اقتراح باستقدام أطباء أجانب يثير جدلاً في مصر

تضمن منحهم تصاريح عمل من دون اختبارات مقابل ألفي دولار

جلسة سابقة لمجلس الشيوخ في مصر (المجلس)
جلسة سابقة لمجلس الشيوخ في مصر (المجلس)
TT

اقتراح باستقدام أطباء أجانب يثير جدلاً في مصر

جلسة سابقة لمجلس الشيوخ في مصر (المجلس)
جلسة سابقة لمجلس الشيوخ في مصر (المجلس)

أثار اقتراح برلماني بشأن إجراء تعديلات تشريعية «تسمح باستقدام أطباء أجانب إلى مصر ومنحهم تصاريح عمل دون خوض الاختبارات العلمية»، مقابل تحصيل ألفي دولار (الدولار الأميركي يساوي 47.73 جنيه في البنوك) جدلاً في مصر، في وقت رفضت نقابة الأطباء المقترح، محذرة من «خطورته على صحة المرضى».

وناقشت «لجنة الصحة» بمجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية للبرلمان) الاقتراح (الأربعاء). إلا أن «النقابة العامة لأطباء مصر» أعلنت رفضها التعديلات التشريعية المقترحة.

وقال نقيب الأطباء، الدكتور أسامة عبد الحي، إنه «لا يجب السماح باستقدام أطباء أجانب من الخارج، إلا بعد خضوعهم لامتحانات تقيم الكفاءات الإكلينيكية للطبيب»، مؤكداً أن النقابة لديها تخوفات شديدة من استقدام الأطباء الأجانب، إذ إنه «في ظل ضعف رواتب الأطباء في مصر، لن يأتي أطباء أجانب من أوروبا وأميركا للعمل لدينا، وإنما من الدول الفقيرة، وبعضهم لا ينجح في امتحان (بروميترك)، وهو الامتحان الذي يحدد الكفاءة والخبرات الإكلينيكية المكتسبة».

يأتي الجدل بشأن مقترح السماح باستقدام أطباء أجانب للعمل بمصر، بعد موافقة مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) الشهر الماضي، على تعديلات تشريعية تسمح للقطاع الخاص بـ«تشغيل المستشفيات» المملوكة للدولة المصرية، الذي أطلقت عليه وسائل الإعلام قانون «تأجير المستشفيات»، وأثار انتقادات واسعة، ورفضته نقابة الأطباء حينها، وتضمن التعديل مادة «تسمح للمستثمر الذي يقوم بتأجير المستشفى بجلب حتى 25 في المائة من الأطباء والأطقم الطبية من خارج مصر».

وزير الصحة المصري الدكتور خالد عبد الغفار خلال زيارة أحد المستشفيات في وقت سابق (الصحة المصرية)

وقالت عضو «لجنة الصحة» بمجلس الشيوخ، الوكيل الأسبق لنقابة الأطباء، النائبة نجوى الشافعي، لـ«الشرق الأوسط» إن «الاقتراح الذي ناقشه (الشيوخ) لم يكن خاصاً فقط بإعطاء تصاريح عمل للأطباء الأجانب، بل تطرق إلى ضوابط تشغيل الأطباء المصريين الذين حصلوا على شهادة الطب من جامعات أجنبية».

وبحسب الشافعي فإن «جلسة مجلس الشيوخ شهدت جدلاً واسعاً بشأن المقترح، خصوصاً مع ضرورة الخضوع لاختبارات علمية، لأن مستوى التعليم الطبي في بعض الدول أقل من مصر كثيراً، وهو ما يفتح الباب لجلب أطباء غير أكفاء».

وينظم قانون مزاولة مهنة الطب في مصر آليات الاستعانة بأطباء أجانب، وفق شروط محددة، منها أن «يكون خبيراً، وأن يقدم طلباً لنقابة الأطباء المصرية مع السيرة الذاتية والشهادات الحاصل عليها كي يتم تسجيله في سجلات النقابة، ثم يحصل على ترخيص مؤقت لمزاولة المهنة من وزارة الصحة والسكان لمدة 3 أشهر، وبحد أقصى مرة واحدة في السنة».

ووفق «الجهاز المركزي للإحصاء» في مصر، انخفض عدد الأطباء في مصر إلى «97.4 ألف طبيب عام 2022، مقابل 100.7 ألف طبيب في 2021».

