تونس: قضايا جديدة في الإرهاب و«التآمر على أمن الدولة»

المحاكم في إجازة صيفية لمدة شهرين

اجتماع جديد بين الرئيس التونسي قيس سعيد ووزير الداخلية خالد النوري وكاتب الدولة للأمن سفيان بالصادق حول مستجدات الوضع الأمني وعودة المهاجرين (موقع رئاسة الجمهورية التونسية)
اجتماع جديد بين الرئيس التونسي قيس سعيد ووزير الداخلية خالد النوري وكاتب الدولة للأمن سفيان بالصادق حول مستجدات الوضع الأمني وعودة المهاجرين (موقع رئاسة الجمهورية التونسية)
TT

تونس: قضايا جديدة في الإرهاب و«التآمر على أمن الدولة»

اجتماع جديد بين الرئيس التونسي قيس سعيد ووزير الداخلية خالد النوري وكاتب الدولة للأمن سفيان بالصادق حول مستجدات الوضع الأمني وعودة المهاجرين (موقع رئاسة الجمهورية التونسية)
اجتماع جديد بين الرئيس التونسي قيس سعيد ووزير الداخلية خالد النوري وكاتب الدولة للأمن سفيان بالصادق حول مستجدات الوضع الأمني وعودة المهاجرين (موقع رئاسة الجمهورية التونسية)

أعلنت مصادر أمنية وقضائية تونسية أن قوات الأمن نظمت أخيراً «حملة أمنية بكامل تراب الجمهورية»، أسفرت عن إلقاء القبض على 1416 شخصاً مُفَتَّشاً عنهم من قبل المحاكم، وتجهيزات تُستخدَم في عمليات التهريب والاتجار في المخدرات ومختلف الجرائم.

إيقاف «تكفيري»

كما أعلنت المصادر نفسها إيقاف «تكفيري» متهم بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي» صدرت ضده أحكام غيابية بالسجن لمدة 46 عاماً.

ولم تكشف تلك المصادر عن اسم التنظيم المتهم بالإرهاب، ولا تفاصيل القضايا التي حوكم بسببها غيابياً بعشرات السنين سجناً، ولا إن كان من بين المتهمين بالمشارَكة خلال العشرية الماضية في العمليات الإرهابية التي وقعت خلال تلك الفترة، واستهدف بعضها عسكريين وأمنيين في المناطق الحدودية مع الجزائر وليبيا، وبعضها الآخر استهدف منشآت سياحية وثقافية في تونس العاصمة وفي المنطقة الساحلية سوسة - المنستير.

وكانت المحاكم أصدرت وقتها أحكاماً ثقيلة بالسجن على مجموعات من الموقوفين والمتهمين بحالة فرار ممن شملتهم قضايا إرهاب استُخدمت فيها أسلحة نارية ومتفجرات، وتسبّب بعضها في سقوط قتلى وجرحى.

وسجّلت بعض تلك العمليات الإرهابية بالقرب من سفارتَي فرنسا وأميركا في تونس، وفي مدخل المتحف الوطني في باردو، المجاور لمبنى البرلمان.

وصدرت في تلك الأثناء بلاغات إعلامية عن تنظيمات مسلحة تونسية ومغاربية وعربية، بينها «داعش»، و«القاعدة»، و«عقبة بن نافع».

في الأثناء، كشفت مصادر إعلامية وقضائية وسياسية عن إحالة مزيد من المتهمين بالإرهاب و«التآمر على أمن الدولة»، و«قضايا الفساد المالي»، و«مخالفة القانون الانتخابي» إلى التحقيق والمحاكم.

وقدّر محامون عدد المتهمين في هذا النوع من القضايا بعشرات، بينهم عدد من البرلمانيين والمسؤولين الحكوميين السابقين، وشخصيات تحمّلت مسؤوليات على رأس مؤسسات اقتصادية وإدارية عملاقة.

