المرشحون لـ«رئاسية» موريتانيا «يتوددون» إلى الشباب لحسم السباق الانتخابي

يمثل 64 % من ناخبي البلاد لكن أغلبه «محبط وغير مهتم» بالاقتراع المرتقب

ولد الغزواني وهو يُلقي خطاباً أمام الآلاف من أنصاره في نواكشوط (حملة المرشح محمد ولد الشيخ الغزواني)
ولد الغزواني وهو يُلقي خطاباً أمام الآلاف من أنصاره في نواكشوط (حملة المرشح محمد ولد الشيخ الغزواني)
TT

المرشحون لـ«رئاسية» موريتانيا «يتوددون» إلى الشباب لحسم السباق الانتخابي

ولد الغزواني وهو يُلقي خطاباً أمام الآلاف من أنصاره في نواكشوط (حملة المرشح محمد ولد الشيخ الغزواني)
ولد الغزواني وهو يُلقي خطاباً أمام الآلاف من أنصاره في نواكشوط (حملة المرشح محمد ولد الشيخ الغزواني)

وقف الرئيس الموريتاني المنتهية ولايته، محمد ولد الشيخ الغزواني، بعد منتصف ليل الجمعة - السبت، ليلقي خطاباً أمام جمعٍ من الشباب الموريتاني، كانوا يحضرون حفلاً موسيقياً في العاصمة نواكشوط، ووعدهم بأنه إذا نال ثقتهم للفوز بمأمورية ثانية، فإنه سيجعل منها «مأمورية الشباب» بامتياز.

ومنذ أن أعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية، المرتقبة يوم 29 يونيو (حزيران) الجاري، بدا واضحاً أن ولد الغزواني يوجه خطابه نحو الشباب، فيما يعتقد محللون أن فئة الناخبين الجدد والشباب هم فرس الرهان في هذه الانتخابات، لأن نسبة 31 في المائة من المسجلين على اللائحة الانتخابية تحت سن الثلاثين، و64 في المائة تحت 45 عاماً.

شباب يُلوحون للرئيس الموريتاني المنتهية ولايته وهو يلقي خطابه في افتتاح الحملة الانتخابية (حملة المرشح محمد ولد الشيخ الغزواني)

لكنَّ ولد الغزواني يتنافسُ في الانتخابات مع ستة مرشحين آخرين، بينهم اثنان يصغرانه بأكثر من عشرين عاماً، ويصنفان ضمن وجوه سياسية شابة، أصبحت البديل لشخصيات قادت العمل المعارض خلال العقود الماضية، ولكنها فقدت شعبيتها خلال السنوات الأخيرة.

تحديات كبيرة

يواجه ولد الغزواني (67 عاماً)، الذي حكم موريتانيا خلال السنوات الخمس الماضية، معضلة كبيرة في مخاطبة الشباب، بسبب انتشار البطالة في صفوف هذه الفئة، ومضايقة بعض المدونين والناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي.

لكنَّ الحرج الأكبر يتمثل في هجرة عشرات آلاف الشباب الموريتانيين نحو الولايات المتحدة الأميركية عبر المكسيك، في رحلة أصبحت تمثل أكبر حرج للحكومة الموريتانية، لأنها تشكل أحد مرتكزات خطاب المعارضة، وتقدمها دليلاً على فشل سياسات الحكومة الموجَّهة إلى الشباب.

من أجواء حملة الانتخابات في موريتانيا (الشرق الأوسط)

ورغم ذلك، فإن ولد الغزواني دافع عن سياساته تجاه الشباب خلال عهدته الرئاسية الأولى، مشيراً إلى إطلاق مشاريع لتشغيل الشباب وتمويل مشاريعهم، بالإضافة إلى إنشاء لائحة خاصة بالشباب في البرلمان.

وقال ولد الغزواني في خطابه، فجر السبت، أمام الشباب: «إذا لم ننجح في دمج الشباب وتمكينه، فإنه سيتوجه إلى الجريمة والإرهاب»، مضيفاً أن «كل محاور برنامجي الانتخابي تركز بشكل مباشر أو غير مباشر على خدمة ودمج وتكوين وترقية وإشراك الشباب».

ومن الوعود التي أطلقها ولد الغزواني أمام الشباب إطلاق «حرب لا هوادة فيها على البطالة في صفوف الشباب»، قبل أن يتعهد بإنشاء «جهاز مختص بمعالجة قضية الشباب بجميع أبعادها، وسأعطيه الصلاحيات والإمكانات الضرورية». مؤكداً أنه سيعمل على «بناء جسور للتواصل الدائم مع شبابنا».

