الأمم المتحدة أمام اختبار «إعادة الثقة» بين أفرقاء ليبيا

بقصد إنهاء الانقسام وضمان مشاركتهم في حلحلة الأزمة السياسية

خوري خلال لقائها في بنغازي ممثلي عدد من الأحزاب الليبية (البعثة الأممية)
خوري خلال لقائها في بنغازي ممثلي عدد من الأحزاب الليبية (البعثة الأممية)
TT

الأمم المتحدة أمام اختبار «إعادة الثقة» بين أفرقاء ليبيا

خوري خلال لقائها في بنغازي ممثلي عدد من الأحزاب الليبية (البعثة الأممية)
خوري خلال لقائها في بنغازي ممثلي عدد من الأحزاب الليبية (البعثة الأممية)

بينما تسعى البعثة الأممية للدعم في ليبيا للتقريب بين أفرقاء الأزمة السياسية، بقصد إنهاء الجمود والانقسام المسيطر على البلاد منذ سنوات، قالت السفارة الفرنسية لدى ليبيا، الخميس، إن السفير مصطفى مهراج أجرى محادثات مع المشير خلفية حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، تتعلق بالتحديات الأمنية، و«عودة بناء الثقة» بين الليبيين.

خوري تطلع على مشاريع طلابية بجامعة برنيتشي للعمارة والعمران في بنغازي (البعثة الأممية)

وتنوعت اللقاءات والمشاورات التي تجريها الممثلة الأممية بالإنابة في ليبيا، ستيفاني خوري، مع المكونات الليبية خلال زيارتها لبنغازي (شرق)، حيث التقت قادة وممثلي عدد من الأحزاب الليبية «لمناقشة رؤاهم بشأن إنهاء الانسداد السياسي الراهن، وضمان المشاركة الشاملة والهادفة في الحراك الراهن».

وأوضحت خوري، عبر حسابها على منصة «إكس»، أن المناقشات تناولت «سبل إعادة بناء الثقة بين أطراف الأزمة الليبية، والإعداد لتنظيم انتخابات تكون نتائجها مقبولة من الجميع، إضافة للقضايا المتعلقة بالتقاسم العادل للموارد، ومعالجة التحديات الأمنية على الصعيدين الداخلي والخارجي».

ويعتقد سياسيون ليبيون أن البعثة الحالية، بقيادة خوري، عليها «عبء كبير، يتمثل في إذابة الجمود بين الأفرقاء السياسيين، الذي فشل في تحقيقه المبعوث السابق عبد الله باتيلي»، لافتين إلى «وجود نظرة سلبية من قبل بعض الساسة تجاه البعثة أيضاً، وهذا يزيد من صعوبة مهمة خوري، ومدى قدرتها على استيعاب الأطراف كافة».

كما تطرقت المبعوثة الأممية بالإنابة إلى الانقسام السياسي في ليبيا، وتأثيره على الملف الاقتصادي، خلال مباحثات أجرتها مع غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بنغازي، مبرزة أنها استمعت إلى رأي مجلس إدارة الغرفة بشأن «الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة، وتأثير الانقسامات السياسية في ليبيا، وتدهور الأوضاع الاقتصادية على مجتمع الأعمال المحلي».

وقالت خوري إن مجلس إدارة الغرفة «شدد على ضرورة تحديث التشريعات، بما يضمن استقلالية القطاع الخاص، «كما طالب بـ«وضع آلية عادلة لتوزيع ومراقبة الاعتمادات بالعملة الصعبة، وتبني سياسة نقدية، تضمن استقرار سعر صرف العملة، وحماية القدرة الشرائية للمواطنين».

خوري تطلع على مشاريع طلابية بجامعة برنيتشي للعمارة والعمران في بنغازي (البعثة الأممية)

وفي إطار جولتها في بنغازي، أجرت خوري أيضاً زيارة إلى جامعة «برنيتشي» للعمارة والعمران، التقت خلالها بطالبات وطلاب يعملون على مشاريع تخرج تتعلق بإعادة إعمار مدينة درنة. وقالت البعثة الأممية إن الخريجين عرضوا على خوري مشاريعهم، التي «تضمنت تصورات لإعادة إعمار ما دمره إعصار (دانيال) في مدينة درنة، تُزاوج بين أحدث تقنيات الهندسة المعمارية، والطابع الأصيل المستوحى من العمارة المحلية والعمارة العربية الإسلامية».