عضو مجلس نقابة الأطباء المصرية، الدكتور خالد سمير، رأى أن السماح بعمل الأطباء الأجانب في مصر دون اختبارات علمية «سيؤدي إلى الاستعانة بأطباء غير أكفاء»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا يوجد طبيب خارج البلاد سيقبل العمل في مصر براتب 50 دولاراً شهرياً، وهذا يعني أنه سيأتي إلينا أطباء غير مؤهلين علمياً».


مقالات ذات صلة

مصر تُسرّع إجراءات تعويضات أهالي منطقة «رأس الحكمة»

شمال افريقيا مدبولي خلال تفقد المشروعات في العلمين الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

مصر تُسرّع إجراءات تعويضات أهالي منطقة «رأس الحكمة»

تُسرّع الحكومة المصرية من «إجراءات تعويض أهالي منطقة (رأس الحكمة) في محافظة مرسى مطروح (شمال البلاد)».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لملف «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني)

«الحوار الوطني» لعرض تعديلات «الحبس الاحتياطي» على الرئيس المصري

يراجع «مجلس أمناء الحوار الوطني» في مصر مقترحات القوى السياسية وتوصياتها على تعديلات بشأن ملف «الحبس الاحتياطي»، عقب مناقشات موسعة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا وزير التموين خلال جولته في الإسكندرية (وزارة التموين)

مسؤولون مصريون يواجهون «الغلاء» بجولات مفاجئة على الأسواق

يواصل مسؤولون مصريون جولاتهم المفاجئة على الأسواق للتأكد من توافر السلع بـ«أسعار مناسبة»، عقب زيادة أسعار الوقود.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا مصري يسير بالقرب من المتاجر المتضررة في الحريق الذي شهدته منطقة «الموسكي» (رويترز)

تحقيقات تؤكد تسبب «ماس كهربائي» في حرائق أسواق بالقاهرة

حلّ الماس الكهربائي بوصفه «متهماً أول» في الحرائق التي اندلعت أخيراً بأسواق تجارية «شهيرة» في وسط القاهرة.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق «الحضرة» تنشد على المسرح (الشرق الأوسط)

فرقة «الحضرة» المصرية تدخل عامها العاشر بطموحات كبيرة

تحتفل فرقة «الحضرة» المصرية للإنشاد الديني بعيد ميلادها التاسع خلال فعاليات الموسم الصيفي للموسيقى والغناء في دار الأوبرا؛ بإحيائها حفلاً على «المسرح المكشوف».

نادية عبد الحليم (القاهرة)

تحقيقات تؤكد تسبب «ماس كهربائي» في حرائق أسواق بالقاهرة

مصري يسير بالقرب من المتاجر المتضررة في الحريق الذي شهدته منطقة «الموسكي» (رويترز)
مصري يسير بالقرب من المتاجر المتضررة في الحريق الذي شهدته منطقة «الموسكي» (رويترز)
TT

تحقيقات تؤكد تسبب «ماس كهربائي» في حرائق أسواق بالقاهرة

مصري يسير بالقرب من المتاجر المتضررة في الحريق الذي شهدته منطقة «الموسكي» (رويترز)
مصري يسير بالقرب من المتاجر المتضررة في الحريق الذي شهدته منطقة «الموسكي» (رويترز)

حلّ الماس الكهربائي بوصفه «متهماً أول» في الحرائق التي اندلعت أخيراً بأسواق تجارية «شهيرة» في وسط القاهرة، بعدما أفادت تحقيقات أولية، السبت، بأن «الماس الكهربائي أحد الأسباب المسؤولة عن اشتعال النيران في حادثي (الموسكي) و(حارة اليهود)»، وهما الحريقان اللذان تسببا في سقوط 7 قتلى، إضافة إلى 6 مصابين، فضلاً عن خسائر مالية كبيرة.

وأشارت التحقيقات في الحادثين إلى أن الشرارة الأولى للنيران نتجت عن «ماس كهربائي»، قبل أن تمتد النيران لأماكن أخرى بسبب «وجود مواد قابلة للاشتعال نتيجة البضائع المخزنة في بعض العقارات».

وأخلت النيابة المصرية، السبت، سبيل صاحب مخزن الأحذية، الذي اشتعلت فيه النيران بعد توقيفه، الجمعة، عقب اندلاع حريق في بنايتين بمنطقة العتبة في حي الموسكي. وتبيّن لسلطات التحقيق «عدم حصول صاحب مخزن الأحذية على تصريح بتحويل شقته إلى مخزن للأحذية».

