زيادات مرتقبة في أسعار الطاقة تعمق مخاوف المصريين

رغم الإعلان عن تراجع «التضخم السنوي»

يترقب المصريون أسعاراً جديدة للبنزين (أ.ف.ب)
يترقب المصريون أسعاراً جديدة للبنزين (أ.ف.ب)
TT

زيادات مرتقبة في أسعار الطاقة تعمق مخاوف المصريين

يترقب المصريون أسعاراً جديدة للبنزين (أ.ف.ب)
يترقب المصريون أسعاراً جديدة للبنزين (أ.ف.ب)

يترقب المصريون زيادات جديدة في أسعار الطاقة خلال الأيام المقبلة، مع تأكيدات رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، في أول مؤتمر صحافي لحكومته الجديدة، قبل أيام، زيادة أسعار الكهرباء والوقود بشكل تدريجي، لـ«سد الفجوة بين تكلفة الإنتاج وسعر الخدمات المقدمة للمواطنين».

ويخشى المصريون أن تؤدي زيادة سعر الوقود، خاصة السولار بعدّه الأكثر استخداماً في وسائل النقل بمصر، إلى زيادة أسعار السلع والخدمات المختلفة، بما فيها وسائل المواصلات العامة والخاصة.

وتسود مخاوف من تأثير زيادة أسعار منتجات الطاقة على ارتفاع معدلات التضخم، كما يُشير الخبير الاقتصادي الدكتور مدحت نافع عبر حسابه على «إكس».

ويأتي الإعلان عن الزيادات في وقت أظهرت بيانات من «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء»، الأربعاء، أن معدل «التضخم السنوي» لأسعار المستهلكين في المدن انخفض إلى 27.5 في المائة في يونيو (حزيران) من 28.1 في المائة في مايو (أيار)، ليواصل الانخفاض للشهر الرابع على التوالي بعدما بلغ قمة غير مسبوقة في سبتمبر (أيلول) الماضي عند 38 في المائة.

ويرى عضو مجلس النواب (البرلمان) ضياء الدين داود أن «الآثار الوخيمة لزيادات الأسعار في الشهور الماضية لا تزال موجودة في معدلات التضخم ولم يستطع الشعب التعامل معها، بينما تتجه الحكومة لمزيد من الزيادات الجديدة»، مشيراً إلى أن «هناك ضرورة لتحرك الأغلبية البرلمانية من أجل رفض منح الثقة لحكومة تبدأ مهمة عملها بزيادة الأسعار».

ومن المقرر أن يصوت البرلمان المصري خلال الأيام المقبلة على برنامج الحكومة، التي أعيد تشكيلها قبل أسبوع برئاسة مصطفى مدبولي.

وأضاف داود لـ«الشرق الأوسط» أن «التوجه الحكومي لزيادة الأعباء على المواطن مجدداً يمثل فشلاً اقتصادياً»، مؤكداً أن «هذه السياسات لن تؤدي إلا إلى مزيد من الأعباء الاقتصادية على المواطنين».

في المقابل، يرى رئيس هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة الأسبق الدكتور محمد السبكي، أن «زيادة أسعار الكهرباء أصبحت أمراً حتمياً»، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن «تغير سعر الصرف أربك حسابات كلفة الإنتاج خلال الفترة الماضية».

وأضاف: «شركات الكهرباء تقوم ببيع الكهرباء للمواطنين وتكون لديها حسابات مرتبطة بتكلفة الإنتاج، التي تشمل أسعار المحروقات والأجور وغيرها من الأمور الفنية»، مشيراً إلى أن «تغير سعر الصرف زاد من كلفة الإنتاج بشكل كبير، ومن ثم هناك حاجة لزيادة الأسعار في محاولة لإعادة التوازن المالي، وبما يجعل موازنة الدولة لا تتحمل أعباء مالية في الدعم».

ويدعم الخبير الاقتصادي الدكتور كريم العمدة الرأي السابق، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «إن زيادة أسعار الكهرباء والمحروقات أمر طبيعي في ظل تغير سعر الصرف وما تبعه من زيادة في كلفة الإنتاج والتسعير بالعملة المحلية»، مشيراً إلى أن «رئيس الوزراء قدر تكلفة لتر السولار بـ20 جنيهاً بينما يتم بيعه بنصف الثمن للمواطنين».

