ما حقيقة عودة نشاط «السوق السوداء» للدولار في مصر؟

«جدل سوشيالي» حول تراجع جديد لسعر صرف الجنيه

صورة لإحدى الصرافات بالقاهرة (أ.ف.ب)
صورة لإحدى الصرافات بالقاهرة (أ.ف.ب)
TT

ما حقيقة عودة نشاط «السوق السوداء» للدولار في مصر؟

صورة لإحدى الصرافات بالقاهرة (أ.ف.ب)
صورة لإحدى الصرافات بالقاهرة (أ.ف.ب)

مع طول فترة عطلة البنوك والمصارف الرسمية في مصر، التي وصلت إلى 9 أيام؛ بسبب عيد الأضحى وإجازة نهاية الأسبوع، تداول نشطاء ومتابعون على «السوشيال ميديا» الحديث عن عودة نشاط «السوق السوداء» للدولار في مصر، مع أنباء عن «ارتفاع سعر صرف الدولار لأكثر من 60 جنيهاً».

وتشير البيانات المصرفية الرسمية، لاستقرار سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري، قبل الإجازة، بمتوسط يبلغ نحو 47.6 جنيه.

وعدّ خبراء اقتصاديون مصريون، عودة الحديث عن مداولات الدولار في السوق السوداء «شائعات يستهدف البعض ترويجها؛ لتحقيق مكاسب من مضاربات سعر الدولار مرة أخرى». وأكدوا «عدم وجود مبرر لزيادة جديدة في سعر صرف الدولار، في ظل توافر احتياطي نقدي آمن من العملة الصعبة خلال الفترة الأخيرة».

وازدادت معدلات البحث، من قبل مصريين، في محركات البحث ومواقع التواصل الاجتماعي، بشأن أسعار الدولار في السوق السوداء، وتداول مستخدمون ارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء، ليسجل 63.93 عند الشراء، بينما سجّل عند البيع 63.22 مقابل الجنيه المصري.

وصعدت أسعار صرف الدولار في مصر، ضمن قائمة «تريند» تفاعلات مستخدمي مواقع التواصل، عبر أكثر من «هاشتاغ»، ما بين «#السوق_السوداء»، و«#الجنيه_المصري».

وتساءلت حسابات لمستخدمين عبر منصة «إكس»، حول أسباب ارتفاع أسعار الدولار في السوق السوداء لتسجل أكثر من 63 جنيهاً، على حد زعم مروجيها.

في المقابل، قللت حسابات أخرى من صحة ما يتم تداوله بخصوص سعر الدولار في السوق السوداء، مؤكدة على «استقرار سعر الدولار»، واستشهدوا على ذلك «بانخفاض طفيف في سعر الذهب».

وأشارت حسابات إلى أن «ما يحدث محاولة من (مافيا) السوق السوداء للعودة مرة أخرى، بترويج شائعات زيادة الدولار على السوشيال ميديا».

وتراجعت عمليات التعامل مع «السوق السوداء» للعملة في مصر بشكل لافت، في الأشهر الأخيرة، بعدما كانت تسيطر على المعاملات المالية، وذلك بعد قرار «البنك المركزي» المصري في مارس (آذار) الماضي، «تعويم» الجنيه، عبر السماح بتحديد سعر صرفه وفق «آليات السوق».

وعدّت الدكتورة سهر الدماطي، الخبيرة المصرفية والنائب السابق لرئيس بنك مصر، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، ما يتم تداوله بشأن ارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء «مجرد شائعات، هدفها تحقيق مكاسب لبعض المضاربين بالدولار في السوق السوداء».

وأرجعت توقيت انتشار هذه الشائعات إلى «رغبة البعض في الاستفادة من أموال المصريين العائدين من الخارج في فترة الإجازات». وحذّرت من التعامل خارج القطاع المصرفي الرسمي، مؤكدة أن «مَن يتم ضبطه يحال للمساءلة القانونية».

