خوري تحضّ قادة ليبيا على التضحية لـ«إنهاء معاناة الشعب»

مواطنون يؤدون صلاة العيد بالساحات... ونجل حفتر ينحر الإبل عن «شهداء درنة»

ليبيون يؤدون صلاة عيد الأضحى في طرابلس بحضور المنفي (المجلس الرئاسي)
ليبيون يؤدون صلاة عيد الأضحى في طرابلس بحضور المنفي (المجلس الرئاسي)
TT

خوري تحضّ قادة ليبيا على التضحية لـ«إنهاء معاناة الشعب»

ليبيون يؤدون صلاة عيد الأضحى في طرابلس بحضور المنفي (المجلس الرئاسي)
ليبيون يؤدون صلاة عيد الأضحى في طرابلس بحضور المنفي (المجلس الرئاسي)

استغلت المبعوثة الأممية بالإنابة ستيفاني خوري، أجواء عيد الأضحى، وحضّت الأطراف الليبية كافة على «استلهام قيم التضحية والتقارب من أجل اتخاذ المواقف والقرارات الضرورية لحفظ المصلحة العليا للبلاد»... وذلك بينما أدى مواطنون الصلاة في الساحات والمساجد، لا سيما في درنة التي نُحرت فيها الإبل عن «شهداء» المدينة المتضررة من إعصار «دانيال».

ستيفاني خوري المبعوثة الأممية بالإنابة إلى ليبيا (البعثة الأممية)

وهنأت خوري الليبيين، وقالت، إن العيد «يحلّ هذا العام وسط ظروف معيشية صعبة». ورأت أن «استمرار حالة الانسداد السياسي وتدهور الأوضاع الاقتصادية باتا اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، يؤثران بشكل مباشر في حياة الليبيين الذين تراجعت قدرتهم الشرائية، وبات عدد كبير منهم يعاني شظف العيش رغم الموارد الهائلة لبلادهم».

وتابعت: «لقد عانى الشعب الليبي بما فيه الكفاية، وحان الوقت لأن يكون إنهاء هذه المعاناة أولوية قصوى للسلطات الليبية»، مجددة التأكيد على أن البعثة الدولية «ملتزمة، في إطار مساعيها الحميدة وتماشياً مع ولايتها، بالعمل مع جميع الأطراف لإنهاء الأوضاع الحالية، والحفاظ على وحدة وسيادة ليبيا، وضمان حاضر ومستقبل مستقرين ومزدهرين لجميع أبنائها».

وتشهد العملية السياسية في ليبيا حالة جمود... وتواصل خوري منذ أن تسلمت مهمتها خلفاً للمبعوث السابق عبد الله باتيلي في نهاية مايو (أيار) الماضي، محاولات جسر الهوة بين «الأطراف الفاعلة» من خلال الاستماع لآراء مختلف المكونات السياسية والاجتماعية سعياً لمساعدة ليبيا على إجراء الانتخابات المؤجلة.

من صلاة عيد الأضحى في طرابلس (المجلس الرئاسي)

وفي غالبية المدن الليبية، خرج مواطنون لأداء صلاة عيد الأضحى في الساحات والمساجد. وأدى المئات صلاة العيد في «ميدان الشهداء»، وسط العاصمة طرابلس، في ظلّ وجود إجراءات أمنية.

وفي ساحة قصر بن غشير بالعاصمة، تقدم رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، جموع المصلين، وحرص على مصافحة المواطنين عقب انتهاء الصلاة، بينما فضّل عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، مشاركة المواطنين صلاة العيد بـ«مسجد الغلبان» بمسقط رأسه بمدينة مصراتة.

وقال مكتب المنفي إنه تلقى برقية تهنئة من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، بمناسبة عيد الأضحى، أكد فيها على تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين.

ونقل عن الرئيس الجزائري «الحرص البالغ على مواصلة العمل معاً من أجل تعزيز عُرى الأخوة والتضامن، متمنياً أن يحقق الله للشعب الليبي الشقيق تطلعاته إلى الأمن والاستقرار والتنمية».

ليبيون يؤدون صلاة عيد الأضحى في درنة بحضور بلقسام حفتر (صندوق إعمار درنة)

وفي مدينة درنة التي سبق أن شهدت إعصاراً مدمراً العام الماضي، احتشد مواطنون في ساحة «نادي دارنس» لأداء صلاة العيد بحضور مدير عام «صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا» بلقاسم نجل المشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني»، والنائب الثاني لرئيس مجلس النواب الليبي مصباح دومة.

وتقدم بلقاسم المواطنين للمشاركة في الأضحية بنحر الإبل عن «شهداء» درنة الذين قضوا جراء الفيضانات التي اجتاحت المدينة في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.