و«الماس الكهربائي أو الشرر الاحتكاكي مسؤول عن 18.4 في المائة من إجمالي مسببات الحرائق بمصر العام الماضي»، وفق «الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء»، الذي رصد في تقريره السنوي، الصادر في فبراير (شباط) الماضي، تراجع معدلات الحرائق في مصر من «51963 حريقاً عام 2020 إلى 45345 حريقاً في 2023»، وبنسبة انخفاض عن عام 2022 الذي شهد اندلاع «49341 حريقاً».

سيارات الإطفاء عقب إخماد حريق كبير أدى إلى تدمير متاجر «شهيرة» في وسط القاهرة (رويترز)

وأرجع الخبير الأمني المصري، محمد عبد الحميد، تكرار وقوع حوادث «الماس الكهربائي» لـ«عدم الالتزام بضوابط الحماية المدنية، في حين يتعلق بالأكواد المنظمة لعمليات التشغيل والحمل الكهربائي، مع وجود محال ومخازن تحتاج إلى تغيير العدادات، ووصلات الكهرباء الخاصة بها، نتيجة زيادة الأحمال بإضافة أجهزة وتشغيلها بشكل مستمر»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «غياب الرقابة والتفتيش الدوري على هذه الأماكن يعزز من فرص زيادة المخالفات المرتكبة».

وبحسب الخبير الأمني المصري، فإن «شبكات الكهرباء في المنازل تختلف عن المخصصة للمخازن، إضافة إلى أن بعض السلع والأدوات التي يجري تخزينها تكون بحاجة إلى درجة حرارة معينة»، لافتاً إلى أن بعض الأجهزة الحديثة، التي يجري استخدامها على غرار «غلايات المياه»، أو أجهزة تسخين الطعام، تكون بحاجة لضغط كهربائي عالٍ، الأمر الذي يؤدي لحدوث «شرارات»، ومع وجود مواد قابلة للاشتعال بجوارها «يتحول الأمر لحريق لا يمكن السيطرة عليه عن طريق الشخص؛ لكن يتطلب قوات الإطفاء المدربة».

ورأى عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب أيمن محسب، أن «الحرائق تزداد عادة خلال الأيام التي ترتفع فيها درجات الحرارة بشكل كبير»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» ضرورة «تنفيذ ضوابط مراقبة، ومتابعة التزام جميع المواقع بإجراءات الحماية المدنية». وأضاف عضو «النواب» أنه قدّم إحاطة برلمانية في مارس (آذار) الماضي لرئيس مجلس الوزراء عن «خطة الحكومة بشأن توافر وسائل الأمان لإخماد حوادث الحرائق، من دون حدوث أضرار ضخمة، وذلك بعد الحريق الذي نشب في استوديو (الأهرام) بالجيزة».

وتسبب «ماس كهربائي» في حريق هائل باستوديو «الأهرام»، أسفر عن تدمير بلاتوهات تصوير عدة داخل الاستوديو، إضافة إلى امتداد النيران للعقارات المجاورة، وتدمير عدد من الشقق السكنية.

سيارة إطفاء خلال إخماد حريق «الموسكي» الجمعة (رويترز)

عودة إلى الخبير الأمني المصري، الذي أكد وجود أسباب عدة لحدوث «الماس الكهربائي»، من بينها «عدم انتظام تيار الضغط الكهربائي لأي سبب من الأسباب، أو انصهار أسلاك بسبب تهالكها، وعدم تجديدها، خصوصاً في المباني القديمة بوسط القاهرة، التي لا تشهد عادة إعادة تأهيل، بما يتناسب مع طبيعة الأنشطة التي تمارس داخلها»، مشدداً على «ضرورة الالتزام بوجود التجهيزات اللازمة لإطفاء الحرائق حال حدوثها، وبما يتناسب مع المواد القابلة للاشتعال التي تكون موجودة بهذه الشقق».

كما شدد النائب البرلماني على «تطبيق الاشتراطات الخاصة بالأمن الصناعي في مختلف الأسواق، وعدم الاكتفاء بتحرير محاضر مخالفات من دون متابعة ما يجري بعد ذلك من إجراءات».