واتُّهم بعض القائمين على هذه المؤسسات بالضلوع في «جرائم مالية سياسية خطرة ترتقي إلى درجة التآمر على أمن الدولة»، مع الاشتباه باستغلال بعضهم صفاتهم الإدارية والسياسية، وعلاقاتهم للحصول على امتيازات مادية وقروض ضخمة من البنوك العمومية وشبه العمومية، وبينها البنك الوطني الفلاحي وبنك الإسكان والشركة التونسية للبنك، فضلاً عن «البنوك المشتركة التونسية الأجنبية» على حد ما أورده رئيس المعهد التونسي للمستشارين الجبائيين الأسعد الذوادي في تصريح لـ«الشرق الأوسط».

كما أورد المحامي أمين بوكر لـ«الشرق الأوسط» أن ملف المتهمين في قضية «إنستالينغو» ذات الصبغة «الإرهابية»، وبينهم عسكريون ومدنيون وسياسيون سابقون، أُحيلوا إلى المحكمة قبل أيام، وتقرر تأجيل الجلسة إلى يوم 8 يوليو (تموز). لكنه استبعد أن يقع البت في هذه القضية، التي سال حبر كثير حولها في تونس؛ بسبب تعقيداتها الأمنية والإدارية والقضائية. وتوقّع أن تؤجل جلسات الاستنطاق والمرافعات وإصدار الأحكام إلى ما بعد العطلة القضائية التي تستمر شهرين، وتبدأ يوم 15 يوليو.

دوائر صيفية

كما استبعد المحامي سمير بن عمر، المختص في متابعة ملفات المتهمين في «قضايا ذات صبغة سياسية»، و«الإرهاب والتآمر على أمن الدولة» أن تبت المحاكم قريباً في ملفات عشرات الموقوفين والمساجين الذين أحالتهم السلطات الأمنية والقضائية ضمن أكثر من 10 «ملفات تآمر»، فُتح بعضها منذ أواخر 2022 وأوائل 2023، وشمل عسكريين وأمنين وقيادات سياسية في الأحزاب التي تصدرت المشاهد البرلمانية والحكومية والإعلامية خلال العشرية الماضية.

ومن بين أبرز المتهمين في هذه القضايا رئيس الحكومة ووزير الداخلية الأسبق علي العريض، ورئيس البرلمان السابق راشد الغنوشي، ووزير الخارجية الأسبق رفيق عبد السلام، ووزير العدل الأسبق نور الدين البحيري، وعدد من المديرين العامين السابقين في وزارة الداخلية، إلى جانب رجال أعمال متهمين بـ«الضلوع في قضايا فساد، والاستفادة غير القانونية من أموال الدولة».

وأورد المحامي أمين بوكر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «البت في هذه القضايا خلال موسم الإجازات السنوية في المحاكم يستوجب إصدار قرار بإحداث دوائر صيفية»، وهو ما لا يبدو وراداً حالياً. لذلك يرجح «تأجيل المحاكمات في القضايا ذات الصبغة الأمنية والسياسية والإرهابية» إلى ما بعد الانتخابات المقررة في شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، حسب رئيس الهيئة العليا للانتخابات، القاضي فاروق بوعسكر.

وصول أولى بواخر المهاجرين التونسيين القادمين من أوروبا إلى ميناء تونس - حلق الوادي أكبر موانئ البلاد في ظل تعبئة أمنية (متداولة)

عودة مليون مهاجر

من جهة أخرى، دخلت قوات الأمن التونسية في مرحلة استنفار جديدة براً وبحراً وجواً بمناسبة عودة ما لا يقل عن مليون مهاجر تونسي إلى موطنهم صيفاً، أي نحو نصف أبناء الجالية التونسية في المهجر.

وقد عقد الرئيس التونسي قبل أيام اجتماعاً جديداً مع وزير الداخلية خالد النوري، وكاتب الدولة للأمن الوطني سفيان بالصادق، أعلنت صفحة رئاسة الجمهورية أنه ناقش «مستجدات الوضع الأمني في البلاد، وحُسن تأمين عودة المهاجرين وعائلاتهم».

