​الحكومة المصرية تعوّل على «تعمير الصحراء» لاستيعاب الزيادة السكانية

مدبولي أكد إنشاء 1.5 مليون شقة في 10 سنوات

مدينة حدائق العاصمة بشرق القاهرة (صفحة المدينة - فيسبوك)
مدينة حدائق العاصمة بشرق القاهرة (صفحة المدينة - فيسبوك)
TT

​الحكومة المصرية تعوّل على «تعمير الصحراء» لاستيعاب الزيادة السكانية

مدينة حدائق العاصمة بشرق القاهرة (صفحة المدينة - فيسبوك)
مدينة حدائق العاصمة بشرق القاهرة (صفحة المدينة - فيسبوك)

تعول الحكومة المصرية على تنفيذ مشاريع سكنية ضخمة بمدن جديدة، يجري تدشينها في مناطق صحراوية بعيدة عن التجمعات المأهولة، وذلك من أجل استيعاب الزيادة السكانية، في أكبر بلاد العالم العربي سكاناً.

وقال رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الاثنين، إنه «لا يوجد حل لقضية الزيادة السكانية سوى تعمير الأراضي الصحراوية للخروج من العاصمة، وتنفيذ مشروعات تنموية كبيرة بها»، مؤكداً أن «الحكومة تعمل من خلال (مبادرة سكن لكل المصريين) على مواجهة هذه المشكلة».

وتقع مصر، البالغ عدد سكانها نحو 106 ملايين نسمة، في المرتبة الرابعة عشرة عالمياً والثالثة أفريقياً والأولى عربياً من حيث عدد السكان. فيما توقعت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، قبل أيام، أن يصل عدد السكان عام 2032 إلى 121 مليوناً.

ووفق رئيس الوزراء المصري، الذي سلّم شققاً لمحدودي الدخل في مدينة «حدائق العاصمة» (شرق القاهرة)، ضمن مبادرة «سكن لكل المصريين»، فإنه في خلال أقل من 10 سنوات جرى تنفيذ نحو 1.5 مليون وحدة سكنية، 85 في المائة منها، نُفّذت في صورة سكن اجتماعي للشباب ومحدودي الدخل وإسكان بديل للعشوائيات.

وحدات سكنية ضمن مبادرة «سكن لكل المصريين» بمدينة حدائق العاصمة (صفحة المدينة - فيسبوك)

وعدّ مدبولي أن تنفيذ 1.5 مليون وحدة سكنية يحل مشكلة نحو 6 ملايين أو 7.5 مليون مواطن مصري، على اعتبار أن متوسط كل أسرة من 4 إلى 5 أفراد، وأضاف أن ذلك جرى «خلال فترة قصيرة، مقارنة بما تم بناؤه وتنفيذه على مدار 36 عاماً».

ويعد رئيس الوزراء قضية الإسكان إحدى أهم المشكلات التي واجهت الدولة المصرية، وأكثرها حدة، إذ كان حلم كل شاب هو الحصول على وحدة سكنية، على حد قوله.

وأضاف: «مدينة حدائق العاصمة، هي من مدن الجيل الرابع، تحقق حُلماً للشباب في الحصول على سكن مناسب، وليس مجرد وحدة سكنية بل مدينة متكاملة تنبض بالحياة بها جميع الخدمات».

وجدّد رئيس الوزراء تأكيده على أهمية الإسراع في تنفيذ مشروعات مماثلة في المدينة خلال المدة القياسية ذاتها التي تم تنفيذ هذا المشروع بها في غضون 3 سنوات؛ لأن الطلب كبير للغاية على هذه النوعية من الوحدات.

وتحتوي «حدائق العاصمة» على 100 ألف وحدة سكنية، من بينها 93 ألف وحدة مُخصصة للإسكان الاجتماعي وللشباب ولمحدودي الدخل، بينما تم تخصيص الـ7 آلاف وحدة المُتبقية لمتوسطي الدخل.