جانب من الأضاحي التي حضر بلقسام حفتر نحرها بدرنة (صندوق إعادة إمار درنة)

وعقب انتهاء الصلاة، عبَّر مواطنون عن شكرهم لبلقاسم حفتر عن «دور صندوق التنمية وإعادة الإعمار في جهود إعادة بناء المدينة ومساعدة الأسر المتضررة»، مؤكدين «أهمية التعاون والتضامن من أجل مستقبل أفضل لدرنة ولجميع المدن والمناطق المتضررة في ليبيا»، على ما أفيد رسمياً.


مقالات ذات صلة

هل يتمكن «النواب» الليبي من تحريك ملف «المصالحة الوطنية» المتعثر؟

شمال افريقيا مجلس النواب دخل مجدداً على خط ملف المصالحة في مواجهة المجلس الرئاسي (المجلس)

هل يتمكن «النواب» الليبي من تحريك ملف «المصالحة الوطنية» المتعثر؟

عقيلة صالح دعا إلى ضرورة تحقيق المصالحة «لتشمل جميع المؤسسات والجماعات»، بما يضمن «إنهاء الخلافات والاستفادة من حركة التاريخ».

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا عناصر من هيئة البحث عن المفقودين تتفحص رفاة أشلاء تم العثور عليها في ترهونة (هيئة البحث عن المفقودين)

سلطات ليبيا تتجاهل مذكرات اعتقال «الجنائية الدولية» لقادة «ميليشيا الكاني»

رحبت منظمات شعبية بمذكرة المحكمة الجنائية الدولية عن توقيف 6 أعضاء في ميليشيا «الكانيات» المسلحة، لاتهامهم بـ«ارتكاب جرائم حرب في البلاد»

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا خوري خلال لقائها فرحات بن قدارة (حساب خوري على «إكس»)

الأمم المتحدة تدعو قادة ليبيا لإدارة عائدات النفط «لصالح الشعب»

يتطلع الليبيون إلى مرحلة ما بعد حل أزمة «المركزي»، في وقت تسعى البعثة الأممية لجهة إدارة الموارد النفطية من قبل المصرف، وتسخير الموارد النفطية لتحقيق التنمية.

جمال جوهر (القاهرة )
شمال افريقيا المنفي والحداد رئيس أركان قوات «الوحدة» (المجلس الرئاسي)

المنفي يتمسك بإنشاء «مفوضية للاستفتاء» رغم معارضة «النواب»

عاد رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي إلى فتح ملف تدشين «مفوضية الاستفتاء والاستعلام الوطني» رغم معارضة مجلس النواب، مما قد يجدد الجدل حولها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا رصد تقرير للمنظمة الدولية للهجرة وجود أكثر من 700 ألف مهاجر غير نظامي في ليبيا (إ.ب.أ)

«الوحدة» الليبية تطلق حملة لترحيل «المهاجرين»

قالت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة إنها ستطلق حملة لإعادة المهاجرين إلى بلدانهم، تبدأ من العاصمة طرابلس لتتوسع لاحقاً وتشمل باقي المدن الليبية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

هل يتمكن «النواب» الليبي من تحريك ملف «المصالحة الوطنية» المتعثر؟

مجلس النواب دخل مجدداً على خط ملف المصالحة في مواجهة المجلس الرئاسي (المجلس)
مجلس النواب دخل مجدداً على خط ملف المصالحة في مواجهة المجلس الرئاسي (المجلس)
TT

هل يتمكن «النواب» الليبي من تحريك ملف «المصالحة الوطنية» المتعثر؟

مجلس النواب دخل مجدداً على خط ملف المصالحة في مواجهة المجلس الرئاسي (المجلس)
مجلس النواب دخل مجدداً على خط ملف المصالحة في مواجهة المجلس الرئاسي (المجلس)

تباينت آراء برلمانيين وأكاديميين ليبيين بشأن إمكانية تحريك عملية «المصالحة الوطنية» مرة ثانية، في ظل دخول مجلس النواب الذي يرأسه عقيلة صالح، مجدداً على خط الملف في مواجهة المجلس الرئاسي، الذي كان يرعاه قبل تعثره.

وكان صالح قد دعا إلى ضرورة تحقيق المصالحة «لتشمل جميع المؤسسات والجماعات»، بما يضمن «إنهاء الخلافات والاستفادة من حركة التاريخ».