منافسون شرسون

قرابة مليوني ناخب موريتاني مدعوون للتصويت في هذه الانتخابات، من بينهم مليون ومائتا ألف ناخب تحت سن 45 سنة، وأكثر من نصف مليون ناخب تحت 30 سنة، ما يجعلهم كتلة انتخابية يرغب المرشحون السبعة في كسب أكبر قدر منها.

العيد ولد محمدن، هو أصغر مرشح للانتخابات الرئاسية الحالية، يبلغ من العمر 45 عاماً، ويقدم نفسه على أنه مرشح الشباب، وهو محامٍ معروف ونائب في البرلمان، وينشط منذ قرابة 20 عاماً في الساحة السياسية وميدان الدفاع عن حقوق الإنسان.

المرشح المعارض العيد ولد محمدن خلال افتتاح حملته بنواكشوط (حملة المرشح العيد ولد محمدن)

يحيط ولد محمدن نفسه بفريق من السياسيين الشباب، أغلبهم ينشطون بقوة على وسائل التواصل الاجتماعي ويحظون بشعبية كبيرة، مما يزيد من حضور المرشح على هذه الوسائل، ويجعله يحظى بقدر كبير من التفاعل.

يرتكزُ خطاب ولد محمدن على «التغيير»، حيث يشير في أكثر من مناسبة إلى أنه أكبر مطلب لدى الشباب الموريتاني، مع أنه في خطاب افتتاح الحملة الانتخابية ليل الخميس - الجمعة الماضي، استعرض مساره، فيما قال إنه «دفاع عن الشباب والمناضلين»، ثم أكد أن على الموريتانيين «انتخاب رئيس من الشعب، يحس بآلام المهمشين وآمال الشباب».

وأضاف ولد محمدن أنه يمثلُ أكبر تحالف معارض في البلاد، مؤكداً: «إذا لم نحقق التغيير فالدولة في خطر كبير، ويكفي أننا عشنا خمس سنوات ضائعة، لم يتم حل أي من مشكلات البلد».

وعود الرخاء

أما المرشح للانتخابات حمادي ولد سيدي المختار (49 عاماً)، فقد اختار أن يخاطب الشباب الموريتاني من بوابة الأوضاع الاقتصادية، فقال في خطاب افتتاح حملته إنه يتعهد للشباب بـ«محاربة البطالة والمحسوبية والغبن من أجل توفير الظروف الملائمة، التي تسمح للشباب بالعيش في وطنهم برخاء والمساهمة في نهضته ورقيه».

ولد سيدي المختار يقود حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل)، الحزب المعارض الأكثر تمثيلاً في البرلمان الموريتاني، ولكنه عانى مؤخراً من انسحاب شخصيات سياسية لها وزن كبير، وكانت من مؤسسي الحزب.

المرشح الرئاسي حمادي ولد سيد المختار (الشرق الأوسط)

وبينما يعيش الحزب فترة انتقالية بين جيلين، قال مرشحه للرئاسيات إنه سيعملُ على «خلق فرص العمل للشباب الموريتاني»، وأضاف مخاطباً الشباب: «حين نكسب هذه الانتخابات، لن تجدوا أنفسكم مجبرين على الهجرة، بل ستحصلون على الوظائف بكرامة وفي بلدكم».

وفيما يوزع المرشحون للانتخابات الوعود الكبيرة لنيل ثقة الشباب الموريتاني، يتحدث مراقبون عن عزوف الشباب عن التصويت في الانتخابات، رغم أن هناك مؤشرات تدل على أنه ربما تكون نسبة مشاركة الشباب أكبر هذه المرة، بعد أن سجلوا بكثافة خلال مراجعة اللائحة الانتخابية.



مصر للحد من «فوضى» الاعتداء على الطواقم الطبية

تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)
تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)
TT

مصر للحد من «فوضى» الاعتداء على الطواقم الطبية

تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)
تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)

تسعى الحكومة المصرية للحد من «فوضى» الاعتداءات على الطواقم الطبية بالمستشفيات، عبر إقرار قانون «تنظيم المسؤولية الطبية وحماية المريض»، الذي وافق عليه مجلس الوزراء أخيراً، وسوف يحيله لمجلس النواب (البرلمان) للموافقة عليه.

وأوضح نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة المصري، خالد عبد الغفار، أن مشروع القانون يهدف إلى «تحسين بيئة العمل الخاصة بالأطباء والفريق الصحي، ويرتكز على ضمان توفير حق المواطن في تلقي الخدمات الطبية المختلفة بالمنشآت الصحية، وتوحيد الإطار الحاكم للمسؤولية المدنية والجنائية التي يخضع لها مزاولو المهن الطبية، بما يضمن عملهم في بيئة عمل جاذبة ومستقرة»، وفق إفادة وزارة «الصحة» المصرية، الجمعة.