ومنذ عام 2016 بدأ توجه الدولة المصرية نحو إنشاء مدن الجيل الرابع، التي تدر عائداً كبيراً على الدولة من حيث التنمية والعمران، والقطاع العقاري الذي يمثل خمسة وعشرين في المائة من الناتج القومي الإجمالي لمصر، وكذلك على المواطن الذي يستفيد من الإقامة بها والخدمات المتاحة بها، بحسب الاستشاري العقاري المصري، أحمد عبد العزيز.

ويضيف عبد العزيز لـ«الشرق الأوسط» أن «توسيع الرقعة التنموية هو حل مثالي لاستيعاب الزيادة السكانية الكبيرة التي تشهدها مصر»، منوهاً إلى أنه «رغم تعرض تلك المشاريع لعوائق تمويلية خلال الفترة الماضية بسبب الظروف الدولية والإقليمية، فإن الحكومة لم تغير سياستها في الاعتماد عليها».

ويبيّن الاستشاري العقاري أن «الطلب كبير للغاية على هذه النوعية من الوحدات السكنية، ويعكس رغبة الشباب في الخروج من قلب القاهرة المُكتظ بالسكان، وتغير ثقافتهم في الإقامة بأماكن تتمتع بجودة حياة أفضل، خاصة أن الشقق تتاح بمقدمات بسيطة، مع مزايا التقسيط، والتسلم الفوري، وبالتالي استفاد كثير من الشباب من هذا التوجه».


مقالات ذات صلة

مصر تتابع التحقيقات في مقتل أحد مواطنيها بإيطاليا

شمال افريقيا مقر وزارة الخارجية المصرية في العاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة (الخارجية المصرية)

مصر تتابع التحقيقات في مقتل أحد مواطنيها بإيطاليا

تتابع مصر التحقيقات التي تجريها السلطات الإيطالية في ميلانو حول ملابسات واقعة مقتل شاب مصري (19 عاماً).

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا السيسي مستقبلاً عباس في القاهرة 8 يناير (كانون الثاني) 2024 (إ.ب.أ)

السيسي: القضية الفلسطينية ستظل على رأس أولوياتنا

قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن «القضية الفلسطينية ستظل على رأس أولوياتنا»، معرباً عن «تضامن مصر الثابت مع الفلسطينيين في ظل الأزمات المتلاحقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي مقر وزارة الخارجية المصرية وسط القاهرة على ضفاف نهر النيل (الخارجية المصرية)

مصر: نتابع من كثب مع السلطات الإيطالية حادثة مصرع أحد مواطنينا في ميلانو

قالت وزارة الخارجية المصرية، الجمعة، إنها تتابع من كثب مع السلطات الإيطالية حادثة مصرع شاب مصري في ميلانو، أثارت وفاته احتجاجات عنيفة.

شمال افريقيا المتهم داخل القفص خلال جلسة محاكمته في جلسة سابقة (الشرق الأوسط)

مصر: إحالة أوراق «سفاح التجمع» إلى المفتي تمهيداً لإعدامه

أحالت محكمة «الجنايات المستأنفة» في مصر، الخميس، أوراق المتهم كريم محمد سليم، المعروف إعلامياً بـ«سفاح التجمع»، إلى مفتي الديار المصرية لأخذ الرأي في إعدامه.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا أحد السائحين الناجين في حادث غرق المركب السياحي «سي ستوري» خلال إنقاذه (المتحدث العسكري للقوات المسلحة المصرية)

مصر تواصل البحث عن 7 مفقودين في حادث «مركب البحر الأحمر»

لليوم الثالث على التوالي، تواصلت عمليات البحث والإنقاذ عن 7 مفقودين في حادث غرق المركب السياحي «سي ستوري»، قبالة سواحل مدينة مرسى علم بمحافظة البحر الأحمر.

