السنوسي يدخل على خط شكاوى الأقليات الليبية من «الإقصاء»

نجل ولي العهد السابق قال إن دورها المجتمعي «لا يقبل التشكيك»

الأعلام الأمازيغية مرفوعة في احتفال بعد ثورة 2011  (أ.ف.ب - غيتي)
الأعلام الأمازيغية مرفوعة في احتفال بعد ثورة 2011 (أ.ف.ب - غيتي)
TT

السنوسي يدخل على خط شكاوى الأقليات الليبية من «الإقصاء»

الأعلام الأمازيغية مرفوعة في احتفال بعد ثورة 2011  (أ.ف.ب - غيتي)
الأعلام الأمازيغية مرفوعة في احتفال بعد ثورة 2011 (أ.ف.ب - غيتي)

دافع الأمير محمد الحسن الرضا السنوسي، نجل ولي العهد إبان الحكم الملكي في ليبيا، عن أقليات الأمازيغ والطوارق والتبو بالبلاد. وقال إنها «تشكّل، مع جميع المكونات الأخرى، جزءاً أساسياً من هويتنا وشخصيتنا الوطنية الليبية».

ومحمد الحسن، هو نجل الحسن الرضا السنوسي، الذي عيّنه الملك إدريس السنوسي ولياً للعهد في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1956، وتوفي في 28 أبريل (نيسان) 1992.

ويكثّف السنوسي من لقاءاته في الخارج بشخصيات ليبية مختلفة، بعضها ينتمي لقبائل من المنطقة الغربية، بالإضافة إلى الأمازيغ والطوارق، وذلك بهدف «إنجاح المساعي نحو حوار وطني شامل، تحت مظلة الشرعية الملكية الدستورية».

ومنذ إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، تشتكي الأقليات الليبية من «التمييز والإقصاء السياسي»، وتغييبها عن الفعاليات السياسية التي تناقش مصير وطنها.

وتصاعدت خلال الأسبوع الماضي، أزمة في ليبيا على خلفية حديث «الهيئة العامة للأوقاف» بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة حول «عدم شرعية مذهب الإباضية»، الذي يتبعه أمازيغ ليبيا، ومن ثمّ «عدم قبول شهادتهم»، الأمر الذي أثار حفيظة هذا المكون الاجتماعي.

ودخل السنوسي على خط الأزمة، وقال عبر حسابه على منصة «إكس»: «إخوتنا وأشقاؤنا من الأمازيغ والطوارق والتبو، ومن جميع المكونات دورهم المجتمعي ومساهمتهم في إثراء الذاكرة العلمية والفكرية والدينية لبلادنا، أمر لا يقبل التشكيك أو التساؤل».

ونكأ بيان «الهيئة العامة للأوقاف»، جرحاً - قديماً حديثاً - يتعلق باستشعار الأقليات الليبية بـ«الغبن»، وتجاهلها من المشاركة في رسم الخريطة السياسية للبلاد، إذ تعدّ قبائل التبو، التي تنتشر في مناطق عدة بجنوب ليبيا، أن مسوّدة الدستور الليبي، التي لم تخضع للاستفتاء الشعبي، «تُهمّش الأقليات».

وفي محاولة للتأكيد على أنهم جزء أصيل من المجتمع الليبي، تحرص «البعثة الأممية للدعم في ليبيا» دائماً، على الاجتماع بممثلي تلك المكونات الاجتماعية من وقت إلى آخر للاستماع إلى مشكلاتهم وشكاواهم ومطالبهم.

خوري تجتمع في لقاء سابق بأعضاء «المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا» (البعثة الأممية)

واجتمعت القائمة بأعمال رئيس البعثة، ستيفاني خوري، خلال الأسبوعين الماضيين في لقاءات منفصلة، بممثلي «التجمع الوطني التباوي»، ونقلت عنهم «وجود عديد من التحديات بما في ذلك التهميش المستمر، مما يحد من وصولهم إلى تسجيل الناخبين، والخدمات، والتمثيل السياسي». كما التقت خوري، أعضاء «المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا»، وقالت إنها استمعت إلى «انشغالاتهم بشأن التمثيل العادل، والمشاركة الهادفة في العملية السياسية وفي دوائر صنع القرار».

