تونس تسمح بممارسة الطب عن بعد

القرار من شأنه وقف نزف هجرة الأطباء إلى الخارج

الرئيس قيس سعيد (د.ب.أ)
الرئيس قيس سعيد (د.ب.أ)
TT

تونس تسمح بممارسة الطب عن بعد

الرئيس قيس سعيد (د.ب.أ)
الرئيس قيس سعيد (د.ب.أ)

أصدرت الحكومة التونسية، اليوم السبت، قراراً يسمح بممارسة الطب عن بعد، في خطوة لتحسين الخدمات بالقطاع، والحد من نزف هجرة الأطباء. ووضع القرار، الذي نشر بالجريدة الرسمية، معايير محددة لممارسة الطب وعيادة المرضى عن بعد، واستبعد من ذلك الحالات التي لا يسمح فيها وضع المريض بإمكانية إجراء عيادة بطريقة ناجعة. ووفق القرار؛ يحدد وزير الصحة، بعد أخذ رأي هيئات الاختصاصات في الطب أو طب الأسنان وعمادتي الأطباء وأطباء الأسنان، الحالات المرضية التي لا يمكن إخضاعها لأعمال الطب عن بعد. ووضعت تونس التشريعات اللازمة لممارسة الطب عن بعد منذ عام 2022 من بين أعمال أخرى، في أعقاب تفشي وباء «كورونا» في العالم، وتدابير الإغلاق التي رافقته. ومن شأن القرار أن يحسن الخدمات، ويقلص الضغوط في قطاع الصحة، الذي يعاني من تقادم البنية التحتية، بجانب أزمة النقل العام. كما من شأن القرار أن يتيح فرصاً أوسع للعمل في قطاع الصحة، ويحد من نزف هجرة أطباء تونس إلى الخارج.



تحديات تنتظرُ موريتانيا في العهدة الرئاسية الثانية لغزواني

الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني (أ.ف.ب-أرشيفية)
الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني (أ.ف.ب-أرشيفية)
TT

تحديات تنتظرُ موريتانيا في العهدة الرئاسية الثانية لغزواني

الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني (أ.ف.ب-أرشيفية)
الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني (أ.ف.ب-أرشيفية)

أعلن بشكل رسمي الاثنين فوز الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، بعهدة رئاسية ثانية تمتد حتى 2029، بعد أن حصل على 56 في المائة من أصوات الموريتانيين، في انتخابات صوت فيها مليون ناخب، من أصل نحو مليوني موريتاني على اللائحة الانتخابية.

وولد الغزواني، وإن كان الشعب الموريتاني منحه الثقة من جديد لحكم البلاد، إلا أن رهانات كبيرة تنتظره، وهو الذي يمنعه الدستور من الترشح للرئاسيات المقبلة، ما يضعه أمام تحدٍ سياسي كبير، إذ سيظل طيلة ولايته الرئاسية الثانية يحملُ صفة «الرئيس المودّع».

برغم ذلك، عليه أن يبني مشروعاً سياسياً قادراً على الاستمرار في الحكم، في ظل الصعود القوي للمعارضة التي حصلت في هذه الانتخابات على أكثر من أربعين في المائة من الأصوات، وهو رقم صعب لم تحققه في أي انتخابات رئاسية خلال الـ15 عاماً الماضية.

مهرجان انتخابي في موريتانيا (الشرق الأوسط)

ردود فعل المعارضة على نتائج الانتخابات كانت متباينة. ففي حين تحدث بعض المرشحين المعارضين عن شوائب مسّت جوهر العملية الانتخابية، رفض صاحب المرتبة الثانية بيرام الداه أعبيد الاعتراف بالنتائج، ووصف فوز ولد الغزواني بأنه «غير شرعي».

مع ذلك، يستبعدُ بعض المحليين أن تحدث أزمة سياسية في أعقاب الانتخابات. وقال المحلل السياسي والخبير في الشأن الأفريقي محمد الأمين ولد الداه لـ«الشرق الأوسط»، إن وقوع أزمة سياسية «بالمعنى الحقيقي للكلمة أمر غير متوقع، لأن نتائج الانتخابات تلاقي مستوى معيناً من القبول لدى أغلب المترشحين، ما عدا المنافس الثاني برام الداه أعبيد، وربما بدرجة أقل، المنافس الذي حلّ رابعاً، العيد محمدن امبارك».

وأضاف ولد الداه أن أعبيد، الحاصل على نسبة 22 في المائة من الأصوات، حاول تحريك الشارع ولكن «الأجهزة الأمنية تمكنت من منع أي احتجاجات أو أعمال شغب ناتجة عن رفض النتائج، لذا فإن الموقف السياسي الرافض لها لا يشكل أزمة».