ولا ترى الدماطي وجود أي مبرر لارتفاع سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري، مشيرة إلى «وجود وفرة في احتياطي النقد الأجنبي، والبنوك المصرية توفر احتياجات المواطنين والمنتجين والمستوردين من الدولار بضوابط محددة».

وينص القانون المصري على معاقبة مَن يمارس (الاتجار في العملة) بالحبس مدة لا تقل عن 3 سنوات، ولا تزيد على 10 سنوات، وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه، ولا تجاوز 5 ملايين جنيه أو المبلغ محل الجريمة، أيهما أكبر، بينما تصل عقوبة شركات الصرافة المخالفة إلى إلغاء الترخيص وشطب القيد من السجل.

وأوضحت الخبيرة المصرفية، أن «السوق السوداء تنشأ عندما يكون هناك طلب على الدولار ولا يوجد معروض». وأشارت إلى أن «الدولة استطاعت تحقيق وفرة في العملة الصعبة في الفترة الأخيرة بضخ نحو 58 مليار دولار». وقالت إن مؤشرات ذلك، «ارتفاع الاحتياطي النقدي لنحو 46 مليار دولار لأول مرة، وتحول صافي الأصول الأجنبية في البنوك من سالب إلى موجب».

وارتفع صافي احتياطات النقد الأجنبي إلى 46.125 مليار دولار في نهاية مايو (أيار) الماضي، مسجلاً زيادة بنحو 5 مليارات دولار عن أبريل (نيسان)، وفق البنك المركزي المصري.

غير أن الخبير الاقتصادي وائل النحاس، عدّ شائعات ارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء، «مرتبطةً بما تم تداوله عن طلب وفد صندوق النقد الدولي، خلال المراجعة الثالثة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، زيادة الاحتياطي النقدي لنحو 56 مليار دولار».

وفسر الخبير الاقتصادي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، ما يتم تداوله بخصوص سعر الدولار في السوق السوداء، بأنه «محاولة من بعض الأشخاص الذين يحتفظون بكميات كبيرة من الدولار، للتصرف فيها، بأسعار تفوق السعر الرسمي في البنوك»، مشيراً إلى أن «ما يحدث ليست حركة سوق، ولكنها بفعل فاعل».

وأوضح النحاس: «القيمة الحقيقية للدولار تتراوح بين 44 و46 دولاراً حتى شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، ولا توجد أي ضغوط أو أعباء اقتصادية تغيّر من هذه القيمة في الفترة المقبلة». وطالب بضرورة «تدخل الحكومة لمنع مثل هذه المداولات، حتى لا تخرج أسعار الدولار عن السيطرة» على حد قوله.

وأعلنت وزارة الداخلية المصرية، الأسبوع الماضي، ضبط مبالغ مالية تصل إلى 24 مليون جنيه متحصلة من قضايا الاتجار في العملة على خلفية تداول هذه المبالغ وإخفائها خارج نطاق السوق المصرفية.


مقالات ذات صلة

الدولار يقترب من أعلى مستوى في عامين بدعم من قرار «الفيدرالي»

الاقتصاد أوراق من الدولار الأميركي (رويترز)

الدولار يقترب من أعلى مستوى في عامين بدعم من قرار «الفيدرالي»

اقترب الدولار من أعلى مستوى له في عامين، يوم الخميس، بعد أن أشار بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى احتمال تباطؤ وتيرة خفض أسعار الفائدة في عام 2025.

