرطوم (رويترز)
دخان يتصاعد من مبانٍ ومؤسسات تعرضت للقصف في الخرطوم (رويترز)
TT

«هدوء نسبي» في جبهات القتال بالسودان بعد معارك عنيفة

دخان يتصاعد من مبانٍ ومؤسسات تعرضت للقصف في الخرطوم (رويترز)
دخان يتصاعد من مبانٍ ومؤسسات تعرضت للقصف في الخرطوم (رويترز)

هدأت حدة المعارك، نسبياً، بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في كل الجبهات والمحاور بأقاليم البلاد المختلفة، بعد أسابيع من القتال الشرس، فيما تتواصل المحادثات غير المباشرة بين طرفي الصراع في جنيف، برعاية الأمم المتحدة؛ لتخفيف الأعباء الإنسانية على ملايين السودانيين في مناطق النزاع بأنحاء البلاد كافة.

سودانيون يفرون بعد سماع دوي انفجار بأحد أحياء غضارف (أ.ف.ب)

وكانت «الدعم السريع» قد فتحت في يوليو (تموز) الحالي جبهة قتال جديدة، بعد تقدمها وسيطرتها على مدن مهمة في ولاية سنار بالجنوب الشرقي للبلاد، وهددت باجتياح الولايات المجاورة لها. كما شنت في الأيام الماضية العديد من الهجمات على مدينة سنار، بهدف إحكام سيطرتها الكاملة على الولاية، لكنها تكسرت بفضل الدفاعات المتقدمة للجيش.

وفي الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور (غرب) التي تعد الجبهة الأكثر سخونة، انخفضت وتيرة الاشتباكات بشكل ملحوظ، مقارنة بالأيام الماضية، باستثناء حدوث قصف مدفعي محدود من جانب «الدعم السريع»، استهدف بعض المناطق المأهولة بالسكان. وقد أتاحت حالة الهدوء النسبي تسارع موجات النزوح بأعداد كبيرة من الفاشر إلى المناطق الآمنة خارج نطاق القتال في الإقليم.

سودانيون يختبئون بداخل المراكز التي تم تحويلها لإيواء وعلاج الجرحى في كسالا (أ.ف.ب)

ومع دخول موسم الأمطار، يتوقع أن تتراجع العمليات العسكرية البرية من قبل الجانبين، وعلى وجه الخصوص التي تجري في الولايات الوسطية بالبلاد، بسبب طبيعة الأرض الطينية التي تعوق وتحد من تحركات الجنود والآليات العسكرية الخفيفة والثقيلة.

ويكرر قادة الجيش السوداني باستمرار رغبتهم الدخول في مفاوضات مباشرة مع «قوات الدعم السريع» للوصول إلى حل سلمي متفاوض عليه. في حين تشير خريطة السيطرة العسكرية إلى سقوط نحو 72 في المائة من ولايات البلاد في يد «الدعم السريع»، بينما لا تزال قواتها تنتشر وتتمدد لمهاجمة ولايات أخرى.

ومنذ الخميس الماضي، يباشر فريق الأمم المتحدة، برئاسة المبعوث الشخصي للسودان رمطان لعمامرة، ومنسقة الشؤون الإنسانية نيكوتا كليمنتاين سلامي، نقاشات غير مباشرة بين وفدي الحكومة السودانية و«الدعم السريع». ويفترض أن يتوصل الطرفان إلى وقف محتمل لإطلاق النار بهدف إدخال المساعدات الإنسانية، وحماية المدنيين، وفتح ممرات إنسانية آمنة.

المبعوث الشخصي للسودان رمطان لعمامرة (رويترز)

وعلى الرغم من أن المحادثات تجري لمعالجة الأوضاع الإنسانية لكل السودانيين العالقين في مناطق القتال، فإن التركيز ينصب بشكل كبير على الأوضاع في مدينة الفاشر، التي يواجه فيها المدنيون أوضاعاً إنسانية صعبة للغاية.

وفي هذا الصدد، أكد نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، مالك عقار، حرص الحكومة على إيصال المساعدات الإنسانية، وتسهيل مهام الفرق الطبية. وتعهد خلال لقائه ليل الاثنين - الثلاثاء رئيس «منظمة أطباء بلا حدود»، كريستيوس كريستو، بتذليل كافة العقبات التي تواجه تقديم المساعدات الإنسانية للمواطنين في الولايات المستهدفة، ومنح التأشيرات لدخول الفرق وموظفي المنظمات الدولية والإقليمية والهيئات ذات الصلة.

بدوره، قال كريستو إن اللقاء ناقش العديد من القضايا المتعلقة بالاحتياجات الإنسانية للسكان في السودان، وأهمية الوصول إلى جميع المناطق المتأثرة بالحرب.

ووفق المفوضية العامة لشؤون اللاجئين، فإن المأساة في السودان «يتسع مداها على مرأى ومسمع العالم، ويجب أن يتوقف القتال، بما في ذلك الهجمات على المدنيين اللاجئين والنازحين داخلياً».

والسبت الماضي، دعا مجلس الأمن الدولي طرفي القتال في السودان إلى الاتفاق على مزيد من الخطوات لتيسير الوصول الإنساني الآمن. وحث أعضاء المجلس الطرفين على تهدئة التصعيد، ووقف الأعمال القتالية، وضمان حماية المدنيين بما في ذلك في الفاشر، بما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان.

وأسفر النزاع بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي، منذ الخامس عشر من أبريل (نيسان) العام الماضي، عن مقتل وإصابة أكثر من 100 ألف شخص، وفقاً لإحصائيات رسمية وأممية.