وللتأكيد على دور جميع المكونات الاجتماعية في ليبيا، أوضح السنوسي، كيف «عاش الآباء والأجداد قديماً، متآلفين»، ويرى أن «الاختلافات الثقافية لم تكن عقبة أمام تأسيس دولة الاستقلال».

وعلى أثر بيان «الهيئة العامة للأوقاف»، أعلن عدد من بلديات جبل نفوسة، غرب البلاد، إغلاق مكاتب الهيئة في مناطقها؛ تنديداً بموقفها واحتجاجاً عليه... واستنكرت بلديات كاباو، ونالوت، ويفرن، وجادو، وتندميرة، تصريحات الهيئة بشأن «رد شهادة منتسبي الإباضية»، و«التطاول على شيوخ المذهب».

وفد من وجهاء طوارق ليبيا في زيارة للبعثة الأممية (مكتب البعثة)

وكان «المجلس الأعلى للإباضية»، دعا الحكومة و«المجلس الأعلى للدولة» إلى اتخاذ «إجراءات عاجلة لحل هيئة الأوقاف وإعادة بنائها، على النحو الذي يكفل احترام الإعلان الدستوري، وتمثيل الهيئة لكل المذاهب الإسلامية في المجتمع الليبي».

ويعتقد السنوسي، بأن «الاختلاف في المذاهب لم يكن أساساً لتحديد حق المواطنة وواجباتها»، مؤكداً أن «هذا الخطاب هو امتداد لمَن يحاولون تقسيمنا وجرنا إلى التشرذم والانهيار». وقال: «نحن شعب واحد، اختلافاتنا هي مصدر قوتنا، وتنوعنا هو أساس هويتنا».

غير أن إبراهيم قرادة، رئيس «المؤتمر الليبي للأمازيغية»، الذي انتقد موقف هيئة الأوقاف، قال إن «عدم قبول شهادة الأمازيغ الإباضية، يعني عدم الأهلية في الأحوال الشخصية من زواج وطلاق وميراث، وأمور إدارية وقانونية أمام القضاء، وفي المعاملات التجارية».

وزاد قرادة في حديثه إلى «الشرق الأوسط»، أن «عدم قبول شهادة المواطن الأمازيغي يعني عدم أهليته لتقلد الوظائف العامة السياسية والتشريعية والإدارية والقضائية والعسكرية». ويرى أن حكومة الدبيبة تتعامل مع الأمازيغ «باستعلاء وتهميش وإقصاء».

وتتركز الكثافة السكانية الأمازيغية في ليبيا، بدءاً من مدينة زوارة على الحدود التونسية (أقصى شمال غربي البلاد) وامتداداً إلى نالوت وجبل نفوسة وطرابلس وغدامس، مروراً بمدن غات وأوباري وسبها (جنوباً)، مع التذكير بأن الطوارق هم أمازيغ أيضاً، وصولاً إلى سوكنة وأوجلة نحو الشرق.

والتقى عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية»، في أكثر من مناسبة، مكونات الأمازيغ والتبو والطوارق؛ لمناقشة عدد من الملفات المحلية والسياسية، والوقوف على المشكلات والصعوبات التي تواجه بلدياتهم في تقديم خدماتها.

https://x.com/CPofLibya/status/1752338872082616548

وكان الأمير محمد السنوسي، اجتمع مطلع العام الحالي، بوفد يمثل نخبة من الطوارق، وأرجع ذلك لـ«استمرار المشاورات المكثفة من أجل الوصول إلى حوار وطني ناجح تحت مظلة الشرعية الدستورية الملكية».

وسبق للقذافي أن دأب على التعامل مع المكوّن الأمازيغي في ليبيا طوال فترة حكمه، بين 1969 و2011، بوصفهم من قبائل «اندثرت وانتهت». إلا أنه بعد أشهر معدودة من كلامه هذا، كانوا في طليعة «الثوار» الذين أسقطوا نظامه عام 2011، ومنذ ذلك التاريخ استعاد أمازيغ ليبيا «حيوية» ثقافتهم تدريجياً، وبدأوا في الدفاع عمّا يعدّونها «مكتسباتهم» التي حققوها، رغم شكواهم المستمرة من «التهميش».