«الشرق الأوسط» (طوكيو )
الاقتصاد أوراق نقدية بالدولار الأميركي (رويترز)

الدولار يتمسك بمستوياته قُبيل قرار الفائدة الأميركية

استقر الدولار الأميركي يوم الأربعاء، مع انتظار المستثمرين لمعرفة ما إذا كان مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» سيتخذ قراراً بخفض أسعار الفائدة بشكل صارم.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد حُزم من الأوراق النقدية بالدولار الأميركي في محل لصرف العملات بالمكسيك (رويترز)

الدولار يقترب من أعلى مستوى في 3 أسابيع

استقر الدولار قرب أعلى مستوى في ثلاثة أسابيع مقابل العملات الرئيسية، يوم الاثنين، وسط توقعات بأن يخفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد أوراق نقدية من فئة الدولار الأميركي (رويترز)

قبيل بيانات التضخم... الدولار قرب أعلى مستوى في أسبوعين

تداول الدولار بالقرب من أعلى مستوى له في أسبوعين مقابل الين، قبيل صدور بيانات التضخم الأميركي المنتظرة التي قد تكشف عن مؤشرات حول وتيرة خفض الفائدة.

«الشرق الأوسط» (طوكيو )
الاقتصاد سبائك ذهبية معروضة في مكتب «غولد سيلفر سنترال» بسنغافورة (رويترز)

توقعات باستمرار تألق الذهب حتى 2025 ليصل إلى 2950 دولاراً

مع عودة دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة، من المحتمل أن يكون هناك مزيد من عدم اليقين بشأن التجارة والتعريفات الجمركية، مما سيدعم أيضاً سعر الذهب.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«الدعم السريع» تستعيد السيطرة على قاعدة رئيسية في دارفور

اندلع الصراع بين «الدعم السريع» والجيش في أبريل 2023 (أرشيفية - رويترز)
اندلع الصراع بين «الدعم السريع» والجيش في أبريل 2023 (أرشيفية - رويترز)
TT

«الدعم السريع» تستعيد السيطرة على قاعدة رئيسية في دارفور

اندلع الصراع بين «الدعم السريع» والجيش في أبريل 2023 (أرشيفية - رويترز)
اندلع الصراع بين «الدعم السريع» والجيش في أبريل 2023 (أرشيفية - رويترز)

قالت «قوات الدعم السريع» السودانية إنها استعادت السيطرة على قاعدة لوجيستية رئيسية في شمال دارفور، اليوم (الأحد)، بعد يوم من استيلاء قوات منافسة متحالفة مع الجيش السوداني عليها، وفق ما أوردته وكالة «رويترز».

اندلع الصراع بين «الدعم السريع» والجيش في أبريل (نيسان) 2023، ووقعت بعض أعنف المعارك في شمال دارفور، حيث يقاتل الجيش والقوات المشتركة المتحالفة، وهي مجموعة من الجماعات المتمردة السابقة، للحفاظ على موطئ قدم أخير في إقليم دارفور الأوسع.

وقال الجيش والقوات المشتركة في بيانين إنهما سيطرا، أمس، على قاعدة «الزرق» التي استخدمتها «الدعم السريع» خلال الحرب المستمرة منذ 20 شهراً قاعدة لوجيستية لنقل الإمدادات من الحدود القريبة مع تشاد وليبيا.

وقالا إن قواتهما قتلت العشرات من جنود «الدعم السريع» ودمرت مركبات واستولت على إمدادات أثناء الاستيلاء على القاعدة.

ويقول محللون إن الحادث قد يؤجج التوتر العرقي بين القبائل العربية التي تشكل قاعدة «الدعم السريع»، وقبيلة الزغاوة التي تشكل معظم القوات المشتركة.

واتهمت «الدعم السريع» مقاتلي القوات المشتركة بقتل المدنيين وحرق المنازل والمرافق العامة القريبة أثناء الغارة.

وقالت في بيان اليوم: «ارتكبت حركات الارتزاق تطهيراً عرقياً بحق المدنيين العزل في منطقة الزُرق، وتعمدت ارتكاب جرائم قتل لعدد من الأطفال والنساء وكبار السن وحرق وتدمير آبار المياه والأسواق ومنازل المدنيين والمركز الصحي والمدارس وجميع المرافق العامة والخاصة».