وأضاف: «قبل نحو عامين لم تكن تكلفة سعر السولار تزيد على 12 جنيهاً فقط»، لافتاً إلى أن «تحديد سعر التكلفة يرتبط بثلاثة عوامل رئيسية هي السعر العالمي، وسعر الإنتاج محلياً، وسعر صرف العملة، وهو العامل الأكثر تأثيراً خلال العامين الماضيين».

وخفّضت مصر في السادس من مارس (آذار) سعر الصرف إلى نحو 50 جنيهاً للدولار من مستوى 31 جنيهاً، الذي استقر بالقرب منه لما يقرب من عام. وارتفع الجنيه تدريجياً منذ ذلك القرار ويجري تداوله عند 48 جنيهاً في المتوسط بالبنوك المصرية.

ويترقب المصريون اجتماع «لجنة التسعير التلقائي للمواد البترولية»، المسؤولة عن إعادة النظر في أسعار مشتقات البترول المختلفة، التي تعقد اجتماعات ربع سنوية، وينص قرار تشكيلها على السماح بزيادة الأسعار أو تخفيضها في حدود 10 في المائة من الأسعار المطبَّقة بالفعل.

ويتوقع عضو مجلس النواب (البرلمان) علاء عبد النبي «ألا تكون الزيادات المرتقبة كبيرة»، مشيراً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الحكومة عملت على إرجائها لأطول فترة ممكنة حتى لا يكون لها تأثير سلبي على المواطن».

ويرى البرلماني المصري أن «تطبيق إجراءات رقابية مشددة لضبط الأسواق بجانب الاستمرار في سياسة ترشيد الاستخدام سيكونان من بين الأمور التي تخفف من آثار الزيادات على المواطنين، وهو ما يراهن على قدرة الحكومة الجديدة على تحقيقه».

وتنتظر مصر صرف الشريحة الثالثة من القرض الممنوح من صندوق النقد الدولي، التي أرجئت مناقشة صرفها لنهاية الشهر الحالي، بعدما كان من المقرر أن تكون على جدول اجتماعات الصندوق (الأربعاء)، فيما لم تعلن أسباب إرجاء الصرف.

لكن الخبير الاقتصادي كريم العمدة يرجح أن يكون تأجيل المناقشة لاستمرار تحفظ الصندوق على الدعم المخصص للكهرباء والمحروقات، متوقعاً أن تكون هناك خطوات حكومية نحو زيادة الأسعار قبل موعد اجتماع الصندوق المقبل.

وكان الصندوق وافق في مارس الماضي على زيادة قيمة البرنامج الأصلي للقرض بنحو 5 مليارات دولار، ليصل إجمالاً إلى 8 مليارات دولار، فيما جرت المراجعتان الأولى والثانية في الربع الأول من العام الحالي.


مقالات ذات صلة

الإفراج عن عشرات المحبوسين بمصر عشية استئناف «الحوار الوطني»

العالم العربي الأهل والأصحاب يستقبلون ناشطاً مصرياً فور إطلاق سراحه قبل أشهر (أرشيفية)

الإفراج عن عشرات المحبوسين بمصر عشية استئناف «الحوار الوطني»

عشية استئناف جلسات «الحوار الوطني» بمصر، أخلتْ السلطات المصرية، الاثنين، سبيل 79 متهماً محبوسين على ذمة قضايا، في خطوة قُوبلت بـ«ترحيب» قوى سياسية وحزبية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من حضور مؤتمر «القوى السياسية والمدنية السودانية» بالقاهرة (الخارجية المصرية)

مصر تدعو لإشراك السودان في أي ترتيبات بشأن تسوية الأزمة

شددت مصر على «أهمية إشراك السودان في أي ترتيبات أو مقترحات ذات صلة بتسوية الأزمة السودانية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي جانب من اجتماع مجلس أمناء الحوار الوطني المصري

«الحوار الوطني» المصري يبحث مقترحات لتخفيف «الحبس الاحتياطي»

يعتزم «الحوار الوطني» المصري، الذي يُعقد بمبادرة رئاسية، مناقشة قضية «الحبس الاحتياطي» داخل السجون، وذلك عبر جلسات متخصّصة، تتضمّن بحث تعويض السجناء.