ازدحام في المطارات والموانئ التونسية بمناسبة عودة أكثر من مليون مهاجر (متداولة)

في هذا السياق، أعلن بلاغ رسمي جديد من وزارة الداخلية أنه «في سياق الحرص على توفير أفضل الظروف لعودة الجالية التونسية المقيمة بالخارج، وتماشياً مع سياسة الدولة التونسية، اتخذت مصالح الوزارة جملةً من الإجراءات والتدابير الإضافية للمساهمة في تحسين جودة الخدمات المقدّمة لفائدتهم، سواء كان ذلك على مستوى استخراج الوثائق الإدارية (مطالب استخراج جوازات السفر ومطالب الانتفاع بامتياز الإعفاء من القيد الجمركي)، أو تسهيل عمليات حلولهم ومغادرتهم للتراب التونسي (مختلف الإجراءات الحدودية)، وتسهيل حركة المرور وحفظ النظام العام بمحيط الموانئ والمطارات». في الوقت نفسه أُعلنت إجراءات أمنية إضافية في المعابر، الحدودية التونسية - الجزائرية، والتونسية - الليبية.


مقالات ذات صلة

تركيا: القبض على 45 «داعشياً» بعمليات متزامنة في 16 ولاية

شؤون إقليمية وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا أكد استمرار العمليات ضد تنظيم «داعش» حتى القضاء على آخر عناصره (من حسابه على «إكس»)

تركيا: القبض على 45 «داعشياً» بعمليات متزامنة في 16 ولاية

ألقت قوات مكافحة الإرهاب التركية القبض على 45 من عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي في عمليات متزامنة في 16 ولاية في أنحاء مختلفة من البلاد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا موظف يتحقق من وثائق رجل لاستلام جواز سفره في مكتب البريد الرئيسي في مدينة كابل، أفغانستان، الأربعاء، 3 يوليو، 2024 (أ.ب)

علماء دين في أفغانستان يطالبون بتشديد الأمن قبل شهر المحرم

عقد عددٌ من علماء الدين وسكانٌ من ولايات شمالية وشمالية شرقية من أفغانستان ومسؤولون محليون اجتماعات تشاورية في مدينة مزار شريف، استعداداً لشهر المحرم.

«الشرق الأوسط» (كابل )
آسيا قررت حكومة «البنجاب» تشديد الترتيبات الأمنية إلى جانب حجب وسائل التواصل الاجتماعي (متداولة)

إقليم «البنجاب» الباكستاني يوصي بحظر وسائل التواصل الاجتماعي 6 أيام خلال محرم

أوصت حكومة إقليم «البنجاب» الباكستاني وزير الداخلية الاتحادي، بحظر وسائل التواصل الاجتماعي، من السادس حتى 11 من شهر محرم، للسيطرة على انتشار مواد الكراهية.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد )
آسيا انتشار أمني باكستاني إثر انفجار نجم قنبلة مزروعة على الطريق (أرشيفية)

باكستان: مقتل شخصين وجرح 8 آخرين بانفجار قنبلة مزروعة على أحد الجسور

قال مسؤولون إن قنبلة مزروعة على أحد الجسور أصابت عربة ركاب في شمال غربي باكستان، يوم الجمعة، ما أسفر عن مقتل شخصين على الأقل وإصابة 8 آخرين.

«الشرق الأوسط» (بيشاور (باكستان))
أفريقيا أفراد من الجيش النيجري (أرشيفية)

جيش النيجر يعلن مقتل أكثر من 100 «إرهابي» بعد هجوم أوقع قتلى

أعلن جيش النيجر أنه قتل أكثر من 100 «إرهابي» في عمليات جوية وبرية؛ رداً على هجوم استهدف جنوداً قرب الحدود مع بوركينا فاسو، موقعاً قتلى.

«الشرق الأوسط» (نيامي (النيجر))

«التعليم» المصرية تتعهد بعقوبات مشددة ضد مُسربي امتحانات «الثانوية»

وزير التربية والتعليم خلال تفقد أعمال امتحانات «الثانوية» من غرفة عمليات الوزارة (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم خلال تفقد أعمال امتحانات «الثانوية» من غرفة عمليات الوزارة (وزارة التربية والتعليم)
TT

«التعليم» المصرية تتعهد بعقوبات مشددة ضد مُسربي امتحانات «الثانوية»

وزير التربية والتعليم خلال تفقد أعمال امتحانات «الثانوية» من غرفة عمليات الوزارة (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم خلال تفقد أعمال امتحانات «الثانوية» من غرفة عمليات الوزارة (وزارة التربية والتعليم)

تعهدت وزارة التربية والتعليم في مصر بـ«تطبيق عقوبات مشددة ضد مُسربي امتحانات الثانوية العامة»، بعد تداول أسئلة مادتي الكيمياء والجغرافيا، عقب وقت قصير من بدء لجان الامتحانات، السبت.