من اجتماع سابق لقادة المعارضة في موريتانيا (الشرق الأوسط)

وأوضح أن ما يضعف حجج المعارضة هو «الإشراف على الانتخابات من طرف لجنة مستقلة، وشهادة المراقبين الدوليين على تزكيتها، وعدم تقديم المرشحين أدلة تزوير دامغة ولا طرح طعون لدى المجلس الدستوري».

رهان الأمن

من جهة أخرى، على ولد الغزواني في عهدته الرئاسية الثانية أن يواجه التحدي الأمني. ويقول المحلل السياسي والخبير في الشأن الأفريقي محمد الأمين ولد الداه إنَّ «التحدي الأمني حاسم ويؤثر على مستقبل موريتانيا».

وأشار إلى أن «قضايا الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، تحديات تفرضُ على موريتانيا تعزيز قدراتها الأمنية لمواجهة التهديدات الإرهابية والجريمة المنظمة، وخاصة على الحدود مع مالي».

وشدد ولد الداه على أن «الوضع الأمني في المناطق الحدودية مع مالي يتطلبُ اهتماماً خاصاً خلال السنوات المقبلة، لضمان أمن السكان المحليين ووقف تسلل الجماعات المسلحة»، في إشارة إلى حوادث اختراق الحدود الموريتانية من طرف مقاتلي «فاغنر» المنتشرين في مالي.

ورغم أن موريتانيا تستعد نهاية العام الجاري لدخول نادي الدول المنتجة للغاز الطبيعي، وهي التي تنتج الحديد والذهب والنحاس، وتمتلك ثروات هائلة من السمك، وأراضي زراعية شاسعة على ضفاف نهر السنغال، فإنها تبقى واحدة من أفقر دول العالم، وتنتشر البطالة في صفوف الشباب الذين يمثلون نحو سبعين في المائة من السكان.

انعدام فرص الشغل وازدياد معدلات الفقر يرغمان جل شبان موريتانيا على التفكير في مغادرة البلد (الشرق الأوسط)

كل ذلك يزيد من التحديات الاقتصادية التي تنتظر ولد الغزواني، حيث يقول ولد الداه إن عليه «أن يعمل على تنويع اقتصادي حقيقي لتقليل الاعتماد على الموارد الطبيعية مثل الحديد والنفط، وتعزيز القطاعات الأخرى كالسياحة والزراعة».

وأضاف أنه من أجل رفع المستوى الاقتصادي لموريتانيا، سيواجه ولد الغزواني معضلة «تحسين البنية التحتية الأساسية، بما في ذلك الطرق والكهرباء والاتصالات، لتشجيع الاستثمار ودعم النمو وتطوير النظام التعليمي لتلبية متطلبات السوق، وتحسين جودة التعليم لتوفير فرص أفضل للشباب».

وفي السياق ذاته، قال ولد الداه إن ولد الغزواني في حملته الانتخابية «قدم وعوداً كثيرة للشباب الموريتاني، بل وسمى المأمورية المقبلة بمأمورية الشباب، وشمل برنامجه العديد من المشاريع الشبابية الطموحة».

ناخبون عند بوابة مركز للاقتراع بمدينة روصو جنوبي موريتانيا في يونيو الماضي (الشرق الأوسط)

ولكن كل هذه الرهانات السابقة تبقى مرتبطة بالمطلب الذي يجمع عليه الموريتانيون وهو «محاربة الفساد»، وخاصة أن ولد الغزواني وعد بأنه «سيضرب بيد من حديد على المفسدين»، بل وقال إنه في عهدته الرئاسية الثانية «لا مكان فيها لمن تمتد يده إلى المال العام».

ويقول الخبير في الشأن الأفريقي إن «التحدي الأكبر لدى ولد الغزواني يتمثلُ في تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد في الإدارة العامة، لزيادة الثقة بين المواطنين والحكومة، وتحسين كفاءة الجهاز الإداري لتقديم خدمات أفضل للمواطنين».

وإضافة إلى التحديات الداخلية التي ستواجه ولد الغزواني في عهدته الرئاسية الثانية، عليه أيضاً أن يواجه أوضاعاً خارجية صعبة، تتمثل في محيط إقليمي مضطرب في منطقة الساحل وغرب أفريقيا، بالإضافة إلى قضية الصحراء المتأزمة.

موريتانية ترفع لافتة لمرشحها خلال حملة الانتخابات السابقة (الشرق الأوسط)

وهنا يقول المحلل السياسي والخبير في الشأن الأفريقي محمد الأمين ولد الداه إن على ولد الغزواني أن يحافظ على دبلوماسية «متوازنة» في تدبير وتسيير العلاقات الخارجية لموريتانيا، سواء في محيطها الإقليمي أو الدولي.

ويضيف أنه في ظلّ التغيرات التي يشهدها العالم، يتوجب على ولد الغزواني أن «يظل متوازناً في علاقات موريتانيا مع القوى الكبرى مثل فرنسا وروسيا والصين، وضمان دعم دولي لمشاريع التنمية»، وهي مهمة قد يكون نجح فيها خلال عهدته الرئاسية الأولى.