وأوضح عضو مجلس النواب الليبي، عصام الجهاني، أن «النواب» يضطلع بملف المصالحة منذ شهور طويلة، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن مشروع قانون المصالحة الوطنية الذي يدرسه المجلس حالياً «يأتي في إطار اهتمامه بهذا الملف». مشدداً على أن أعضاء لجنة العدل والمصالحة بالبرلمان، المعنية بدراسة المشروع، تعمل كي يرى القانون النور خلال الأشهر المقبلة، وهم منفتحون على استطلاع آراء الشرائح والتيارات السياسية والمجتمعية كافة بالبلاد، سواء من أنصار النظام السابق، أو المؤيدين للملكية الدستورية، أو زعامات قبلية.

عقيلة صالح رئيس مجلس النواب (رويترز)

وكان مجلس النواب قد ألغى قانون العزل السياسي عام 2015، الذي كان يحرم شخصيات عملت مع نظام الرئيس الراحل معمر القذافي من تولي مناصب عامة، كما أقر قانون العفو العام.

في المقابل، استبعد عضو مجلس النواب، علي التكبالي، «حدوث أي تقدم بهذا الملف الوطني مع تغير الجهات الراعية له».

وكان المجلس الرئاسي يرعى عملية المصالحة الوطنية، وظل يمهد لعقد مؤتمر جامع في سرت، نهاية أبريل (نيسان) الماضي، لكن المؤتمر تعثر قبل أن يعقد متأثراً بتعقيدات الأزمة السياسية.

وقال التكبالي لـ«الشرق الأوسط» إن هناك وجوهاً معروفة منذ سنوات، من شيوخ وزعماء عشائر ونشطاء وسياسيين، «يتصدرون ملف المصالحة، ويدعون أنهم يمثلون قبائل ومناطق بالبلاد»، موضحاً أن هؤلاء «لا يمثلون إلا أنفسهم، وأنهم يتاجرون بالقضية لتحقيق مكاسب ومصالح خاصة».

ويرى التكبالي أن مَن وصفهم بـ«المتاجرين» يتصلون بالأفرقاء المتصارعين في ذات التوقيت، أي مع المجلس الرئاسي وحكومة «الوحدة» والبرلمان، والقيادة العامة للجيش الوطني، «أملاً في أن ترعى أي جهة مؤتمراتهم وجلساتهم العرفية، التي ينشدون بها الخطب والأشعار». وقال إنه «لم تحدث أي مصالحة حقيقة حتى الآن؛ وكل ما تم كان عبارة عن معالجات ضعيفة»، مطالباً بـ«وجود شفافية بالخطط والبرامج، التي تطرحها أي جهة تدعي رعاية المصالحة، ككيفية توفير الموارد المالية المطلوبة لتقديم التعويضات للمتضررين، ومن قِبَلها إقرار المذنب بخطئه».

وحذر التكبالي من أن غياب هذه الشفافية «كفيل بأن يرسخ بعقول الليبيين أن ما يحدث ليس سوى صراع بين الأجسام والمؤسسات على اقتناص الأموال، التي تخصص سنوياً لهذا الملف، فضلاً عن التباهي برعايته أمام الرأي العام الدولي».

وكان المجلس الرئاسي قد أعلن تشكيل مفوضية تعني بملف المصالحة الوطنية، أعقبها بالإفراج عن بعض رموز نظام معمر القذافي، وفي مقدمتهم نجله الساعدي.

المنفي أرجع بطء وتيرة مشروع المصالحة إلى التطورات الأخيرة التي شهدتها البلاد (رويترز)

وفي كلمته أمام الدورة 79 لأعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، قبل أسبوعين، أرجع رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، بطء وتيرة مشروع المصالحة للتطورات الأخيرة التي شهدتها البلاد. كما قال إن «بعض الأطراف السياسية تحاول عرقلة هذا الملف بكل السبل».

من جهته، قال أستاذ القانون العام بالأكاديمية الليبية للدراسات العليا، الدكتور مجدي الشبعاني، لـ«الشرق الأوسط» إن تعثر ملف المصالحة هو جراء «تنازع أطراف عدة على إدارته وإقحامه في صراعاتهم السياسية».

وذهب الشبعاني إلى أنه «أمام عدم سيطرة أي من أفرقاء الأزمة وافتقاد الثقة بينهم، واختلاف مشاريعهم السياسية، لا يمكن لأي منهم امتلاك برنامج أو قانون قابل للتطبيق بشأن المصالحة»، مقترحاً أن يتم رعاية هذا الملف من قِبَل البعثة الأممية، وهيئة مدنية يتم اختيار أعضائها من أصحاب الخبرة. كما انتقد مؤتمرات المصالحة التي عقدت خلال العامين الماضيين داخل وخارج البلاد، عاداً أنها افتقدت إلى مشاركة «القوى الفاعلة على الأرض من قيادات الأجهزة المختلفة والكيانات المسلحة بعموم البلاد، وهو ما أدى إلى عدم تنفيذ الكثير من توصياتها».