محمد عجم (القاهرة)

«الدعم السريع» تكوّن حكومة مدنية موازية في الخرطوم

محمد حمدان دقلو (حميدتي) في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»
محمد حمدان دقلو (حميدتي) في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»
TT

«الدعم السريع» تكوّن حكومة مدنية موازية في الخرطوم

محمد حمدان دقلو (حميدتي) في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»
محمد حمدان دقلو (حميدتي) في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»

أعلنت «قوات الدعم السريع» تشكيل إدارة مدنية (حكومة ولائية) في العاصمة السودانية الخرطوم، وذلك بعد تسعة عشر شهراً من سيطرتها على معظم أنحاء ولاية الخرطوم بما في ذلك القصر الرئاسي والوزارات، وتكليف عبد اللطيف عبد الله الأمين الحسن رئيساً لها، وتسمية مجلس تأسيس مدني (مجلس تشريعي ولائي) من 90 شخصاً برئاسة نايل بابكر نايل المك ناصر، لتقديم الخدمات وبسط الأمن وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية.

وتضم ولاية الخرطوم سبع محليات أو تقسيمات إدارية هي: «الخرطوم، وجبل أولياء، والخرطوم بحري، وشرق النيل، وأم درمان، وأم بدة، وكرري»، ويسيطر الجيش منها في الخرطوم على «القيادة العامة، وسلاحَي الذخيرة والمدرعات»، ومناطق في منطقة مقرن النيلين، متاخمة لأم درمان، في حين تسيطر «الدعم السريع» على باقي الأنحاء والأحياء، والتي تضم القصر الرئاسي والوزارات.

وفي الخرطوم بحري يسيطر الجيش على بعض المناطق الشمالية وجسر الحلفايا التي استعادها مؤخراً، إلى مقراته العسكرية في شمال ووسط وشرق النيل، في حين تسيطر «الدعم السريع» على معظم الأنحاء، بما في ذلك مركزها.

وفي أم درمان يسيطر الجيش على كامل «محلية كرري شمال أم درمان، ومحلية أم درمان القديمة، وأجزاء من محلية أم بدة»، وتقع فيها منطقة كرري العسكرية ومطار وادي سيدنا وسلاح المهندسين، في حين تسيطر «الدعم السريع» على بقية أنحاء المحلية، وجنوب وغرب الولاية حتى جبل أولياء غربا.

ووفقاً للخريطة الجغرافية، فإن «قوات الدعم السريع» تسيطر بشكل شبه كامل على الولاية، لا سيما مدن الخرطوم والخرطوم بحري، وتفرض حصاراً مشدداً على الوحدات العسكرية الموجودة فيها، وتجعل منها جيوباً محاصرة.

منازل تعرضت للقصف في معارك دارت أخيراً بالخرطوم (أ.ب)

وفي مؤتمر صحافي عُقد بالخرطوم، الجمعة، أكد رئيس مجلس التأسيس المدني، المك ناصر، تشكيل برلمان ولائي أطلق عليه اسم «مجلس التأسيس المدني» من 90 عضواً يمثلون محليات الولاية المختلفة، بما في ذلك الشباب والمرأة والإدارة الأهلية والمهنيون والطرق الصوفية. وانتخب المجلس في جلسة إجرائية نايل بابكر نايل المك ناصر رئيساً له.

مجلس تأسيسي

وقالت «الدعم السريع» إن «مجلس التأسيس انتخب مجلساً للقضاء، وبدوره اختار رئيساً له، أدى أمامه رئيس مجلس التأسيس المدني (رئيس الإدارة الجديدة) اليمين الدستورية»، متعهداً بمباشرة مهامه في تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين وحمايتهم وتقديم المساعدات المدنية لهم، واستعادة «أجهزة الدولة» التي انهارت بسبب الحرب لمدة عامين.