جانب من لقاء حفتر للسفير الفرنسي (القيادة العامة)

وحول جهود «إعادة الثقة» بين الليبيين، قالت السفارة الفرنسية، الخميس، إن لقاء مهراج مع حفتر، الأربعاء، تضمن «محادثات حول سبل كسر الجمود السياسي، وعودة الثقة بين الأطراف الليبية، وكذلك التحديات الأمنية في ليبيا ومنطقة الساحل، وتأثيرها على استقرار البلاد».

وفي السياق ذاته، بحث رئيس مجلس النواب، المستشار عقيلة صالح مع السفير الفرنسي، الخميس، تطورات العملية السياسية، وآخر مستجداتها. وقال مكتب صالح إنه تلقى دعوة رسمية من مهراج لزيارة العاصمة الفرنسية للقاء مسؤوليها، وبحث تعزيز العلاقات الثنائية، وسبل حلحلة الأزمة الليبية.

صالح ملتقياً سفير فرنسا لدى ليبيا (مكتب صالح)

واتصالاً بالأزمة السياسية في ليبيا، عقد المجلس الأعلى للدولة اجتماعاً، مساء الأربعاء، بحضور رئيسه محمد تكالة، وأعضاء مكتب الرئاسة، انتهى إلى التركيز على التواصل مع مجلس النواب لتفعيل (اتفاق القاهرة). كما كلف المجلس لجنته الخاصة بالأمن القومي بمتابعة تنفيذ القرارات واللوائح المتعلقة بتنظيم واستخدام العمالة الوافدة، والإسراع بإعداد مشروع قانون للعمالة الوافدة، تمهيداً لإصداره تشريعاً للعمل به في الدولة الليبية.

جانب من اجتماع المجلس الأعلى للدولة في ليبيا (المجلس)

كما كلف لجنتي الأمن القومي وحقوق الإنسان والحريات بالمجلس بمتابعة ملف اللاجئين السودانيين بمدينة الكفرة جرّاء الصراع المسلح في السودان، واتخاذ الإجراءات المناسبة التي تحمي الأمن القومي وتحفظ حقوق اللاجئين.

وكان اجتماع القاهرة الثلاثي بين رؤساء المجلس الرئاسي محمد المنفي، والنواب عقيلة صالح، والأعلى للدولة محمد تكالة، قد تضمن «الاتفاق على وجوب تشكيل حكومة موحدة، تقود لإجراء الانتخابات الليبية، وتقدم الخدمات الضرورية للمواطن». بالإضافة إلى «تشكيل لجنة فنية بمرجعية الاتفاق السياسي وملاحقه خلال فترة زمنية محددة للنظر في التعديلات المناسبة لتوسيع قاعدة التوافق، والقبول بالعمل المنجز من لجنة (6+6)، وحسم الأمور العالقة حيال النقاط الخلافية حسب التشريعات النافذة».


مقالات ذات صلة

هل يؤثر تقارب سلطات بنغازي مع أنقرة على حكومة «الوحدة» الليبية؟

شمال افريقيا وزير الخارجية التركي مستقبلاً بلقاسم نجل حفتر في أنقرة (صندوق تنمية وإعادة إعمار ليبيا)

هل يؤثر تقارب سلطات بنغازي مع أنقرة على حكومة «الوحدة» الليبية؟

خلَّفت زيارة بلقاسم، نجل المشير خليفة حفتر، إلى تركيا، نهاية الأسبوع الماضي، التي التقى خلالها وزير الخارجية، هاكان فيدان، قدراً من التساؤلات.

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا صورة نشرتها سلطات جنوب أفريقيا لعدد من الليبيين الذين اعتقلتهم (أ.ب)

تباين بين «الوحدة» و«الاستقرار» حول الليبيين المعتقلين في جنوب أفريقيا

أكدت حكومة الوحدة، في بيان مساء الجمعة، أنه «لا صلة لها بإجراءات إرسال 95 شخصاً من حملة الجنسية الليبية»

خالد محمود (القاهرة )
المشرق العربي 
من مخلفات اشتباكات عنيفة بين ميليشيات مسلحة وسط طرابلس (أ.ف.ب)

ليبيا: انفجارات ضخمة تهز مدينة زليتن

هزّت انفجارات ضخمة مدينة زليتن الساحلية، الواقعة غرب ليبيا، إثر انفجار مخزن للذخيرة، تملكه ميليشيا «كتيبة العيان»، وسط تضارب الروايات حول أسباب الحادث، الذي.