وأشار الوزير المصري إلى تضمن القانون «توحيد الإطار الحاكم للمسؤولية المدنية والجنائية التي يخضع لها مزاولو المهن الطبية، بما يكفل الوضوح في هذا الشأن ويراعي صعوبات العمل في المجال الطبي»، مع الحرص على «منع الاعتداء على مقدمي الخدمة الصحية، وتقرير العقوبات اللازمة في حال التعدي اللفظي أو الجسدي أو إهانة مقدمي الخدمات الطبية، أو إتلاف المنشآت، وتشديد العقوبة حال استعمال أي أسلحة أو عصي أو آلات أو أدوات أخرى».

جانب من العمل داخل أحد المستشفيات (وزارة الصحة المصرية)

وحسب عضوة «لجنة الصحة» بمجلس النواب، النائبة إيرين سعيد، فإن «هذه الخطوة تأخرت كثيراً»، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أن مشروع القانون كان يفترض جاهزيته منذ عامين في ظل مناقشات مستفيضة جرت بشأنه، لافتة إلى أن القانون سيكون على رأس أولويات «لجنة الصحة» فور وصوله البرلمان من الحكومة تمهيداً للانتهاء منه خلال دور الانعقاد الحالي.

لكن وكيل نقابة الأطباء المصرية، جمال عميرة، قال لـ«الشرق الأوسط» إن مشروع القانون «لا يوفر الحماية المطلوبة للأطباء في مقابل مضاعفة العقوبات عليهم حال الاشتباه بارتكابهم أخطاء»، مشيراً إلى أن المطلوب قانون يوفر «بيئة عمل غير ضاغطة على الطواقم الطبية».

وأضاف أن الطبيب حال تعرض المريض لأي مضاعفات عند وصوله إلى المستشفى تتسبب في وفاته، يحول الطبيب إلى قسم الشرطة ويواجه اتهامات بـ«ارتكاب جنحة وتقصير بعمله»، على الرغم من احتمالية عدم ارتكابه أي خطأ طبي، لافتاً إلى أن النقابة تنتظر النسخة الأخيرة من مشروع القانون لإصدار ملاحظات متكاملة بشأنه.

وشهدت مصر في الشهور الماضية تعرض عدد من الأطباء لاعتداءات خلال عملهم بالمستشفيات من أقارب المرضى، من بينها واقعة تعدي الفنان محمد فؤاد على طبيب مستشفى «جامعة عين شمس»، خلال مرافقته شقيقه الذي أصيب بأزمة قلبية الصيف الماضي، والاعتداء على طبيب بمستشفى «الشيخ زايد» في القاهرة من أقارب مريض نهاية الشهر الماضي، وهي الوقائع التي يجري التحقيق فيها قضائياً.

وقائع الاعتداء على الطواقم الطبية بالمستشفيات المصرية تكررت خلال الفترة الأخيرة (وزارة الصحة المصرية)

وينص مشروع القانون الجديد، وفق مقترح الحكومة، على تشكيل «لجنة عليا» تتبع رئيس مجلس الوزراء، وتعد «جهة الخبرة الاستشارية المتعلقة بالأخطاء الطبية، والمعنية بالنظر في الشكاوى، وإصدار الأدلة الإرشادية للتوعية بحقوق متلقي الخدمة بالتنسيق مع النقابات والجهات المعنية»، حسب بيان «الصحة».

وتعوّل إيرين سعيد على «اللجنة العليا الجديدة» باعتبارها ستكون أداة الفصل بين مقدم الخدمة سواء كان طبيباً أو صيدلياً أو من التمريض، ومتلقي الخدمة المتمثل في المواطن، لافتةً إلى أن تشكيل اللجنة من أطباء وقانونيين «سيُنهي غياب التعامل مع الوقائع وفق القوانين الحالية، ومحاسبة الأطباء وفق قانون (العقوبات)».

وأضافت أن مشروع القانون الجديد سيجعل هناك تعريفاً للمريض بطبيعة الإجراءات الطبية التي ستُتخذ معه وتداعياتها المحتملة عليه، مع منحه حرية القبول أو الرفض للإجراءات التي سيبلغه بها الأطباء، وهو «أمر لم يكن موجوداً من قبل بشكل إلزامي في المستشفيات المختلفة».

وهنا يشير وكيل نقابة الأطباء إلى ضرورة وجود ممثلين لمختلف التخصصات الطبية في «اللجنة العليا» وليس فقط الأطباء الشرعيين، مؤكداً تفهم أعضاء لجنة «الصحة» بالبرلمان لما تريده النقابة، وتوافقهم حول التفاصيل التي تستهدف حلاً جذرياً للمشكلات القائمة في الوقت الحالي.