وظلت الخرطوم بلا حكومة أو إدارة مدنية منذ انتقال العاصمة إلى مدينة بورتسودان على ساحل البحر الأحمر، في حين يحكم «والي الخرطوم» المكلف من قبل قائد الجيش بعد انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 من مدينة أم درمان ومحلية كرري على وجه الخصوص، ولا يستطيع الوصول إلى معظم أنحاء الولاية.

وقال رئيس مجلس التأسيس المدني، المك ناصر، في المؤتمر الصحافي بالخرطوم، الجمعة، إن الفراغ الناتج عن الحرب أدى لغياب الخدمات الأساسية والضرورية؛ ما دفع مواطني الولاية للمطالبة بتكوين إدارة مدنية. وأضاف: «تداعى نفر كريم من مواطني ولاية الخرطوم، وأخذوا على عاتقهم تحمل المسؤولية التاريخية من أجل المواطن، وتواصلوا مع قيادات (الدعم السريع) بالولاية، وطلبوا منهم الموافقة على تأسيس إدارة مدنية تتولى تقديم الخدمات الأساسية، واستجابت (الدعم السريع) لمطلبهم».

وأوضح أن رئيس الإدارة المدنية، عبد اللطيف عبد الله الأمين الحسن، سيقوم بالتعاون مع مجلس التأسيس المدني بتشكيل جهاز تنفيذي يتولى تقديم الخدمات وتأمين وصول المساعدات الإنسانية لمواطني الخرطوم.

وقال رئيس الإدارة المدنية عبد اللطيف الحسن، إن تكليفه جاء انحيازاً لما أسماه «المواطن المغلوب على أمره، ومن أجل حفظ الأمن، وتوفير الخدمات الأساسية، وبناء السلام المجتمعي، وتوفير وإيصال المساعدات الإنسانية»، ودعا المهنيين والفنيين العاملين في ولاية الخرطوم لما أسماه «تحمل المسؤولية» بالعودة الفورية للعمل، ليقدموا الخدمات للمواطنين.

دعوة لوقف الحرب

وحضر المؤتمر عن «الدعم السريع» حذيفة أبو نوبة، رئيس المجلس الاستشاري لقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي)، والعقيد حسن محمد عبد الله الترابي رئيس دائرة التوجيه، ممثلاً للقوات.

ودعا المسؤول المدني الجديد من أطلق عليهم «أطراف الصراع»، إلى الحكمة وإنقاذ البلاد بوقف الحرب عاجلاً والعودة للتفاوض، وإلى التزام القانون الدولي الإنساني، وإلى الكف عن القصف الجوي للمستشفيات والأسواق ودور العبادة، واستهداف المدنيين وإلقاء البراميل المتفجرة عليهم، وناشد المنظمات العاملة في المجال الإنساني تقديم المساعدات لمواطني الخرطوم والسودان بالسرعة الممكنة.

من جهته، قال العقيد حسن محمد عبد الله الترابي، إن قواته تقدم الشهداء من أجل تحقيق الحكم المدني الديمقراطي في السودان، وتعهد بدعم الإدارة المدنية وحمايتها وحفظ الأمن، وبعدم التدخل في سير أعمال الإدارة المدنية لتعبر عن إرادة المواطنين، وأضاف: «قادة النظام القديم اختطفوا الخرطوم وذهبوا بها إلى بورتسودان مثلما اختطفوا الجيش؛ لذلك فإن انتخاب قيادة ميدانية يوقف عبث اختطاف الخرطوم سياسياً واقتصادياً، ويؤكد بقاء الخرطوم عاصمة للسودان».

وسبق أن شكّلت «قوات الدعم السريع» إدارات مدنية في عدد من مناطق سيطرتها في ولايات دارفور الأربع وولاية الجزيرة، ويُخشى على نطاق واسع من تطور الأوضاع إلى «حكومتين» تتنازعان السلطة في البلاد، أسوة بـ«الأنموذج الليبي».