وأدى 515711 طالباً ينتمون للشعبة العلمية امتحان الكيمياء، السبت، بالتزامن مع تأدية طلاب الشعبة الأدبية، وعددهم 193544 طالباً، امتحان مادة الجغرافيا. وأعلنت وزارة التربية والتعليم ضبط 4 حالات غش من محافظات مختلفة «حاول خلالها الطلاب استخدام الهواتف المحمولة لتصوير ورقة الامتحان وإرسالها عبر تطبيقات إلكترونية لمجموعات الغش، بالإضافة إلى محاولة بعضهم استخدام سماعات الأذن للحصول على إجابات الأسئلة عبر الهاتف».

وقالت الوزارة في بيان رسمي، السبت، إنه «تم ضبط الطلاب وتطبيق القرار الوزاري بشأن تنظيم أحوال إلغاء الامتحان وحرمانهم منه، مع اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه كل واقعة باعتبارها مخالفة».

إحدى لجان الثانوية العامة في محافظة الغربية بدلتا مصر (صفحة محافظة الغربية على «فيسبوك»)

وحسب مصدر مسؤول في وزارة التربية والتعليم، فإن فريق «مكافحة الغش الإلكتروني» بالوزارة يستفيد من تقنيات تكنولوجية متطورة تسمح له بمتابعة ورصد مجموعات الغش التي يحاول القائمون عليها الإخلال بسير الامتحانات. وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أنه «مع وجود (باركود) داخل ورقة الامتحان، والتواصل المستمر بين مسؤولي تأمين الامتحانات وأعمال المراقبة، يتم الوصول للطلاب المتسببين في التسريب خلال وقت قصير».

وأضاف المصدر أن «الإجراءات المتبعة في تأمين وصول أوراق الامتحانات للّجان وسرية الأسئلة والتوقيتات التي تصل فيها لمختلف المدارس، تجعل من المستحيل حدوث أي تسريب قبل بدء اللجان»، مشدداً على أن «كل واقعة للغش الإلكتروني يجري التعامل معها بشكل منفرد، وفق عقوبات متدرجة تصل للحرمان عامين من الامتحانات».

وشهدت مصر خلال السنوات الماضية محاولات «غش وتسريب» للامتحانات بطرق كثيرة، أبرزها عبر تطبيقات التواصل مثل «واتساب» و«تلغرام».

مقر وزارة التربية والتعليم في مصر (حساب الوزارة عبر «فيسبوك»)

كان وزير التربية والتعليم المصري، محمد عبد اللطيف، قد كلف نائبه أحمد ضاهر، السبت، بتولي رئاسة امتحانات الثانوية العامة، وهي المهمة التي كان يتولاها حتى نهاية الأسبوع الماضي الوزير السابق رضا حجازي.

وقال أستاذ المناهج بجامعة عين شمس، حسن شحاتة، إن «تطبيق القانون على الطلاب الذين حاولوا تسريب الأسئلة وتصويرها باستخدام الهاتف المحمول سيكون رادعاً للكثيرين»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار حظر دخول الهواتف المحمولة للمدارس التي تشهد الامتحانات ساعد في تقليل محاولات الغش».

في السياق، تداول عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لإحدى المدارس بمحافظة الدقهلية في دلتا مصر، يظهر وجود أولياء أمور خارج المدرسة، حيث «يقومون بتلقين أبنائهم إجابات امتحان الكيمياء عقب تداول ورقة الأسئلة»، ما دفع وزارة التعليم إلى تشكيل لجنة خاصة لتصحيح أوراق إجابات الطلاب في اللجنة محل الواقعة.

وأكد المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم، شادي زلطة، السبت، أنه «حال ثبوت صحة واقعة الغش الجماعي وتطابق الإجابات بين طلاب اللجنة، سيتم إلغاء الامتحان، وإعادته لطلاب اللجنة بالكامل في الدور الثاني، مع اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه المسؤولين عن التقصير في الواقعة».