شمال افريقيا عملية ترحيل مهاجرين أفارقة من ليبيا إلى النيجر (جهاز مكافحة الهجرة غير النظامية)

ما حقيقة طرد ليبيا مئات المهاجرين النيجريين إلى الصحراء؟

اشتكى مصدر ليبي مسؤول من أن «منطقة أغاديز بوسط النيجر أصبحت نقطة انطلاق ومحطة عبور لتهريب المهاجرين الراغبين في الوصول إلى الشواطئ الأوروبية عبر بلده».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا انفجارات زليتن أعادت مطالبة الليبيين بإخلاء المناطق السكنية من التشكيلات المسلحة (أ.ف.ب)

انفجارات ضخمة تهز مدينة زليتن الساحلية الليبية

هزّت انفجارات ضخمة متتالية مدينة زليتن الساحلية بغرب ليبيا إثر انفجار مخزن للذخيرة تمتلكه ميليشيا «كتيبة العيان» بمنطقة كادوش، وسط تضارب الروايات.

جمال جوهر (القاهرة)

«الحوار الوطني» لعرض تعديلات «الحبس الاحتياطي» على الرئيس المصري

مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لملف «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني)
مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لملف «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني)
TT

«الحوار الوطني» لعرض تعديلات «الحبس الاحتياطي» على الرئيس المصري

مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لملف «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني)
مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لملف «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني)

يراجع «مجلس أمناء الحوار الوطني» في مصر مقترحات القوى السياسية وتوصيات على تعديلات بشأن ملف «الحبس الاحتياطي»، عقب مناقشات موسعة؛ وذلك لعرضها على الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، لاتخاذ ما يلزم بشأنها.

وتوقّع خبراء شاركوا في جلسات «الحوار الوطني» تحقيق «انفراجة في ملف الحبس الاحتياطي، بالإفراج عن أعداد من المحبوسين منذ مدة طويلة»، مشيرين إلى توافق المشاركين حول «عدم استخدام تدابير الحبس الاحتياطي؛ إلا في أضيق الحدود، والتوسع في تدابير بديلة أخرى ضد المتهمين».

وانتهى «الحوار الوطني» أخيراً من مناقشة قضية «الحبس الاحتياطي»، بمشاركة قانونيين وحقوقيين وممثلي القوى والتيارات السياسية، وأشخاص تعرّضوا للحبس الاحتياطي. وتناولت المناقشات سبل «الحفاظ على طبيعة الحبس الاحتياطي بصفته أحد إجراءات التحقيق، وليس عقوبة ضد المتهمين».

مشاركون في جلسات ملف «الحبس الاحتياطي» بمصر (الحوار الوطني)

وأشار «مجلس أمناء الحوار الوطني»، في إفادة مساء الجمعة، إلى «تلقيه أوراق عمل من القوى السياسية، ثم تعقبه صياغة تقرير نهائي بالتوصيات، يجري رفعه إلى الرئيس». ولفت بيان المجلس إلى أنه «تم الاستماع خلال جلسات الحوار إلى كل وجهات النظر بشأن الحبس الاحتياطي، والوضع القانوني القائم حالياً، ومقترحات التطوير المختلفة، كما تم استعراض تجارب الدول الأخرى، دون مصادرة لرأي أو حجر على فكرة».

المحامي الحقوقي عضو «مجلس أمناء الحوار الوطني»، نجاد البرعي، قال إن «لجنة حقوق الإنسان والحريات بالحوار الوطني ستُصيغ تقريراً بالتوصيات والمقترحات، التي تم التوافق عليها، والأخرى التي كانت محل خلاف لرفعها إلى الرئيس»، مشيراً إلى أن «هناك أملاً في تحقيق انفراجة بملف الحبس الاحتياطي، مثل الإفراج عن المحبوسين احتياطياً، منذ مدة طويلة».