مقالات ذات صلة

ليبيا ومصر لتفعيل «الاتفاقيات المشتركة» والربط الكهربائي

شمال افريقيا مدبولي مستقبِلاً الدبيبة في مقر الحكومة المصرية بالعاصمة الإدارية الجديدة (حكومة «الوحدة»)

ليبيا ومصر لتفعيل «الاتفاقيات المشتركة» والربط الكهربائي

بحث رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، ونظيره المصري مصطفى مدبولي، نتائج اجتماعات اللجنة العليا المشتركة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا أبو الغيط مجتمعاً بالدبيبة في جامعة الدول العربية بالقاهرة (حكومة «الوحدة»)

رئيس البرلمان الليبي يتمسك بتشكيل «حكومة موحدة» لإنجاز الانتخابات

سيطرت معضلة الانتخابات الليبية وقوانينها على لقاء رئيس مجلس النواب عقيلة صالح والمبعوثة الأممية بالإنابة ستيفاني خوري وسط تمسك صالح بتشكيل «حكومة موحدة»

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا مشاركة الدبيبة في مؤتمر جامعة الدول العربية (حكومة الوحدة)

​الدبيبة يدافع من الجامعة العربية عن جهود حكومته لمجابهة «الهجرة غير المشروعة»

رغبة متبادلة «في تعزيز الشراكة من خلال بناء وترسيخ الجهود المشتركة بين الاتحاد الأوروبي وليبيا»

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة وتكالة في لقاء سابق (المجلس الأعلى للدولة في ليبيا)

هل يخسر تكالة موقعه بـ«الدولة» الليبي بسبب تحالفه مع الدبيبة؟

وفقاً لرؤية بعض المراقبين فإن أسماء عدة سوف تتصدر قائمة المرشحين لمنصب رئيس «المجلس الأعلى للدولة» خلال الأيام المقبلة من بينهم الرئيس السابق للمجلس خالد المشري

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة خلال زيارته إلى مدينة زوارة 1 يوليو (حكومة الوحدة)

«الجيش الوطني الليبي» يتجاهل دعوة «الوحدة» للمشاركة في ضبط الحدود الجنوبية

تجاهل «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر، مقترح مصطفى الطرابلسي وزير الداخلية المكلف بحكومة «الوحدة»، لتشكيل غرفة عمليات مشتركة لتأمين الحدود الجنوبية.

خالد محمود (القاهرة)

مصر تدعو مجدداً لوقف فوري لإطلاق النار في غزة

الوزير بدر عبد العاطي (وزارة الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج)
الوزير بدر عبد العاطي (وزارة الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج)
TT

مصر تدعو مجدداً لوقف فوري لإطلاق النار في غزة

الوزير بدر عبد العاطي (وزارة الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج)
الوزير بدر عبد العاطي (وزارة الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج)

شددت مصر مجدداً على «أهمية الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة، والالتزام بقرارات الشرعية الدولية واحترام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، مع استمرار الجهود الدولية لدخول أكبر كميات من المساعدات الإنسانية لسكان قطاع غزة».

وأكد وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، بدر عبد العاطي، «ضرورة الضغط على إسرائيل لفتح المزيد من المعابر الإسرائيلية مع القطاع في إطار تحمل مسؤولياتها باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال».

وجاءت تأكيدات عبد العاطي خلال اتصال هاتفي مع المنسق الأممي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاند، الخميس.

ومنذ يناير (كانون الثاني) الماضي يسعى الوسطاء في قطر ومصر، وبدعم أميركي، لإنجاز اتفاق هدنة، لكن جهودهم باءت بالفشل حتى الآن إثر تمسك الطرفين بمواقفهما.

حافلة خلال مرورها من معبر رفح في وقت سابق (رويترز)

ووفق إفادة للمتحدث الرسمي لوزارة الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، أحمد أبو زيد، فإن عبد العاطي أكد خلال الاتصال الهاتفي على الدور الهام الذي تقوم به مؤسسات الأمم المتحدة على المستوى الإنساني لسد الاحتياجات الملحة والطارئة التي فرضتها الحرب على غزة، منوهاً بـ«أهمية استمرار التعاون والتنسيق وتضافر الجهود للضغط على إسرائيل لوقف الحرب، والالتزام بتنفيذ قرارات مجلس الأمن، لا سيما رقمي 2720 و2735، فضلاً عن قرارات محكمة العدل الدولية في هذا الشأن».