عصام فضل (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من لقاء وزير الدفاع المصري مع أفراد المنطقة الشمالية العسكرية والقوات البحرية (المتحدث العسكري المصري)

وزير الدفاع المصري يطالب أفراد الجيش بمتابعة «ما يدور حولهم من أحداث»

أكد وزير الدفاع المصري «أهمية الحفاظ على أعلى درجات الجاهزية لحماية حدود الدولة المصرية على الاتجاهات الاستراتيجية كافة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عربية جانب من سباقات القوارب الكانوي المصرية (الشرق الأوسط)

اختفاء متسابق «كانوي» مصري بعد انقلاب قاربه في النيل

أعلن الاتحاد المصري للكانوي والكاياك، يوم السبت، أن البحث جار عن أحد المتسابقين بعد اختفائه إثر انقلاب قاربه أثناء التدريب في نهر النيل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

رحيل التهامي... مدير المخابرات المصرية الأسبق و«خصيم الإخوان»

الرئيس السيسي خلال تكريم محمد فريد التهامي (الرئاسة المصرية)
الرئيس السيسي خلال تكريم محمد فريد التهامي (الرئاسة المصرية)
TT

رحيل التهامي... مدير المخابرات المصرية الأسبق و«خصيم الإخوان»

الرئيس السيسي خلال تكريم محمد فريد التهامي (الرئاسة المصرية)
الرئيس السيسي خلال تكريم محمد فريد التهامي (الرئاسة المصرية)

بعد معاناة مع المرض دامت سنوات، توفى مساء الأحد، اللواء محمد فريد التهامي، مدير المخابرات العامة المصرية الأسبق، والذي عُرف بـ«خصومته» مع تنظيم «الإخوان المسلمين»، خلال عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي.

والتهامي الذي تخرج في «الكلية الحربية» ديسمبر (كانون الأول) 1967، تولى الكثير من الوظائف القيادية داخل القوات المسلحة وتدرج في المناصب المختلفة، منها قائد فرقة «مشاة ميكانيكي».

وفي عهد الرئيس الراحل حسني مبارك، اختير مديراً للمخابرات الحربية، قبل أن يتم تعيينه في مارس (آذار) 2004، رئيساً لـ«هيئة الرقابة الإدارية»، وهو المنصب الذي ظل فيه حتى عزله مرسي في سبتمبر (أيلول) 2012، بعد أشهر قليلة من وصوله للسلطة، وسط اتهامات للهيئة، من «الإخوان» آنذاك، بـ«التقاعس عن مواجهة الفساد».

لكن ابتعاد التهامي عن السلطة لم يدم طويلاً، فبعد عزل مرسي عام 2013، وحظر تنظيم «الإخوان» باعتباره «جماعة إرهابية»، اختار رئيس مصر المؤقت آنذاك المستشار عدلي منصور، التهامي ليتولى منصب مدير المخابرات العامة، وهو المنصب الذي ظل فيه حتى تقاعده في ديسمبر (كانون الأول) 2014، بعد نحو 6 أشهر من تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم.

ونعى عضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري، وفاة التهامي، مشيراً إلى خصومته مع جماعة «الإخوان». وقال بكري في تدوينة له على «إكس»، إن التهامي «واجه ظلم جماعة الإخوان الذين سعوا إلي التنكيل به والإساءة إليه، عندما كان رئيساً للرقابة الإدارية»، إلا أن تم رد اعتباره لاحقاً بتعينه مديراً للمخابرات العامة.

وجاء إعلان تقاعد التهامي عن المخابرات العامة متبوعاً بمنحه «وسام الجمهورية» من الطبقة الأولى؛ تقديراً لـ«جهوده وعطائه طوال مسيرته المهنية»، بحسب بيان لرئاسة الجمهورية، بينما أُرجع إبعاده من منصبه وقتها - بحسب تقارير إعلامية - إلى «حالته الصحية التي استلزمت خضوعه للعلاج والابتعاد عن العمل».

خلال توليه إدارة المخابرات العامة، سافر التهامي إلى عدد من الدول وأجرى لقاءات مع مسؤولين عرب وغربيين، وهي الفترة التي أعقبت الإطاحة بحكم «الإخوان»، وتحدث في وقت مبكر - بحسب وسائل إعلام محلية كانت تنقل أنشطته بكثافة آنذاك - عن «مخاطر العنف المسلح للإخوان».

أثناء زيارته الولايات المتحدة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2013، أجرى التهامي مقابلة نادرة مع صحيفة «واشنطن بوست»، تحدث خلالها عن «محاولات لـ(خلايا إرهابية) ترتبط بصلات مع تنظيم (القاعدة) تحاول ترسيخ جذورها في شبه جزيرة سيناء»، وأكد أن «القضاء على هذه الخلايا في سيناء قد يستغرق بعض الوقت». كما تحدث التهامي عن «احتمالية استهداف الهجمات الإرهابية للمصادر الرئيسية التي تدرّ على مصر العملات الصعبة مثل السياحة وقناة السويس».