وأشار البرعي إلى توصيات حظيت بتوافق داخل مناقشات «الحوار الوطني»، منها: «الإفراج عن جميع المحبوسين احتياطياً في السجون حالياً، ووقف الحبس في قضايا الرأي والنشر، مع وضع حد أقصى (مدة زمنية) لإنهاء تحقيقات النيابة المصرية، وإلا يجري إلغاء الدعوى القضائية بعدها»، لافتاً إلى مقترحات جديدة، مثل «تعويض من حُبسوا عن طريق الخطأ بمبلغ يساوي الحد الأدنى للأجور في البلاد (6 آلاف جنيه مصري)، عن كل شهر بمدة الحبس». (الدولار الأميركي يساوي 48.30 جنيه في البنوك المصرية).

وتوقف البرعي مع مقترحات لم تحظ بتوافق المشاركين في «الحوار الوطني»، منها: «حالات الحبس الاحتياطي المكرر، لصعوبة علاجه قانوناً»، إلى جانب «بدائل الحبس الاحتياطي، المطبقة في دول أخرى»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط»، أن المشاركين في الجلسات «تداولوا مقترحات تتعلق باستخدام أسورة تتبع ممغنطة، أو تحديد إقامة المتهم، أو تطبيق نظام المراقبة الشرطية»، مبرزاً أنه «لا يستطيع أحد وقف إجراء الحبس الاحتياطي، بصفته (احترازاً قانونياً) في أثناء التحقيقات في القضايا».

وأخلت السلطات المصرية، الأسبوع الماضي، سبيل 79 متهماً من المحبوسين على ذمة قضايا، في خطوة قُوبلت بترحيب قوى سياسية وحزبية.

ورأى رئيس «كتلة الحوار» (كيان سياسي دُشّن من فعاليات الحوار الوطني)، باسل عادل، أن «هناك إرادة سياسية لحلحلة أزمة الحبس الاحتياطي»، متوقعاً «إجراء تعديلات تشريعية على قانون الإجراءات الجنائية، استجابة إلى توصيات مناقشات الحوار الوطني». ولفت لـ«الشرق الأوسط» إلى «وجود إجماع من القوى السياسية، ومنظمات المجتمع المدني على الفصل بين إجراء الحبس الاحتياطي ضد (المتهمين الجنائيين)، والسياسيين». وقال إن هناك مطالب بعدم استخدام الحبس الاحتياطي في «قضايا الرأي وحرية التعبير والتظاهر».

جانب من جلسات ملف «الحبس الاحتياطي» في مصر (الحوار الوطني)

ولفت رئيس «المنظمة العربية لحقوق الإنسان»، علاء شلبي، إلى أن مناقشة قضية الحبس الاحتياطي «عبّرت عن إرادة سياسية تتجه إلى الإفراج عن كل المحبوسين احتياطياً في قضايا عامة خلال الأيام المقبلة». وأشار إلى إجماع المشاركين في مناقشات «الحوار الوطني» حول «رد تدابير الحبس الاحتياطي إلى أصلها بصفتها إجراء احترازياً، يجري استخدامها في أضيق الحدود، والإجماع على استبعاد التوسع في تطبيقها كمّاً وكيفاً، وتكثيف استخدام بدائل للحبس».

وأوضح شلبي لـ«الشرق الأوسط»، أن «مناقشة إشكاليات الحبس الاحتياطي في جلسة خاصة من الحوار الوطني ليست بديلاً عن إصدار قانون الإجراءات الجنائية الجديد»، لافتاً إلى أن مجلس الوزراء المصري «أقر في ديسمبر (كانون الأول) 2022 تعديلات على القانون، وانتهت اللجنة النيابية الفنية من مراجعته في أبريل (نيسان) الماضي، وتعهّد رئيس مجلس النواب المصري (البرلمان) في يوليو (تموز) الحالي بمناقشة القانون في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل».

وناقش مجلس النواب المصري، في مارس (آذار) الماضي، مشروع قانون بتعديلات تشريعية لتقليص مدد «الحبس الاحتياطي». وتضمّنت التعديلات المقترحة وضع حد أقصى لمدة الحبس الاحتياطي، وتنظيم التعويض عنه، وتقليص مدة الحبس، لتصبح في «قضايا الجنح» 4 أشهر بدلاً من 6 أشهر، وفي «الجنايات» 12 شهراً بدلاً من 18 شهراً، و18 شهراً بدلاً من عامين إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة السجن المؤبد أو الإعدام».