وأوضح أبو زيد أن الوزير عبد العاطي تطرق إلى توقف تدفق المساعدات الإنسانية وحركة الأفراد عبر معبر رفح نتيجة السيطرة العسكرية الإسرائيلية على الجانب الفلسطيني، مشيراً إلى أن «استئناف عمل المعبر يتوقف على توفر الإرادة الإسرائيلية للانسحاب من المعبر والقبول بعودة السلطة الفلسطينية لإدارته، وكذلك تدشين قواعد لفض الاشتباك لتسهيل عمل المنظمات الأممية وتوفير الحماية للعاملين في المجال الإنساني».

ويعد معبر رفح شرياناً اقتصادياً وأمنياً على الحدود بين مصر وقطاع غزة، يُسهل دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع وخروج المسافرين والمصابين منه، قبل أن تسيطر إسرائيل على الجانب الفلسطيني منه في 7 مايو (أيار) الماضي، وتعلن مصر عدم التنسيق مع إسرائيل بشأنه لعدم «شرعنة احتلاله»، والتزاماً باتفاقية المعابر التي وقعت عليها في 2005 تل أبيب ورام الله بشأن إدارة السلطة الفلسطينية لمعبر رفح.

وأكد وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، الخميس، على استمرار الجهود المصرية للتوصل لصفقة يتم بمقتضاها وقف إطلاق النار وتبادل الرهائن، منوهاً بأهمية دعم جهود السلطة الفلسطينية، ومحذراً من «خطورة الإجراءات الإسرائيلية الأحادية التي تتخذها في الضفة الغربية من خلال الاستمرار في عمليات التوسع الاستيطاني، وزيادة حملات الاعتقالات والاقتحامات الممنهجة للقرى والمدن الفلسطينية».

فلسطينيون ينظرون إلى الدمار بعد غارة إسرائيلية على رفح بقطاع غزة (أ.ب)

وفي إحاطة أمام مجلس الأمن، الثلاثاء، قالت كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في غزة، سيغريد كاغ، إنه «منذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح وإغلاق المعبر الحدودي في أوائل مايو الماضي، انخفض حجم المساعدات التي تدخل إلى غزة بشكل كبير».

وحرص عبد العاطي خلال الاتصال الهاتفي على التعرف على نتائج جهود المسؤول الأممي خلال الفترة الأخيرة، وجهود الأمم المتحدة لإدارة عمليات الإغاثة في القطاع وما تواجهها من عقبات، وكذلك تقدير المسؤول الأممي بشأن فرص تفعيل مسار السلام في الفترة القادمة.

وأوضح وينسلاند أن الجهود الإغاثية الراهنة تعد الأصعب للأمم المتحدة منذ عقود عديدة، لافتاً إلى أن «عدم النجاح في تخطي التحديات الراهنة قد يمثل تهديداً كبيراً لحل الدولتين». وقدم الشكر لمصر على تسهيل دخول فرق منظمة الصحة العالمية لقطاع غزة، معرباً عن تطلعه لزيارة مصر قريباً.

وعلى صعيد مفاوضات وقف إطلاق النار، رأى الأكاديمي المصري المتخصص في الشأن الإسرائيلي، الدكتور أحمد فؤاد أنور، أن «الرد المعدل من (حماس) عقب تسلمها التعديلات الأميركية، يبدو أنه الأفضل، وأنه تجاوز فكرة وجود ضمانات شاملة من دول عديدة لإنهاء الحرب مع أولى مراحل تنفيذ مقترح بايدن». ويرى أن الصيغة الأميركية الجديدة «ربما اقتربت من موقف (حماس)، وهذا ما جعل باب الأمل يفتح مجدداً، وتسارعت ردود الفعل والخطوات نحو إبرام صفقة في أقرب وقت».

وأعرب فؤاد في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» عن اعتقاده بأن «التجاوب الإسرائيلي بدأ مبكراً قبل وصول الرد المعدل من (حماس)، ببشريات أبرزها: الإفراج عن مدير مستشفى الشفاء محمد أبو سلمية، قبل أيام، وضخ كهرباء لمحطة تحلية مياه في غزة بدعوى خشية حدوث أضرار للأسرى، وهو ما يعني أننا إزاء تحول ما في موقف تل أبيب».